ابن ام قاسم المرادي
المؤلف:
د. محمد المختار ولد أباه
المصدر:
تاريخ النحو العربي في المشرق والمغرب
الجزء والصفحة:
ص347- 350
29-03-2015
4505
أما النحوي الأديب الذي تخرج على يد أبي حيان، فهو أبو علي الحسن بن قاسم المرادي، و أصله من أسفي بالمغرب، و انتقلت جدته زهراء إلى مصر فعرفت فيها بالشيخة أم قاسم، و نسب إليها.
كان أبو حيان عمدته في الدراسة، يغرف من بحره و ينهل من ارتشافه، و سمع مع ذلك من المقرئين السراج الدمنهوري، و مجد الدين التستري و من المفسر شمس الدين بن اللبان.
ص347
و ألف مصنفات في إعراب القرآن و تفسيره، و شرح شاطبية القاسم بن فيّره المعروفة بحرز الأماني و وجه التهاني، و له رسالة في تفسير الاستعاذة و البسملة. أما مؤلفاته النحوية فمنها شروح على الجزولية، و كافية ابن الحاجب، و تسهيل ابن مالك.
و له على الألفية توضيح المقاصد الذي قيل فيه:
وقفت على يقين في اعتقاد فما شرح الخلاصة كالمرادي
كتاب جل في تحصيل نحو و تنقيح على وفق المراد
مؤلفه له علم غزير و ذهن ثاقب في الاجتهاد
لقد سبق الورى في علم نحو على ألفيّة، سبق الجواد
وفاق فما يطاق له سباق على الخيل المضمّرة الهوادي
و قد بذل النصيحة في كتاب له شرف و ها أنا فيه بادي(1)
غير أن أطرف ما امتاز به المرادي هو صنيعه في كتاب «الجنى الداني في حروف المعاني» و هو من أمتع ما كتب في منواله. فقد استوفى ما أورده الزجاجي و الرماني في كتابيهما، و قد لاحظ محققاه، الدكتور فخر الدين قباوة و الأستاذ محمد نديم فاضل توافقا بين هذا الكتاب مع مغني ابن هشام. و كان ذلك واضحا في تقسيم معاني الأدوات، و الشواهد، و المذاهب و التوجيهات النحوية و المعنوية و الاستدراكات و التعقيبات. ثم ألمحا إلى احتمال أخذ ابن هشام من المرادي و قد يكون في ذلك إبطال لدعواه أن مغني اللبيب كتاب نسيج وحده، و فريد أصله و فروعه، كما طرحا احتمال أخذ المرادي و ابن هشام من مصدر واحد إلا أنهما ضعّفا هذا الاحتمال الأخير(2). و أيا ما كان هذا التشابه فإن لكل منهما قيمته و مكانته.
و مكانة «الجنى الداني» ليست مقصورة على مضامينه العلمية، بل إنها تتمثل في أسلوبه في الشعر التعليمي الجميل، و في الأمثلة التالية، نماذج جيدة من هذا الشعر إذ يقول:
1. أقسام إن:
و أقسام «إن» بالكسر شرط، زيادةو نفي، و تخفيف فتلزم لامها
و قد قيل معنى «إذ» و «إمّا» و قد حكى الكسائيّ معنى «قد» و هذا تمامها(3)
ص348
2. أقسام أن:
و أقسام «أن» مفتوحة مصدريّة و زائدة، أو مثل أي و مخفّفه
و معنى لئلاّ ثمّ لا ثمّ إذ حكوا و جازمة أيضا فخذها بمعرفه (4)
3. معاني الواو:
الواو أقسامها تأتي ملخّصة أصل و عطف، و الاستئناف، و القسم
و الحال، و النصب، و الإعراب مضمرة علامة الجمع، و الإشباع منتظم
و زائد و بمعنى أو و ربّ و مع و واو الابدال فيها العدّ يختتم (5)
4. معاني اللام:
أتاك للام الجرّ ممّا جمعته ثلاثون قسما في كلام منظّم
فأوّلوا التخصيص و هو أعمّها ويتلوه الاستحقاق يا صاح فاعلم
وملك و تمليك، و شبههما معا وعلّل بها و انسب و بيّن و أقسم
وعدّ وزد صيرورة، و تعجّبا وجاءت لتبليغ المخاطب فافهم
ومثل إلى، في، على، عند، بعد مع ومن و لتبعيض و ذا كلّه نمي
ولامان قد جاءا بباب استغاثة ولام بها فامدح و لام بها اذمم
وقل لام الجحود كلاهما لجرّ و باللام المزيدة تمّم (6)
5. الباء:
بالباء ألصق و استعن أو عدّ أو أقسم و بعّض أو فزد أو علّل
و أتت بمعنى مع و في و على و عن وبها فعوّض إن تشا أو أبدل(7)
6. الفاء:
معاني الفاء لا تعدو ثلاثا فعاطفة ترتّب باتّصال
و بعض قال قد تأتي كواو وبعض قال تأتي لانفصال
و في جمل و أوصاف كثيرا جلت سببيّة ضمن المقال
و رابطة الجواب تدلّ فيه على سببيّة في كلّ حال
و زائدة كما قد قال قوم ويظهر ذاك في صور المثال(8)
ص349
7. الكاف:
الكاف قسمان و هو حرف كاف خطاب و كاف جرّ
و ذا فشبّه به و علّل وزده إن شئت دون حجر
و من يقل جاءنا كباءأو ك «على» جاءنا بنكر (10)
8. إذا:
الفرق بين «إذا» لشرط و التي لفجاءة من أوجه لا تجهل
طلب التي للشّرط فعلا بعدها وجوابها و أتت لما يستقبل
و تضاف للجمل التي من بعدها و تكون في صدر المقالة أوّل (11)
و نرى أوجه بين صنيعه هنا، و ما سنذكره من أنظام الشناقطة على هذا المنوال، كما نستعرض بعض آرائه التي أوردها ابن غازي في إتحافه.
ص350
______________________
(1) راجع علي عبود الساهي، المرادي و كتابه توضيح مقاصد الألفية ص 103.
(2) الجني الداني في حروف المعاني: (مقدمة التحقيق) :4-5 ط 2 و 3، منشورات دار الآفاق بيروت.
(3) المصدر نفسه: المصدر نفسه:215.
(4) الجني الداني في حروف المعاني 227.
(5) المصدر نفسه:174.
(6) المصدر نفسه:108- 109.
(8) المصدر نفسه:56.
(9) المصدر نفسه:77-78.
(10) الجني الداني في حروف المعاني:95.
(11) المصدر نفسه:374.
الاكثر قراءة في أهم نحاة المدرسة المصرية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة