هل صيغة الامر موضوعة للوجوب أو الندب أو مشترك بينهما لفظا أو معنى ؟ |
2804
07:39 صباحاً
التاريخ: 11-7-2020
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-8-2016
1303
التاريخ: 8-8-2016
2062
التاريخ: 28-8-2016
1639
التاريخ: 9-8-2016
1711
|
[هل] أنّ صيغة الأمر موضوعة للوجوب أو الندب أو مشترك بينهما لفظا أو معنى [؟]، لنا في هذا المبحث دعويان:
الاولى: أنّ الصيغة موضوعة للمعنى الأعمّ، والدليل على ذلك أنّ إرادة الأعمّ منها في موارد علم ذلك كما في قول المولى: اغتسل للجمعة والجنابة، خالية عن العناية وسالمة عن ارتكاب خلاف الظاهر عند المتكلّم والسامع، وليس حالها كحال إرادة الرجل الشجاع من لفظ الأسد.
الثانية: أنّ المتبادر منها عند الإطلاق وعدم القرنية على شيء آخر هو الوجوب، والدليل على ذلك أنّه لو قال المولى لعبده: افعل كذا، فخالف العبد حسن منه عقابه، ولم يسمع من العبد الاعتذار بأنّ الصيغة موضوعة للمعنى الأعمّ ولم يقم قرينة على إرادة خصوص الوجوب، بل كان قول المولى: أ لم تسمع قولي: افعل كذا حجته على العبد والجمع بين هذين التبادرين يقتضي أن يكون الثاني اطلاقيا لا وضعيا، وأمّا أنّ منشائه ما ذا فغير معلوم، فظهر أنّ حملها على الوجوب عند الإطلاق إنّما هو من جهة الانصراف، لكنّ المصنّف قدّس سرّه ذهب إلى أنّ الحمل على الوجوب إنّما هو بمساعدة مقدّمات الحكمة كسائر المطلقات.
توضيحه: أنّ الوجوب عبارة عن الإرادة المطلقة الصرفة المتوجّهة نحو الفعل؛ ضرورة أنّ نفس الإرادة مع عدم انضمام الترخيص في الترك إليها كافية في إعدام جانب العدم من غير حاجة إلى زيادة، بل تجويز جانب العدم الذي هو الندب يحتاج إلى زيادة الترخيص في الترك إلى الإرادة، ففصل الوجوب عدمي وفصل الندب وجودي وليس المناط هو الشدّة والضعف؛ ضرورة تحقّق الضعف في الوجوب أحيانا كالشدّة في الندب، وأيضا هما متحقّقان في الإرادة الفاعليّة مع عدم اتّصافه بالوجوب والاستحباب، فسّر عدم اتصافها بهما عدم مجامعتها للترك، بل متى تحقّقت وقع الفعل عقيبها بخلاف الأمرية، وأمّا جعل الفصل في الوجوب أمرا وجوديّا وهو المنع من الترك وفي الندب أمرا عدميّا وهو عدم المنع منه فلا وجه له؛ إذا لمنع من الترك عبارة عن طلب ترك الترك وهو عين إرادة الفعل.
والحاصل: أنّ مفاد الهيئة هو الإرادة المقسميّة ولها قسمان: الإرادة المطلقة الغير المقيّدة بالترخيص في الترك وهي المسّماة بالوجوب، والإرادة المقيّدة به وهي المسمّاة بالندب، فحمل الهيئة عند عدم القرينة على القسم الأوّل يحتاج إلى مقدّمات تسمّى بمقدّمات الحكمة.
منها كون المتكلّم في مقام إظهار مراده اللبّي الجدّي النفس الأمري وبيانه؛ فإنّ من الواضح أنّ مراده اللبّي لا يخلو إمّا أن يكون هو المطلق أو المقيّد؛ ضرورة عدم خلوّ الموجود في النفس منهما، وحينئذ فإن كان مراده اللبّي هو المقيّد فلا بدّ من ذكر قيده الوجودي في اللفظ لئلا يلزم نقض الغرض، فإذا لم يذكر علم أنّ المراد هو المطلق، فإنّ أصل المعنى المقسمي قد استفيد من اللفظ، وعدم القيد قد احرز من عدم ذكر القيد الوجودي، وهذا بخلاف ما إذا لم يكن المقام مقام البيان؛ فإنّه ربّما لا يكون المطلوب إظهار تمام ما هو المراد اللبّي بل يقتضي المقام الإهمال والاكتفاء بصرف ما هو مفاد اللفظ لغة كما في قول الطبيب: لا بدّ لك من شرب الدواء، فإنّه حينئذ لا بدّ من التوقّف والرجوع إلى الأصل العملي.
والمختار كما عرفت أنّ مفاد الصيغة بالانصراف الإطلاقي هو الإرادة المطلقة المسمّاة بالوجوب، وحينئذ فلا بدّ من حمل الصيغة عند عدم القرينة عليها في جميع المقامات من دون حاجة إلى إحراز مقدّمات الحكمة كما هو واضح.
نعم لا بدّ من إحراز كون الكلام صادرا بفرض التفهيم لا على وجه العبث واللغو وهو أصل عقلائي موجود في كلّ كلام صادر من المتكلّم العاقل الشاعر، والدليل على ذلك أنّه لا يصير حجّة العبد المخالف للأمر في قبال قول المولى: أ لم أقل لك افعل كذا؟ عند العرف والعقلاء أن يعتذر بعدم إحراز كون الأمر واردا في مقام البيان، أو يعتذر بأنّ الصيغة موضوعة للأعمّ ولم يقم قرينة على خصوص الوجوب.
ويجري نظير هذا النزاع في القضيّة المسورة بالكلّ فإنّه قدّس سرّه ذهب إلى أنّ كلمة «كلّ» موضوعة لاستيعاب تمام أفراد المراد من مدخولها؛ فإن كان المراد هو المقيّد فهو لاستيعاب أفراد المقيّد، وإن كان هو المطلق فهي لاستيعاب أفراد المطلق فهذه الكلمة إنّما هي نافعة فيما إذا احرز بمقدّمات الحكمة كون المراد هو المطلق؛ ضرورة أنّه لو لم يحرز ذلك احتمل أن يكون المراد هو المقيّد ويكون الاستيعاب متعلّقا بأفراده، مثلا لو قيل: أكرم كلّ رجل، فلا شكّ أنّ مفاد لفظ الرجل هو الطبيعة اللابشرطيّة المقسميّة، فكلمة «كلّ» إنّما هي مفيدة فيما إذا احرز كون المراد من اللفظ مطلق الرجل، لا فيما إذا احتمل أن يكون هو الرجل الطويل أو العالم.
وذكر ذلك في حاشيته على الرسائل عند حمل مطلقات أخبار الشك بعد المحلّ على باب الصلاة؛ لكونه المتّقين منها فذكر ما حاصله: إن قلت: مقتضى قوله عليه السلام: «كلّما خرجت من شيء ودخلت في شيء آخر فشكّك ليس بشيء» هو العموم بالنسبة إلى كلّ باب، فالجواب أنّه إذا لم يحرز أن يكون المراد من مدخول الكلّ هو المطلق وكان المتيقّن منه باب الصلاة فالعموم المستفاد من لفظ الكلّ إنّما هو بالنسبة إلى هذا الباب لا غير.
والمختار أنّ كلمة «كلّ» قد وضعت لأن يستوعب تمام ما لمدخولها من الأفراد، ومفاد المطلق وإن كان هو الطبيعة اللابشرطيّة المقسميّة، لكن أفراد المقيّد كما يكون أفرادا لها فكذا أفراد المطلق أيضا، فمقتضى الكلّ استيعاب تمام هذه الأفراد، فعلى هذا فلفظ الكلّ يصير معيّنا لكون المراد من مدخوله هو المطلق.
نعم لو كان المطلق منصرفا إلى المقيّد كأن يكون العالم في قولنا: أكرم كلّ عالم منصرفا إلى العادل كان ذلك بحكم ذكر القيد، فيكون الاستيعاب متعلّقا بأفراد المقيّد، والشاهد على ما ذكرنا هو الوجدان.
ونظير هذا النزاع أيضا جار في مسألة أنّ إطلاق الصيغة محمول على الوجوب التعييني أولا؟ فإنّه قدّس سرّه قد أورد الكلام المتقدّم في المسألة المتقدّمة هنا ببيان أنّ الوجوب التعييني ليس إلّا الوجوب المطلق أي المجرّد عن انضمام العدل والبدل، والتخييري ما كان مقيّدا بانضمامه، فإذا كان المتكلّم في مقام البيان ولا قرينة في الكلام فلا بدّ من حملها على الوجوب المطلق الذي هو التعييني، وإذا لم يكن كذلك فالصيغة من هذا الحيث مجملة.
والحقّ أن يقال أوّلا: إنّ الصيغة موضوعة للقدر المشترك بدليل أنّا لا نجد بحسب وجداننا فرقا بحسب المعنى بين قولنا: أكرم زيدا، المستعمل في مقام الوجوب التعييني، وبينه إذا استعمل في مقام الوجوب التخييري وبانضمام العدل.
وثانيا: أنّ المتبادر منها عند الإطلاق هو الوجوب التعييني بدليل أنّ اعتذار العبد المخالف للامر في قبال قول المولى: لم خالفت قولي: افعل كذا بأنّه: لم يحرز عندي كونك بصدد البيان، والمفروض أنّ الصيغة موضوعة للقدر المشترك بين الوجوب التعييني والتخييري غير مسموع منه عند أهل العرف والعقلاء قطعا.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|