المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



مناظرة الامام الباقر مع أُسقف المسيحيين  
  
5950   03:28 مساءً   التاريخ: 15-04-2015
المؤلف : جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيرة الائمة-عليهم السلام
الجزء والصفحة : ص299-301.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام محمد بن علي الباقر / التراث الباقريّ الشريف /

على الرغم من أنّ بلاط هشام لم يكن المكان المناسب لإظهار منزلة الإمام الباقر العلمية وعظمتها، ولكن ولحسن الحظ سنحت فرصة مناسبة جداً للإمام قبل أن يغادر دمشق استطاع أن يستغلّها جيداً في توعية الرأي العام وتبيين مقامه العلمي الكبير ممّا دفع بالناس ان يموجوا ويخوضوا ويتحدّثوا عن ذلك، وحينها لم يكن لهشام الذريعة الكافية ليتجاسر على الإمام أكثر من ذلك، ولذا لم يكن أمامه غير السماح له بالرجوع إلى المدينة.

وعندما خرج الإمام مع ابنه الكريم من القصر وإذا ميدان ببابه وفي آخر الميدان أُناس قعود عدد كثير سأل الإمام : «من هؤلاء؟ قالوا  : هؤلاء القسِّيسون والرهبان، وهذا عالم لهم يقعد إليهم في كلّ سنة يوماً واحداً يستفتونه فيفتيهم، فدخل الإمام بينهم متنكّراً وأُخبر هشام بذلك، فأمر بعض غلمانه أن يحضر الموضع فينظر ما يصنع الإمام، ولم يمض طويلاً حتى جاء الأُسقف الكبير الذي كان رجلاً طاعناً في السن وجلس في صدر المجلس، فأدار نظره، ولمّا لفت وجه الإمام الباقر انتباهه نظر إليه و قال : أمنّا أم من المسلمين؟

قال (عليه السَّلام)  : من المسلمين.

فقال : من أيّهم أنت من علمائها أم من جهّالها ؟

فقال (عليه السَّلام) : لست من جهّالها.

ثمّ قال له : أأسألك أم تسألني؟

فقال (عليه السَّلام) : سل إن شئت.

فقال : من أين ادّعيتم انّ أهل الجنة يطعمون ويشربون ولا يحدثون ولا يبولون؟ وما الدليل فيما تدّعونه من شاهد لا يجهل؟

فقال (عليه السَّلام) : دليل ما ندّعي من شاهد لا يجهل الجنين في بطن أُمّه يطعم ولا يحدث.

ثمّ قال : هلا زعمت أنّك لست من العلماء؟! فقال (عليه السَّلام) : ولا من جهّالها.

فقال : أسألك عن مسألة أُخرى.

فقال (عليه السَّلام) : سل. فقال : من أين ادّعيتم انّ فاكهة الجنة أبداً غضة طرية موجودة غير معدومة عند جميع أهل الجنة؟ وما الدليل عليه من شاهد لا يجهل؟

فقال (عليه السَّلام) : دليل ما ندّعى النار في المصباح ،أنت لو قبست منها لتشعل مئات المصابيح ظلت نار المصباح الأوّل باقية أبداً لا تقل...

فراح الأُسقف يسأل الإمام بكلّ ما خطر في ذهنه من أسئلة صعبة، وكان يتلقّى الإجابة المقنعة لذلك، ولمّا رأى نفسه عاجزاً نهض عند ذلك قائماً غاضباً وقال : جئتموني بأعلم مني وأقعدتموه معكم حتى هتكني وفضحني، وأعلم المسلمين بأنّ لهم من أحاط بعلومنا وعنده ما ليس عندنا، لا واللّه لا كلّمتكم من رأسي كلمة واحدة، ولاقعدت لكم ان عشت سنة، ثمّ ذهب بعد ذلك.

شاع خبر هذا الحدث بسرعة في مدينة دمشق وأثار موجة من الفرح في البيئة الشامية.

وكان هشام الذي يفترض به أن يسعد بهذا الانتصار العلمي الباعث على الفخر الذي تحقّق على يد الإمام الباقر (عليه السَّلام) قلقاً خائفاً أكثر من السابق من نفوذ وسيطرة الإمام الروحية هناك، وفي نفس الوقت الذي تظاهر فيه بعكس ما هو عليه وأرسل جائزة إلى الإمام أبلغه بأن يغادر دمشق فوراً، ولأنّه قد غضب من ذلك الانتصار العلمي حاول أن يشوّه الشخصية العلمية والاجتماعية للإمام من خلال لعبة قذرة مكشوفة ويتّهم قائد الإسلام الكبير بالميول إلى المسيحية والخروج عن الإسلام.

ولذلك وبكل دناءة كتب إلى عامله على مدينة مدين : انّ ابني أبي تراب محمد و جعفر (عليمها السَّلام) وردا عليّ ولمّا صرفتهما إلى المدينة مالا إلى القسّيسين والرهبان وأظهرا لهما دينهما ومرقا من الإسلام إلى الكفر وتقرّبا إليهم بالنصرانية، فكرهت ان أنكل بهما لقرابتهما، فإذا قرأت كتابي هذا ووصلا إليكم فناد في الناس : برئت الذمّة منهما.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.