المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17639 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
النقل البحري
2024-11-06
النظام الإقليمي العربي
2024-11-06
تربية الماشية في جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية
2024-11-06
تقييم الموارد المائية في الوطن العربي
2024-11-06
تقسيم الامطار في الوطن العربي
2024-11-06
تربية الماشية في الهند
2024-11-06

تفسير الاية(110) من سورة البقرة
8-12-2016
معنى كلمة خضر
4-06-2015
دفن الأميرة «بتاح نفرو» في مقبرة والدها أمنمحات الثالث.
2024-02-19
أهمية تربية الأسماك
17-12-2015
الرومان وحضارتهم
9-8-2019
بعض الجاه ضرورة في بعض الاحيان‏
21-9-2016


تفسير الآية (41-44) من سورة النمل  
  
7279   02:52 صباحاً   التاريخ: 19-8-2020
المؤلف : إعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .....
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف النون / سورة النمل /

قال تعالى : {قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ (41) فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُو وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (42) وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ (43) قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل : 41 - 44] .

 

تفسير مجمع البيان

- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

{قال} سليمان {نكروا لها عرشها} أي غيروا سريرها إلى حال تنكرها إذا رأته وأراد بذلك اعتبار عقلها على ما قيل {ننظر أ تهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون} أي أ تهتدي إلى معرفة عرشها بفطنتها بعد التغيير أم لا تهتدي إلى ذلك عن سعيد بن جبير وقتادة وقيل أ تهتدي أي أ تستدل بعرشها على قدرة الله وصحة نبوتي وتهتدي بذلك إلى طريق الإيمان والتوحيد أم لا عن الجبائي قال ابن عباس فنزع ما كان على العرش من الفصوص والجواهر وقال مجاهد غير ما كان أحمر فجعله أخضر وما كان أخضر فجعله أحمر وقال عكرمة زيد فيه شيء ونقص منه شيء .

{فلما جاءت قيل أ هكذا عرشك قالت كأنه هو} فلم تثبته ولم تنكره ودل ذلك على كمال عقلها حيث لم تقل لا إذ كان يشبه سريرها لأنها وجدت فيه ما تعرفه ولم تقل نعم إذ وجدت فيه ما غير وبدل ولأنها خلفته في بيتها وحمله في تلك المدة إلى ذلك الموضع غير داخل في قدرة البشر قال مقاتل عرفته ولكن شبهوا عليها حين قالوا لها أ هكذا عرشك فشبهت حين قالت كأنه هو ولو قيل لها هذا عرشك لقالت نعم قال عكرمة كانت حكيمة قالت إن قلت هو ، خشيت أن أكذب وإن قلت لا خشيت أن أكذب فقالت كأنه هو شبهته به فقيل لها فإنه عرشك فما أغنى عنك إغلاق الأبواب وكانت قد خلفته وراء سبعة أبواب لما خرجت فقالت .

{وأوتينا العلم} بصحة نبوة سليمان {من قبلها} أي من قبل الآية في العرش {وكنا مسلمين} طائعين لأمر سليمان وقيل إنه من كلام سليمان عن مجاهد ومعناه وأوتينا العلم بالله وقدرته على ما يشاء من قبل هذه المرة وكنا مخلصين لله بالتوحيد وقيل معناه وأوتينا العلم بإسلامها ومجيئها طائعة قبل مجيئها وقيل إنه من كلام قوم سليمان عن الجبائي .

{وصدها ما كانت تعبد من دون الله} أي منعها عبادة الشمس عن الإيمان بالله تعالى بعد رؤية تلك المعجزة عن مجاهد فعلى هذا تكون ما موصولة مرفوعة الموضع بأنها فاعلة صد وقيل معناه وصدها سليمان عما كانت تعبده من دون الله وحال بينها وبينه ومنعها عنه فعلى هذا يكون ما في موضع النصب وقيل معناه منعها الإيمان والتوحيد الذي كانت تعبده من دون الله وهو الشمس ثم استأنف فقال {إنها كانت من قوم كافرين} أي من قوم يعبدون الشمس قد نشأت فيما بينهم فلم تعرف إلا عبادة الشمس .

{قيل لها ادخلي الصرح} والصرح هو الموضع المنبسط المنكشف من غير سقف وذكر إن سليمان لما أقبلت صاحبة سبإ أمر الشياطين ببناء الصرح وهو كهيئة السطح المنبسط من قوارير أجري تحته الماء وجمع في الماء الحيتان والضفادع ودواب البحر ثم وضع له فيه سرير فجلس عليه وقيل إنه قصر من زجاج كأنه الماء بياضا وقال أبو عبيدة كل بناء من زجاج أو صخر أو غير ذلك موثق فهو صرح وإنما أمر سليمان (عليه السلام) بالصرح لأنه أراد أن يختبر عقلها وينظر هل تستدل على معرفة الله تعالى بما ترى من هذه الآية العظيمة وقيل إن الجن والشياطين خافت أن يتزوجها سليمان فلا ينفكون من تسخير سليمان وذريته بعده لو تزوجها وذلك أن أمها كانت جنية فأساءوا الثناء عليها ليزهدوه فيها وقالوا إن في عقلها شيئا وإن رجلها كحافر الحمار فلما امتحن ذلك وجدها على خلاف ما قيل وقيل أنه ذكر له أن على رجليها شعرا فلما كشفته بأن الشعر فساءه ذلك فاستشار الجن في ذلك فعملوا الحمامات وطبخوا له النورة والزرنيخ وكان أول ما صنعت النورة .

{فلما رأته} أي رأت بلقيس الصرح {حسبته لجة} وهي معظم الماء {وكشفت عن ساقيها} لدخول الماء وقيل إنها لما رأت الصرح قالت ما وجد ابن داود عذابا يقتلني به إلا الغرق وأنفت أن تجبن فلا تدخل ولم يكن من عادتهم لبس الخفاف فلما كشفت عن ساقيها {قال} لها سليمان {إنه صرح ممرد} أي مملس {من قوارير} وليس بماء ولما رأت سرير سليمان والصرح {قالت ربي إني ظلمت نفسي} بالكفر الذي كنت عليه {وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين} فحسن إسلامها وقيل إنها لما جلست دعاها سليمان إلى الإسلام وكانت قد رأت الآيات والمعجزات فأجابته وأسلمت وقيل إنها لما ظنت أن سليمان يغرقها ثم عرفت حقيقة الأمر قالت ظلمت نفسي إذ توهمت على سليمان ما توهمت .

واختلف في أمرها بعد ذلك فقيل إنه تزوجها سليمان وأقرها على ملكها وقيل إنه زوجها من ملك يقال له تبع وردها إلى أرضها وأمر زوبعة أمير الجن باليمن أن يعمل له ويطيع فصنع له المصانع باليمن قال عون بن عبد الله جاء رجل إلى عبد الله بن عتبة فسأله هل تزوجها سليمان قال عهدي بها إن قالت وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين يعني أنه لا يعلم ذلك وإن آخر ما سمع من حديثها هذا القول وروى العياشي في تفسيره بالإسناد قال التقى موسى بن محمد بن علي بن موسى (عليهما السلام) ويحيى بن أكثم فسأله عن مسائل قال فدخلت على أخي علي بن محمد (عليهما السلام) بعد أن دار بيني وبينه من المواعظ حتى انتهيت إلى طاعته فقلت له جعلت فداك أن ابن أكثم سألني عن مسائل أفتيه فيها فضحك ثم قال فهل أفتيته فيها قلت لا قال ولم قلت لم أعرفها قال وما هي قلت أخبرني عن سليمان أ كان محتاجا إلى علم آصف بن برخيا ثم ذكر المسائل الأخر قال اكتب يا أخي ((بسم الله الرحمن الرحيم سألت عن قول الله تعالى في كتابه {قال الذي عنده علم من الكتاب} فهو آصف بن برخيا ولم يعجز سليمان عن معرفة ما عرفه آصف لكنه (عليه السلام) أحب أن تعرف أمته من الإنس والجن أنه الحجة من بعده وذلك من علم سليمان أودعه آصف بأمر الله تعالى ففهمه الله ذلك لئلا يختلف في إمامته ودلالته كما فهم سليمان في حياة داود ليعرف إمامته ونبوته من بعده لتأكيد الحجة على الخلق)) .

_____________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج7 ، ص386-389 .

 

تفسير الكاشف

- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه الآيات (1) :

 

{قالَ نَكِّرُوا لَها عَرْشَها نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ} . قال سليمان لبعض رجاله : غيروا شيئا من عرش بلقيس لنرى هل تدرك انه هو أويخفى عليها ؟ . {فَلَمَّا جاءَتْ قِيلَ أَهكَذا عَرْشُكِ} نكروا لها عرشها وسألوها عنه {قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ} لم تنف ولم تثبت . . لم تنف لأن وجه الشبه قوي ، ولم تثبت لأنها تركت عرشها في القصر ، ودونه الجنود والحراس . هذا ، إلى أن الساسة والحكام يحتفظون بخط الرجعة في أكثر كلامهم وأجوبتهم .

{وأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِها وكُنَّا مُسْلِمِينَ} . هذا من كلام سليمان وقومه ، ومعناه انهم عرفوا الحق ، وآمنوا به قبل بلقيس {وصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ} . أي ان الذي منع بلقيس عن معرفة الحق والايمان به هو شركها وعبادتها الشمس من دون اللَّه .

قيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها قالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ . المراد بالصرح هنا القصر ، واللجة كثرة الماء ، والممرد المملَّس ، والقوارير الزجاج ، ويدل ظاهر الآية أنه كان لسليمان قصر من زجاج شفاف ، وان الماء كان يجري من تحته ، وان بلقيس لما دخلت القصر لم تتبين الزجاج من شدة صفائه ، ولذا كشفت عن ساقيها لتخوض الماء ، فقال لها سليمان :

هذا زجاج صاف ، والماء يجري من تحته قالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ . ظلمت نفسها بالكفر ، ثم تابت وأسلمت ، وحسن إسلامها .

______________

1- تفسير الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج6 ، ص 24 .

 

تفسير الميزان

- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

قوله تعالى : {قال نكروا لها عرشها ننظر أ تهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون قال في المفردات : ، تنكير الشيء من حيث المعنى جعله بحيث لا يعرف ، قال تعالى : {قال نكروا لها عرشها} وتعريفه جعله بحيث يعرف .

انتهى .

والسياق يدل على أن سليمان (عليه السلام) إنما قاله حينما قصدته ملكة سبإ وملؤها لما دخلوا عليه ، وإنما أراد بذلك اختبار عقلها كما أنه أراد بأصل الإتيان به إظهار آية باهرة من آيات نبوته لها ، ولذا أمر بتنكير العرش ثم رتب عليه قوله : {ننظر أ تهتدي} إلخ ، والمعنى ظاهر .

قوله تعالى : {فلما جاءت قيل أ هكذا عرشك قالت كأنه هو وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين} أي فلما جاءت الملكة سليمان (عليه السلام) قيل له من جانب سليمان : {أ هكذا عرشك} وهو كلمة اختبار .

ولم يقل : أ هذا عرشك بل زيد في التنكير فقيل : أهكذا عرشك ؟ فاستفهم عن مشابهة عرشها لهذا العرش المشار إليه في هيئته وصفاته ، وفي نفس هذه الجملة نوع من التنكير .

وقوله : {قالت كأنه هو} المراد به أنه هو وإنما عبرت بلفظ التشبيه تحرزا من الطيش والمبادرة إلى التصديق من غير تثبت ، ويكنى عن الاعتقادات الابتدائية التي لم يتثبت عليها غالبا بالتشبيه .

وقوله : {وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين} ضمير {قبلها} لهذه الآية أي الإتيان بالعرش أو لهذه الحالة أي رؤيتها له بعد ما جاءت ، وظاهر السياق أنها تتمة

كلام الملكة فهي لما رأت العرش وسألت عن أمره أحست أن ذلك منهم تلويح إلى ما آتى الله سليمان من القدرة الخارقة للعادة فأجابت بقولها : {وأوتينا العلم من قبلها} إلخ ، أي لا حاجة إلى هذا التلويح والتذكير فقد علمنا بقدرته قبل هذه الآية أو هذه الحالة وكنا مسلمين لسليمان طائعين له .

وقيل : قوله : {وأوتينا العلم} إلخ ، من كلام سليمان ، وقيل : من كلام قوم سليمان ، وقيل من كلام الملكة ، لكن المعنى وأوتينا العلم بإتيان العرش قبل هذه الحال - وهي جميعا وجوه رديئة - .

قوله تعالى : {وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين} الصد : المنع والصرف ، ومتعلق الصد الإسلام لله وهو الذي ستشهد به حين تؤمر بدخول الصرح فتقول : أسلمت مع سليمان لله رب العالمين ، وأما قولها في الآية السابقة : {وكنا مسلمين} فهو إسلامها وانقيادها لسليمان (عليه السلام) .

هذا ما يعطيه سياق الآيات وللقوم وجوه أخر في معنى الآية أضربنا عنها .

وقوله : {إنها كانت من قوم كافرين} في مقام التعليل للصد ، والمعنى : ومنعها عن الإسلام لله ما كانت تعبد من دون الله وهي الشمس على ما تقدم في نبإ الهدهد والسبب فيه أنها كانت من قوم كافرين فاتبعتهم في كفرهم .

قوله تعالى : {قيل لها ادخلي الصرح} إلى آخر الآية ، الصرح هو القصر وكل بناء مشرف والصرح الموضع المنبسط المنكشف من غير سقف ، واللجة المعظم من الماء والممرد اسم مفعول من التمريد وهو التمليس ، والقوارير الزجاج .

وقوله : {قيل لها ادخلي الصرح} كأن القائل بعض خدم سليمان مع حضور من سليمان ممن كان يهديها إلى الدخول عليه على ما هو الدأب في وفود الملوك والعظماء على أمثالهم .

وقوله : {فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها} أي لما رأت الصرح ظنت أنه لجة لما كان عليه الزجاج من الصفاء كالماء وكشفت عن ساقيها بجمع ثيابها لئلا تبتل بالماء أذيالها .

وقوله : {قال إنه صرح ممرد من قوارير} القائل هو سليمان نبهها أنه ليس بلجة

بل صرح مملس من زجاج فلما رأت ما رأت من عظمة ملك سليمان وقد كانت رأت سابقا ما رأت من أمر الهدهد ورد الهدية والإتيان بعرشها لم تشك أن ذلك من آيات نبوته من غير أن يؤتى بحزم أو تدبير وقالت عند ذلك : رب إني ظلمت نفسي إلخ .

وقوله : {وقالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين} استغاثت أولا بربها بالاعتراف بالظلم إذ لم تعبد الله من بدء أومن حين رأت هذه الآيات ثم شهدت بالإسلام لله مع سليمان .

وفي قوله : {وأسلمت مع سليمان لله} التفات بالنسبة إليه تعالى من الخطاب إلى الغيبة ووجهه الانتقال من إجمال الإيمان بالله إذ قالت : رب إني ظلمت نفسي} إلى التوحيد الصريح فإنها تشهد أن إسلامها لله مع سليمان فهو على نهج إسلام سليمان وهو التوحيد ثم تؤكد التصريح بتوصيفه تعالى برب العالمين فلا رب غيره تعالى لشيء من العالمين وهو توحيد الربوبية المستلزم لتوحيد العبادة الذي لا يقول به مشرك .

______________

1- الميزان ، الطباطبائي ، ج15 ، ص292-296 .

 

تفسير الامثل

- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

نور الايمان في قلب الملكة :

نواجه في هذه الآيات مشهداً آخر ، ممّا جرى بين سلمان وملكة سبأ فسليمان من أجل أن يختبر عقل ملكة سبأ ودرايتها ، ويهىء الجو لإيمانها بالله ، أمر أن يغيروا عرشها وينكّروه فـ {قال نكّروا لها عرشها ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون} .

وبالرغم من أن المجيء بعرشها من سبأ الى الشام كان كافياً لان لا تعرفه ببساطة . . ولكن مع ذلك فإنّ سليمان أمر أن يوجدوا تغييرات فيه ، من قبيل تبديل بعض علاماته ، أو تغيير ألوانه ومواضع مجوهراته ، ولكن هذا السؤال : ما الهدف الذي كان سليمان(عليه السلام) يتوخّاه من اختبار عقل (ودراية) ملكة سبأ وذكائها؟

لعل هذا الاختبار كان لمعرفة أي منطق يواجهها به؟ وكيف يأتي لها بدليل لإثبات المباني العقائدية ؟

أو كان يفكر أن يتزوجها ، وكان يريد أن يعرف هل هي جديرة بأن تكون زوجة له ، أم لا ؟ . . أو أراد ـ واقعاً ـ أن يعهد لها بمسؤولية بعد ايمانها . . . فلابدّ من معرفة مقدار استعدادها لقبول المسؤولية!

وهناك تفسيران لجملة {أتهتدي} فقال بعضهم : المراد منها معرفة عرشها . وقال بعضهم : المراد من هذه الجملة أنّها هل تهتدي إلى الله برؤية المعجزة ، أولا ؟!

إلاّ أنّ الظاهر هو المعنى الأوّل ، وإن كان المعنى الأوّل بنفسه مقدمة للمعنى الثّاني .

وعلى كل حال . . . فلمّا جاءت {قيل أهكذا عرشك} والظاهر أن القائل لها لم يكن سليمان نفسه ، والاّ فلا يناسب التعبير بـ «قيل» ، لأنّ اسم سليمان ورد قبل هذه الجملة وبعدها ، وعُبّر عن كلامه بـ «قال» .

أضف إلى ذلك أنّه لا يناسب مقام سليمان (عليه السلام) أن يبادرها بمثل هذا الكلام .

وعلى أي حال . فإنّ ملكة سبأ أجابت جواباً دقيقاً و (قالت كأنّه هو) .

فلو قالت : يشبه ، لأخطأت . . ولو قالت : هونفسه ، لخالفت الإحتياط ، لأنّ مجيء عرشها إلى أرض سليمان لم يكن مسألة ممكنة بالطرق الإعتيادية ، إلاّ أن تكون معجزةً .

وقد جاء في التواريخ أن ملكة سبأ كانت قد أودعت عرشها الثمين في مكان محفوظ ، وفي قصر مخصوص فيه غرفة عليها حرس كثير!

ومع كل ذلك فإنّ ملكة سبأ استطاعت أن تعرف عرشها رغم كل ما حصل له من تغييرات . . فقالت مباشرة : {وأوتينا العلم من قبلها وكنّا مسلمين} .

أي ، إذا كان مراد سليمان (عليه السلام) من هذه المقدمات هو اطلاعنا على معجزته لكي نؤمن به ، فإنّنا كنّا نعرف حقانيته بعلائم أخر . . كنّا مؤمنين به حتى قبل رؤية هذا الأمر الخارق للعادة فلم تكن حاجة إلى هذا الامر .

وهكذا فأنّ سليمان (عليه السلام) منعها {وصدّها ما كانت تعبد من دون الله} (2) بالرغم من {أنّها كانت من قوم كافرين} .

أجل ، إنّها ودعت ماضيها الأسود برؤية هذه العلائم المنيرة ، وخَطت نحو مرحلة جديدة من الحياة المملوءة بنور الإيمان واليقين .

وفي آخر آية من الآيات محل البحث يجري الكلام عن مشهد آخر من هذه القصّة ، وهو دخول ملكة سبأ قصر سليمان الخاص .

وكان سليمان (عليه السلام) قد أمر أن تصنع إحدى ساحات قصوره من قوارير ، وأن يجري الماء من تحتها .

فلمّا وصلت مَلكة سبأ إلى ذلك المكان {قيل لها أدخلي الصرح} (3) فلما رأته

ظنته نهراً جارياً فرفعت ثوبها لتمر وسط الماء وهي متعجبة عن سبب وجود هذا الماء الجاري ، وكما يقول القرآن : {فلما رأته حسبته لجةً وكشفت عن ساقيها} (4) .

إلاّ أنّ سليمان(عليه السلام) التفت إليها وقال : {إنّه صرح ممرد من قوارير} (5) . فلا حاجة الى الكشف عن ساقيك فلا يمس الماء قدميك .

وهنا ينقدح سؤال هام ، وهو أن سليمان نبيّ كبير ، فلم كان لديه هذا البناء الفائق والتزيّن الرائق . . . والصرح الممرد والبساط الممهّد ! . . وصحيح أنّه كان حاكماً مبسوط اليد ، إلاّ أن الأنسب أن يكون له بساط مألوف كسائر الأنبيآء .

إلاّ أنّه ، ما يمنع أن يُري سليمان مَلكة سبأ التي كانت ترى قدرتها وعظمتها بالعرش والتاج والقصر العظيم والزينة . . يريها هذا المشهد لتذعن لأمره ، ولتحتقر ما عندها ؟! وهذه نقطة انعطاف في حياتها لتعيد النظر في ميزان القيم ومعيار الشخصية!

ما يمنعه ـ بدلاً من أن يغير جيشاً لجباً فيسفك الدماء ـ أن يجعل فكر ملكة سبأ حائراً مبهوتاً بحيث لم تكن تتوقع ذلك أصلا . . . خاصة أنّها كانت امرأة تهتم بهذه الاُمور والتشريفات ! .

ولا سيما أنّ أغلب المفسّرين صرحوا بأن سليمان أمر أن يبنى مثل هذا الصرح والقصر قبل أن تصل ملكة سبأ إلى الشام ، وكان هدفه أن يُريها قدرته لتذعن لأمره وتسلم له . . . وهذا الأمر يدلّ على أن سليمان (عليه السلام) كان يتمتع في سلطانه بقدرة عظيمة من حيث القوّة الظاهرية وُفق بها للقيام بمثل هذا العمل ! .

وبتعبير آخر : إنّ هذه النفقات المالية إزاء أمن منطقة واسعة ، وقبول دين الحق ، والوقاية عن الإنفاق المفرط للحرب ـ لم تكن أمراً مسرفاً .

ولذلك حين رأت مَلكة سبأ هذا المشهد الرائع {قالت ربّ إنّي ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله ربّ العالمين} .

لقد كنت في ما مضى أسجد للشمس وأعبد الأصنام ، وكنت غارقة في الزينة والتجميل ، وكنت أتصور أنّي أعلى الناس في الدنيا .

أمّا الآن فإنّني أفهم أنّني ضعيفة جدّاً وهذه الزخارف والزبارج لا تروي ظمأ الإنسان ولا تبلّ غليل روحه! .

ربّاه . . . أتيت اليك مسلمة مع سليمان نادمة عن سالف عمري ، خاضعة عنقي إليك . الطريف هنا أنّها تقول : أسلمت مع سليمان ، فتستعمل كلمة (مع) ليتجلّى أن الجميع إخوة في السبيل إلى الله! لا كما يعتاده الجبابرة إذ يتسلط بعضهم على رقاب بعض ، وترى جماعة أسيرة في قبضة آخر .

فهنا لا يوجد غالب ومغلوب ، بل الجميع ـ بعد قبول الحق ـ في صف واحد ! .

صحيح أن ملكة سبأ كانت قد أعلنت إيمانها قبل ذلك أيضاً ، لأنّنا سمعنا عن لسانها في الآيات آنفة الذكر {وأوتينا العلم من قبلها وكنّا مسلمين} .

إلاّ أن إسلام الملكة هنا وصل إلى أوجه ، لذلك أكّدت إسلامها مرّة أُخرى .

إنها رأت دلائل متعددة على حقانية دعوة سليمان .

فمجيء الهدهد بتلك الحالة الخاصّة !

وعدم قبول سليمان الهدية الثمينة المرسلة من قبلها .

وإحضار عرشها في فترة قصيرة من مدى بعيد .

وأخيراً مشاهدة قدرة سليمان الاعجازية ، وما لمسته فيه من أخلاق دمثة لا تشبه أخلاق الملوك!

_______________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج9 ، ص453-456 .

2 ـ للمفسّرين أقوال مختلفة في فاعل (صدّ) وأنّ (ما) هل هي موصولة أو مصدرية ، فقال جماعة من المفسّرين . إن الفاعل هو سليمان كما بيّناه في المتن ، وبعضهم قال : بل هو الله ، والنتيجة تكاد تكون واحدة وطبقاً لهذين التّفسيرين تكون «ها» مفعولا أوّلا و(ما كانت) مكان المفعول الثّاني ، وإن كان أصلها جاراً ومجروراً ، أي وصدها سليمان أو الله عما كانت تعبد من دون الله . إلاّ أن جماعة ذهبوا إلى أن فاعل صدّ ، هو(ما كانت) ، لكن حيث أن الكلام عن إيمانها لا كفرها فالتّفسير الأوّل أنسب . . وأمّا كلمة (ما) فقد تكون موصولة . . أو مصدرية .

3 ـ «صَرْحُ» معناه الفضاء الواسع ، وقد يأتي بمعنى البناء العالي والقصر وفي الآية المشار إليها آنفاً معناه ساحة القصر أي فضاءه الواسع ظاهراً .

4 ـ «اللّجة» في الاصل مأخوذة من اللجاج ، ومعناه الشدّة ، ثمّ أطلق على ذهاب الصوت وإيابه في الحنجرة تعبير (لجة) على وزن (ضجة) ، أمّا الأمواج المتلاطمة فيُ البحر فتسمى (لُجة) على وزن (جُبة) وهي هنا في الآية بهذا المعنى الأخير .

5 ـ «الممرد» معناه الصافي . . . و(القوارير) جمع قارورة وهي الزجاجة .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .