المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17639 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
شروط الزكاة وما تجب فيه
2024-11-06
آفاق المستقبل في ضوء التحديات
2024-11-06
الروايات الفقهيّة من كتاب علي (عليه السلام) / حرمة الربا.
2024-11-06
تربية الماشية في ألمانيا
2024-11-06
أنواع الشهادة
2024-11-06
كيفية تقسم الخمس
2024-11-06



تفسير الآية (1-5) من سورة النمل  
  
3878   05:13 مساءً   التاريخ: 18-8-2020
المؤلف : إعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .....
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف النون / سورة النمل /

قال تعالى : {طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (3) إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (4) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ } [النمل : 1 - 5] .

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

{طس} سبق تفسيره {تلك} إشارة إلى ما وعدوا بمجيئه من القرآن {آيات القرآن وكتاب مبين} أضاف الآيات إلى القرآن وآيات القرآن هي القرآن فهو كقوله إنه لحق اليقين والقرآن والكتاب معناهما واحد وصفه بالصفتين ليفيد أنه مما يظهر بالقراءة ويظهر بالكتابة وهو بمنزلة الناطق بما فيه من الأمرين جميعا ووصفه بأنه مبين تشبيه له بالناطق بكذا ومعناه أن الله بين فيه أمره ونهيه وحلاله وحرامه ووعده ووعيده وإذا وصفه بأنه بيان فإنه يجري مجرى وصفه له بالنطق بهذه الأشياء في ظهور المعنى به للنفس والبيان هو الدلالة التي تبين بها الأشياء والمبين المظهر .

{هدى وبشرى للمؤمنين} أي هدى من الضلالة إلى الحق بالبيان الذي فيه والبرهان وباللطف فيه من جهة الإعجاز الدال على صحة أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وبشرى للمؤمنين بالجنة والثواب ويجوز أن يكون في موضع نصب على أن يكون تقديره هاديا ومبشرا ويجوز أن يكون في موضع رفع والتقدير هو هدى وبشرى ثم وصف المؤمنين فقال {الذين يقيمون الصلاة} بحدودها وواجباتها ويداومون على أوقاتها {ويؤتون الزكاة} أي ويخرجون ما يجب عليهم من الزكاة في أموالهم إلى من يستحقها {وهم بالآخرة} أي بالنشأة الآخرة والبعث والجزاء {هم يوقنون} لا يشكون فيه .

ثم وصف من خالفهم ، فقال {إن الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون} اختلف في معناه فقيل إن المعنى زينا لهم أعمالهم التي أمرناهم بها بأحسن وجوه التزيين والترغيب فهم يتحيرون بالذهاب عنها عن الحسن والجبائي وأبي مسلم وقيل زينا لهم أعمالهم بأن خلقنا فيهم شهوة القبيح الداعية لهم إلى فعل المعاصي ليجتنبوا المشتهى فهم يعمهون عن هذا المعنى ويترددون في الحيرة وقيل معناه حرمناهم التوفيق عقوبة لهم على كفرهم فتزينت أعمالهم في أعينهم وحليت في صدورهم {أولئك الذين لهم سوء العذاب} أي شدة العذاب وصعوبته {وهم في الآخرة هم الأخسرون} أي لا أحد أخسر صفقة منهم لأنهم يخسرون الثواب ويحصل لهم بدلا منه العقاب .

 ________________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج7 ، ص362-363 .

 

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه الآيات (1) :

 

{طس} تقدم الكلام عن مثله في أول سورة البقرة {تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وكِتابٍ مُبِينٍ} . تلك إشارة إلى هذه السورة ، والقرآن والكتاب بمعنى واحد ، والاختلاف بينهما بالوصف لا بالذات ، وبالعرض لا بالجوهر ، فهو قرآن لأنه مقروء ، وهو كتاب لأنه مكتوب ، وهو مبين لأنه واضح ، وهو أيضا {هُدىً وبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ} يرشد من طلب الهداية إلى الحق ، ويبشره بالجنة ان آمن به وعمل {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ويُؤْتُونَ الزَّكاةَ وهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} . ليس الإيمان بشيء عند اللَّه إلا إذا ظهرت آثاره ومقتضياته للعيان ، ومن أهمها الصلاة والزكاة .

وبالاختصار ليس الإيمان الحق فكرة في الرأس ، ولا كلاما يدور على اللسان ، وإنما هو سلوك وعمل .

وتسأل : ان مقيمي الصلاة ومؤدي الزكاة هم الموقنون بالآخرة ، فما هو الوجه لقوله تعالى : {وهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} ؟ .

الجواب : المراد أنهم يؤمنون بالآخرة إيمانا لا ريب فيه ، تماما كمن قد رآها .

{إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ} . عميت قلوبهم عن أعمالهم وما فيها من فساد وضلال ، . دون خوف من حساب وعقاب .

وتسأل : أسند سبحانه هنا التزيين إلى نفسه حيث قال : {زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ} وفي الآية 63 من سورة النحل أسند التزيين إلى الشيطان حيث قال : {فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ} . فما هو وجه الجمع بين الآيتين ؟ .

الجواب : أسند التزيين في آية سورة النحل إلى الشيطان بالنظر إلى أنه هو الذي يغري ويوسوس ، وأسنده إليه تعالى هنا بالنظر إلى أن سنّة اللَّه ومشيئته قضت بأن يعمى عن سوء أعماله من لا يؤمن باليوم الآخر ، تماما كما قضت مشيئته تعالى بالموت والهلاك على من يسلك الطريق المؤدية إليه ، وبتعبير ثان ان من لا يؤمن بالآخرة يفعل الحرام ، وهو يرى أنه حلال ، لأن اللَّه جعل عدم الايمان سببا للجهل بالحرام . . وإذا قال قائل : إن هذا شيء طبيعي قلنا في جوابه :

إن جميع الأشياء الطبيعية والأسباب الكونية تنتهي إليه تعالى لأنه هو الذي أوجد الطبيعة والكون .

{أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ وهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ} . خسروا الدنيا لأنهم فارقوها ، وخسروا في الآخرة الثواب ، وحلّ بهم العقاب ، وذلك هو الخسران المبين .

_____________________

1- تفسير الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج6 ، ص ٦-7 .

 

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

غرض السورة - على ما تدل عليه آيات صدرها والآيات الخمس الخاتمة لها - التبشير والإنذار وقد استشهد لذلك بطرف من قصص موسى وداود وسليمان وصالح ولوط (عليهما السلام) ثم عقبها ببيان نبذة من أصول المعارف كوحدانيته تعالى في الربوبية والمعاد وغير ذلك .

قوله تعالى : {تلك آيات القرآن وكتاب مبين} الإشارة بتلك - كما مر في أول سورة الشعراء - إلى آيات السورة مما ستنزل بعد وما نزلت قبل ، والتعبير باللفظ الخاص بالبعيد للدلالة على رفعة قدرها وبعد منالها .

والقرآن اسم للكتاب باعتبار كونه مقروا ، والمبين من الإبانة بمعنى الإظهار ، وتنكير {قرآن} للتفخيم أي تلك الآيات الرفيعة القدر التي ننزلها آيات الكتاب وآيات كتاب مقر وعظيم الشأن مبين لمقاصده من غير إبهام ولا تعقيد .

قال في مجمع البيان : ، وصفه بالصفتين يعني الكتاب والقرآن ليفيد أنه مما يظهر بالقراءة ويظهر بالكتابة وهو بمنزلة الناطق بما فيه من الأمرين جميعا ، ووصفه بأنه مبين تشبيه له بالناطق بكذا .

انتهى .

قوله تعالى : {هدى وبشرى للمؤمنين} المصدران أعني {هدى وبشرى} بمعنى اسم الفاعل أو المراد بهما المعنى المصدري للمبالغة .

قوله تعالى : {الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة} إلخ ، المراد إتيان الأعمال الصالحة وإنما اقتصر على الصلاة والزكاة لكون كل منها ركنا في بابه فالصلاة فيما يرجع إلى الله تعالى والزكاة فيما يرجع إلى الناس وبنظر آخر الصلاة في الأعمال البدنية والزكاة في الأعمال المالية .

وقوله : {وهم بالآخرة هم يوقنون} وصف آخر للمؤمنين معطوف على ما قبله جيء به للإشارة إلى أن هذه الأعمال الصالحة إنما تقع موقعها وتصيب غرضها مع الإيقان بالآخرة فإن العمل يحبط مع تكذيب الآخرة ، قال تعالى : {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ } [الأعراف : 147] .

وتكرار الضمير في قوله : {وهم بالآخرة هم} إلخ للدلالة على أن هذا الإيقان من شأنهم وهم أهله المترقب منهم ذلك .

قوله تعالى : {إن الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون} العمه التحير في الأمر ومعنى تزيين العمل جعله بحيث ينجذب إليه الإنسان والذين لا يؤمنون بالآخرة لما أنكروها وهي غاية مسيرهم بقوا في الدنيا وهي سبيل لا غاية فتعلقوا بأعمالهم فيها وكانوا متحيرين في الطريق لا غاية لهم يقصدونها .

قوله تعالى : {أولئك لهم سوء العذاب} إلخ إيعاد بمطلق العذاب من دنيوي وأخروي بدليل ما في قوله : {وهم في الآخرة هم الأخسرون} ولعل وجه كونهم أخسر الناس أن سائر العصاة لهم صحائف أعمال مثبتة فيها سيئاتهم وحسناتهم يجازون بها وأما هؤلاء فسيئاتهم محفوظة عليهم يجازون بها وحسناتهم حابطة .

 ________________

1- الميزان ، الطباطبائي ، ج15 ، ص272-273 .

 

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

القرآن مُنزَل من لدن حكيم عليم :

نواجه مرّة أُخرى ـ في بداية هذه السورة ـ الحروف المقطّعة من القرآن {طس} .

وبملاحظة أنّ ما بعدها مباشرة هو الكلام عن عظمة القرآن ، فيبدو أنّ واحداً من أسرار هذه الحروف هو أنّ هذا الكتاب العظيم والآيات البيّنات منه ، كل ذلك يتألف من حروف بسيطة . . . وإن الجدير بالثناء هو الخالق العظيم الموجد لهذا الأثر البديع من حروف بسيطة كهذه الحروف ، وكان لنا في هذا الشأن بحوث مفصّلة في بداية سورة البقرة وسورة آل عمران وسورة الأعراف .

ثمّ يضيف القرآن قائلا : {تلك آيات القرآن كتاب مبين} والإشارة للبعيد بلفظ (تلك) لبيان عظمة هذه الآيات السماوية ، والتعبير بـ {المبين} تأكيد على أنّ القرآن واضح بنفسه وموضح للحقائق أيضاً (2) .

وبالرغم من أنّ بعض المفسّرين احتمل أنّ التعبير بـ {القرآن وكتاب مبين} إشارة إلى معنيين مستقلين ، وأن «الكتاب المبين» يراد منه اللوح المحفوظ . . . . إلاّ أن ظاهر الآية يدلّ على أنّ كلاهما لبيان حقيقة واحدة ، فالأوّل في ثوب الألفاظ والتلاوة ، والثّاني في ثوب الكتابة والرسم .

وفي الآية التالية وصفان آخران للقرآن إذ تقول : {هدى وبشرى للمؤمنين . . . الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون} .

وهكذا فإن اعتقاد المؤمنين راسخ في شأن المبدأ والمعاد ، وارتباط متين بالله وخلقه أيضاً . . . فالأوصاف المتقدمة تشير إلى اعتقادهم الكامل ومنهجهم العملي الجامع ! .

وهنا ينقدح سؤال وهو : إذا كان هؤلاء المؤمنون قد اختاروا الطريق السوي ، من حيث المباني الإعتقادية والعملية ، فما الحاجة لأنّ يأتي القرآن لهدايتهم ؟!

ويتّضح الجواب بملاحظة أنّ الهداية لها مراحل مختلفة ، وكل مرحلة مقدمة لما بعدها ، .

ثمّ إنّ استمرار الهداية مسألة مهمّة ، وهي ما نسألُها الله سبحانه ليل نهار بقولنا : {إهدنا الصراط المستقيم} ليثبتنا في هذا المسير ، ويجعلنا مستمرين فيه بلطفه ، فلولا لطفه لما كان ذلك ممكناً لنا . . .

وبعد هذا كلّه ، فالإفادة من آيات القرآن والكتاب المبين هي نصيب أُولئك الذين فيهم القابلية على معرفة الحق وطلب الحق . وإن لم يبلغوا مرحلة الهداية الكاملة . . . وإذا ما وجدنا التعبير في بعض آيات القرآن بأنّه {هدى للمتقين} «كما في الآية 2 من سورة البقرة» وفي مكان آخر {للمسلمين} «كما في الآية 102 من سوره النحل» وهنا {هُدًى وبشرى للمؤمنين} فإنّ ذلك ناشىء من أنّه إذا لم يكن في قلب الإنسان أدنى مرحلة من التقوى والتسليم والإيمان بالواقع ، فإنّه لا يتجه نحو الحق ، ولا يبحث عنه ، ولا يفيد من نور هذا الكتاب المبين . . . لأنّ قابلية المحل شرط أيضاً .

ثمّ بعد ذلك فإن الهدى والبشرى مقترنين معاً . . وهما للمؤمنين فحسب ، وليس للآخرين مثل هذه المزية . . .

ومن هنا يتّضح مجيء التعبير بالهداية بشكل واسع لعموم الناس {هدى للناس} فإن المراد منه أُولئك الذين تتوفر فيهم الأرضيّة المناسبة لقبول الحق ، وإلاّ فأنّ المعاندين الألداء . عُماة القلوب ، لو أشرقت عليهم آلاف الشموس بدل شمسنا هذه ليهتدوا ، لما اهتدوا أبداً .

وتتحدّث الآية التالية عن الاشخاص في المقابلة للمؤمنين ، وتصف واحدة من أخطر حالاتهم فتقول : {إنّ الذين لا يؤمنون بالآخرة زيّنا لهم أعمالهم فهم يعمهون} . أي حيارى في حياتهم .

فهم يرون الملوّث نقيّاً ، والقبيح حسناً ، والعيب فخراً ، والشقاء سعادةً وانتصاراً! .

أجل ، هذا حال من يسلك الطريق المنحرف ويتوغل فيها . . . فواضح أن الإنسان حين يقوم بعمل قبيح . فإنّ قبحه يخف تدريجاً ، ويعتاد عليه ، وعندما يتطبع عليه يوجههُ ويبرره ، حتى يبدو له حسناً ويعدّه من وظائفه! وما أكثر الذين تلوثت أيديهم بالأعمال الإجرامية . . . وهم يفتخرون بتلك الأعمال ويعدونها أعمالا إيجابيّة .

وهذا التغير في القِيمَ ، أواضطراب المعايير في نظر الإنسان ، يؤدي إلى الحيرة في متاهات الحياة . . . وهومن أسوأ الحالات التي تصيب الإنسان .

والذى يلفت النظر أنّ «التزيين» في الآية محل البحث ـ وفي آية أُخرى من القرآن ، وهي الآية (108) من سورة الأنعام ، نسب إلى الله سبحانه ، مع أنّه نُسب في ثمانية مواطن إلى الشيطان ، وفي عشرة أُخَر جاء بصيغ الفعل المجهول (زُيّنَ) ولو فكرنا بإمعان ـ وأمعنا النظر ، لوجدنا جميع هذه الصور كاشفة عن حقيقة واحدة!

فأمّا نسبة التزيين إلى الله ، فلأنّه «مسبب الاسباب» في عالم الإيجاد ، وما من موجود مؤثر إلاّ ويعود تأثيره إلى الله .

أجل ، إنّ هذه الخاصية أوجدها الله في تكرار العمل ليتطبّع عليه الإنسان . . . ويتغير حسُّ التشخيص فيه دون أن تسلب المسؤولية عنه ، أو أن تكون نقصاً في خلقة الله أو إيراداً عليه (لاحظوا بدقّة) .

وأمّا نسبة التزيين إلى الشيطان (أو هوى النفس) فلأن كلاّ منهما عامل قريب وبغير واسطة للتزيين .

وأمّا مجيء التزيين بصورة الفعل المبني للمجهول ، فهو إشارة إلى أنّ طبيعة العمل يقتضي أن يوجد ـ على أثر التكرار ـ حالة وملكة وعلاقة وعشقاً !!

ثمّ تبيّن الآية التالية نتيجة (تزيين الأعمال) وعاقبة أُولئك الذين شغفوا بها فتقول : {أُولئك لهم سوء العذاب} .

فهم في الدنيا سيمسون حيارى آيسين نادمين ، وسينالون العقاب الصارم في الآخرة {وفي الآخرة هم الأخسرون} .

والدليل على أنّهم في الآخرة هم الأخسرون ، ما جاء في الآية (103) من سورة الكهف { قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا } [الكهف : 103 ، 104] .

فأية خسارة أعظم من أن يرى الإنسان عمله القبيح حسناً!! وأن يهدر جميع طاقاته من أجله ، ظنّاً منه بأنّه عمل «إيجابي» مثبت ، إلاّ أنّه يراه في عاقبة أمره شقاءً وذلة وعذاباً .

 ____________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج9 ، ص299-402 .

2 ـ «المبين» مشتق من (الإبانة) وكما يقول بعض المفسّرين «كالآلوسي في روح المعاني» : إنّ هذه المادة قد يأتي فعلها لازماً ، وقد يأتى متعدياً ففي الصورة الأُولى يكون مفهوم المبين هو الواضح والبيّن ، وفي الصورة الثّانية يكون مفهومه الموضح !




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .