إنّ الحراك في المدينة ظاهرة مستمرة طالما أن هنالك تغييرات اقتصادية وسياسية واجتماعية... ففي ظروف التحسن الاقتصادي والتطور التقني يتطلع الأفراد الى تحسين ظروف سكنهم بالانتقال إلى مساكن أحدث أما في ظروف الانحسار الاقتصادي فعموما يحدث العكس إذ يحدث الحراك الاجتماعي إلى الأسفل (Down Filteration) لذلك تعاني الاقطار العربية والعراق بشكل خاص من هذه الظاهرة إذ عانت المراكز الحضرية الكبرى في العراق من هذه المشكلة منذ مطلع الخمسينيات من القرن العشرين وبدء استثمار النفط والشروع بتنفيذ المشاريع التنموية والخدمية في المدن الكبرى مثل بغداد والموصل والبصرة، فواجهت مدينة بغداد هجرة متزايدة لأسباب عديدة منها اقتصادية وسياسية واجتماعية وأدى ذلك إلى حدوث ما يعرف بالنمو الحضري.

ويعني زيادة سكان المدن المختلفة الذي يترتب عليه زيادة رقعة الأرض التي تشغلها المدينة لتأمين الخدمات والأنشطة المترتبة على تلك الزيادة التي تستدعي إحداث توسع في حجم المدينة.

كما عرّف النمو الحضري بأنه (مجموعة من الظواهر التي تنشأ في مناطق معينة تتمتع بميزات جغرافية واقتصادية واجتماعية وإدارية بشكل يكسبها خصيصتي الجذب والتأثير في المناطق المرتبطة بها تجعلها تتجه إليه دائما وتعاني مثل هذه المنطقة من تركز سكاني وتكدس في الأنشطة الإنتاجية والخدمية مما ينجم من ذلك تأثيرات اجتماعية واقتصادية وجغرافية وإدارية في المنطقة نفسها والمناطق المحيطة بها على حد سواء.

ويعني ذلك أن النمو الحضري قد يصحبه نمو في النواحي الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية التي يشملها النمو الرأسي Vertical والأفقي Horizontal. وهذا هو الاختلاف في النمو والتوسع الحضريين، إذ أن التوسع نتيجة للنمو في المدينة فلو لم تحدث تغيرات في المدينة تؤدي إلى إحداث النمو فيها لما كان هناك توسع للهيكل العمراني الحضري، كما يرتبط التوسع والنمو الحضريين بالإفراط في ظاهرة التحضر بشكل اكبر من قدرة الأجهزة والأدوات على احتوائها مما يؤدي إلى فوضى وتخبط لا يمكن السيطرة عليهما إلا من خلال خطط دينامية لها القدرة على مجاراة التغيرات للمجتمعات الحضرية.

إن التحضر بمعناه العام والشائع يعني نسبة عدد سكان المناطق الحضرية إلى عدد سكان الدولة ككل.

أما التحضر بمعناه الشامل الدقيق فحدده Lampard  بافتراضه وجود ثلاثة مبادئ للتحضر متداول في علم الاجتماع هي السلوكي Behavioral والتركيبي Structural والديمغرافي Demographic. والمبدأ السلوكي يهتم بالسلوك وأنماط الحياة والقيم الاجتماعية في التمييز بين المناطق الحضرية والريفية، أما المبدأ الهيكلي أو التركيبي فإنه يهتم بالنشاط الاقتصادي السائد للتمييز بين المناطق الحضرية والريفية ويرى أن المناطق الحضرية وفقاً لهذا المبدأ هي المناطق التي تسود فيها الأنشطة غير الزراعية ( صناعة، تجارة، مال.... ألخ) أما المبدأ الديمغرافي الذي يؤكد نسبة السكان الحضر إلى إجمالي السكان لإقليم أو بلد ما