وقد تناولت موسوعات دائرة المعارف الإسلاميّة، جوانب من عقائد الدروز، غير أنّ الوقوف على واقع عقيدتهم أمر متعذّر بجريان عادتهم على الستر والتكتّم، ولخلو المكتبات من كتبهم.
ولأجل ذلك تضاربت أقوال المؤرّخين حول عقائدهم، وهذا هو البستاني فقد صوّر لهم صورة بيضاء ناصعة يطهّرهم عن كلّ ما ينسب إليهم من المنكرات(1)، ونرى خلاف ذلك عند فريد وجدي في دائرة معارف القرن الرابع عشر(2) فقد نسب إليهم أُموراً منكرة ومشينة.
مثلاً: ينقل البستاني، ويقول:( إيمان الدروز أنّ الله واحد لا بداءة له ولا نهاية، وأنّ النفوس مخلَّدة تتقمّص بالأجساد البشريّة [التناسخ]، ولابدّ لها من ثواب وعقاب يوم المعاد بحسب أفعالها، وأنّ الدنيا تكوّنت بقوله تعالى: كوني فكانت، والأعمار مقدّرة بقوله: {وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا } [المنافقون: 11] ، وأنّ الله عارف بكلّ شيء، وهم يكرّمون الأنبياء المذكورين في الكتب المنزلة، ويؤمنون بالسيّد المسيح، ولكنّهم ينفون عنه الإلوهيّة والصلب، وأسماء بعض الأنبياء عندهم كأسمائهم في تلك الكتب، ولبعضهم أسماء أُخرى كالقديس جرجس، فإنّه عندهم الخضر، وأسماء أنبيائهم شعيب وسليمان وسلمان الفارسي ولقمان ويحيى، وعندهم أنّه لابدّ من العرض والحساب يوم الحشر والنشر، وتنقسم هذه الطائفة إلى: عقّال وجهّال.
فالعقّال هم عمدة الطائفة، ولهم رئيسان دينيّان يسمّيان بشيخي العقّال، والأحكام الدينيّة مفوضّة إليهم.
وقد أمر عقّالهم بتجنّب الشكّ، والشرك، والكذب، والقتل، والفسق، والزنا، والسرقة، والكبرياء، والرياء، والغش، والغضب، والحقد، والنميمة، والفساد، والخبث، والحسد، وشرب الخمر، والطمع، والغيبة، وجميع الشهوات والمحرّمات والشبهات، ورفْض كلّ منكر من المآكل والمشارب، ومجانبة التدخين والهزل والمساخر والهزء والمضحّكات، وجميع الصّفحة المغايرة لإرادته تعالى، وترك الحلف بالله صدقاً أو كذباً، والسب والقذف والدعاء بما فيه ضرر الناس).(3)
هذا وكما ترى أنّ البستاني ينقل عنهم صورة بيضاء، وليس فيما عزا إليهم شيء يخالف الشريعة الإسلاميّة إلاّ القول بالتناسخ ونبوّة سلمان الفارسي.
وفي مقابل ذلك نقل فريد وجدي عنهم صورة مشوّهة، وإليك جانباً من كلامه في هذا الصدد:
(من معتقداتهم أنّ الحاكم بأمر الله هو الله نفسه، وقد ظهر على الأرض عشر مرّات، أُولاها في العلى، ثُمَّ في البارز، إلى أن ظهر عاشر مرّة في الحاكم بأمر الله، وإنّ الحاكم لم يمت؛ بل اختفى، حتّى إذا خرج يأجوج ومأجوج ـ ويسمّونهم القوم الكرام ـ تجلّى الحاكم على الركن اليماني من البيت بمكّة ودفع إلى حمزة سيفه المُذهّب فقتل به إبليس والشيطان، ثُمَّ يهدمون الكعبة ويفتكون بالنصارى والمسلمين ويملكون الأرض كلّها إلى الأبد.
ويعتقدون أنّ إبليس ظهر في جسم آدم، ثُمَّ نوح، ثُمَّ إبراهيم، ثُمَّ موسى، ثُمَّ عيسى، ثُمَّ محمّد، وأنّ الشيطان ظهر في جسم ابن آدم، ثُمَّ في جسم سام، ثُمَّ في إسماعيل، ثُمّ في يوشع، ثُمَّ في شمعون الصفا، ثُمَّ في عليّ بن أبي طالب، ثُمَّ في قداح صاحب الدعوة القرمطيّة.
ويعتقدون بأنّ عدد الأرواح محدود، فالروح الّتي تخرج من جسد الميّت تعود إلى الدنيا في جسد طفل جديد.
وهم يسبّون جميع الأنبياء، يقولون: إنّ الفحشاء والمنكر هما: أبو بكر وعمر، ويقولون: إنّ قوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} [المائدة: 90] يراد به الأئمّة الأربعة وأنّهم من عمل محمّد.
ويعتقدون بالإنجيل والقرآن، فيختارون منها ما يستطيعون تأويله ويتركون ما عداه، ويقولون: إنّ القرآن أُوحي إلى سلمان الفارسي فأخذه محمّد ونسبه لنفسه، ويسمّونه في كتبهم المسطور المبين.
ويعتقدون أنّ الحاكم بأمر الله تجلّى لهم في أوّل سنة (408هـ) فأسقط عنهم التكاليف من صلاة وصيام وزكاة وحجّ وجهاد وولاية وشهادة.
لدى الدّروز طبقة تعرف بالمُنَزَّهين، وهم عباد أهل ورع وزهد، ومنهم من لا يتزوّج، ومن يصوم الدهر، ومن لا يذوق اللّحم، ولا يشرب الخمر).(4)
وبما أنّ معتقدات الدروز ظلّت طيّ الخفاء والكتمان، فلنقتصر على هذا المقدار إلى أن تنتشر كتبهم في هذا الصدد ونقف على حقيقة الحال. ونحن من المتوقّفين في ذلك؛ لا نحكم على تلك الطائفة بشيء حتّى تتبين احوالهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) البستاني، دائرة المعارف: 7/675 ـ 677.
(2) فريد وجدي، دائرة معارف القرن الرابع عشر: 4/26 ـ 28.
(3) البستاني، دائرة المعارف: 7/675 ـ 677.
(4) محمد فريد وجدي، دائرة المعارف: 4/26 ـ 28.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|