أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-04-2015
2593
التاريخ: 12-6-2016
1938
التاريخ: 18-11-2014
1144
التاريخ: 2024-08-27
250
|
كنا قد تعرضنا في الدرس السابق لبحث القراءة الصحيحة وتواترها ، وقلنا : إن هناك شروطاً وضوابط لمعرفة القراءة الصحيحة ، وذكرنا أن القراءة الصحيحة حتى تكون كذلك فلا بد تتفق مع النص القرآني والثبت الأصل ، وهو يتحقق بعدة اُمور ذكرنا في الدرس الماضي واحداً منها، وفي هذا الدرس سنحاول إكمال ماتبقى منها.
تتمة الشروط
ثانياً: موافقتها مع الأفصح في اللغة والأفشى في العربية ويعرف ذلك بالمقارنة مع القواعد الثابتة يقيناً من لغة العرب الفصحى، والدليل على ذلك هو أن القرآن نزل على أعلى درجة من البلاغة ، ويستحيل أن يستعمل كلمة يمجها الذوق العربي السليم،أو يخالف قياساً تسلمته العرب الفصحى عادة طبيعية متعارفة. فقراءة الحسن: ((وما تَنَزَلتْ به الشّياطُون)) غلط بلا ريب(1). توهم أن الشيطان يجمع بالواو والنون.
ثالثاً: ألا يعارضها دليل قطعي، سواء كان برهاناً عقلياً أم سنة متواترة أم رواية صحيحة الإسناد مقبولة عند الأئمة. فمثل(أرجلكم)- بالخفض- وإن قرأ بها بعض كبار القراء لكنها مرفوضة حيث كانت معارضة للدليل الأقوى، كما رفضها جمهور المسلمين، وكانت علامة الثبت الأولى والتي كان عليها ثبت المصاحف هي علامة النصب .أما الدليل الأقوى الذي يرجح النصب على الخفض، فهو اعتبار الأستيعاب – طولاً- في مسح الأرجل، نظراً لذكر الحد- بدءاً ومنتهى- في الآية الكريمة ( من رؤوس أصابع الأقدام الى الكعبين).
ولتوضيح هذا الجانب- من المسألة الفقهية المستنبطة من الآية الكريمة - لا بد من تمهيد مقدمة هي: إن مادة(مسح) يتعدى بنفسه الى المفعول به، ولايحتاج في تعديته الى أضافة حرف في مدخوله لكن زيادة الباء في هذا الموضع من الآية كانت لنكتةـ وهي أنها لو لم تزد هنا لاستدعى إضافة (مسح) الى متعلقه، استيعاب المسح لمحله استدعاء بالطبع، كما في كل فعل أطلق بالنسبة الى متعلقه، كما في (فاغسلوا وجوهكم) استدعى استيعاب الغسل لجميع صفحة الوجه طولاً وعرضاً،ومن ثم لو لم يقيد الغسل في اليدين بقوله(إلى المرافق) لاستدعى استيعاب جميع اليد حتى المنكب. وعليه فلو لم تزد الباء، وقيل: (وامسحوا رؤوسكم) لاستدعى مسح الرأس كله نظير وجه، حرفاً بحرف. فزيدت الباء، لتكون دليلاً على كفاية مجرد المسح الملصق بالرأس، ولو وضع المتوضي رأس إصبعه على رأسه وجرها جراً خفيفاً، فقد صدق(لصوق المسح بالرأس). والأمتثال يقتضي الإجزاء- كما في الأصول- ولا امتثال عقيب الأمتثال هذا في الرأس . وأما في الرجل ، فلما جاء ذكر الحد للمسح، كان ذلك دليلاًعلى إرادة استيعاب مابين الحدين(رؤوس أصابع القدم،الكعبين) طولاً، ومن ثم فإنه معطوف على مدخول(وامسحوا) بلا زيادة الباء ، أي محل المجرور وهو النصب.نعم، ليس النصب عطفاً على مدخول (فأغسلوا) – كما زعمه القائل بوجوب غسل الأرجل- استناداً الى قراءة النصب في الآية، وهو فهم خاطئ واستنباط معوج، بعد ملاحظة أن العطف مع الفصل بالأجنبي مرفوض أو مرجوح في اللغة ولا يحمل عليه القرآن الكريم.
القراءة المختارة
أما القراءة التي نختارها – والتي تجمعت فيها شرائط القبول أجمع- فهي:
قراءة عاصم برواية حفص بالخصوص، لأنها القراءة التي كان عليها جماهير المسلمين وتلقوها يداً بيد منذ الصدر الاول حتى توالي العصور . وستأتي مزايا اُخرى حوتها هذه القراءة بالذات دون غيرها من سائر القراءات.
لكن الشائع بين الفقهاء هو جواز القراءة بالسبع في الصلاة وغيرها، الأمر الذي يمكن توجيهه على مشارب فقهاء العامة،إما لأجل تواترها عندهم – كما يراه البعض- أو لانطباق حديث الأحرف السبعة عليها، حسبما زعمه آخرون، لكن الأمر يشكل على مباني فقهائنا الإمامية الذبن يرون القرآن واحداً نزل من عند واحد ، إذاً فما وجه تجويزهم القراءة بالسبع وغيرها؟
عمدة الأستدلال على جواز الأخذ بالقراءات المعروفة تتلخص في:
1- سيرة المسلمين على الأخذ بها.
2- إجماع الفقهاء على جواز ذلك .
3- تظافر النصوص الواردة عن الأئمة (عليهم السلام) في الأمر بالعمل بما عند الناس والمعروف لدى المسلمين.
الخلاصة
1- ملاكات صحة القراءة ثلاثة: أن توافق الثبت القرآني ، موافقتها للأفصح في العربية ،ألا تخالف دليلاً قطعياً.
2- القراءة الصحيحة هي قراءة عاصم برواية حفص بالخصوص ، لأنها القراءة التي كان عليها جماهير المسلمين، وتلقوها يداً بيد منذ الصدر الأول حتى توالي العصور.
3- المشهور بين الفقهاء قبولهم للقراءات السبعة ، وهذه الموافقة لا تخلو من ثلاثة أسباب : سيرة المسلمين ، إجماع الفقهاء تظافر النصوص.
__________
1- راجع: البحر المحيط: 7، 46، الكشاف: 3، 129، القراءات الشاذة: 108. قال أبو حاتم: ( هي غلط منه أو عليه ). وقال النحاس: (( هو غلط عند جميع النحويين).
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|