أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-11-2020
7951
التاريخ: 18-11-2020
1707
التاريخ: 14-11-2014
1945
التاريخ: 14-11-2014
3698
|
الفاضل المشهور الماهر في صنعة الإنشاء والأدب، كان مجوسيّاً أسلم على يد عيسى بن عليّ عمّ المنصور بحسب الظاهر، وكان كابن أبي العوجاء، وابن طالوت، وابن الأعمى على طريق الزندقة، وهو الذي عرّب كتاب «كليلة ودمنة» وصنّف الدرّة اليتيمة، وكان كاتباً لعيسى المذكور (1) .
وقد زعم بعض أنّه عارض القرآن مدّة، ثمّ ندم على ذلك ومزّق ما كتبه في هذه الجهة، ونقل أنّ السبب في ندامته، ورجوعه عن عزيمته أ نّه حينما كان يعارض القرآن وصل إلى هذه الآية الشريفة : { وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي} [هود : 44] إلخ فقال : إنّ المعارضة مع هذه الآية خارجة عن الاستطاعة البشريّة، فرفع اليد عنها ومزّق ما كتبه في ذلك (2) .
قال الرافعي صاحب كتاب «إعجاز القرآن» في تعريف الرجل : «زعموا أنّه اشتغل بمعارضة القرآن مدّة، ثمّ مزّق ما جمع واستحيا لنفسه من إظهاره» ثمّ قال :
«وهذا عندنا إنّما هو تصحيح من بعض العلماء، ولما تزعمه الملحدة من أنّ كتاب «الدرّة اليتيمة» (3) لابن المقفّع، هو في معارضة القرآن، فكأنّ الكذب لا يدفع إلّا بالكذب، وإذا قال هؤلاء : إنّ الرجل قد عارض وأظهر كلامه ثقة منه بقوّته وفصاحته، وإنّه في ذلك من وزن القرآن وطبقته، وابن المقفّع هو من هو في هذا الأمر، قال أولئك : بل عارض ومزّق واستحيا لنفسه.
..! أمّا نحن فنقول : إنّ الروايتين مكذوبتان جميعاً، وإنّ ابن المقفّع من أبصر الناس باستحالة المعارضة؛ لا لشيء من الأشياء، إلّا لأنّه من أبلغ الناس، وإذا قيل لك :
إنّ فلاناً يزعم إمكان المعارضة، ويحتجّ لذلك، وينازع فيه، فاعلم أنّ فلاناً هذا في الصناعة أحد رجلين اثنين : إمّا جاهل يصدق في نفسه، وإمّا عالم يكذب على الناس، ولن يكون (فلان) ثالث ثلاثة! وإنّما نسبت المعارضة لابن المقفّع دون غيره من بلغاء الناس؛ لأنّ فتنة الفرق الملحدة إنّما كانت بعده، وكان البلغاء كافّة لا يمترون في إعجاز القرآن وإن اختلفوا في وجه إعجازه، ثمّ كان ابن المقفّع متّهماً عند الناس في دينه، فدفع بعض ذلك إلى بعض، وتهيّأت النسبة من الجملة.
ولو كانت الزندقة فاشية أيّام عبد الحميد الكاتب (4) . وكان متّهماً بها، أو كان له عرق في المجوسيّة، لما أخلته إحدى الروايات من زعم المعارضة، لا لأنّه زنديق، ولكن لأنّه بليغ يصلح دليلًا للزنادقة.
وزعم هؤلاء الملحدة أيضاً أ نّ حكم قابوس بن وشمكير (5) وقصصه هي من بعض المعارضة للقرآن، فكأنّهم يحسبون أنّ كلّ ما فيه أدب وحكمة وتاريخ وأخبار، فتلك سبيله، وما ندري لمن كانوا يزعمون مثل هذا؟ ومثل قولهم : إنّ القصائد السبع المسمّاة بالمعلّقات هي عندهم معارضة للقرآن بفصاحتها؟» (6)
انتهى كلامه، وحديث قتله معروف مذكور في التواريخ والسير (7) .
__________________
1. الأعلام للزركلي : 4/ 140.
2. راجع البرهان في علوم القرآن : 2/ 95، وإعجاز القرآن والبلاغة النبويّة : 124 والاحتجاج : 2/ 307.
3. كتب في هامش إعجاز القرآن والبلاغة النبويّة : 124 في شأن الكتاب :« طبع هذا الكتاب مراراً، وهو من الرسائل الممتعة، يعدّ طبقة من طبقات البلاغة العربيّة، ولكنّه في المعارضة ليس هناك لا قصداً ولا مقاربة، ونحن لا نرى فيه شيئاً لا يمكن أن يؤتى بأحسن منه، وما كلّ ممتع ممتنع.
وقال الباقلاني : إنّه منسوخ من كتاب بزرجمهر في الحكمة، وهذا هو الرأي؛ فإنّ ابن المقفّع لم يكن إلّا مترجماً، وكان ينحط إذا كتب، ويعلو إذا ترجم؛ لأنّ له في الاولى عقله، وفي الثانية كلّ العقول، وفي« اليتيمة» عبارات وأساليب مسروقة من كلام الإمام علي عليه السلام.
4. عبد الحميد بن يحيى بن سعد العامري، المعروف بالكاتب، توفّي سنة 132 هـ عالم كاتب أديب بليغ، له رسائل تقع في نحو ألف ورقة، فهو أوّل من أطال الرسائل، واستعمل التحميدات
في فصول الكتب، كان كاتباً في ديوان مروان بن محمد آخر ملوك بني اميّة في المشرق، وأبى مفارقته حتى قتل معه بمصر من قبل العباسيّين ( الأعلام للزركلي 3 : 289 - 290) .
5. قابوس بن وشمكير، توفّي سنة 403 هـ ، كنيته أبو الحسن ولقبه شمس المعالي، كان نابغةً في الأدب والإنشاء، جمعت رسائله في كتاب واحد سمّي ( كمال البلاغة) وله شعر جيّد بالعربيّة والفارسيّة ( الأعلام للزركلي 5 : 170) .
6. إعجاز القرآن والبلاغة النبويّة : 124 - 125.
7. مثل وفيات الأعيان 2 : 152 - 153، وسير أعلام النبلاء 6 : 406 ، الرقم 935.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
وفد كلية الزراعة في جامعة كربلاء يشيد بمشروع الحزام الأخضر
|
|
|