أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-10-2014
1541
التاريخ: 16-11-2020
2494
التاريخ: 2024-08-30
218
التاريخ: 4-1-2016
1722
|
أتضح للطلاب الأعزاء ما مر به النص القرآني من أدوار ومراحل عديدة سواء من ناحية القسم القرآني ونوع الخط الذي دون به وكيفية القراءة التي قرأ بها ، وبما أن هذه القراءات مختلفة ومتغيرة لها ارتباط وثيق بنفس الأسماع لكلمات سبحانه وتعالى ، حاول المهتمين بالدراسات القرآنية أن يضعوا مجموعة الضوابط والشروط لتلك القراءات وهذا الدرس وما بعده يتكفل بهذه المهمة .
شروط قبول القراءة
ذكر أئمة الفن لقبول القراءة شروطاً ثلاثة : صحة السند، وموافقة الرسم، واستقامة وجهها في العربية .
وإذا فقد أحد هذه الشروط تصبح القراءة شاذة، لا تصح القراءة بها ، لا في صلاة ولافي غيرها وتسقط عن أعتبارها قرآناً رأساً، سواء كانت من السبعة أم من غيرهم.
ونحن إذ كنا نعتبر القرآن ذا حقيقة ثابتة ، مستقلاً بذاته ، متغايراً عن القراءات جملة، فإن مسألة (اختيار القراءة الصحيحة ) عندنا منحلة. والقراءة الصحيحة : هي التي تتوافق من النص المتواتر بين المسلمين، منذ الصدر الأول الى الآن.
هذا ولم يكن اختلاف القراءات سوى الأختلاف في كيفية التعبير عن هذا النص المحفوظ كاملاً على يد الامة عبر الأجيال. وهكذا تعاهد المسلمون نص القرآن اُمة عن اُمة ، نقلاً متواتراً في جميع خصوصياته الموجودة، نظماً وترتيباً ، ورسماً وقراءة، بكل أمانة وإخلاص عبر العصور، معجزة قرآنية خالة : {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [الحجر: 9] أي: على يد هذه الاُمة مع الأبدية.
وتوضيح ذلك يتوقف على تمهيد مقدمة نستوضح فيها مسالة (تواتر النص القرآني) ثم التعريج الى مسألة (اختيار القراءة الصحيحة) نظراً للعلاقة القريبة بين المسألتين في هذا البحث، وإليك بإيجاز:
تواتر القرآن
مما يبعث على أعتزاز هذه الاُمة ، هو تحفظهم على كتاب الله نصاً واحداً – كما اُنزل على النبي (صلى الله عليه واله )- على طول تاريخ المسلمين – على أختلاف أرائهم ومذاهبهم – اتفقوا، منذ الصدر الأول – عهد الصحابة الأولين – الى العصر الحاضر على نص القرآن الأصيل ، في جميع حروفه وكلماته ونظمه وترتيبه وقراءته. تلقوه من الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله) وتوارثوه يداً بيد. وما نقرؤه اليوم هو الذي كان يقرؤه المسلمون في العهد الأول .حدث محمد بن سيرين(110م) عن عبيدة السلماني (73م) قال:
القراءة التي عرضت على النبي (صلى الله عليه واله) في العام الذي قبض فيه، هي القراءة التي يقرؤها الناس اليوم.(1)
ومن راجع الروايات يشهد بوضوح أنها تجعل المعيار لمعرفة القراءة الصحيحة هو ( قراءة الناس) وتجعل غيرها شاذة لا تجوز قراءته بتاتاً أو يضرب عنق قارئها – كما هو التعبير في بعضها – وليس لسوى أنه خارج عن قراءة الناس.(2)
ويدل – أيضاً على تواتر النص الموجود – من غير أن يؤثر عليه شيئ من اختلاف القراءات – تلك المخالفات في رسم الخط وربما كتبت وفق قراءة العامة وتثبت رغم تقلبات الدهور ومر العصور ، من ذلك قوله تعالى: { لَمْ يَتَسَنَّهْ} [البقرة: 259]، الهاء زائدة للوقف.
كتبت وقرئت هكذا منذ العهد الأول وثبتت مر الدهور، قال عبد الله بن هاني البريزي- مولى عثمان-:
كنت عند عثمان وهم يعرضون المصاحف ،فأرسلني بكتف شاه الى اُبي بن كعب فيها(لمْ يَتَسنَ). وفيها ( لاتبديل للخلق الله). وفيها (فأمهل الكافرين).فدعا بدواة فمحا اللامين وكتب(لخلق الله ) . ومحا (فأمهل) وكتب (فمهل) وكتب(لم يتسنه) فألحق الهاء).(3).
ولولا أنه السماع من رسول الله (صلى الله عليه واله) لم يكتبها اُبي بالهاء، كما أن أختلاف القراء فيما بعد وتطور الكتابة والخط كليهما لم يؤثر على تغيير الكلمة عما كتبها الأوائل وقرأها السلف، ومن ورائهم عامة المسلمين عبر الأجيال.
وأيضاً فأن قضية تشكل المصحف على يد أبي الأسود وتنقيطه على يد تلميذيه نصر بن عاصم ويحيى بن يعمر دليل على أن القرآن كان ذا حقيقة ثابتة في صدور المسلمين فجاء تقييدها في المصحف على يد زعماء الأمة خشية تحريف من لا عهد له بالقرآن .
والمصاحف المرسومة وفق المصطلح الأول باقية لا تختلف عن النص الموجود.
كما أن المخالفات التي جرت على ألسن بعض السلف، وقعت موضع إنكار العامة وعرفت منذ العهد الأول أنها غير نص الوحي، كقراءة أبي بكر لما احتضر : (وجاءت سكرةُ الحق بالموت)(4). وأرباب التاريخ – المفسرون والمحدثون – رامو – منذ ذلك العهد – هذه القراءة بالشذوذ المخالف للرسم.(5)
فلولا أن للقرآن حقيقة ثابتة معهودة عند الجميع لما كان لهذا الغوغاء سبب واضح.
وعليه فالملاك في تعيين القراءة هو :
موافقتها مع النص الأصل المحفوظ لدى عامة المسلمين بشروط نذكر بعضها الآن.
ملاك صحة القراءة
موافقة القراءة مع النص الأصل تتحقق إذا توفرت فيها الشروط التالية :
أولاً: موافقتها مع الثبت المعروف بين عامة المسلمين ، في مادة الكلمة وصورتها وموضعها من النظم القائم، حسب تعاهد المسلمين خلفاً عن سلف. ففي مثل قوله تعالى: {فَتَبَيَّنُوا} [النساء: 94] من التبين و((فَتَثبتُوا)) من التثبت(6)، لاشك أن الصحيح هو إحدى القرائتين والاُخرى باطلة، لأن المصحف أول ما شكل ونقط كان تشكيله وتنقيطه على أحد الأمرين وهو الذي كان معروفاً ومتعاهداً بين عامة المسلمين، ولم يكن أبو الأسود ولا تلميذاه مترددين في وضع العلامات المذكورة، وثبت الكلمات والحروف وفق مرتكزهم العام ، كما تلقوها يداً بيد من غير ترديد أصلاً . وإنما الاختلاف جاء من قبل اجتهاد القراء المتأخرين ، شيئاً خارجاً عن النص الأصل المعروف عند عامة الناس. ومن ثم فلما سأل فضيل بن يسار ، الإمام الصادق (عليه السلام) عن حديث: (( نزل القرآن على سبعة أحرف)) قال:
((كذبوا – أعداء الله – ولكنه على حرف واحد)).
ثم لتعيين هذا الحرف الواحد جعل الإمام (عليه السلام) المقياس معهود عامة المسلمين، قال: (( اقرأ كما يقراُ الناس)). وفي رواية اُخرى: ((اقرأوا كما عُلِمتم))(7). فجعل المقياس (( كما يَقراُ الناسُ)) أي : عامة المسلمين، ولم يعتبر من قراءة القراء شيئاً ، والرواية الاُخرى أصرح، (( كما عُلمْتمْ)) أي: تعاهدتموه جيلاً عن جيل واُمة عن اُمة لا قراءة أفرادهم آحاد. فالصحيح من القرائتين هي ( فَتَبَيّنوا)، لأن ثبت المصحف قديماً وحديثاً والذي تعاهدته الاُمة هو بالباء والقراءة الاُخرى ساقطة عندنا وغير جائزة إطلاقاً.
وفي مثل قوله تعالى : {حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222]- ثلاثياً بمعنى انقطاع الدم ، أو ((يَطّهَّرن)) مزيداً فيه من باب التفعيل على معنى التطهر بالماء(7)- نرجح التخفيف، لأن شرط جواز إتيانهن بلا كراهة أمران : انقطاع الدم والأغتسال. وأما على قراءة التشديد فيبقى أمر أنقطاع الدم مسكوتاً عنه.
وفي مثل قوله تعالى : {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} [ق: 19]، الذي قرأه ابو بكر : (( وجاءت سكرة الحقّ بالموت)). نرجح الاُولى لأنها مشهورة والاُخرى باطلة، لمخالفتها الرسم والمتعاهد بين عامة المسلمين جميعاً.
الخلاصة
1- ذكر العلماء ضوابط لقبول القراءة : صحة السند ، وموافقة الرسم، واستقامة وجهها في العربية ، وإذا فقد أحد هذه الشروط تكون القراءة شاذة.
2- مايدل على تواتر النص القرآني اُمور:
أ) اتفاق المسلمين وتظافرهم على نقله واهتمامهم الكبير به.
ب) المخالفات في رسم الخط القرآني .
ج) تشكيل المصحف وتنقيطه.
3- إن المخالفات التي جرت على السن بعض السلف، وقعت موضع إنكار العامة وعرفت منذ العهد الأول أنها غير نص الوحي.
4- الملاك في صحة القراءة هو : موافقتها مع النص الأصل المحفوظ لدى عامة المسلمين بشروط أحدها أن يتفق مع الثبت الموجود لدى المسلمين.
5- أقرأ كما يقرأ الناس شعار رفعه الإمام الصادق لتصحيح القراءة ، وجعل ماهو المعروف لدى الناس من قراءة هو المعيار.
_______________
1- الإتقان : 1، 50.
2- راجع: المرشد الوجيز: 180-181، مناهل العرفان : 1، 452.
3- الإتقان: 1 ،183.
4- راجع : تفسير القرطبي: 17، 12- 13. في أشهر الروايتين.
5- راجع : البرهان: 1،335.
6- قرأ حمزة والكسائي بالثاء وقرأ الباقون بالباء. الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1، 394.
7- راجع : وسائل الشيعة : 4، 821-822.
8- قرأ الحرميان وأبو عمرو وابن عامر وحفص مضموم الهاءمخففاً. وقرأ الباقون بفتح الهاء مشددا. الكشف عن وجوه القراءات السبع : 1، 294.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|