المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17738 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

التخليل Acetification
30-3-2017
Types of lexical information The Lexicon
2024-08-10
معنى الخلاق
2024-04-18
تجارة مكة
14-11-2016
أكان عَبَدة الأصنام منكرين لله؟
24-11-2014
مناهج البحث في الجغرافية التاريخية- المنهج الوصفي
31-10-2020


تفسير الآية (47-50) من سورة فصلت  
  
6273   04:26 مساءً   التاريخ: 2-10-2020
المؤلف : إعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .....
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الفاء / سورة فصلت /

قال تعالى : {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (47) وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (48) لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ (49) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ} [فصلت : 47 - 50] .

 

 

تفسير مجمع البيان

- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

بين سبحانه أنه العالم بوقت القيامة فقال {إليه يرد علم الساعة} التي يقع فيها الجزاء للمطيع والعاصي وهو يوم القيامة {وما تخرج من ثمرات من أكمامها} أي وما تخرج ثمرة من أوعيتها وغلفها {وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه} أي ولا تحمل أنثى من حمل ذكرا كان أو أنثى ولا تضع أنثى إلا في الوقت الذي علم سبحانه أنها تحمل فيه وتضع فيه فيعلم سبحانه قدر الثمار وكيفيتها وأجزاءها وطعومها وروائحها ويعلم ما في بطون الحبالى وكيفية انتقالها حالا بعد حال حتى يصير بشرا سويا .

{ويوم يناديهم} أي ينادي الله المشركين {أين شركائي} أي في قولكم وزعمكم كما قال أين شركائي الذين كنتم تزعمون {قالوا آذناك ما منا من شهيد} أي يقولون أعلمناك ما منا شاهد بأن لك شريكا . يتبرأون يومئذ من أن يكون مع الله شريك {وضل عنهم ما كانوا يدعون من قبل} اي : بطل عنهم وذهب ما كانوا أملوه من أصنامهم {وظنوا} أي أيقنوا {ما لهم من محيص} أي من مهرب وملجأ دخل الظن على ما التي للنفي كما تدخل على لام الابتداء وكلاهما له صدر الكلام والمعنى أنهم علموا أن لا مخلص لهم من عذاب الله وقد يعبر بالظن عن اليقين فيما طريقه الخبر دون العيان .

ثم بين سبحانه طريقتهم في الدنيا فقال {لا يسأم الإنسان من دعاء الخير} قال الكلبي الإنسان هاهنا يراد به الكافر أي لا يمل الكافر من دعائه الخير ولا يزال يسأل ربه الخير الذي هو المال والغنى والصحة والولد {وإن مسه الشر} أي البلاء والشدة والفقر {فيؤوس} أي فهو يؤوس شديد اليأس من الخير {قنوط} من الرحمة وقيل يؤوس من إجابة الدعاء قنوط سيء الظن بربه {ولئن أذقناه رحمة منا} أي خيرا وعافية وغنى {من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي} أي هذا بعملي وأنا محقوق به عن مجاهد قال وكل هذا من أخلاق الكافر وقيل معناه هذا لي دائما أبدا .

{وما أظن الساعة قائمة} أي كائنة على ما يقوله المسلمون {ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى} أي لست على يقين من البعث فإن كان الأمر على ذلك ورددت إلى ربي إن لي عنده الحالة الحسنى والمنزلة الحسنى وهي الجنة سيعطيني في الآخرة مثل ما أعطاني في الدنيا ثم هدد سبحانه من هذه صفته بأن قال {فلننبئن الذين كفروا بما عملوا} أي لنقفنهم يوم القيامة على مساوىء أعمالهم عن ابن عباس {ولنذيقنهم من عذاب غليظ} أي شديد متراكم .

_______________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج9 ، ص31-32 .

 

تفسير الكاشف

- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه الآيات (1) :

 

{إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ} . لا أحد يعلم متى تقوم الساعة الا اللَّه وحده . وفي نهج البلاغة : أنتم والساعة في قرن . والقرن الحبل أي ان الإنسان مقرون بها . ومن مات فقد قامت قيامته {وما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها وما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى} (2) .{ولا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ . تقدم مثله في الآية 59 من سورة الأنعام ج 3 ص 200 {ويَوْمَ يُنادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكائِي قالُوا آذَنَّاكَ ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ} . يسأل سبحانه غدا المشركين موبخا : أين ما كنتم تعيدون من دون اللَّه ؟ هل ينصرونكم أو ينتصرون ؟

فيقولون للَّه سبحانه : أخبرناك انه لا أحد منا يشهد في هذا اليوم ان لك شريكا {وضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ} . لا يجد الإنسان يوم القيامة صنما ولا مالا ولا ولدا ، ولا حيلة أو وسيلة ، لا شيء إلا الحساب والجزاء على الأعمال {وظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ} . ينكشف الغطاء غدا للمجرمين ويوقنون انه لا مفر من العذاب .

{لا يَسْأَمُ الإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ وإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُوسٌ قَنُوطٌ} . يلح الإنسان في طلب المال والجاه والصحة والأمان ، ويبالغ في ذلك بلا ملل وانقطاع ، فإن أصيب بشيء من دنياه خارت قواه ، وقنط من رحمة اللَّه {ولَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هذا لِي} . يطلب الدنيا بإلحاح ، وييأس ان فاته شيء منها ، وان أنجاه اللَّه من محنة يقاسيها قال : نجوت بحولي وقوتي ولا فضل لأحد عليّ . . ولا يسلم من هذا الغرور القاتل إلا أهل الحق والعقل السليم .

{وما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً ولَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى} . ما زال الكلام للجاهل المغرور ، ومعناه - على لسانه - أنا الذي فعلت وفعلت في الحياة الدنيا ، أما البعث بعد الموت الذي يخوفني منه المؤمنون به فهووهم . . وان صح فإن لي في الآخرة من الرزق والمكانة خيرا وأفضل لأني أهل لكل مكرمة . .

وإذا لم يكن لهذا الجهول من ذنب إلا هذه الغطرسة لكفى بها ذنبا . وتقدم هذا بصورة أوسع في الآيات 32 - 44 من سورة الكهف ص 126 - 131 .

{فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا ولَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ} . ما من سيئة يقترفها الإنسان في هذه الحياة إلا ويجد علمها غدا عند اللَّه ، وهو سائله عنها ومعاقبه عليها بما يستحق ، فإن كانت من نوع الذنوب الكبار كالكفر والشرك والظلم أذاق اللَّه صاحبها العذاب الأكبر ، وان كانت دون ذلك كان العذاب أخف مع العلم بأن كل بلاء دون النار عافية .

______________

1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج6 ، ص504-505 .

2- آخر ما توصلت إليه الأبحاث الطبية انه يمكن معرفة نوع الجنين : هل هو ذكر أو أنثى ابتداء من الشهر الثالث . انظر تفسير الآية 34 من سورة لقمان .

 

تفسير الميزان

- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

قوله تعالى : {إليه يرد علم الساعة - إلى قوله - إلا بعلمه} ارتداد علم الساعة إليه اختصاصه به فلا يعلمها إلا هو ، وقد تكرر ذلك في كلامه تعالى .

وقوله : {وما تخرج من ثمرات من أكمامها} {ثمرات} فاعل {تخرج} و{من} زائدة للتأكيد كقوله : {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [النساء : 79] ، وأكمام جمع كم وهو وعاء الثمرة و{ما} مبتدأ خبره {إلا بعلمه} والمعنى وليس تخرج ثمرات من أوعيتها ولا تحمل أنثى ولا تضع حملها إلا مصاحبا لعلمه أي هو تعالى يعلم جزئيات حالات كل شيء .

فهو تعالى على كونه خالقا للأشياء محولا لأحوالها عالم بها وبجزئيات حالاتها مراقب لها ، وهذا هو أحسن التدبير فهو الرب وحده ، ففي الآية إشارة إلى توحده تعالى في الربوبية والألوهية ، ولذا ذيل هذا الصدر بقوله : {ويوم يناديهم أين شركائي} إلخ .

قوله تعالى : {ويوم يناديهم أين شركائي قالوا آذناك ما منا من شهيد - إلى قوله - من محيص} الظرف متعلق بقوله : {قالوا} وقيل : ظرف لمضمر مؤخر قد ترك إيذانا بقصور البيان عنه كما في قوله تعالى : {ويوم يجمع الله الرسل{ ، وقيل : متعلق بمحذوف نحو اذكر ، ولعل الوجه الأول أنسب لصدر الآية بالمعنى الذي ذكرناه فتكون الآية مسوقة لنفي الشركاء ببيان قيام التدبير به تعالى واعتراف المشركين بذلك يوم القيامة .

والإيذان الإعلام ، والمراد بالشهادة الشهادة القولية أو الشهادة بمعنى الرؤية الحضورية وعلى الثاني فقوله : {وضل عنهم ما كانوا يدعون من قبل} عطف تفسير يبين به سبب انتفاء الشهادة .

وقوله : {وظنوا ما لهم من محيص} الظن - على ما قيل - بمعنى اليقين ، والمحيص المهرب والمفر ، والمعنى : ويوم ينادي الله المشركين : أين شركائي ؟ - على زعمكم - قالوا : أعلمناك ما منا من يشهد عليك بالشركاء – أو ما منا من يشاهد الشركاء وغاب عنهم ما كانوا يدعون من دون الله في الدنيا ، وأيقنوا أن ليس لهم مهرب من العذاب .

قوله تعالى : {لا يسئم الإنسان من دعاء الخير وإن مسه الشر فيئوس قنوط} السأمة الملال ، واليأس والقنوط بمعنى وهو انقطاع الرجاء ، والدعاء الطلب .

شروع في ختم الكلام في السورة ببيان ما هو السبب في جحودهم ودفعهم الحق الصريح ، وهو أن الإنسان مغتر بنفسه فإذا مسه شر يعجز عن دفعه يئس من الخير وتعلق بذيل الدعاء والمسألة وتوجه إلى ربه ، وإذا مسه خير اشتغل به وأعجب بنفسه وأنساه ذلك كل حق وحقيقة .

والمعنى : لا يمل الإنسان من طلب الخير وهوما يراه نافعا لحياته ومعيشته وإن مسه الشر فكثير اليأس والقنوط لما يرى من سقوط الأسباب التي كان يستند إليها ، وهذا لا ينافي تعلق رجائه إذ ذاك بالله سبحانه كما سيأتي .

قوله تعالى : {ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي} إلخ الأصل بالنظر إلى مضمون الآية السابقة أن يقال : وإن ذاق خيرا قال : هذا لي لكن بدل ذاق من {أذقناه} وخيرا} من قوله : {رحمة منا} ليدل على أن الخير الذي ذاقه هو رحمة من الله أذاقه إياها وليس بمصيبة برأسه ولا هو يملكه ولوكان يملكه لم ينفك عنه ولم يمسسه الضراء ، ولذا قيد قوله : {ولئن أذقناه} إلخ بقوله : {من بعد ضراء مسته} .

وقوله : {ليقولن هذا لي} أي أنا أملكه فلي أن أفعل فيه ما أشاء وأتصرف فيه كيف أريد ، فليس لأحد أن يمنعني من شيء منه أو يحاسبني على فعل ، ولهذا المعنى عقبه بقوله : {وما أظن الساعة قائمة} فإن الساعة هي يوم الحساب .

وقوله : {ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى} أي للمثوبة الحسنى أو للعاقبة الحسنى ، وهذا مبنى على ما يراه لنفسه من الكرامة واستحقاق الخير كأنه يقول : ما ملكته من الخير لوكان من الله فإنما هو لكرامة نفسي عليه وعلى هذا فإن قامت الساعة ورجعت إلى ربي كانت لي عنده العاقبة الحسنى .

فالمعنى : وأقسم لئن أذقنا الإنسان رحمة هي منا ولا يستحقها ولا يملكها فأذقناها من بعد ضراء مسته وذلك يدله على أنه لا يملك ما أذيقه نسي ما كان من قبل وقال : هذا لي - يشير إلى شخص النعمة ولا يسميها رحمة - وليس لأحد أن يمنعني عما أفعل فيه ويحاسبني عليه وما أظن الساعة - وهي يوم الحساب - قائمة ، وأقسم لئن رجعت إلى ربي وقامت ساعة كانت لي عنده العاقبة الحسنى لكرامتي عليه كما أنعم علي من النعمة .

والآية نظيرة قوله في قصة صاحب الجنة : {وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا} [الكهف : 36] .

وقد تقدم بعض الكلام فيه .

وقوله : {فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ} تهديد ووعيد .

__________________

1- الميزان ، الطباطبائي ، ج17 ، ص325-327 .

 

تفسير الامثل

- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

الله العالمُ بكلِّ شيء :

الآية الأخيرة ـ في المجموعة السابقة ـ تحدثت عن قانون تحمّل الإنسان لمسؤولية أعماله خيراً كانت أم شراً ، وعودة آثار أعماله على نفسه ، وهي إشارة ضمنية لقضية الثواب والعقاب في يوم القيامة .

وهنا يطرح المشركون هذا السؤال : متى تكون هذه القيامة التي تتحدّث عنها ؟ الآيتان اللتان نبحثهما تجيبان أولا عن هذا السؤال ، إذ يقول القرآن : إنّ الله وحده يختص بعلم قيام الساعة : (إليه يرد علم الساعة) .

فلا يعلم بذلك نبيّ مرسل ولا ملك مقرّب ، ويجب أن يكون الأمر كذلك لأغراض تربوية يكون فيها المكلّف على استعداد دائم للمحاسبة في أي ساعة .

ثم تضيف الآية : ليس علم الساعة لوحدها من مختصات العلم الإلهي فحسب ، بل يندرج معها أشياء اُخرى مثل أسرار هذا العالم ، وما يختص بالكائنات الظاهرة والمخفية : {وما تخرج من ثمرات من أكمامها وما تحمل من أنثى ولا تضع إلاّ بعلمه} (2) . إنّ النباتات لا تنمو ، والحيوانات لا تتكاثر ، ولا يضع الإنسان نطفة إلاّ بأمر الخالق العظيم ، وبمقتضى علمه وحكمته .

«أكمام» جمع «كم» على وزن «جم» وتعني الغلاف الذي يغطّي الفاكهة و «كم» على وزن «قُم» تعني الجزء من الرداء الذي يغطّي اليد . أمّا «كمة» على وزن «قبة» فهي القلنسوة على الرأس (3) .

قال العلاّمة الطبرسي في مجمع البيان : تكمم الرجل في ثوبة ، أي غطّى الشخص نفسه بلباسة .

أمّا الفخر الرازي فيفسّر «الأكمام» بمعنى القشرة التي تغطي الفاكهة .

وهناك من المفسّرين من فسروها بأنّها : «وعاء الثمرة» (4) .

ويبدو أنّ جميع هذه الآراء تعود إلى معنى واحد ، ولأنّ أدق المراحل في عالم الكائن الحي هي مرحلة النمو في الرحم والولادة ، لذلك أكّد القرآن على هاتين القضيتين ، سواء في عالم الإنسان والحيوان ، أم في عالم النبات .

فالله هو الذي يعلم بالنطف وزمان انعقادها في الأرحام ولحظة ولادتها ، ويعلم متى تتشكل الثمار وتنمو ، ومتى تخرج من أغلفتها .

ثم يضيف السياق القرآني : إنّ هذه المجموعة التي تنكر القيامة وتستهزىء بها ، ستتعرض إلى مشهد يقال لهم فيه : (ويوم يناديهم أين شركائي قالوا آذناك ما منّا من شهيد) (5) .

فما كنّا نقوله هو كلام باطل كان كلاماً نابعاً من الجهل والعناد والتقليد الأعمى ، واليوم عرفنا مدى بطلان ادعاءاتنا الواهية .

وهؤلاء في نفس الوقت الذي يسجلون اعترافهم السابق ، فهم أيضاً لا يشاهدون أثراً للمعبودات التي كانوا يعبدونها من دون الله من قبل : {وضلّ عنهم ما كانوا يدعون من قبل} .

إنّ مشهد القيامة مشهد موحش مهول بحيث يأخذ منهم الألباب ، فينسون خواطر تلك الأصنام والمعبودات التي كانوا يعبدونها ويسجدون لها ويذبحون لها القرابين; بل وكانوا أحياناً يضحون بأرواحهم في سبيلها ، وكانوا يظنون أنّها تحل لهم مشكلاتهم وتنفعهم يوم الحاجة . . . إنّ كلّ ذلك أصبح وهماً كالسراب .

ففي ذلك اليوم سيعلمون : {وظنوا ما لهم من محيص} .

«محيص» من «حيص» على وزن «حيف» وتعني العدول والتنازل عن شيء ، ولأنّ (محيص) اسم مكان ، فهي تعني هنا الملجأ والمفر .

«ظنوا» من «ظنَّ» ولها في اللغة معنىً واسع ، فهي أحياناً بمعنى اليقين ، وتأتي أيضاً بمعنى الظن . وفي الآية مورد البحث جاءت بمعنى اليقين ، إذ أنّهم سيحصل لهم في ذلك اليوم اليقين حيثُ لا مفرَّ ولا نجاة من عذاب الله .

يقول الراغب الأصفهاني في المفردات : «ظن» تعني الاعتقاد الحاصل من الدليل والقرينة ، وهذا الاعتقاد قد يكون قوياً في بعض الأحيان ويصل إلى مرحلة اليقين ، وأحياناً يكون ضعيفاً لا يتجاوز حدَّ الظن .

 

وقوله تعالى : {لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ (49) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } [فصلت : 49 ، 50] .

 

في نفس الاتجاه الذي تحدّثت فيه الآيات السابقة ، نلتقي مع مضمون المجموعة الجديدة من الآيات التي بين أيدينا ، والتي تواصل حديثها عن صور اُخرى حيّة وناطقة من حياة أناس من عديمي الإيمان وضعافه ، الذين يحملون أفكاراً غير ناضجة ومواقف مهزوزة ولا يمتلكون القدرة على تحمل الصعاب .

يقول تعالى : {لا يسأم الإنسان من دعاء الخير} .

فليس لحرص الإنسان من نهاية ، فكلما يحصل على شيء يطالب بالمزيد ، ومهما يعطى لا يكتفي بذلك .

ولكنّه : {وإن مسّهُ الشر فيؤوس قنوط} .

والمقصود بالإنسان هنا الإنسان غير المتربي بعد بأصول التربية الإسلامية ، والذي لم يتنور قلبهُ بالمعرفة الإلهية والإيمان بالله ، ولم يحسّ بالمسؤولية بشكل كامل . إنّها كناية عن الناس المتقوقعين في عالم المادة بسبب الفلسفات الخاطئة ، فهم لا يملكون الروح العالية التي تؤهلهم للصبر والثبات ، وتجاوز الحدود المادية إلى ما وراءها من القيم العظيمة .

هؤلاء يفرحون إذا أقبلت الدنيا عليهم ، وييأسون ويحزنون إذا ما أدبرت عنهم ، ولا يملكون ملجأً يلجأون إليه ، ولا يدخل نور الأمل والهداية إلى قلوبهم .

وينبغي أن نشير أيضاً إلى أنّ «دعاء» تأتي أحياناً بمعنى المناداة ، وأحياناً بمعنى الطلب ، وفي الآية التي نبحثها جاءت بالمعنى الثّاني .

لذا فقوله تعالى : {لا يسأم الإنسان من دعاء الخير} يعني لا يمل ولا يتعب الإنسان أبداً من طلب الخير والجميل .

وثمّة بيّن المفسّرين اختلاف في الرأي حول «يؤوس» و«قنوط» فيما إذا كانا بمعنى واحد أم لا ؟

يرى البعض أنّهما بمعنى واحد ، والتكرار للتأكيد (6) .

وقال البعض الآخر : «يؤوس» من «يئس» بمعنى اليأس في القلب ، أمّا «قنوط» فتعنى إظهار اليأس على الوجه وفي العمل (7) .

أمّا «الطبرسي» فقد قال في مجمع البيان : إنّ الأوّل هو اليأس من الخير ، بينما الثّاني هو اليأس من الرحمة (8) .

ولكن الذي نستفيد ، من الاستخدام القرآني أنّ الاثنين يستخدمان تقريباً للدلالة على معنى واحد ، فنقرأ في قصة يوسف ـ مثلا ـ أنّ يعقوب(عليه السلام) حذّر أبناءه من اليأس من رحمة الله ، في حين كانت قلوبهم يائسة من العثور على يوسف ، وكانوا أيضاً يظهرون علامات اليأس . (9) .

وفي حالة إبراهيم(عليه السلام) نرى أنّهُ عجب من البشارة التي زفتها إليه الملائكة بالولد ، لكن الملائكة قالت له : {بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ } [الحجر : 55] .

الآية التالية تشير إلى صفة اُخرى من صفات الإنسان الجاهل البعيد عن العلم والإيمان متمثلة بالغرور : {ولئن اذقناه رحمةً منّا من بعد ضرّاء مسته ليقولن هذا لي} (10) أي إنّني مستحق ولائق لمثل هذه المواهب والمقام .

إنّ الإنسان المغرور ينسى أنّ البلاء كان من الممكن أن يشمله عوضاً عن النعمة ، تماماً كما قال قارون : {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي } [القصص : 78] .

تضيف الآية بعد ذلك أنّ هذا الغرور يقود الإنسان في النهاية إلى إنكار الآخرة حيث يقول : {وما أظن الساعة قائمة} . ولنفرض أنّ هناك قيامة فإنّ حالي سيكون أحسن من هذا : {ولئن رجعت إلى ربّي انّ لي عندهُ للحسنى} .

إنّ هذه الحالة تشابه ما استمعنا إليه في سورة الكهف من قصة الرجلين الذين كان أحدهما غنياً مغروراً ، والثّاني عارفاً مؤمناً ، حيث حكت الآية على لسان الثري المغرور قوله : {وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا } [الكهف : 36] .

لكنّ الله يحذّر أمثال هؤلاء بقوله تعالى : {فلننبئنّ الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ} .

«العذاب الغليظ» هو العذاب الشديد المتراكم .

نفس هذا المعنى لاحظناه في مكان آخر من القرآن ، في قوله تعالى في الآية (10) من سورة هود : {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ} [هود : 10] .

الآية التي بعدها تذكر حالة ثالثة لمثل هؤلاء ، هي حالة النسيان عند النعمة والفزع والجزع عند المصيبة .

______________________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج12 ، ص212-217 .

2 ـ «من» في «من الثمرات» و «من أثنى» وكذلك في «من شهيد» تأتي في نهاية الآية كلّها ، زائدة جاءت هنا للتأكيد .

3 ـ يلاحظ الراغب في المفردات .

4 ـ تفسير الميزان وتفسير المراغي .

5 ـ «آذناك» من «إيذان» بمعنى الإعلان . وجملة «يوم يناديهم» تتعلق بمحذوف . والتقدير : «اذكر يوم يناديهم . . .» .

لقد ذكروا لهذه الجملة تفسيراً آخر هو : لا يوجد بيننا اليوم من يشهد بوجود شريك لك ، والكل ينكر وجود الشريك .

6 ـ تفسير الميزان ، المجلد 17 ، صفحة 426 .

7 ـ الفخر الرازي في التّفسير الكبير ، المجلد 27 ، صفحة 137; وروح المعاني ، المجلد 25 ، صفحة 4 .

8 ـ مجمع البيان ، المجلد 9 ، صفحة 18 .

9 ـ يوسف ، الآية 87 فما فوق .

10 ـ ذهب بعض المفسّرين للقول بأنّ جملة «هذا لي» تعني أنّ هذه النعمة ستبقى دائماً لي ، أي إنها في الحقيقة توضّح دوام ذلك ، إلاّ أنّ التّفسير الذي عرضناه أعلاه أنسب بالرغم من إمكان الجمع بين الإثنين ، أي إنهم يعتبرون أنفسهم مستحقين للنعم ، ويتصورونها دائمة لهم أيضاً .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .