المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17738 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

نظام الهاسب (نظام تحليل المخاطر ونقاط التحكم الحرجة) HACCP
15-11-2018
حساسية للقواقع Snails Allergy
13-2-2020
تخليق الأعضاء Organogenesis
12-6-2019
اواني خزن الحبوب
7-2-2016
الجبر و الاختيار
6-08-2015
David Rees
25-12-2017


تفسير الآية (3-4) من سورة يونس  
  
14647   02:17 صباحاً   التاريخ: 25-1-2020
المؤلف : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الياء / سورة يونس /

 

قال تعالى { إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ( 3 ) إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ والَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ } سورة يونس (3-4)
 
تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هاتين الآيتين (1) :
{ إِنَّ رَبَّكُمُ }أي: خالقكم ومنشئكم ومالك تدبيركم وتصريفكم من أمره ونهيه والذي يجب عليكم عبادته { اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والأَرْضَ }أي: اخترعهما وأنشأهما على ما فيهما من عجائب الصنعة وبدائع الحكمة { فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } بلا زيادة ونقصان مع قدرته على إنشائهما دفعة واحدة والوجه فيه أن في ذلك مصلحة للملائكة وعبرة لهم ولغيرهم إذا أخبروا عن ذلك وكذلك تصريف الإنسان حالا بعد حال وإخراج الثمار والأزهار شيئا بعد شيء مع قدرته على ذلك في أقل من لمح البصر لأن ذلك أبعد من توهم الاتفاق فيه { ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ } مر تفسيره في سورة الأعراف وقيل إن العرش المذكور هنا هو السماوات والأرض لأنهن من بنائه والعرش البناء وأما العرش المعظم الذي تعبد الله سبحانه الملائكة بالحفوف به والإعظام له وعناه بقوله الذين يحملون العرش ومن حوله فهو غير هذا وقيل: إن ثم هنا بمعنى الواو وقيل: إن ثم دخل على التدبير وتقديره أي ثم استوى عليه بإنشاء التدبير من جهته كما يستوي الملك على سرير ملكه بالاستيلاء على تدبيره فإن تدبير الأمور كلها ينزل من عند العرش ولهذا ترفع الأيدي في دعاء الحوائج نحو العرش { يُدَبِّرُ الأَمْرَ } أي: يقدر وينفذه على وجهه ويرتبه على مراتبه على أحكام عواقبه وهو مأخوذ من الدبور { ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ }إنما قال هذا وإن لم يجر ذكر للشفعاء لأن الكفار كانوا يقولون الأصنام شفعاؤنا عند الله فبين سبحانه أن الشفيع إنما يشفع عنده إذا أذن له في الشفاعة وإذا كانت الأصنام لا تعقل فكيف تكون شافعة مع أنه لا يشفع عنده أحد من الملائكة والنبيين إلا بإذنه وأمره { ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ }أي: إن الموصوف بهذه الصفات هو إلهكم { فَاعْبُدُوهُ } وحده لأنه لا إله لكم سواه ولا يستحق هذه الصفات غيره ولا تعبدوا الأصنام { أَفَلا تَذَكَّرُونَ } حثهم سبحانه على التذكر والتفكر فيما أخبرهم به وعلى تعرف صحته.
 { إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً }المرجع يحتمل معنيين ( أحدهما ) أن يكونا بمعنى المصدر الذي هو الرجوع  ( والآخر ) أن يكون بمعنى موضع الرجوع أي: إليه موضع رجوعكم يكون إذا شاء { وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا }أي: وعد الله تعالى ذلك عباده وعدا حقا صدقا { إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ }أي: يبتدىء الخلق ابتداء ثم يعيدهم بعد موتهم { لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ }أي: ليؤتيهم جزاء أعمالهم { بِالْقِسْطِ }أي: بالعدل لا ينقص من أجورهم شيئا { والَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ }أي: ماء حار قد انتهى حره في النار { وعَذابٌ أَلِيمٌ } وجميع { بِما كانُوا يَكْفُرُونَ }أي: جزاء على كفرهم .
____________________
  1. تفسير مجمع البيان ، الطبرسي ، ج5، ص155-156
 
تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هاتين الآيتين (1) :
{ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ } . ان أيام اللَّه تعالى ليست كأيامنا هذه ، ومن أين تأتي الأيام قبل ان يوجد الكون ؟ . إذن ، فالمراد بالأيام هنا الدفعات أو الأطوار ، اما العرش فالمراد به الاستيلاء ، وتقدمت هذه الآية مع تفسيرها في سورة الأعراف الآية 54 .
{ ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ } هذا كقوله تعالى : { مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ - 255 البقرة }، وتفسيره في ج 1 ص 394 .
{ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ } لأنه هو الذي يستحق العبادة ، اما المال والأنساب والسلطان فليست بآلهة تعبد ، ولا قوة يخضع لها { أَفَلا تَذَكَّرُونَ } أي أفلا تعقلون بأن اللَّه وحده هو الجدير بالطاعة والعبادة .الحساب والجزاء حتم :
{ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ }. ان مسألة بداية الخلق وإعادته هي إحدى المشكلات الفلسفية الكبرى . . فبعض الناس يقولون :
ان الكون وجد من تلقاء نفسه ومن غير موجد . . وهؤلاء أشبه بمن رأى كلاما مكتوبا ، فقال : انه وجد صدفة ، لا لشيء الا لأنه لم ير الكاتب رأي العين .
ان الذي خطَّ سطور الكون أعظم  بكثير من الذي خط حبرا على ورق ، والعيون أحقر من أن تراه ، ورأته العقول من الطرق التي تؤدي حتما إلى الايمان . . وقد وضعنا في هذه الطرق كتابين : « اللَّه والعقل » و « وفلسفة المبدأ والمعاد » ، ولخصنا بعضها في ج 1 ص 59 وج 2 ص 230 من هذا التفسير .
اما بعث الأموات وإعادتهم ثانية للحساب والجزاء فقد نزل به الوحي ، ولا يأباه العقل فوجب التصديق والايمان به .
وقد بيّن سبحانه الحكمة من إعادة الموتى بقوله : { لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ والَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ }. أقدر اللَّه سبحانه الإنسان على الفعل ، ومنحه عقلا يميز به بين الخير والشر ، ونهاه عن هذا ، وأمره بذاك ، فأطاعه من أطاع ، وعصاه من عصى ، ثم مضى كل إلى حفرته ، دون ان يثاب المطيع ويعاقب العاصي ، بل إن كثيرا من العصاة طغوا وبغوا ، وملأوا الأرض ظلما وجورا ، ولم يحاسبهم محاسب ، ويسألهم سائل ، فإن افترض انه لا بعث ولا حساب غدا فمعنى هذا ان الظالم والمظلوم ، والمؤمن والكافر عند اللَّه سواء ، بل الكافر به خير وأفضل عنده من المؤمن ، والطاغية المفسد أكرم على اللَّه ممن استشهد في سبيل مرضاته . .
ولا شك في أن هذا يتنافى مع عدل اللَّه وحكمته وقدرته، بل ومع وجوده. .
تعالى اللَّه عن ذلك علوا كبيرا. . وقد رأينا كثيرا من المظلومين يصرخون من الأعماق قائلين: لو كان اللَّه موجودا لما أبقى طاغية على وجه الأرض . . وليس هذا القول الا انعكاسا عن غريزة الايمان بوجود عادل قادر يقتص للمظلوم من الظالم ، ولكنهم تعجلوا القصاص لحرقة الألم ، وذهلوا عن فطرتهم التي فطرهم اللَّه ( 2) فقالوا ما قالوا .
كتبت في اثبات البعث والحساب والجزاء مؤلفات ومقالات وعند تفسير الآيات المتصلة بذلك ، وتعيدني إليه الآن الآية التي أفسرها ، وقد أوحت إليّ بأن أقوى الأدلة على ثبوت البعث قوله تعالى : { الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهً سَرِيعُ الْحِسابِ - 17 غافر }. وهي بمعنى الآية التي نفسرها ، ولكنها أوضح . . انها تحمل برهانها معها ، وتدل على نفسها بنفسها . . اليوم تجزى كل نفس بما كسبت . ولما ذا ؟ لأنه لا ظلم عند اللَّه ، بل هو سريع الحساب . والتحليل العقلي لهذه القضية انه لولا هذا اليوم الذي تجزى فيه كل نفس بما كسبت لكان اللَّه ظالما ، ووجوده نقمة ، وتكليفه عبثا . . سبحانه وتعالى عما يصفون . . والنتيجة الحتمية لهذا المنطق ان كل من أنكر البعث والحساب والجزاء فقد أنكر وجود اللَّه من حيث يريد أو لا يريد .
___________________
1- تفسير الكاشف ، محمد جواد مغنيه ، ج4 ، ص132-133.
2 - انظر تفسير الآية 41 من الأنعام ، فقرة « اللَّه والفطرة »
 
تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هاتين الآيتين (1) :
فقوله: { إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ } إلخ، شروع في بيان الجهة الأولى وهي أن ما يدعوكم إليه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مما يعلمكم القرآن حق لا ريب فيه ويجب عليكم أن تتبعوه.
والمعنى: أن ربكم معاشر الناس هو الله الذي خلق هذا العالم المشهود كله سماواته وأرضه في ستة أيام ثم استوى على عرش قدرته وقام مقام التدبير الذي إليه ينتهي كل تدبير وإدارة فشرع يدبر أمر العالم، وإذا انتهى إليه كل تدبير من دون الاستعانة بمعين أوالاعتضاد بأعضاد لم يكن لشيء من الأشياء أن يتوسط في تدبير أمر من الأمور - وهو الشفاعة - إلا من بعد إذنه تعالى فهو سبحانه هو السبب الأصلي الذي لا سبب بالأصالة دونه، ومن دونه من الأسباب أسباب بتسبيبه وشفعاء من بعد إذنه.
وإذا كان كذلك كان الله تعالى هو ربكم الذي يدبر أمركم لا غيره مما اتخذتموها أربابا من دون الله وشفعاء عنده وهو المراد بقوله: { ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ } أي هلا انتقلتم انتقالا فكريا إلى ما يستنير به أن الله هو ربكم لا رب غيره بالتأمل في معنى الألوهية والخلقة والتدبير.
وقد تقدم الكلام في معنى العرش والشفاعة والإذن وغير ذلك في ذيل قوله: { إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ:} الأعراف: - 54 في الجزء الثامن من الكتاب.
قوله تعالى: { إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا } تذكير بالمعاد بعد التذكير بالمبدإ، وقوله: { وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا } من قيام المفعول المطلق مقام فعله والمعنى: وعده الله وعدا حقا.
والحق هو الخبر الذي له أصل في الواقع يطابق الخبر فكون وعده تعالى بالمعاد حقا معناه كون الخلقة الإلهية بنحو لا تتم خلقة إلا برجوع الأشياء - ومن جملتها الإنسان - إليه تعالى وذلك كالحجر الهابط من السماء فإنه يعد بحركته السقوط على الأرض فإن حركته سنخ أمر لا يتم إلا بالاقتراب التدريجي من الأرض والسقوط والاستقرار عليها، والأشياء على حال كدح إلى ربها حتى تلاقيه، قال تعالى: {يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه:} الانشقاق: - 6 فافهم ذلك.
قوله تعالى: { إنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ } إلخ تأكيد لقوله: { إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا} وتفصيل لإجمال ما يتضمنه من معنى الرجوع والمعاد.
ويمكن أن يكون في مقام التعليل لما تقدمه من قوله: { إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ } إلخ أشير به إلى حجتين من الحجج المستعملة في القرآن لإثبات المعاد: أما قوله: { إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } فلأن الجاري من سنة الله سبحانه أنه يفيض الوجود على ما يخلقه من شيء ويمده من رحمته بما تتم له به الخلقة فيوجد ويعيش ويتنعم برحمة منه تعالى ما دام موجودا حتى ينتهي إلى أجل معدود.
وليس انتهاؤه إلى أجله المعدود المضروب له فناء منه وبطلانا للرحمة الإلهية التي كان بها وجوده وبقاؤه وسائر ما يلحق بذلك من حياة وقدرة وعلم ونحوذلك بل بقبضه تعالى ما بسطه عليه من الرحمة فإن ما أفاضه الله عليه من عنده هو وجهه تعالى ولن يهلك وجهه.
فنفاد وجود الأشياء وانتهائها إلى أجلها ليس فناء منها وبطلانا لها على ما نتوهمه بل رجوعا وعودا منها إلى عنده وقد كانت نزلت من عنده، وما عند الله باق فلم يكن إلا بسطا ثم قبضا فالله سبحانه يبدأ الأشياء ببسط الرحمة ويعيدها إليه بقبضها وهو المعاد الموعود.
وأما قوله: { لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ } إلخ فإن الحجة فيه أن العدل والقسط الإلهي - وهو من صفات فعله - يأبى أن يستوي عنده من خضع له بالإيمان به وعمل صالحا ومن استكبر عليه وكفر به وبآياته، والطائفتان لا يحس بينهما بفرق في الدنيا فإنما السيطرة فيها للأسباب الكونية بحسب ما تنفع وتضر بإذن الله.
فلا يبقى إلا أن يفرق الله بينهما بعدله بعد إرجاعهما إليه فيجزي المؤمنين المحسنين جزاء حسنا والكفار المسيئين جزاء سيئا من جهة ما يتلذذون به أو يتألمون.
فالحجة معتمدة على تمايز الفريقين بالإيمان والعمل الصالح وبالكفر وعلى قوله: }بالقسط هذا، وقوله: { لِيَجْزِيَ } متعلق بقوله: { إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا } على ظاهر التقرير.
ويمكن أن يكون قوله: { لِيَجْزِيَ } إلخ متعلقا بقوله: { ثُمَّ يُعِيدُهُ } ويكون الكلام مسوقا للتعليل وإشارة إلى حجة واحدة وهي الحجة الثانية المذكورة، والأقرب من جهة اللفظ هو الأخير.
___________________
  1. تفسير الميزان ، الطباطبائي ، ج10، ص8-10.
 
تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هاتين الآيتين (1) :
معرفة الله والمعاد:
بعد أن أشار القرآن الكريم إِلى مسألة الوحي والنّبوة في بداية هذه السورة، انتقل في حديثه إِلى أصلين أساسيين في تعليمات وتشريعات جميع الأنبياء، ألا وهما المبدأ والمعاد، وبيّن هذين الأصلين ضمن عبارات قصيرة في هاتين الآيتين.
فيقول أوّلا: { إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ }. وكما أشرنا سابقاً، فإِنّ كلمة (يوم) في لغة العرب، وما يعادلها في سائر اللغات، تستعمل في كثير من الموارد بمعنى المرحلة، كما نقول: في يوم ما كان الإِستبداد يحكم بلادنا، أمّا اليوم فهي في ظل الثورة الاسلامية تنعم الحرية، ويعني أن مرحلة الإِستبداد قد إنتهت وجاءت مرحلة استقلال الشعب وحريته(2).
وعلى هذا فإِنّ مفهوم الجملة أعلاه يكون: إِنّ الله سبحانه قد خلق السماء والأرض في ستة مراحل، ولما كنّا قد تحدثنا عن هذه المراحل الستة سابقاً، فإِنّنا لا نكرر الكلام هنا(3).
ثمّ تضيف الآية: { ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ}. كلمة «العرش» تأتي أحياناً بمعنى السقف، وأحياناً بمعنى الشيء الذي له سقف، وتارةً بمعنى الأسرّة المرتفعة، هذا هو المعنى الأصلي لها، أمّا معناها المجازي فهو القدرة، كما نقول: فلان تربع على العرش، أو تحطمت قوائم عرشه، أو أنزلوه من العرش، فكلها كناية عن تسلم القدرة أو فقدانها، في الوقت الذي يمكن أن لايكون للعرش أو الكرسي وجود في الواقع أصلا، ولهذا فإِنّ { اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } تعني أنّ الله سبحانه قد أمسك بزمام أُمور العالم(4).
«التدبر» من مادة (التدبير) وفي الأصل من (دبر) بمعنى الخلف وعاقبة الشيء، وعلى هذا فإِنّ معنى التدبير هو التحقق من عواقب الأعمال، وتقييم المنافع، ثمّ العمل طبق ذلك التقييم. إِذن، وبعد أن تبيّن أنّ الخالق والموجد هو الله سبحانه، اتّضح أنّ الأصنام، ـ هذه الموجودات الميتة والعاجزة ـ لايمكن أن يكون لها أي تأثير في مصير البشر، ولهذا قالت الآية في الجملة التالية: { مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ }(5).
وتتحدث الآية التالية ـ كما أشرنا ـ عن المعاد، وتبيّن في جمل قصار أصل مسألة المعاد، والدليل عليها، والهدف منها!.
فتقول أوّلا: { إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا } وبعد الإِستناد إِلى هذه المسألة المهمّة والتأكيد عليها تضيف: { وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا } ثمّ تشير إِلى الدليل على ذلك بقولها: {إِنّه يبدأ الخلق ثمّ يعيده} أي إِنّ هؤلاء الذي يشكّون في المعاد يجب عليهم أن ينظروا إِلى بدء الخلق، فإِنّ من أوجد العالم في البداية يستطيع أن يعيده من جديد. وقد مر بيان هذا الإِستدلال بصورة أُخرى في الآية (29) من سورة الأعراف ضمن جملة قصيرة تقول: { كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ } وقد سبق شرح ذلك في تفسير سورة الأعراف.
إِنّ الآيات المرتبطة بالمعاد في القرآن توضح أنّ العلة الأساسية في تشكيك وتردد المشركين والمخالفين، هي أنّهم كانوا يشكون في إِمكان حدوث مثل هذا الشيء، وكانوا يسألون بتعجب بأنّ هذه العظام النخرة التي تحولت إِلى تراب، كيف يمكن أن تعود لها الحياة وترجع إِلى حالتها الأُولى؟ ولهذا نرى أنّ القرآن قد وضع إِصبعه على مسألة الإِمكان هذه ويقول: لا تنسوا أن الذي يبعث الوجود من جديد، ويحيي الموتى هو نفسه الذي أوجد الخلق في البداية.
ثمّ تبيّن الهدف من المعاد بأنّه لمكافأة المؤمنين على جميع أعمالهم الصالحة حيث لا تخفى على الله سبحانه مهما صغرت: { لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ }أمّا أُولئك الذين اختاروا طريق الكفر والإِنكار، ولم تكن لديهم أعمال صالحة ـ لأنّ الإِعتقاد الصالح أساس العمل الصالح ـ فإِنّ العذاب الأليم وأنواع العقوبات بانتظارهم: { وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ }.
_________________
1- تفسير الامثل ، مكارم الشيرازي ،ج5 ، ص426-428.
2- من أجل مزيد التوضيح، وذكر الأمثلة في هذا المجال راجع ذيل الآية (54) من سورة الأعراف.
3-  المصدر السّابق.
4-  لمزيد التوضيح والإِطلاع على معاني العرش المختلفة، راجع تفسير الآية (54) من سورة الأعراف و (255) من سورة البقرة.
5-  لقد أوضحنا توضيحاً كافياً مسألة الشفاعة المهمّة في المجلد الأوّل في تفسير الآية (47) من سورة البقرة.



وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .