المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17751 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
اخذ المشركون لمال المسلم
2024-11-24
حكم الغنائم في البلاد المفتوحة
2024-11-24
احكام الاسارى
2024-11-24
الخرشوف Artichoke (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-24
ميعاد زراعة الجزر
2024-11-24
أثر التأثير الاسترجاعي على المناخ The Effects of Feedback on Climate
2024-11-24



تفسير الاية (1-5) من سورة الحجر  
  
5667   06:12 مساءً   التاريخ: 28-7-2020
المؤلف : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الحاء / سورة الحجر /

 

قال تعالى: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (1) رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوكَانُوا مُسْلِمِينَ (2) ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3) وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ} [الحجر: 1 - 5]

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه  الآيات (1) :

{ الر} قد تقدم الكلام في هذه الحروف وأقوال العلماء فيها { تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ} أي: هذه آيات الكتاب وآيات قرآن مميز بين الحق والباطل وقيل المبين البين الواضح عن أبي مسلم وقيل هو المبين للحلال والحرام والأوامر والنواهي والأدلة وغير ذلك وقيل المراد بالكتاب التوراة والإنجيل عن مجاهد وقيل المراد به الكتب المنزلة قبل القرآن عن قتادة { رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ } أي: ربما يتمنى الكفار الإسلام في الآخرة إذا صار المسلمون إلى الجنة والكفار إلى النار ويجوز أن يتمنوا ذلك وقت اليأس.

 وروى مجاهد عن ابن عباس قال ما يزال الله يدخل الجنة ويرحم ويشفع حتى يقول من كان من المسلمين فليدخل الجنة فحينئذ يود الذين كفروا لوكانوا مسلمين وقال الصادق (عليه السلام) ينادي مناد يوم القيامة يسمع الخلائق أنه لا يدخل الجنة إلا مسلم فثم يود سائر الخلائق أنهم كانوا مسلمين وروي مرفوعا عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال إذا اجتمع أهل النار في النار ومعهم من يشاء الله من أهل القبلة قال الكفار للمسلمين أ لم تكونوا مسلمين قالوا بلى قالوا فما أغنى عنكم إسلامكم وقد صرتم معنا في النار قالوا كانت لنا ذنوب فأخذنا بها فيسمع الله عز وجل ما قالوا فأمر من كان في النار من أهل الإسلام فاخرجوا منها فحينئذ يقول الكفار يا ليتنا كنا مسلمين { ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا } معناه دعهم يأكلوا في دنياهم أكل الأنعام ويتمتعوا فيها بما يريدون والتمتع التلذذ وهو طلب اللذة حالا بعد حال { وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ } أي: وتشغلهم آمالهم الكاذبة عن اتباع النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) والقرآن يقال ألهاه الشيء أي شغله وأنساه { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} وبال ذلك فيما بعد حين يحل بهم العذاب يوم القيامة وصاروا إلى ما يجحدون به وفي هذه الآية إشارة إلى أن الإنسان يجب أن يكون مقصور الهمة على أمور الآخرة مستعدا للموت مسارعا إلى التوبة ولا يأمل الآمال المؤدية إلى الصد عنها.

 وقد روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: إن أخوف ما أخاف عليكم اثنان اتباع الهوى وطول الأمل فإن اتباع الهوى يصد عن الحق وطول الأمل ينسي الآخرة { وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ} معناه ولم نهلك أهل قرية فيما مضى على وجه العقوبة إلا وكان لهم أجل مكتوب لا بد أن سيبلغونه يريد فلا يغرن هؤلاء الكفار إمهالي إياهم إنما ينزل العذاب بهم في الوقت المكتوب المقدر لذلك { مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ} أي: لم تكن أمة فيما مضى تسبق أجلها فتهلك قبل ذلك ولا تتأخر عن أجلها الذي قدر لها بل إذا استوفت أجلها أهلكها الله .

_______________

1- تفسير مجمع البيان ،الطبرسي،ج6،ص101-102.

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه  الآيات (1) :

{ الر } سبق الكلام عن مثله في أول سورة البقرة { تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وقُرْآنٍ مُبِينٍ } . تلك إشارة إلى نفس السورة التي نفسرها ، والقصد الاخبار بأنها آيات من كتاب اللَّه ، وقرآن واضح يميز بين الحق والباطل { رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوكانُوا مُسْلِمِينَ } . رب هنا للتكثير ، والمعنى ان كل مجرم غدا ينكشف له الغطاء ، ويتمنى لوكان في الدنيا من المتقين الذين سلموا للحق وعملوا به .

انظر تفسير قوله تعالى : « إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ » الآية 19 من سورة آل عمران ج 2 ص 26 .

{ ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا ويَتَمَتَّعُوا ويُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } . آثروا التمتع بالحياة على اتباع الحق ، فهددهم سبحانه بما يحل بهم غدا من العذاب الأليم { وما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا ولَها كِتابٌ مَعْلُومٌ } . كأن سائلا يسأل : لما ذا لم يعجل اللَّه العقوبة لمن تمرد عليه وعلى رسله ؟ . فأجاب سبحانه بأن لكل عقوبة أجل ، وانه جلت حكمته ما أهلك أمة من قبل الا عند حلول أجلها ، والجاهل من يغتر بالامهال { ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وما يَسْتَأْخِرُونَ } . انظر تفسير الآية 145 من سورة آل عمران ، فقرة : « الأجل محتوم » ج 2 ص 171 .

_______________

1- التفسير الكاشف، محمد جواد مغنية،ج4، صفحه 466.

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

تشتمل السورة على الكلام حول استهزاء الكفار بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ورميه بالجنون ورمي القرآن الكريم بأنه من إهذار المجانين ففيها تعزية للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمره بالصبر والثبات والصفح عنهم وتطييب لنفسه الشريفة وإنذار وتبشير.

وهي مكية على ما تشهد به آياتها، ونقل في المجمع عن الحسن استثناء قوله:{ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي } الآية، وقوله{ كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ } وسيأتي ما فيه.

وتشتمل السورة على قوله تعالى:{ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ } إلخ، والآية تقبل الانطباق على ما ضبطه التاريخ أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) اكتتم في أول البعثة ثلاث سنين أوأربعا أوخمسا لا يعلن دعوته لاشتداد الأمر عليه فكان لا يدعو إلا آحادا ممن يرجو منهم الإيمان يدعوهم خفية ويسر إليهم الدعوة حتى أذن له ربه في ذلك وأمره أن يعلن دعوته.

وتؤيده الروايات المأثورة من طرق الشيعة وأهل السنة أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يكتتم في أول بعثته سنين لا يظهر فيها دعوته لعامة الناس حتى أنزل الله تعالى عليه:{ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ } فخرج إلى الناس وأظهر الدعوة، وعليه فالسورة مكية نازلة في أول الدعوة العلنية.

ومن غرر الآيات القرآنية المشتملة على حقائق جمة في السورة قوله تعالى:{وإن من شيء إلا عندنا خزائنه} الآية، وقوله:{إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}.

قوله تعالى:{ الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ } الإشارة إلى الآيات الكريمة القرآنية فالمراد بالكتاب القرآن، وتنكير القرآن للدلالة على عظم شأنه وفخامة أمره كما أن التعبير بتلك وهي للإشارة إلى البعيد لذلك.

والمعنى هذه الآيات العالية منزلة الرفيعة درجة التي ننزلها إليك آيات الكتاب الإلهي وآيات قرآن عظيم الشأن فاصل بين الحق والباطل على خلاف ما يرميها به الكفار بما يرمونك بالجنة مستهزءين بكلام الله.

ومن الممكن أن يراد بالكتاب اللوح المحفوظ فإن القرآن منه وفيه قال تعالى:{ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ }: الواقعة: 78، وقال:{ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ }: البروج: 22 فيكون قوله:{ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ } كالملخص من قوله:{ وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ }: الزخرف: 4.

قوله تعالى:{ رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ } توطئة لما سيتعرض له من قولهم للنبي:{ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ } يشير به إلى أنهم سيندمون على ما هم عليه من الكفر ويتمنون الإسلام لله والإيمان بكتابه يوم لا سبيل لهم إلى تحصيل ذلك.

فقوله:{ربما يود} المراد به ودادة التمني لا مطلق الودادة والحب، والدليل على ذلك قوله في بيان هذه المودة:{لوكانوا مسلمين} فإن لفظي{لو} و{كانوا} تدلان على أن ودادتهم ودادة تمن وأنهم يتمنون الإسلام بالنسبة إلى ماضي حالهم مما فاتهم ولن يعود إليهم فليس إلا الإسلام ما داموا في الدنيا.

فالآية تدل على أن الذين كفروا سيندمون على كفرهم ويتمنون أن لوكانوا مسلمين بعد انطواء بساط الحياة الدنيا.

قوله تعالى:{ ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } الإلهاء الصرف والإشغال يقال: ألهاه كذا عن كذا أي شغله عنه وأنساه ذكره.

وقوله:{ ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ } أمر برفع اليد عنهم وتركهم وما هم فيه من الباطل، وهو كناية عن النهي عن الجدال معهم والاحتجاج عليهم لإثبات هذه الحقيقة وهي أنهم سوف يودون الإسلام ويتمنونه ولا سبيل لهم إلى تحصيله وتدارك ما فات منه، وقوله:{فسوف يعلمون} في موضع التعليل للأمر أي ذرهم ولا تجادلهم ولا تحاجهم فلا حاجة إلى ذلك لأنهم سوف يعلمون ذلك فإن الحق ظاهر لا محالة.

وفي الآية تعريض لهم أنهم لا غاية لهم في حياتهم إلا الأكل والتمتع بلذات المادة والتلهي بالآمال والأماني فلا منطق لهم إلا منطق الأنعام والحيوان العجم فمن الحري أن يتركوا وما هم فيه، ولا يلقى إليهم الحجج الحقة المبنية على أساس العقل السليم والمنطق الإنساني.

قوله تعالى:{ وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ } إلى آخر الآيتين تثبيت وتوكيد لقوله في الآية السابقة:{فسوف يعلمون} على ما يعطيه السياق والمعنى دعهم فإنهم لا يسلمون في هذه الحياة الدنيا وإنما يودون الإسلام بعد حلول أجلهم ونزول الهلاك بهم، والناس ليسوا بذوي خيرة في ذلك بل لكل أمة كتاب معلوم عند الله مكتوب فيه أجلهم لا يقدرون أن يستقدموه ولا يستأخروه ساعة.

وفي الآيتين دلالة على أن الأمة من الإنسان لها كتاب كما أن للفرد منه كتابا، قال تعالى:{وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا}: الإسراء: 13.

________________

1- تفسير الميزان،الطباطبائي،ج12،ص77-79.

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه  الآيات (1) :

الأماني الزّائفة!

سورة أُخرى تفتتح بالحروف المقطعة {الر} لتبيّن من جديد أنّ مفردات كتاب نور السماء إَلى ظلام أهل الأرض، ما هي إِلاّ عين تلك الأبجدية التي تلوك ألفاظها ألسن كل البشر، صغيرهم و كبيرهم، بين مختلف اللغات، و مع ذلك فلا يستطيع أي مخلوق الوصول لبناء و تركيب كلام القرآن، و هو ذروة التحدي الرباني المعجز، وعليه فقد جاءت { تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ}مباشرة.

كما نعلم أنّ «تلك» اسم إِشارة للبعيد، والمفروض في هذا الموضع استعمال اسم الإِشارة (هذه) باعتباره يدل على القرب، لأنّ القرآن كتاب بين أيدينا، إِلاّ إنّ لغة العرب ـ كما بيّنا سابقاً ـ تسمح بذلك لبيان عظمة المشار إِليه، فالمراد أنّ لشأن القرآن عظمةً، وكأنّه في موضع بعيد جدّاً بين طيات السماء لا يناله إِلاّ منْ مَلَكَ مستلزمات التحليق إِليه. ويقارب ذلك ما نتداوله فيما بيّننا عند تعظيم شخص معين فنقول له مثلا(إنْ سمح لنا ذلك السّيد أنْ...) فنستعمل (ذلك) مع كون الشخص مخاطباً.

وأمّا بشأن مجيء صيغة «قرآن» نكرة فلبيان عظمته أيضاً، و ذكر «القرآن» بعد «الكتاب» تأكيدٌ، ووصفه بالـ «مبين» لأنّه يظهر الحقائق و يبيّن الحق من الباطل.

وأمّا ما احتمله بعض المفسّرين من أنّ المراد بكلمة «الكتاب» إِشارة إِلى التوراة والإَنجيل، فهو كما يبدو بعيد جدّاً ويفتقد الى الدليل.

ثمّ يحذر الذين يصرون على الفساد ومخالفة آيات اللّه الجلية، ويخبر بأنّهم سوف يندمون حين ينكشف الغطاء يوم القيامة بما كسبت أيديهم من كفر وتعصب أعمى وعناد. ويقول: { رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ}.

فالمراد بكلمة «يود» التمني حسب ما ورد في تفسير الميزان، وذكر كلمة «لو» للدلالة على تمنيهم الإسلام في وقت لا يمكنهم فيه العودة إلى ما كانوا ينكرون، وهذه إشارة إلى أن تمنيهم سيكون في العالم الآخر وبعد معاينة نتائج الاعمال.

ويؤيد هذا المعنى وما ورد عن الإِمام الصّادق (عليه السلام) قوله: «ينادي مناد يوم القيامة يسمع الخلائق إنّه لا يدخل الجنّة إلا مسلم، فثمّ يود سائر الخلائق أنّهم كانوا مسلمين».(2)

وروي أيضاً عن النّبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: «إذا اجتمع أهل النّار في النّار ومعهم مَنْ يشاء اللّه من أهل القبلة، قال الكفار للمسلمين: ألم تكونوا مسلمين، قالو: بلى، قالوا: فما أغنى عنكم إسلامكم وقد صرتم معنا في النّار؟ قالوا: كانت لنا ذنوب (كبائر) فأخذنا بها (وهذا الاعتراف بالذنب والتقصير ولوم الأعداء يكون سبباً لأن) يسمع اللّه عزَّ وجلّ ما قالوا فأمر مَنْ كان في النّار من أهل الإِسلام فأُخرجوا منها فحينئذ يقول الكفار: يا ليتنا كنّا مسلمين».(3)

وربّما كان ظاهر الآية يوحي إِلى أُولئك الكفرة الذين ما زالت جذوة الفطرة تسري في أعماق وجدانهم، وحينما لمسوا من نبي الإِسلام (صلى الله عليه وآله وسلم)تلك الآيات الرّبانية التي تناغي أوتار القلوب، لانت قلوبهم وتمنوا أَن لو يكونوا مسلمين، إِلاّ أنّ تعصبهم الأعمى وعنادهم القاتم، أو قل منافعهم المادية حجبتهم عن قبول دعوة الحق، وبذلك بقوا بين قضبان كفرهم واستحوذت عليهم أحابيل الكفر و الضلال.

ذكر لنا أحد الأصدقاء من المؤمنين المجاهدين وكان قد سافر إِلى أوروبا قائلا: ذات مرّة التقيت بأحد المسيحيين ـ وكان رجلا منصفاً ـ وبعد أن بيّنت له بعض خصال ديننا، استهوته ومال إليها قائلا: أهنئكم من أعماقي على عظمة معتقدكم، ولكن ـ ماذا نصنع مع الضروف الاجتماعية التي أجبرتنا على أن لا نحيد عنها!

ومن تاريخ الإِسلام نطالع ما حصل لقيصر الروم عندما وصله رسول النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، ويذكر بأنّ القيصر قد أظهر الإِيمان سرّاً للرسول حتى أنّه رغب في دعوة قومه لدين التوحيد إِلاّ أنّه خاف قومه وفكر بامتحانهم فـ (أمر منادياًينادي: ألا إِنّ هرقل قد ترك النصرانية واتبع دين محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فأقبل جنده بأسلحتهم حتى طافوا بقصره، فأمر مناديه فنادى: ألا إِنّ قيصر إِنّما أراد أن يجرّبكم كيف صبركم على دينكم; فارجعوا فقد رضي عنكم. ثمّ قال للرسول: إِنّي أخاف على ملكي. و إِنّي لأعلم أنّ صاحبك نبيّ مرسل، والذي كنّا ننتظره ونجده في كتابنا، ولكنّي أخاف الروم على نفسي، ولولا ذلك لاتبعته).(4)

وعلى أية حال، ينبغي التنويه بعدم وجود تعارض بين أيٍّ من التّفسيرين، فيمكن حمل الآية على ندم بعض من الكافرين في كلا العالمين (الدنيا والآخرة)، واعتبار عدم استطاعتهم العودة إِلى الإِسلام في حياتهم الدنيا وفي الآخرة لجهات مختلفة ـ فتأمل.

ثمّ يأتي نداء السماء بلهجة لاذعة، يا محمّد { ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} فهم كالأنعام التي لا تعرف سوى الحقل والعلف، ولا تفهم سوى اللّذات المادية، وكل ما تريده لا يتعدى إِطار ما تعرف وتفهم.

إِنّهم لا يدركون فقه الحقائق، لأنّ حجب الغرور والغفلة والأماني الزائفة ختمت على قلوبهم.

و لكن، عندما يصفع الأجل وجوههم وترتفع تلك الحجب عن أعينهم، وحينما يجدون أنفسهم أمام الموت أو في عرصة يوم القيامة، هنالك سيدركون عظمة حجم غفلتهم ومدى خسرانهم، وكيف أنّهم قد ضيعوا أغلى ما كانوا يملكون!

الآية التالية توضح محدودية اللذائذ الدنيوية لكي لا يظن أحد إنّما خالدة فتقول: { وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ } ثمّ يقول تعالى: { مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ }.

فقد سرت سنّة الباري جل شأنه بأن يعطي المدّة الكافية لرجوع المضللين إِلى بارئهم، من خلال ابتلائهم بالشدائد الصعبة تارةً، وبفيوضات رحمة الرخاء تارةً أُخرى، فمن لا تنفعه البشارة يأتيه الإِنذار وهكذا، كل ذلك إِتماماً للحجة عليهم.

صحيح أنّ المصلحة الموجبة للتربية الربانية تقتضي (بعلم ربّ الأرباب) أن يمهل ولكنّه سبحانه لا يهمل، وعاجلا أم آجلاً سينال كلٌّ نصيبه بما كسبت يداه.

من الآيتين الآخيرتين، تتّضح لنا فلسفة تكرار آيات القرآن لذكر تأريخ الأُمم السابقة.

أفلا تكفينا قصص السابقين عبرة لإصلاح أنفسنا والرجوع إِلى اللّه تعالى؟ بل كيف نسترخي بالقعود حتى يقدّر علينا ما كتب على الذين ضلوا وظلموا من قبلنا؟ اذن وعلينا الإِعتبار، وإِلاّ فسنكون عبرة لمن سيأتي بعدنا.

_________________

1- تفسير الامثل،مكارم الشيرازي،ج6،ص569-572.

2- مجمع البيان، ج3،ص 328، كذلك ورد الحديث الأوّل في تفسير الثقلين عن تفسير العياشي، وأورد الفخر الرازي في تفسيره حديثاً يشابه الحديث الثّاني مع تفاوت يسير، وذكر في تفسير الطبري أيضاً عدّة أحاديث في مضمون الحديث الثّاني ضمن تفسير الآية المذكورة.

3- المصدر السابق.

4 ـ مكاتيب الرّسول، ج1، ص112.

 

 

 

 

 

 

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .