أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-1-2016
2550
التاريخ: 26-10-2017
2463
التاريخ: 14-11-2017
6540
التاريخ: 2024-09-02
247
|
هنا نقف وجهاً لوجه - مرة ثانية - مع مسألة فلسفية قديمة، هي قيمة الإنسان ومكانته وشرفه بالنسبة إلى باقي المخلوقات، وشخصيته اللائقة بالاحترام. ويجب الآن أن نتساءل عن ماهيّة الكرامة الذاتية للإنسان والتي كانت منشأ حقوق له ميّزته عن الحصان والبقرة والخروف والحمامة.
وهنا بالذات يبرز تناقض واضح بين أساس لائحة حقوق الإنسان من جهة، وبين قيمة الإنسان في فلسفة الغرب من جهةٍ أُخرى.
في فلسفة الغرب كان الإنسان - لسنوات - فاقد القيمة والاعتبار، وما كان يذكر في السابق في بلاد الشرق عن الإنسان ومكانته الممتازة، هو اليوم محل سخرية واحتقار أغلب الفلسفات الغربية.
فالإنسان في النظرة الغربية قد هبط إلى مستوى الماكنة، أما روحه وأصالته فهي محل إنكار هناك. والاعتقاد بـ (العلّة الغائية) والهدف من وجود الطبيعة يُعدّ اعتقاداً رجعيّاً.
في الغرب لا يمكن الحديث عن كون الإنسان أشرف المخلوقات؛ لأنّه في نظر الغربيين صار الاعتقاد بهذه الفكرة وبأنّ باقي المخلوقات متطفّلة على الإنسان ومسخّرة له ليس إلاّ أمراً ناشئاً عن العقيدة البطليموسية القديمة التي ضمنت - فيما ضمنت - فكرة مركزية الأرض ودوران الكواكب الأخرى حول الأرض، وتضمّنت شرحاً عن شكل الأرض والكواكب الأُخرى، وبزوال هذه العقيدة، زالت كذلك فكرة كون الإنسان أشرف المخلوقات. ففي الغرب لم تكن هذه الفكرة إلاّ نتيجة إعجاب الإنسان بنفسه في الماضي، أمّا اليوم فقد أصبح متواضعاً لا يرى نفسه أكثر من قبضة من التراب - كبقية المخلوقات - بدأ من الأرض ويعود إليها وينتهي فيها.
والغربي اليوم - وبكل تواضع - لا يرى الروح جانباً من جوانب الإنسان ولا يعتقد ببقائها، ولا يرى في ذلك فرقاً بين الإنسان والنبات والحيوان.
الغربي لا يرى فرقاً بين الفكر والنشاط الروحي من جهة وبين حرارة الفحم الحجري من جهة أخرى من ناحية الماهية والجوهر، فكلّها في نظره مظاهر للمادة والطاقة، وفي نظر الغرب أنّ الحياة ما هي إلاّ ميدان دامٍ يضم جميع الأحياء، ومن جملتها الإنسان حيث تجري معارك تنتهي فيحكم الوجود خلالها بمبدأ تنازع البقاء بين الأحياء ومن جملتها الإنسان. والإنسان في هذا الوجود يكافح بجد من أجل استمرار بقائه.
وما العدالة والعمل الصالح والتعاون وحب الخير وسائر المفاهيم الأخلاقية الإنسانية إلاّ إفرازات مبدأ تنازع البقاء ابتكرها الإنسان لحفظ وجوده وبقائه.
والإنسان في نظر بعض الفلسفات الغربية ماكنة لا تحركها إلاّ المصالح الاقتصادية، أمّا الدين والأخلاق والفلسفة والعلم والأدب والفن فليست إلاّ واجهات بناء أساسه وسائل الإنتاج وتوزيع الثروة، وكل ذلك مظاهر للجانب الاقتصادي من حياة الإنسان.
لا، بل إنّ هذه القيمة التي حدودها للإنسان أكثر من قدره في نظر القسم الآخر من الفلاسفة، فإنّ المحرّك والدافع الأساسي لنشاط الإنسان - في نظرهم - هو العامل الجنسي، وما الأخلاق والفلسفة والعلم والدين والفن إلاّ مظاهر لطيفة للعامل الجنسي في وجود الإنسان.
ولكن لا أدري فيما لو أنكرنا وجود الغاية والحكمة من الخلق، واعتقدنا أنّ الطبيعة تعمل بشكل أعمى، وفيما لو كان القانون الوحيد الذي يحكم حياة الأحياء هو تنازع البقاء وانتخاب الأصلح، وأنّ كل متغيّرات الطبيعة تحكمها المصادفة، وأنّ وجود وبقاء الإنسان ما هو إلاّ نتيجة تغيّرات صدفتية وغير هادفة قد استمرّت بضع ملايين من السنين حيث كان أجداد الإنسان الحالي أليق بالحياة من باقي الأنواع ممّا أدّى إلى ظهور إنسان اليوم، وإذا اعتقدنا أنّ الإنسان نفسه ليس إلاّ نموذجاً من الماكينات التي تصنعها يداه، وإذا كان الاعتقاد بالروح والأصالة وبقاء الإنسان نوعاً من الإعجاب بالنفس والمبالغة في تعظيم الإنسان نفسه، وإذا كان الدافع الرئيس للبشر في جميع النشاطات هو الأمور الاقتصادية أو الجنس أو حب الظهور، وإذا كان الخير والشر - عموماً - مفاهيم نسبيّة، والإلهامات الفطرية والوجدانية حديث هذيان. وإذا كان النوع الإنساني عبداً للشهوات والأهواء ولا يذعن إلاّ للقوّة، وإذا وإذا...
فكيف إذاً نستطيع أن نتحدّث عن كرامة وشرف الإنسان وحقوقه غير القابلة للسلب وشخصيّته المحترمة ونعتبرها أساس جميع نشاطاته؟!.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|