إحتجاج سلمان الفارسي على عمر بن الخطاب في جواب كتاب كتبه إليه حين كان عامله على المداين بعد حذيفة بن اليمان |
4382
10:29 صباحاً
التاريخ: 10-5-2020
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-07-2015
2599
التاريخ: 1-07-2015
1873
التاريخ: 1-07-2015
3890
التاريخ: 11-08-2015
3114
|
احتجاج سلمان الفارسي على عمر بن الخطاب في جواب كتاب كتبه إليه حين كان عامله على المداين بعد حذيفة بن اليمان (1) .
بسم الله الرحمن الرحيم من سلمان مولى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى عمر بن الخطاب.
أما بعد: فإنه أتاني منك كتاب يا عمر، تؤنبني وتعيرني، وتذكر فيه: أنك بعثتني أميرا على أهل المدائن، وأمرتني أن أقص أثر حذيفة واستقصي أيام أعماله وسيره، ثم أعلمك قبيحها، وقد نهاني الله عن ذلك يا عمر في محكم كتابه حيث قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 12] وما كنت لأعصي الله في أثر حذيفة وأطيعك.
وأما ما ذكرت: أني أقبلت على سف الخوص وأكل الشعير، فما هما مما يعير به مؤمن ويؤنب عليه، وأيم الله يا عمر لأكل الشعير وسف الخوص، والاستغناء به عن رفيع المطعم والمشرب، وعن غصب مؤمن حقه وادعاء ما ليس له بحق، أفضل وأحب إلى الله عز وجل وأقرب للتقوى، ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أصاب الشعير أكل وفرح به ولم يسخطه.
وأما ما ذكرت: من إعطائي فإني قدمته ليوم فاقتي وحاجتي، ورب العزة يا عمر، ما أبالي إذا جاز طعامي لهواتي وانساغ في حلقي، لباب البر ومخ المعزة كان أو خشارة الشعير .
وأما قولك: إني ضعفت سلطان الله ووهنته، وأذللت نفسي وامتهنتها حتى جهل أهل المدائن إمارتي، واتخذوني جسرا يمشون فوقي، ويحملون علي ثقل حمولتهم وزعمت أن ذلك مما يوهن سلطان الله ويذله.
فاعلم: أن التذلل في طاعة الله أحب إلى من التعزز في معصيته، وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله يتألف الناس ويتقرب منهم ويتقربون منه في نبوته وسلطانه، حتى كأنه بعضهم في الدنو منهم، وقد كان يأكل الجشب ويلبس الخشن، وكان الناس عنده قرشيهم، وعربيهم، وأبيضهم، وأسودهم، سواء في الدين وأشهد أني سمعته يقول: " من ولي سبعة من المسلمين بعدي ثم لم يعدل فيهم لقي الله وهو عليه غضبان " فليتني يا عمر أسلم من عمارة المدائن (2) مع ما ذكرت إني أذللت نفسي وامتهنتها، فكيف يا عمر حال من ولي الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله؟ وإني سمعت الله يقول: { تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } [القصص: 83].
إعلم: أني لم أتوجه أسوسهم وأقيم حدود الله فيهم إلا بإرشاد دليل عالم فنهجت فيهم بنهجه، وسرت فيهم بسيرته (3).
واعلم: أن الله تبارك وتعالى لو أراد بهذه الأمة خيرا أو أراد بهم رشدا لو لي عليهم أعلمهم وأفضلهم، ولو كانت هذه الأمة من الله خائفين، ولقول نبي الله متبعين، وبالحق عاملين، ما سموك أمير المؤمنين، فاقض ما أنت قاض، إنما تقضي هذه الحياة الدنيا، ولا تغتر بطول عفو الله عنك وتمديده بذلك من تعجيل عقوبته وأعلم: أنك سيدركك عواقب ظلمك في دنياك وآخرتك، وسوف تسأل عما قدمت وأخرت، والحمد لله وحده.
______________________
(1) أبو عبد الله، حذيفة بن اليمان، واسم اليمان: حسل، أو حسيل وإنما سمي باليمان لأنه: أصاب دما فهرب إلى المدينة فحالف بني عبد الأشهل، فسماه قومه اليمان لكونه حالف اليمانية.
كان رحمه الله من كبار صحابة النبي " صلى الله عليه واله " هاجر إليه، فخيره النبي صلى الله عليه وآله بين الهجرة والنصرة، فاختار النصرة. وكان يقول: خيرني رسول الله " صلى الله عليه واله " بين الهجرة والنصرة فاخترت النصرة. وشهد مع النبي " صلى الله عليه واله " أحدا وقتل أبوه بها.
وهو صاحب سر رسول الله " صلى الله عليه واله " في المنافقين. أعلمه بهم رسول الله " صلى الله عليه واله " وقد قيل إن عمر بن الخطاب كان إذا مات ميت يسأل عن حذيفة فإن حضر الصلاة عليه صلى عليه عمر، وإن لم يحضر الصلاة، لم يحضر عمر.
وفي الصحيحين: أن أبا الدرداء قال لعلقمة: أليس فيكم صاحب السر الذي لا يعلمه غيره؟ يعني حذيفة.
وروى مسلم عن عبد الله بن يزيد الخطمي عن حذيفة قال:
لقد حدثني رسول الله " صلى الله عليه واله " ما كان وما يكون حتى تقوم الساعة.
وسأل يوما: أي الفتن أشد قال أن يعرض عليك الخير والشر لا تدري أيهما تركب.
وقال أبو إدريس الخولاني: سمعت حذيفة يقول: كان الناس يسألون رسول الله " صلى الله عليه واله " عن الخير وكنت أسأله عن الشر إخافة أن يدركني.
وعداده في الأنصار وهو أحد الأركان الأربعة من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وممن صلى على سيدة النساء فاطمة، وحضر تشييعها.
روي عن زرارة عن أبي جعفر عن أبيه عن جده عن علي عليهم السلام قال:
ضاقت الأرض بسبعة، بهم ترزقون، وبهم تنصرون، وبهم تمطرون. منهم سلمان الفارسي. والمقداد. وأبو ذر. وعمار. وحذيفة رحمهم الله بعالي وكان علي عليه السلام يقول: وأنا إمامهم.
استعمله عمر على المدائن، فلم يزل بها حتى مات بعد مقتل عثمان وبيعة أمير المؤمنين عليه السلام بأربعين يوما سنة " ٣٦ ".
راجع: رجال الشيخ الطوسي ص ١٦، جامع الرواة ج ١ ص ١٨٢ رجال الكشي ص ٢٧ أسد الغابة ج ١ ص ٢٩٩، الإصابة ج ١ ص ٣١٦، صفة الصفوة ج ١ ص ٢٤٩ تهذيب التهذيب ج ٢ ص ٢١٩.
(2) العمارة: بالفتح: الحي العظيم. والمدائن هي: مدينة كسرى وقبل هي عدة مدن متقاربة، تقع على سبع فراسخ من بغداد، وهي دار مملكة الفرس، وأول من نزلها أنو شيروان، وبها إيوانه، ولم تزل آثاره باقية حتى يومنا هذا، وبها قبرا سلمان وحذيفة وهما مشيدان ويعرف المكان باسم: " سلمان باك ".
(3) يريد عليا عليه السلام.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|