المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية
آخر المواضيع المضافة
استخرج أفضل ما لدى المتعالم الروايات الفقهيّة من كتاب علي (عليه السلام) / من أحكام الأموات‌. الروايات الفقهيّة من كتاب علي (عليه السلام) / من آداب الحمام. الروايات الفقهيّة من كتاب علي (عليه السلام) / الاستنجاء. الروايات الفقهيّة من كتاب علي (عليه السلام) / نزح البئر من بول الصبي. الروايات الفقهيّة من كتاب علي (عليه السلام) / النهي عن استقبال الشمس أو القمر عند التخلّي. الروايات الفقهيّة من كتاب علي (عليه السلام) / كراهية الأكل جنبًا. الروايات الفقهيّة من كتاب علي (عليه السلام) / النهي عن قعود الجنب في المسجد. تضارب الأفكار والتطور العلمي الروايات الفقهيّة من كتاب علي (عليه السلام) / الاغتسال في فضاء من الأرض. الروايات الفقهيّة من كتاب علي (عليه السلام) / سقوط الوضوء مع غسل الجنابة. الروايات الفقهيّة من كتاب علي (عليه السلام) / جواز الوضوء من سؤر الهر والحكم بطهارته‌. نظام تربية ماشية اللحم هل لكم تزويدنا بجزء من مخالفات عثمان بن عفّان للنصوص والسنن ؟ هل عثمان هو من جهز جيش العسرة ؟

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17508 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


المحكمات أُمُّ الكتاب  
  
3232   06:36 مساءً   التاريخ: 13-11-2020
المؤلف : الشيخ عارف هنديجاني فرد
الكتاب أو المصدر : علوم القرآن عند العلامة آية الله السّيّد محمد حسين الطّباطبائيّ (قده) «دراسة...
الجزء والصفحة : ص 278 - 285 .
القسم : القرآن الكريم وعلومه / علوم القرآن / المحكم والمتشابه /

لقد توقف الفقهاء والمفسرون وعلماء الكلام كثيراً عند قوله تعالى : ﴿ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾ ، فقال الزمخشري : «أي أصل الكتاب تحمل المتشابهات عليها وترد إليها» (1) ، وقال عبد الله شبر : «أصله ، يرد إليها غيرها وأفرد أم على إرادة كل واحد ، أو المجموع . .» (2) ، وقال الشريف الرضي : «كيف جمع سبحانه بين قوله : ﴿ هُنَّ  ، وهو ضمير جمع ، وبين قوله : ﴿ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾ وهو اسم لواحد ، فجعل الواحد صفة للجمع؟ وهذا فتٌ في عضد البلاغة ، وثلم في جانب الفصاحة . . .» (3) .

وقال الطباطبائي : «إن الإضافة في قوله «أُمُّ الكتاب» ليست لامية كقولنا : أُمُّ الأطفال ، بل هي بمعنى من قولنا : نساء القوم وقدماء الفقهاء ، ونحو ذلك ، فالكتاب يشتمل على آيات هي أُمُّ آيات أخر ، وفي إفراد كلمة الأم من غير جمع دلالة على كون المحكمات غير مختلفة في أنفسها بل هي متفقة مؤتلفة . . .» (4) .

إن قول الطباطبائي أن المحكمات غير مختلفة في أنفسها ، لدليل واضح على أن المفسّر ينسجم مع رؤيته بأن حقيقة الكتاب هي واحدة في أُم الكتاب ، الذي عبر عنه تعالى بالإنزال دون التنزيل ، وهذا ما عرضنا له في بحث الإنزال والتنزيل ، حيث رأينا أن المفسّر يتحدث عن القرآن في مقابل حقيقة الكتاب ، أو الكتاب المبين ، كما في قوله تعالى : ﴿ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴾ [الزخرف : 4] ، وحقيقة الكتاب هي بمنزلة اللباس من المتلبس وبمنزلة المثال من الحقيقة ، وهذا هو المصحح لأن يُطلق القرآن أحياناً على أصل الكتاب ، كما في قوله تعالى : ﴿ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ ﴾ [البروج : 22] . إن ما تجدر الإشارة إليه هنا ، هو أن المفسّر يرى أصل الكتاب في اللوح المحفوظ ، والكتاب الذي أنزل على قلب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، تمَّ إلباسه لباس العربية ليكون مقروءاً وميسراً بلسان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للهداية ، هو الكتاب الذي فصّل بعد أن كان محكماً غير مفصَّل ، كما قال الله تعالى : ﴿ هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ﴾ ، حيث صدّر الكلام بإنزال ، لأن المقصود ، كما يرى الطباطبائي ، بيان بعض أوصاف مجموع الكتاب النازل وخواصه ، وهو أنه مشتمل على آيات محكمة وأخرى متشابهة ترجع إلى المحكمات وتبين بها . فالكتاب مأخوذ بهذا النظر أمراً واحداً من غير نظر إلى تعدد وتكثر ، فناسب استعمال الإنزال دون التنزيل (5) . وعليه ، فإن ما يراه المفسّر في أم الكتاب في دائرة التنزيل غير ما يراه له في اللوح المحفوظ ، أو في أُم الكتاب حيث أحكمت آياته قبل أن يطرأ عليه التبعّض والتكثر . فكون المحكمات غير مختلفة في أنفسها بل هي متفقة مؤتلفة ، كما يرى المفسّر ، ناهيك عن إفراد كلمة الأم من غير جمع ، فذلك إنما يؤكد عمق رؤية المفسّر لجهة أن الأم ـ بما هي أصل ـ واحدة ، سواء في دائرة الإنزال ، أم في دائرة التنزيل ، وهذا الأصل هو المرجع ، الذي في ضوئه يكون المتشابه محكماً ومقروّاً ومفهوماً بعد أن لم يكن مفهوماً ، لأن الغاية من تنزل الكتاب أن يكون له أصل ثابت واحد مؤتلف يرجع إليه ، سواء أكان متشابهاً في ظاهر لفظه ، أو في إبهامه ، على اعتبار أن التشابه قد يكون في سمو المعنى وعلو المستوى ، فليس دائماً الحديث عن المتشابه من حيث كونه غريباً أو متردداً بين معنى وآخر (6) .

لذا ، فإن ما يريد بيانه المفسّر هو إخراج المتشابه عن كونه سرّاً يستدعي من الإنسان الإيمان به دون العمل ، كما زعمت جماعة أن كون الآيات محكمة وأم الكتاب ، وكونها أصلاً في الكتاب ، وعليها تبتني قواعد الدين وأركانها ، فيؤمن بها ويعمل بها ، وليس الدين إلاّ مجموعاً من الاعتقاد والعمل ، وأما الآيات المتشابهة ، فهي لتزلزل مرادها وتشابه مدلولوها لا يعمل بها ، بل إنما يؤمن بها إيماناً . . . (7) ، وهذا ما يرى فيه الطباطبائي خروجاً عن الأصل ، عن أم الكتاب ، لأن مقتضى إرجاع المتشابه إلى المحكم بيان المراد للاعتقاد والعمل بكل ما فصّله الكتاب ، وهذا ما بيّنه الشريف الرضي في جوابه على سؤال كيف جعل الواحد صفة للجمع ، ولماذا جاء قوله تعالى ﴿ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾ ﴿ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾ ، ولم يقل أمهات الكتاب ، فقال : «فالأم هنا بمعنى الأصل الذي يرجع إليه ويعتمد عليه ، لأن المحكم أصل للمتشابه يقدح به فيظهر مكنونه ، ويستثير دفينه ، وعلى ذلك سميت والدة الإنسان أمّاً ، لأنها أصله الذي منه طلع وعنه تفرّع . . .» (8) .

فالقول بأن المتشابه هو للإيمان دون العمل منافٍ تماماً لمنطوق النص ومفهومه ، حيث تجد أن الذم إنما يكون لاتباع المتشابه بمعزل عن إرجاعه للمحكم بغرض ابتغاء الفتنة والإضلال ، وتأويل القرآن وفاقاً للهوى ، فإذا لم يكن الإتباع والتأويل ابتغاءً للفتنة ، وكان الرجوع إلى المحكم ، فإن الإتباع حينئذ يكون بالإيمان والعمل ، ومن هنا يظهر ، كما يرى المفسر ، أن المراد باتباع المتشابه اتباعه عملاً واعتقاداً ، ويبقى الاتباع المذموم اتباع للمتشابه من غير إرجاعه إلى المحكم ، إذ على هذا التقدير يصير الإتباع إتباعاً للمحكم ولا ذمّ فيه (9) .

إن مقتضى وجود الأصل الذي هو مرتكز الكتاب للعلم والعمل ، أن يكون الأصل الذي هو أُم الكتاب حاكماً على حركة الإنسان ، فلا يقال بأن المتشابه بحاجة إلى التأويل ، وهذا التأويل يتعذر الوصول إلى فهمه ، كما هو مذهب الكثير من المفسرين قديماً وحديثاً . وبما أنه يتعذر فهمه ، فنؤمن به دون العمل به (10) . وهذا إذا ما وقع ، فإنه يؤدي إلى أن يكون الأصل ، الذي هو أم الكتاب ، غير معمول به وغير مرجوع إليه ، بحيث تكون النتيجة خلافاً لما أمر الله به تعالى ، هذا فضلاً عما يؤدي إليه ذلك من تأويل للكتاب وفاقاً للرأي ، وكما بين مغنية ، أنه ليس من شرط المتشابه أن لا ترجى معرفته ، وإلاّ لما كان الله تعالى قد أمر بإرجاعه إلى المحكم ليكون موضوعاً للإيمان والعمل معاً بخلاف من يطلب المتشابه لمرض في قلبه وفساد في قصده (11) .

إن المفسّر في منهجه يؤصّل لحقيقة المحكم والمتشابه في القرآن ، فكان هذا العلم مثله مثل سائر علوم القرآن دافعاً للطباطبائي لإعادة النظر في منهج التفسير على النحو الذي استطعنا أن نكشف عنه بالمستطاع من القدرة والفهم ، إلاّ أن الثابت لدى أكثر المفسرين والباحثين هو أن المفسّر أخرج المتشابه من دائرة التأويل التي كان معمولاً بها ومركوناً إليها باكتشافه لحقيقة التأويل من حيث هو تأويل لكل الكتاب ، وليس للمتشابه وحسب ، وهذه المنهجية الجديدة مرتكزة إلى ما يراه المفسّر من أصل له معناه ، سواء في عالم الإنزال ، أم في عالم التنزيل ، هذا فضلاً عما سنبينه لاحقاً من معنى لهذا الأصل فيما خصّه به المفسّر من تمايز في المحكم والمتشابه في الآيات ، ليزيل الالتباس عن حقيقة هذا العلم من حيث هو علم محكم وهادف إلى الهداية .

لقد أثبت المفسر أن إنزال الكتاب ، كما في قوله تعالى : ﴿ هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ ﴾ ، إنما كان بقصد بيان بعض أوصاف الكتاب النازل بخواصه ، كما عبر المفسّر ، وهو أنه مشتمل على آيات محكمة وأخر متشابهة ترجع إلى المحكمات وتبين بها ، فإذا كان للانزال هذا القصد ، وهو حق لا لبس فيه ، فكيف يفرد المتشابه عن المحكم لتأويله ، أو لتعليق العمل به؟ وهل هذا معناه غير أن يكون القرآن بعيداً عن أصله ، وغريباً عن مراده؟ والحق يقال : إن هذا الكتاب مثلما أنه خصّ بأم الكتاب في عالم ما قبل التفصيل وحيث الإحكام ، كما قال تعالى : ﴿ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴾ ، فهو كذلك خص في عالم التنزيل والتفصيل والتفريق والتنجيم بأم الكتاب أيضاً ليكون محكماً وهادياً ومبشراً ونذيراً . وإذا كان لا بد من القول بالتأويل ، فإن تأويل الكتاب هو تفصيل الكتاب كما بين الطباطبائي في تفسير قوله تعالى : ﴿ هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ . . . ﴾ ، وقوله الله تعالى : ﴿ بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ ﴾ [يونس : 39] ، حيث رأى المفسّر بأن أصل الكتاب هو تأويل تفصيل الكتاب (12) ، فهو لا يختص بالآيات المتشابهة ، بل لجميع القرآن تأويل ، فللآية المحكمة تأويل ، كما للآية المتشابهة تأويل . . . (13) .

وهكذا ، فإن معنى الرجوع إلى المحكمات من حيث هي أصل وأم الكتاب ليس مؤداه ، كما يرى المفسّر أن لا يكون هناك متشابه في القرآن بحجة أنه كتاب هداية عامة ، وبيان للناس وتبيان لكل شيء ، وإنما مؤداه أن كل ما يحتاج إليه العباد من معارف وأحكام وبيان يكون محكماً لديهم وإلاّ انتفى أن يكون المحكم محكماً ، وقد فُرض مُحكم ، وهذا خُلف ، باعتبار أن الأصل هو الذي تحدث منه التفريعات ، وليس العكس . وهذا إن كان يدل على شيء ، فإنه يدل على أن أصل الكتاب ﴿ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾ هو تأويل تفصيل الكتاب بما هو محكم ومتشابه ، وقد أكد الطباطبائي هذا المعنى فيما عبر عنه في تفسيره ، فقال : «إن معنى الأمومة الذي دلّ عليه قوله تعالى : ﴿ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾ يتضمن عناية زائدة وهو أخص من معنى الأصل الذي فسّرت به الأم ، فإن في هذه اللفظة أعني الأم عناية بالرجوع الذي فيه انتشاء واشتقاق وتبعّض ، فلا تخلو اللفظة من الدلالة على كون المتشابهات ذات مداليل ترجع وتتفرّع على المحكمات ، ولازمه كون المحكمات مبيّنة للمتشابهات» (14) .

ولا شك في أن ما يذهب إليه المفسّر ، هو في غاية المعنى والدقة ، لكونه يرى بالتفرّع عن الأصل إحكاماً لكل ما هو متشابه ، وبذلك تتحقق الغاية ، فيكون الدين إيماناً وعملاً ، دون أن يعني ذلك انتفاءً كلياً لما هو بحاجة لرجوع ، سواء إلى عقل ، أو لغة ، أو طريقة عقلائية يستراح إليها في رفع الشبهات اللفظية (15) ، وهذا ما أكده السيد الخوئي بقوله : «إن لفظ المتشابه واضح المعنى ، ولا إجمال فيه ، ولا تشابه ، ومعناه أن يكون للفظ وجهان من المعاني ، أو أكثر ، وجميع هذه المعاني في درجة واحدة بالنسبة إلى ذلك اللفظ ، فإذا أطلق اللفظ احتمل في كل واحد من هذه المعاني أن يكون هو المراد ، ولذلك فيجب التوقف في الحكم إلى أن تدل قرينة على التعيين ، وعلى ذلك فلا يكون اللفظ الظاهر من المتشابه» (16) .

إن الغاية ، من مبحث المحكمات عند الطباطبائي ، كما نلاحظ ، هي القول بأن أصل الكتاب بما هو محكم ويرجع إليه في المتشابه من شأنه أن يُبقي على ظواهر الألفاظ بحيث تكون هي المدخل لفهم الشريعة ، خلافاً لما إذا اعتمدنا التأويل في المتشابه ، فإنه قد يُخرج ، فيما لو جعل ، الكثير من المعاني من دائرة الألفاظ المألوفة ، والتي جعلت أساساً في فهم الشريعة وسبيلاً إليها ، ولهذا ، قال الطباطبائي : إن للمتشابه مفسّر وليس إلاّ المحكم (17) ، باعتباره الأصل ، ﴿ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾ وهذه اللفظة تؤكد ، كما يرى الطباطبائي ، على مرجعية هذا الأصل في فهم المتشابه ، الذي هو متشابه في مراده ، لا لكونه ذا تأويل (18) ، وهذا هو الشيء الذي خلص إليه منهج الطباطبائي في مبحث المحكم والمتشابه ، حيث نرى أن المفسر قد استند إلى القرآن في توهين الكثير من الآراء في هذا العلم ، وكشف عن حقائق جديدة لم تكن مألوفة في العلوم والمعارف القرآنية ، ولعل الفضل في ذلك كله يعود إلى المنهج الذي اختاره المفسّر في تفسيره القرآن بالقرآن ، ليؤكد على أن هذا الكتاب يفسّر بعضه بعضاً ، ويشهد بعضه على بعض ، وهو كونه كذلك ، فلا بد أن يكون نوراً وهادياً وتبياناً لكل شيء ، وخاصة في مجال المعارف والعلوم والأحكام الإلهية ، التي تبنى عليها سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة ، فلا يعقل أن يكون فيه آيات متشابهات لا يتحصّل العلم بها ، وقد بين الكتاب أن الأصل فيه هو الإحكام والبيان ، وأن المتشابه يمكن حصول العلم به ورفع تشابهه على النحو الذي يؤدي إلى تحقيق الغاية مما أنزل لأجله الكتاب ، بحيث تتحقق أوصافه ، وتتبين مراميه وخواصه ، لأن المقصود من الإنزال ، كما بين المفسّر ، أن يكون الأصل في التنزيل مقروءً مبيناً ، ومفصلاً تفصيلاً ، تحقيقاً للغاية المرجوة ، وقد لا يكون من الخطأ القول : إن السر كامن في أن أم الكتاب في اللوح المحفوظ ، تيسّر بلسان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ليكون بشيراً ونذيراً ، وقد خص الكتاب بأم الكتاب ليكون سراً في الأرض كما هو سر في السماء ، حيث هو لديه في أم الكتاب لعليّ حكيم .

_____________________________

  1. الزمخشري ، أبي القاسم جار الله محمود بن عمر ، الكشاف ، م .س ، ج1 ، ص332 .
  2. شبر ، عبد الله ، تفسير القرآن الكريم ، مؤسسة الأعلمي ، بيروت ، ط1 ، 2009م ، ص85 .
  3. يقول الشريف الرضي في الجواب على سؤاله : «إن المراد بذلك كون هذه الآيات باجتماعها ، وانضمام بعضها إلى بعض في إنزالها ، أُماً للكتاب ، وليست كل واحدة أماً بانفراده ، فلما كان الأمر على ما قلنا جاز وصف الواحد بالجمع ، إذ كان في تعلق بعضه ببعض وأخذ بعضه برقاب بعض بمنزلة الواحد ، ولأنه تعالى : لو قال أمهات الكتاب ، لذهب ظن السامع إلى أن كل واحدة من الآيات أم للجميع ، وليس المراد ذلك ، بل المراد أن الآيات بأجمعها أماً للكتاب دون بعضها ، لأن المراد بكونها أماً للكتاب أن بها يعلم ما هو المقصود بالكتاب من معالم الدين ، وذلك لا يرجع إلى كل واحدة من الآيات ، بل يرجع إلى جميعها . فالأم هنا بمعنى الأصل الذي يرجع إليه ويعتمد عليه . . .» . را : حقائق التأويل ، م .س ، ص122 .
  4. الطباطبائي ، الميزان ، م .س ، ج3 ، ص23 .
  5. الطباطبائي ، الميزان ، م .س ، ج3 ، ص22 .
  6. معرفة ، محمد هادي ، تلخيص التمهيد ، م .س ، ص452 .
  7. الطباطبائي ، الميزان ، م .س ، ج3 ، ص50 .
  8. الشريف الرضي ، حقائق التأويل ، م .س ، ص122 .
  9. الطباطبائي ، الميزان ، م .س ، ج3 ، ص26 .
  10. م .ع ، ص28 .
  11.  انظر : مغنية ، محمد جواد ، تفسير الكاشف ، دار العلم للملايين ، بيروت ج2 ، ط3 ، 1981 ، ص13 .
  12.  الطباطبائي ، الميزان ، م .س ، ج2 ، ص18 .
  13.  م .ع ، ج3 ، ص31 .
  14.  م .ع ، ص50 .
  15.  يقول الطباطبائي : «إن اشتمال الآيات القرآنية على معانٍ مترتبة بعضها فوق بعض وبعضها تحت بعض مما لا ينكره إلاّ من حرم نعمة التدبر ، إلاّ أنها جميعاً مداليل لفظية مختلفة من حيث الإنفهام وذكاء السامع المتدبر وبلادته . . . را : الميزان ، م .ع ، ص55 .
  16.  الخوئي ، أبو القاسم ، البيان في تفسير القرآن ، م .س ، ص272 .
  17.  الطباطبائي ، الميزان ، م .س ، ج3 ، ص73 .
  18.  م .ع ، ص31 .



وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .