المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17738 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



مخالفة آدم نصيحة ربه  
  
2759   08:44 صباحاً   التاريخ: 6-4-2021
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : القصص القرآنية دراسة ومعطيات وأهداف
الجزء والصفحة : ج1 ، ص 70-80
القسم : القرآن الكريم وعلومه / قصص قرآنية / قصص الأنبياء / قصة نبي الله آدم /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-10-2014 1528
التاريخ: 18-11-2014 2010
التاريخ: 2024-07-29 502
التاريخ: 11-10-2014 1694

قال تعالى : {فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (120) فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} [طه : 117 - 122] .

 

يدل قوله : {فَأَكَلَا مِنْهَا} وقوله : {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ} على انها خالفا اًمر ربهما وعصياه وتسأل : كيف عصى آدم ربه وهو نبي معصوم؟ هذا التساؤل شغل بال المفسرين عبر قرون ، وقد ذكروا في جوابه وجوها عديدة أودعوها في تفاسيرهم .  

وقبل الشروع في الإجابة ، ودراسة الآيات الواردة في الموضوع وتفسير بعضها ببعض نشير إلى تقسيم الأصوليين الأوامر والنواهي على قسمين :

أ. أمر أو نهي مولوي .

ب. أمر أو نهي إرشادي .

أما الأول : فإن للمولى حق الأمر والنهي والبعث والزجر ، فإذا أمر عبده بشيء أو زجره عن شيء ، فبما ان له الولاية وله حق البعث والزجر وحق الطاعة ولم تكن هناك قرينة على كونهما على وجه الندب أو الكراهة ، تعد مخالفته عصياناً يستوجب العقوبة ، لأن العقل يحكم بوجوب إطاعة العبد لمولاه في هذه الحالة ويسوغ عقوبته إذا خالف ، وهذا ما يسمى بالأمر أو النهي المولويين .

وأما الثاني : فهو ما إذا أمر ونهى وهو في مقام الإرشاد والعظة ، وبصدد هداية العبد إلى ما فيه سعادته وإبعاده عما فيه شقاؤه ، فلو خالف أمره أو نهيه ، لا يترتب على مخالفتهما أي عقاب ، سوى فوت المصلحة أو الوقوع في المفسدة ، فأمر المولى أو نهيه في هذا المقام أشبه بأوامر الطبيب والمعلم والمصلح الاجتماعي ، فالطبيب حينما يأمر المريض بشيء أو ينهاه عن شيء ، إنما يتوخى بذلك تأمين سلامته وحفظ صحته ، فإذا نهاه مثلاً عن التدخين ، ولم ينته المريض ، فإنه ا يترتب على مخالفته هذه سوى ما يترتب على التدخين نفسه من أضرار .

إذا عرفت ذلك : فلنرجع إلى الآيات الواردة في نهي آدم عن الشجرة هل كان النهي عنها نهياً مولوياً أو كان إرشادياً ؟ وبعبارة أوضح : هل صدر النهي عنه بما أنه سلطان مقتدر ، أو صدر عنه على سبيل النصيحة والهداية الموصلة إلى السعادة التي لا شقاء بعدها ولا عناء؟

و بديهي أن مخالفة الأول تستوجب العقاب ، لأن المولى هنا في مقام الآمر الذي تجب طاعته .

أما مخالفة الثاني ، فلا ترتب عليها (أي ذات المخالفة) أية آثار ، وإنما تترتب عليها آثار العمل (المنهي عنه) نفسه ، لأن المولى هنا في مقام الهادي المرشد .

والقرائن في الآيات تشهد على أن النهي كان من القسم الثاني ، وإليك البيان :

إنه تبارك وتعالى يعرف عدوهما ويهيب بهما بقوله : {فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى} [طه : 117 - 119] .

فالآيات تشير إلى أن نتيجة الانتهاء عن الشجرة ، هي عدم الشقاء ، ثم يفسر عدم شقائهما بعدم الجوع والعري والظمأ والإضحاء .

فإذا كانت هذه ثمرة الانتهاء ، فإن ثمرة المخالفة (أي الأكل من الشجرة هذه) ستكون هو الشقاء ويفسر ذلك بضد ما فسر به عدم الشقاء ، أي بالجوع والعري والظمأ والإضحاء .

فهذه الآيات تعبر عن أن المتكلم لم يكن يأمر وينهى بما أن له سلطان الأمر والنهي وأنه مولى والمخاطب عبد ، وإنما كان يخاطب الطرف الآخر المرشد ، ويذكره بآثار كل من الحالين : الاجتناب عن الشجرة والاقتراب منها . ومن هنا لا تعد مخالفة هذا النهي عصياناً وتمرداً على المولى وجرأة عليه حتى يستحق العقوبة ، وانما هي بمثابة من خالف نصح الناصح المشفق ، فيرى جزاء عمله وثمرة فعله ، فلا يلوم إلآ نفسه .

وعلى ضوء ذلك فلا تعد النواهي الواردة في كلامه سبحانه في قصة آدم إلا إرشادات إلى ما في نفس الأكل من آثار مرة ، وإليك تلك النواهي :

١. {وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة : 35] .

٢. {أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ} [الأعراف : 22] .

٣ . {فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} [طه : 117] .

والذي يؤيد أيضاً كون النهي إرشادياً قول إبليس عند إغراء آدم : {إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} [الأعراف : 21] .

فبالتقابل يفهم ان الشيطان لما سمع خطاب الرب لآدم ، لدال على النصح والهداية والإرشاد ، صاغ كلامه على غرار كلامه تعالى من أجل إغراء آدم بالأكل من الشجرة ، فأظهر له أنه ناصح مشفق .

 

ألفاظ ستة يجب إيضاحها

قد تبين مماً قدمنا أن حقيقة النهي بصوره المختلفة كانت إرشادية لا مولوية ، ولكن وردت في القصة ألفاظ ربما توهم أن آدم خالف وتمرد على ربه ، وإليك هذه الكلمات :

 

أ . الظلم في قوله : {وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة : 35] وقوله : {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} [الأعراف : 23] .

ب . عصى وغوى في قوله : {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه : 121] .

ج . الزلل في قوله : {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ} [البقرة : 36] .

د . الغفران في قوله : {وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف : 23] .

هـ . التوبة في قوله : {فَتَابَ عَلَيْهِ} [طه : 122] .

فيلزم دراسة هذه الألفاظ والجمل ليعلم أن أبانا آدم لم يتجرأ على الله ولم يخالف ربه خلافاً لا يناسب مقام النبوة . وإليك دراستها .

١ . الظلم

الظلم في اللغة تجاوز الحد ، كما في اللسان .

قال الراغب : الظلم عند أهل اللغة وكثير من العلماء وضع الشيء في غير موضعه المختص به إما بنقصان أو بزيادة أو بعدول عن وقته ومكانه . (1)

ومن المعلوم أن تجاوز الحد أو وضع الشيء في غير موضعه كما يصدق في مورد النواهي المولوية يصدق في مورد النواهي الإرشادية ، فإن من خالف نصح الناصح وترك أمره فقد وضع الشيء في غير موضعه أو تجاوز الحد .

2 . العصيان

العصيان في مصطلح المتشرعة هو ارتكاب الذنب والمخالفة للإرادة القطعية الملزمة ، وفي اللغة هو مجرد المخالفة ، قال ابن منظور : العصيان خلاف الطاعة ، والعاصي : الفصيل إذا لم يتبع أمه .

ولا شك أن آدم لم ينته عما نهاه عنه ربه ، ولكن مخالفته كانت لنهي إرشادي ، ولذا لا تعد عصياناً بالمعنى لاصطلاحي ، بل عصيانا بالمعنى للغوي الذي ينطبق على المخالفة للأوامر المولوية ، وللخطابات الإرشادية أيضا .

٣ . الغواية

الغي : الضلال ، والغي : الخيبة ، يقال : غوى الرجل خاب ، وأغواه غيره ، والغي : الفساد ، وبه فتر قوله سبحانه : {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} أي فسد عليه عيشه . (2)

وكل من المعنيين المذكورين (الخيبة ، والفساد) يصلحان لتفسير الآية به ، فأما فساد عيش آدم فواضح ، إذ أهبطه الله إلى دار « لا تدوم خيرتها ، ولا تؤمن فجعتها . . عيشها رنق ، وعذبها أجاج ، وحلوها صبره . (3)

وأما الخيبة ، فبحرمانه من بلوغ أمنيته في أن يحيا خالداً في ظلال الراحة وغضارة النعيم .

وإذا افترض أن المراد بالغي هنا : الضلال الذي هو في مقابل الرشد ، فليعلم أنه لا ملازمة بين الضلال والمعصية (التي هي بمعنى اقتراف الذنب والجرم) ، فقد يضل الإنسان عن مقاصده الدنيوية ومصالحه الشخصية ، وحينئذ يصدق إطلاق لفظ (غوى) عليه مقابل (رشد) ، ولكن ذلك لا يلازم المعصية المصطلحة .

وثمة وجه آخر للإجابة ، وهو أن المخلصين (وفي طليعتهم الأنبياء) منزهون عن إغواء الشيطان الذي صرح قوله : {لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [الحجر : 39 ، 40] ، وهذا يعني ان الشيطان اغوى آدم قبل النبوة التي اجتباه الله لها بعد توبته ، ويدل عليه قوله سبحانه : {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} . والظاهر أن ملاك الاجتباء هو جعله نبيا ومن المخلصين .

وهنا وجه ثالث : ان مصطلح الطاعة والعصيان انما يتصوران في دار التكليف ، ولم تكن الجنة التي سكنها ابونا آدم  دار التكليف حتى يكون عمله موجباً للعصيان حتى يصبح مخالفا للعصمة .

4. الزلل

الزلة في الأصل استرسال الرجل من غير قصد ، يقال : زلت رجله تزل ، والزلة المكان الزلق ، وقيل للذنب من غير قصد زلة تشبيها بزلة الرجل . (4)

فالمادة تدل على ان مخالفته كانت من غير قصد وانما جره الشيطان إليها حتى زل .

5. الغفران

الغفران في اللغة بمعنى الستر والتغطية ، فيقال لبيضة الحديد : المِغْفَر والمِغْفَرة .

وطلب المغفرة انما صدر من آدم باعتبار انه أفضل الخليقة وكان المرجو منه الانصياع لأمر الله وإرشاده ، ولكنه ارتكب ما لا يليق به ، فاستعظم ذلك ، ودعا الله تعالى ان يستره عليه .

ويتضح المعنى أكثر إذا علمنا أن للمسؤولية درجات ترتبط بدرجات المعرفة ، وفي الحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) : يا حفص يغفر للجاهل سبعون ذنباً قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد . (5)

وقد اشتهر في كلمات العلماء قولهم : حسنات الأبرار سيئات المقربين . (6)

٦. كيفية التوبة

يدل بعض الآيات على أنه سبحانه قبل توبة آدم وذلك في ضمن آيتين :

١. {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة : 37] .

٢. {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} [طه : 122] .

والضمير المستتر في (تاب) في كلا الموردين يرجع إلى الله والمعنى رجع الله إليه بالرحة والمغفرة ، نظير قوله : {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} [التوبة : 117] فرجوعه سبحانه إلى آدم بعد تلقي الكلمات دليل على توبة آدم وندامته عما فعل ، إنما الكلام فيما هو المراد من تلك الكلمات التي صارت سبباً لقبول توبته ورجوع الله إليه بالرحمة .

ربما يتصور أن المراد من الكلمات هو ما ورد في سورة الأعراف : {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف : 23] .

ولكن الظاهر من قوله : {فَتَلَقَّى . . .} أنه سبحانه قبل توبتهما بعد التوسل بهذه الكلمات . فلو كان المراد من الكلمات هو قولهما : {رَبَّنَا ظَلَمْنَا ...} كان المناسب الإخبار بقبول توبتهما بعد قوله : {رَبَّنَا ظَلَمْنَا ...} مع أننا نرى أنه سبحانه يأمرهما بعده بالهبوط ويقول : {قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [الأعراف : 24] .

وهذا يؤيد أن الكلمات المتلقّاة غير هذه الآية ومضمونها ، وقد ذكرت الروايات الشريفة أن الكلمات التي تلقاها آدم هي توسّله بالنبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) .

روى السيوطي بأنه أقسم على الله سبحانه وقال : أسألك بحق محمد إلا غفرت لي .

وفي رواية أخرى : اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد سبحانك لا إله إلا أنت عملت سوءاً و ظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم .

وروى ابن النجار عن ابن عباس أنه سأل رسول الله اعن هذه الكلمات فقال : سأله بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي فتاب عليه (7)

بقي الكلام في اجتباء آدم هيلا في بعض لآيات .

اجتباء آدم

يدل قوله سبحانه : {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} [طه : 122] انه سبحانه ، اختاره بعد توبته وندامته عماً فعل ، ويدل قوله سبحانه : {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} [آل عمران : 33] انه تعالى قد اصطفاه .

فيقع الكلام فيا هو الملاك للاجتباء في الآية الأولى ، والاصطفاء في الآية الثانية ، فهل كانا بملاك واحد ، و بملاكين ؟ الظاهر هو الثاني .

أما الأول فالمراد به هو اجتباؤه بالنبوة بعدما تاب . واما اصطفاؤه ومن عطف عليه من نوح وآل إبراهيم وآل عمران ، فلكل ملاك أيضاً غير النبوة .

أما آدم فيكفي أنه سبحانه جعله خليفة في الأرض وعلمه الأسماء وجعله مسجوداً للملائكة ومعلماً لهم ، وهذا اصطفاء بلا شك .

أما نوح فقد اصطفاه سبحان ه حيث صار أباً ثانياً للمجتمع البشري كما هو الحال في آدم (عليه السلام) . واحتمل أن يكون ملاك الاصطفاء فيه كونه أول نبي يبعث ومعه شريعة ، قال سبحانه : {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا} [الشورى : 13] .

أما اصطفاء آل إبراهيم فلأن الله جعل إبراهيم قدوة لمن جاء بعده من الأنبياء ، قال سبحانه : {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران : 68] .

وإبراهيم (عليه السلام) هو أبو الأنبياء جميعاً بعد نوح ، إذ لا نبي بعده إلا من ذريته .

إلى غير ذلك من المواصفات التي اختص بها إبراهيم (عليه السلام) ، يقول سبحانه : {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} [الحج : 78] .

واما آل عمران ففيهم مريم والمسيح (عليهما السلام) وقد اختصا بأمور ذكر تفصيلها سبحانه في سورة آل عمران بعد هذه الآية .

فظهر بذلك أن اجتباء آدم غير اصطفائه ، فالاجتباء كان بالنبوة ، واصطفاؤه وغيره كان بما ذكرنا من الملاكات .

________________________

1. مفردات الراغب : 315 ، مادة «ظلم» .

2. انظر لسان العرب : 140/15 .

3. نهج البلاغة : 164 ، الخطبة 111 .

4. مفردات الراغب : 214 .

5. الكافي : 47/1 .

6. الكافي : 438/2 (باب استغفار النبي والأئمة (عليهم السلام)) .

7. الدر المنثور : 58/1-61 ؛ تفسير البرهان : 86/1 ، الحديث 2 .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .