المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

الآداب فريضة
19-1-2016
ما يتوقف عليه قطع الوساوس
6-10-2016
موقف مسلم مع ابن زياد
29-3-2016
الفرق بين التفسير والتأويل‏
24-04-2015
ترسيم حدود القدس
31-1-2016
الطبيعة القانونية للجريمة المعلوماتية
24-4-2017


تصحيح الصادق (عليه السلام) مسار السنة وانقاذها  
  
3421   04:21 مساءً   التاريخ: 17-04-2015
المؤلف : جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : الأئمة الاثنا عشر
الجزء والصفحة : ص92-95
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام جعفر بن محمد الصادق / التراث الصادقيّ الشريف /

لقد امتدّ عصر الإمام الصادق (عليه السلام) من آخر خلافة عبد الملك بن مروان الى وسط خلافة المنصور الدوانيقي، أي من سنة 83 هجري الى سنة 148 هجري فقد ادرك طرفاً كبيراً من العصر الاموي، وعاصر كثيراً من ملوكهم وشاهد من حكمهم اعنف اشكاله، وقضى حياته الاولى حتى الحادية عشر من عمره مع جده زين العابدين، وحتى الثانية والثلاثين مع ابيه الباقر ونشأ في ظلّهما يتغذّى تعاليمه وتنمو مواهبه وتربّى تربيته الدينية، وتخرّج من تلك المدرسة الجامعة فاختصّ بعد وفاة ابيه بالزعامة سنة 114 هجري، واتسعت مدرسته بنشاط الحركة العلمية في المدينة ومكة والكوفة وغيرها من الاقطار الإسلامية.

وقد اتّسم العصر المذكور الذي عاشه الإمام بظهور الحركات الفكرية، ووفود الآراء الاعتقادية الغريبة الى المجتمع الإسلامي واهمها عنده هي حركة الغلاة الهدامة، الذين تطلّعت رؤوسهم في تلك العاصفة الهوجاء الى بث روح التفرقة بين المسلمين، وترعرعت بنات افكارهم في ذلك العصر ليقوموا بمهمة الانتصار لمبادئهم التي قضى عليها الإسلام، فقد اغتنموا الفرصة في بث تلك الآراء الفاسدة في المجتمع الإسلامي، فكانو يبثّون الاحاديث الكاذبة ويسندونها الى حملة العلم من آل محمد، ليغرّوا به العامّة، فكان المغيرة بن سعيد يدّعي الاتصال بابي جعفر الباقر ويروي عنه الاحاديث المكذوبة، فأعلن الإمام الصادق (عليه السلام) كذبه والبراءة منه، وأعطى لاصحابه قاعدة في الاحاديث التي تروى عنه، فقال : لا تقبلوا علينا حديثاً إلاّ ما وافق القرآن والسنّة، او تجدون معه شاهداً من احاديثنا المتقدمة ؛ ثمّ إنّ الإمام قام بهداية الأمّة الى النهج الصواب في عصر تضاربت فيه الآراء والأفكار، واشتعلت فيه نار الحرب بين الامويين ومعارضيهم من العباسيين، ففي تلك الظروف الصعبة والقاسية استغلّ الإمام الفرصة فنشر من احاديث جدّه، وعلوم آبائه ما سارت به الركبان، وتربّى على يديه آلاف من المحدّثين والفقهاء.

 ولقد جمع أصحاب الحديث اسماء الرواة عنه من الثقات على اختلاف آرائهم ومقالاتهم فكانوا أربعة آلاف رجل.

وهذه سمة امتاز بها الإمام الصادق عن غيره من الأئمة (عليه وعليهم السلام) ؛ إنّ الإمام (عليه السلام) شرع بالرواية عن جدّه وآبائه عندما اندفع المسلمون الى تدوين احاديث النبيّ (صلى الله عليه وآله) بعد الغفلة التي استمرّت الى عام 143 هجري حيث اختلط آنذاك الحديث الصحيح بالضعيف وتسرّبت الى السنّة، العديد من الروايات الاسرائيلية والموضوعة من قبل أعداء الإسلام من الصليبيين والمجوس بالإضافة الى المختلقات والمجعولات على يد علماء السلطة ومرتزقة البلاط الاموي.

ومن هنا فقد وجد الإمام (عليه السلام) أنّ أمر السنّة النبويّة قد بدأ يأخذ اتجاهات خطيرة وانحرافات واضحة، فعمد (عليه السلام) للتصدّي لهذه الظاهرة الخطيرة، وتفنيد الآراء الدخيلة على الإسلام والتي تسرّب الكثير منها نتيجة الاحتكاك الفكري والعقائدي بين المسلمين وغيرهم.

إنّ تلك الفترة شكّلت تحدّياً خطيراً لوجود السنّة النبويّة، وخلطاً فاضحاً في كثير من المعتقدات، لذا فانّ الامام (عليه السلام) كان بحق سفينة النجاة من هذا المعترك العسر.

إنّ علوم أهل البيت (عليهم السلام) متوارثة عن جدّهم المصطفى محمّد (صلى الله عليه وآله)، الذي اخذها عن الله تعالى بواسطة الامين جبرئيل (عليه السلام) ، فلا غرو ان تجد الامّة ضالتّها فيهم (عليهم السلام )، وتجد مرفأ الأمان في هذه اللجج العظيمة، ففي ذلك الوقت حيث اخذ كل يحدث عن مجاهيل ونكرات ورموز ضعيفة ومطعونة، او اسانيد مشوشة، تجد انّ الإمام الصادق (عليه السلام) يقول : حديثي حديث ابي، وحديث ابي حديث جدي، وحديث جدي حديث علي بن ابي طالب، وحديث علي حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وحديث رسول الله قول الله عزّ وجلّ .

أنّ ما يثير العجب ان تجد من يعرض عن دوحة النبوّة الى رجال قد كانوا وبالاً على الإسلام وأهله وتلك وصمة عار وتقصير لا عذر فيه خصوصاً في صحيح البخاري ؛ فالإمام البخاري مثلاً يروي ويحتج بمثل مروان بن الحكم، وعمران بن حطّان وحريز بن عثمان الرحبي وغيرهم، ويعرض عن الرواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) .

أمّا الأوّل : فهو الوزغ ابن الوزغ، اللعين ابن اللعين على لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وأمّا الثاني : فهو الخارجي المعروف الذي اثنى على ابن ملجم بشعره لا بشعوره .

وأمّا الثالث : فكان ينتقص عليّاً وينال منه، ولست ادري لمَ هذا الامر، انه مجرد تساؤل.

إنّ للإمام الصادق وراء ما نشر عنه من الاحاديث في الاحكام التي تتجاوز عشرات الآلاف، مناظرات مع الزنادقة والملحدين في عصره، والمتقشفين من الصوفية، ضبط المحّققون كثيراً منها، وهي في حد ذاتها ثروة علمية تركها الإمام (عليه السلام)، وأمّا الرواية عنه في الاحكام فقد روى عنه ابان بن تغلب ثلاثين الف حديث حتى أنّ الحسن بن علي الوشاء قال : ادركت في هذا المسجد مسجد الكوفة تسعمائة شيخ كل يقول حدّثني جعفر بن محمّد.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.