المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27

The semiconductor revolution
4-5-2021
Square Line Picking
13-2-2020
القياس الاقترانيّ والاستثنائيّ
1-07-2015
الاشتقاق
19-7-2016
الشك في الركعات
7-2-2017
Scleroglucan
5-1-2020


الروايات المجموعة  
  
2555   01:45 صباحاً   التاريخ: 5-12-2019
المؤلف : ناصر الدين الأسد
الكتاب أو المصدر : مصادر الشعر الجاهلي
الجزء والصفحة : ص :500-514ج1
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الجاهلي /

 

الروايات المجموعة :

يختلف هذا الضرب عن في أنه يقدم لنا رواية واحدة مستقلة قائمة بنفسها واضحة المعالم. وقد بقي لنا من هذا الضرب ثلاثة نسخ:

(1/500)

1- نسخة الطوسي:

وفي تسميتنا لها بنسخة الطوسي شيء من التجاوز، وذلك لأن هذه النسخة -وهي مكتوبة في سنة 403هـ، وعدد أوراقها 104، ومحفوظة في مكتبة لاله لي في تركيا، ومصورة على ميكروفيلم في معهد إحياء المخطوطات العربية بجامعة الدول العربية- قد جمعها جامع مجهول ليس في النسخة ما يدل عليه.

وقد عثر -فيما يبدو- على نسخة الطوسي فجعلها الأصل الذي اعتمد عليه في نسخته، ثم أضاف إلى نسخته بعد ذلك ستًّا وعشرين قصيدة ومقطعة مما لم يذكره الطوسي في نسخته، وقد ميز بين نسخة الطوسي وما أضافه هو من الشعر بقوله: "تمت نسخة أبي الحسن الطوسي من القديم الصحيح والمنحول، ومما كتبناه عن غيره من منحول شعره، وهو المنحول الثاني: ... " ثم جعل عنوان مجموعته كلها: "ديوان امرئ القيس، رواية أبي الحسن الطوسي وأبي نصر أحمد بن حاتم عن الأصمعي عبد الملك بن قريب عن أبي عمرو الشيباني". وهو عنوان غير مستقل وصحته -فيما نرى-: "ديوان امرئ القيس رواية أبي الحسن الطوسي عن أبي عمرو الشيباني، وأبي نصر أحمد بن حاتم عن الأصمعي عبد الملك بن قريب". وقد وجدنا بعد دراسة هذه النسخة وما فيها من روايات أنها أصلًا نسخة الطوسي وروايته، وأن جامع النسخة المجهول قد علق على بعض القصائد التي وجدها في نسخة الطوسي تعليقات أخذها من نسخة أخرى رواها أحمد بن حاتم عن الأصمعي، ومع تداخل هذه التعليقات والإشارات إلا أن الفصل بين الروايتين وتمييزهما سهل.

أما نسخة الطوسي "أبو الحسن علي بن عبد الله بن سنان المتوفى في نحو سنة 250هـ" فهي قسمان، أورد في القسم الأول منهما رواية المفضل بن محمد الضبي - الكوفي "المتوفى سنة 168" لشعر امرئ القيس، وقد درسنا هذا القسم حين تحدثنا عن الأصول الكوفية لرواية ديوان امرئ القيس، ولا حاجة

(1/501)

بنا إلى إعادة هذا الحديث. وأما القسم الثاني من نسخة الطوسي فهو مختارات انتقاها من غير رواية المفضل، فقد قال بعد القصيدة الثانية والأربعين من نسخته "هذا آخر رواية المفضل، والذي يلي هذا ما رواه أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي والأصمعي" ثم يذكر سبع قصائد. ويبدو أن في هذه الجملة التي أنهى بها رواية المفضل نقصًا لا بد من إثباته حتى يستقيم الكلام مع رواية القصائد السبع التالية. وذلك لأن ثلاث قصائد فقط من هذه السبع رواها الأصمعي حقًّا، أما الأربع الأخرى فلم ترد في رواية الأصمعي، وإنما ذكر اثنتين منها الأعلم في نسخته بعد أن أورد رواية الأصمعي لشعر امرئ القيس، ونص على أن هاتين القصيدتين -مع قصائد أخرى ذكرها- هما من القصائد المتخيرات مما لم يرو أبو حاتم عن الأصمعي، وإنما "مما روى أبو عمرو والمفضل وغيرهما ... "، وإذ قد نص الطوسي في نسخته، وكذلك الأعلم في نسخته، على أن إحدى هاتين القصيدتين وهي: "جزعت ولم أجزع من البين مجزعًا" من رواية أبي عمرو الشيباني، فلعل هذه القصائد الأربع الأخيرة -من القصائد السبع التي أوردها الطوسي في نسخته من غير رواية المفضل- هي من رواية بعض الكوفيين، أو لعلها مما روى أبو عمرو الشيباني ذاته. ومن أجل هذا قلنا إن في عبارة الطوسي التي أنهى بها رواية المفضل نقصًا، ونرى أن هذه العبارة تكمل وتستقيم مع رواية القصائد التالية لو أضفنا إليها كلمة "وغيرهما" فتصبح عبارته "هذا آخر رواية المفضل، والذي يلي هذا ما رواه أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي والأصمعي وغيرهما".

2- نسخة عاصم:

هو الوزير أبو بكر عاصم بن أيوب البطليوسي البلوي النحوي، المتوفى في سنة 464هـ. ونسخته من ديوان امرئ القيس جزء من مجموعته لدواوين الشعراء الستة: امرئ القيس والنابغة وعلقمة وزهير وطرفة وعنترة. وهذه المجموعة.

(1/502)

قد وصلتنا كاملة، ومخطوطاتها موجودة في بعض المكتبات، ومنها مخطوطة في مكتبة فيض الله بتركيا صورها على ميكروفيلم معهد إحياء المخطوطات العربية.

أما ديوان امرئ القيس وحده من هذه المجموعة فقد طبع عدة طبعات: طبع في تونس سنة 1282هـ، وطبع في القاهرة بمطبعة هندية مرتين: سنة 1906م وسنة 1928م. وسنتحدث عن شعر الشعراء الستة وعن نسخة عاصم من شعر امرئ القيس، حين نتحدث عن نسخة الأعلم فإن النسختين: نسخة عاصم والأعلم، قد اتخذتا من رواية الأصمعي لشعر امرئ القيس أصلًا اعتمدناه، وقد اتفقت النسختان في هذا القسم من الشعر، غير أن الأعلم اختار بعد ذلك ست قصائد من غير رواية الأصمعي، بينما لم يختر عاصم إلا قصيدة واحدة من رواية المفضل وأبي عمرو الشيباني بدأ بها الديوان هي "أحار بن عمرو كأني خمر"، ثم أورد القصائد التي أوردها الأعلم من رواية الأصمعي غير أن في ترتيب بعض القصائد اختلافًا. ثم إن الأعلم نص على أن ما أورده هو من رواية الأصمعي، وميز بين هذه الرواية ورواية غيره، ولكن عاصمًا لم يشر إلى رواية الأصمعي بل لم يُعنَ بالرواية جملةً. وسبب هذا الاتفاق بينهما أنهما أخذا عمن أخذ عن أبي علي القالي على ما سنبينه حين نتحدث عن الأعلم.

وقد ذكر الوزير أبو بكر عاصم أنه اطلع على نسخة لهذا الديوان قوبلت بنسخة أبي علي(1)، وأشار في موطن آخر -في معرض حديثه عن لفظ- إلى أنه وجده في النسخة الصحيحة(2)، فلعله يقصد نسخة أبي علي أيضًا.

3- نسخة الأعلم:

هو العالم اللغوي يوسف بن سليمان بن عيسى الشنتمري، أبو الحجاج الأعلم، المتوفى سنة 476هـ. وله هذه المجموعة الشعرية التي تشتمل على دواوين الشعراء الستة الذين ذكرناهم، ومنها نسخ كثيرة في مكتبات العالم: ففي مكتبة باريس

(1/503)

مخطوطتان هما رقم 1424 و 1425، وقد اعتمدهما دي سلان أصلًا في طبعته لديوان امرئ القيس التي طبعت في باريس سنة 1836-1837م، وسماها "نزهة ذوي الكيس وتحفة الأدباء في قصائد امرئ القيس"، وكذلك اعتمدها أهلوارد أصلًا في طبعته لدواوين الشعراء الخمسة -عدا امرأ القيس- التي طبعت في لندن سنة 1870 وسماها "العقد الثمين في دواوين الشعراء الستة الجاهليين". وقد وصفهما دي سلان وأهلوارد في مقدمتيهما وصفًا مفصلًا.

وكتبت أولاهما سنة 571، وثانيتهما في القرن الحادي عشر الهجري. وفي مكتبة غوطة مخطوطة أخرى رقمها 547 وصفها أهلوارد ورجع إليها. وفي دار الكتب المصرية مخطوطتان من هذه المجموعة الأولى رقمها 450 تيمور وكتبت سنة 1268هـ، والثانية رقمها 81 ش. وقد اتبع الأعلم في جميع دواوين مجموعته خطة واحدة، فكان يبدأ في كل ديوان برواية الأصمعي حتى إذا استوفاها نص على انتهائها وميز آخرها، ثم يذكر قصائد يختارها من رواية الكوفيين لشعر ذلك الشاعر، قد ذكر خطته هذه ذكرًا واضحًا في مقدمته، قال(3): "واعتمدت فيما جلبته من هذه الأشعار على أصح رواياتها وأوضح طرقاتها، وهي رواية عبد الملك بن قريب الأصمعي، لتواطؤ الناس عليها واعتيادهم لها، واتفاق الجمهور على تفضيلها. وأتبعت ما صح من رواياته قصائد متخيرة من رواية غيره، وشرحت جميع ذلك شرحًا يقتضي تفسير جميع غريبه، وتبيين معانيه وما غمض من إعرابه ... ".

أما سبب اختيار هؤلاء الشعراء الستة بذواتهم فقد أشار إليه الأعلم كذلك في مقدمته قال " ... رأيت أن أجمع من أشعار العرب ديوانًا يعين على التصرف في جملة المنظوم والمنثور، وأن أقتصر على القليل، إذ كان شعر العرب كله متشابه الأغراض، متجانس المعاني والألفاظ، وأن أوثر بذلك من الشعر ما أجمع الرواة على تفضيله، وإيثار الناس استعماله على غيره ... " وقد بحث

 (1/504)

ذلك أيضًا أهلوارد في مقدمته، فذهب إلى أن اختيار هؤلاء الستة يعود إلى ثلاثة أمور(4): قيمة شعرهم الفنية، وكثرة قصائدهم وطولها إذا قيست بقصائد معاصريهم، وعنايتهم بالحوادث ذات الذكريات المجيدة وبالأشخاص ذوي المكانة التاريخية السامية، فلم تطغ على شعرهم وحياتهم الحوادث المحلية الصغيرة كما طغت على حياة الشعراء الذين سبقوهم أو عاصروهم.

أما رواية الأعلم لهذه الدواوين فهي متصلة السند إلى الأصمعي نفسه، وقد ذكر ابن خير الأموي إسناد هذه الرواية في فهرسته(5) فقال: "كتاب الأشعار الستة الجاهلية شرح الأستاذ أبي الحجاج يوسف بن سليمان النحوي الأعلم، رحمه الله حدثني بها أيضًا قراءة مني عليه لها ولشرحها: الوزير أبو بكر محمد بن عبد الغني بن عمر بن فندلة رحمه الله عن الأستاذ أبي الحجاج الأعلم مؤلفه رحمه الله يرويها الأستاذ أبو الحجاج الأعلم المذكور، عن الوزير أبي سهل بن يونس بن أحمد الحراني، عن شيوخه أبي مروان عبيد الله بن فرج الطوطالقي وأبي الحجاج يوسف بن فضالة وأبي عمر بن أبي الحباب، كلهم يرويها عن أبي علي القالي، عن أبي بكر بن دريد، عن أبي حاتم، عن الأصمعي رحمه الله.

أما نسخة الأعلم من ديوان امرئ القيس -وهو أول دواوين هذه المجموعة -فتضم أربعًا وثلاثين قصيدة ومقطعة جعلها قسمين، الأول: ما رواه أبو سعيد عبد الملك بن قريب الأصمعي، وهي ثمان وعشرون قصيدة ومقطعة استثنينا منها واحدة، وهي "ألا إلا تكن إبل فمعزى"، وذلك لأن الأعلم نفسه ذكر أن الأصمعي كان يقول: "امرؤ القيس ملك ولا أراه يقول هذا، فكأن الأصمعي أنكرها". ولأن الوزير أبا بكر عاصم بن أيوب ذكر حين أورد هذه المقطعة أن الأصمعي قال(6): "امرؤ القيس لا يقول مثل هذا، وأحسبه للحطيئة".

 (1/505)

فرأينا أن قول الأصمعي يسقط هذه الأبيات من جملة ما رواه له، ويسلكها في عداد الأبيات والقصائد التي كان يشرحها، ولكنه ينص على أنها ليست لامرئ القيس وبذلك تكون رواية الأصمعي لشعر امرئ القيس سبعًا وعشرين قصيدة فقط، قال في ختامها: "قال أبو حاتم: هذا آخر ما صحح الأصمعي من شعر امرئ القيس، والناس يحملون عليه شعرًا كثيرًا وليس له، إنما هو لصعاليك كانوا معه" ثم قال: "كملت رواية أبي حاتم عن الأصمعي والحمد لله". أما القسم الثاني من نسخة الأعلم فيشتمل عن ست قصائد اختارها من رواية الكوفيين، ونص في ثلاث منها على أنها مما روى أبو عمرو الشيباني. وقد قدم لهذا القسم بقوله "قال أبو الحجاج يوسف بن سليمان: ونذكر قصائد متخيرات مما لم يرو أبو حاتم ... "، وقد ذكر الطوسي في نسخته أربعًا من هذه القصائد من رواية المفضل، ثم ذكر اثنتين من رواية غيره من الكوفيين.

رواية الأصمعي والمفضل:

رأينا من كل ما قدمنا من حديث عن نسخ ديوان امرئ القيس ورواياته أن الأصلين الأوليين والمصدرين الرئيسيين اللذين اعتمدت عليهما هذه النسخ هما: رواية الأصمعي البصري ورواية المفضل الكوفي، وأن ما جاء في بعض النسخ من القصائد الزائدة على هاتين الروايتين مما جمعه بعض الجامعين، فقليل جدًّا منها مروي عن أبي عمرو الشيباني، أما الباقي فقد نص على كثير منه بأنه منحول لامرئ القيس، وأن صحة نسبته إلى فلان أو فلان من الشعراء. ومن أجل هذه سنقصر حديثنا الآن على هاتين الروايتين، وبيان مصادرهما، ووصف طبيعتهما، ثم نعقب بذكر مطالع القصائد التي رواها الأصمعي، أولًا، والتي رواها المفضل ثانيًا، ونذكر في كل مطلع النسخ الأخرى التي ترد فيها هذه القصيدة.

(1/506)

مصادر الروايتين:

فإذا كانت نسخ ديوان امرئ القيس المسندة تنتهي روايتها -كما رأينا- عند الأصمعي البصري، وعند المفضل الكوفي، فمن أين انحدرت إليهما قصائد هذا الديوان؟ وكيف وصلهما هذا الشعر الذي حُفظ لنا في روايتهما؟

أما الأصمعي فيبدو أن طريقنا إلى معرفة مصادره أوضح من طريقنا إلى معرفة مصادر المفضل؛ لأن الأصمعي قد نص على هذا الطريق وكشف لنا عن تلك المصادر، وذلك أن أبا حاتم قال(7): "قال الأصمعي: كل شيء في أيدينا من شعر امرئ القيس فهو عن حماد الراوية، إلا نتفًا سمعتها من الأعراب وأبي عمرو بن العلاء". فقد استقى الأصمعي إذن شعر امرئ القيس من ثلاثة مصادر: حماد، وهو المصدر الأكبر، والأعراب، وأبي عمرو بن العلاء.

فإذا كان ذلك صحيحًا -وليس بين أيدينا ما يدفعه- فعلينا أن نقبله جملة كما هو، إذ من العسير أن نعرف القصائد التي استقاها من كل مصدر من هذه المصادر الثلاثة. ومع ذلك فقد بقيت لنا بعض الإشارات التي تؤيد هذا القول، وذلك أن الأصمعي يشير في روايته المحفوظة في نسخة الأعلم إلى أبي عمرو بن العلاء في موضعين، الأول: حين روى عنه قصيدة امرئ القيس التي مطلعها:

ديمة هطلاء فيها وطف ... طبق الأرض تحرى وتدر

فقد ذكر الأصمعي أن أبا عمرو بن العلاء أخذ هذه القصيدة من ذي الرمة. والموضع الثاني: حينما روى عنه أيضًا خبر منازعة امرئ القيس والتوأم اليشكري وأنصاف أبياتهما. وفي نسخة الطوسي يشير الأصمعي أيضًا إلى أبي عمرو بن العلاء في معرض حديثه عن القصيدة التي نسبها المفضل الضبي وأبو عمرو الشيباني وغيرهما من الكوفيين إلى امرئ القيس ومطلعها:

أحار بن عمرو كأني خمر ... ويعدو على المرء ما يأتمر.

 (1/507)

فقد أنكرها الأصمعي وقال: "أنشدنيها أبو عمرو بن العلاء لرجل من النمر بن قاسط يقال له ربيعة بن جشم". وأشار الأصمعي أيضًا إلى بعض ما أخذه عن الأعراب من شعر امرئ القيس، فمن ذلك أن التبريزي حينما أورد بيت المعلقة:

ترى بعر الأرءام في عرصاتها ... وقيعانها كأنه حب فلفل

قال(8): "وهذا البيت وما بعده مما يزاد في هذه القصيدة"، ثم قال: "قال الأصمعي: والأعراب ترويهما".

وقد تكون ثمة إشارات أخرى -لم نعثر نحن عليها- إلى أبي عمرو بن العلاء وإلى الأعراب في رواية الأصمعي، غير أنها مع ذلك لا تعدو أن تكون أمثلة ونماذج تدعم القول الذي سقناه للأصمعي يبين فيه مصادر روايته لشعر امرئ القيس، ولكنها لا يمكن أن تبين -على وجه الحصر- ما أخذه الأصمعي عن أبي عمرو، وما أخذه عن الأعراب، ثم ما أخذه عن حماد. ومن أجل هذا قلنا قبل قليل إنه لا مفر لنا من أن نقبل قوله هذا جملة كما هو، فتكون بذلك أكثر رواية الأصمعي لشعر امرئ القيس عن حماد الراوية ثم أضاف إليها نتفًا أخذها عن أبي عمرو بن العلاء وسمعها من الأعراب.

وقد تحدثنا في الفصل الثاني من الباب الثاني عن عناية أبي عمرو بن العلاء وحماد الراوية بالتدوين والمدونات، ورجحنا أن يكون قد وصلت إليهما بعض مدونات الشعر الجاهلي من العصور التي سبقتهما، ولا نحب أن نعيد هنا ما ذكرناه هناك، غير أننا نريد أن نذكِّر بأن حمادًا كان في بيته كتابا قريش وثقيف، وأنه نظر فيهما ليستذكر ما فيهما من شعر حين استقدمه الخليفة الأموي الوليد بن يزيد(9). وأنه كان في بيته كذلك ديوان العرب، فلما أراد هذا الخليفة نفسه "أن يجمع ديوان العرب وأشعارها وأخبارها وأنسابها ولغاتها، استعار من حماد، ومن جناد بن واصل الكوفي، ما عندهما من الكتب والدواوين فدونها.

 (1/508)

عنده، ثم رد إليهما كتابهما"(10). وأن حمادًا كان عنده جزء من شعر الأنصار(11). وأن أبا حاتم السجستاني رأى بعض كتب حماد في الشعر الجاهلي فرجع إليها وأثبت ما وجده فيها زائدًا على ما جمع من الشعر وإن كان نص على أن هذه الزيادات هي من الشعر المصنوع(12).

فرواية الأصمعي لشعر امرئ القيس -حين يرتفع سندها إلى حماد الراوية وأبي عمرو بن العلاء- إنما تعتمد، بعض الشيء، على صحائف متفرقة، أو دواوين مجموعة، كانت عند هذين العالمين، وربما وصلتهما من العصور السابقة على عصرهما، فضلًا عن اعتمادها على السماع والرواية الشفهية.

غير أن الأصمعي لا يمكن أن يكون قد قبل كل ما سمعه من حماد، فإن ذلك مخالف لمنهج الأصمعي وطبيعة روايته مما سنتحدث عنه بعد قليل. إنما المرجح أن الأصمعي قد سمع ما عند حماد من شعر امرئ القيس ودوَّنه، ثم سمع ما عند شيخه أبي عمرو بن العلاء وعرض عليه بعض ما سمعه من حماد ودوَّن رواية أبي عمرو وتعليقاته، ثم دوَّن النتف التي سمعها من الأعراب، وعاد على كل ذلك بالنقد والتحقيق والتمحيص، فأسقط منه ما أسقط، ولعله كثير جدًّا، ثم دوَّن نسخته الخاصة من شعر امرئ القيس وأثبت فيها ما اطمأن هو نفسه إلى صحة نسبته إلى هذا الشاعر، وهذه النسخة هي التي حفظها لنا الأعلم والتي ذكر أبو حاتم في نهايتها أن "هذا آخر ما صحح الأصمعي من شعر امرئ القيس".

ومما يؤيد ما نذهب إليه من اتصال رواية الأصمعي بالمدونات أننا نجد الأصمعي ينكر أن تكون القصيدة جملة لامرئ القيس، وينسبها لشاعر آخر، أو يقبل القصيدة وينكر أبياتًا منها، ومع ذلك نجده يشرح هذه القصائد التي

 (1/509)

أنكرها، وتلك الأبيات التي دفعها؛ وتعليل ذلك -فيما نرجح- أن ديوان امرئ القيس قد وصل مدونًا مكتوبًا إلى عصر الأصمعي، وأن الأصمعي -وغيره من الرواة العلماء- كانوا يقرءون هذا الديوان الذي وصلهم مدونًا، أو يقرؤه عليهم بعض تلاميذهم، فيضطرون إلى التعرض لكل قصيدة في ذلك الديوان بالنقد والتعليق: يدفعون من قصائده أو أبياته ما يشكون فيها، وقد ينسبونها إلى الشاعر الذي يرجحون أنه قالها، ويثبتون منها ما يطمئنون إلى صحته، ولكنهم مع ذلك يشرحون لتلاميذهم في مجالس علمهم جميع ما في ذلك الديوان من شعر صحيح ومنحول. ومن هنا وجدنا شرحًا للأصمعي على قصائد وأبيات أنكر نسبتها لامرئ القيس.

أما المفضل الضبي فيبدو كذلك أن روايته متصلة بالمدونات التي وصلت إليه من العصور السابقة، إن المفضل قد اختار قصائده من الدواوين المدونة، واستخرجها من الكتب التي كانت في مكتبته. وإن كان يعوزنا النص الصريح على ذلك في روايته لديوان امرئ القيس ذاته، إلا أننا نحمل هذا على ذاك.

طبيعة الروايتين ومنهجهما:

وكان من نتيجة ما قام به الأصمعي من نقد وتحقيق ونحل وتمحيص لما استقاه من شعر امرئ القيس من تلك المصادر الثلاثة أن جاءت روايته لديوانه في سبع وعشرين قصيدة ومقطعة فقط، وهي أقل الروايات التي عثرنا عليها كافةً. وتعليل ذلك في هذا المنهج الذي أخذ به البصريون عامةً أنفسهم ولا سيما الأصمعي. وهو منهج يقوم -كما قدمنا في غير هذا الفصل- على التضييق في المصادر التي يستقون منها، والتحري في الرواية التي يقبلونها. وأخذ الأصمعي نفسه -في حدود هذا المنهج- بأكثر مما أخذ به البصريون عامةً

(1/510)

نفوسهم، فقد قال ابن مناذر(13): "كان الأصمعي يجيب في ثلث اللغة، وكان أبو عبيدة يجيب في نصفها، وكان أبو زيد يجيب في ثلثيها، وكان أبو مالك "عمرو بن كركرة الأعرابي" يجيب فيها كلها". وقد فسر أبو الطيب اللغوي المقصود بهذا الكلام، فقال "وإنما عنى ابن مناذر توسعهم في الرواية والفتيا؛ لأن الأصمعي كان يضيِّق ولا يجوِّز إلا أفصح اللغات، ويلح في ذلك ويمحك، وكان مع ذلك لا يجيب في القرآن وحديث النبي صلى الله عليه وسلم. فعلى هذا يزيد بعضهم على بعض".

ومع أن الكوفيين عامةً كانوا أكثر توسعًا في المصادر -على ما ذكرناه في فصل سابق- وأكثر تساهلًا وتجوزًا في قبول الروايات، غير أن المفضل بن محمد كان يأخذ نفسه بمثل المنهج البصري من التضييق والتحري، ومن أجل هذا وثقه البصريون أنفسهم وأخذوا عنه(14). وكان من نتيجة تضييقه وتحريه أن جاءت روايته لديوان امرئ القيس في أربعين قصيدة ومقطعة. وهي أكثر من رواية الأصمعي، ولكنها نقل كثيرًا عما جاء في النسخ التي جمعت روايات ديوان امرئ القيس المختلفة -وأكثرها روايات كوفية- مثل نسخة السكري ونسخة ابن النحاس.

والحق أن هذه الزيادة في رواية بعض الكوفيين لا تعني أنهم كانوا يضعون ويصنعون، أو ينحلون ويتزيدون، ونحن نقصد بطبيعة الحال الثقات منهم من أمثال: المفضل الضبي وأبي عمرو الشيباني ومحمد بن زياد الأعرابي . فلقد مر بنا توثيق البصريين أنفسهم للمفضل وأخذهم عنه، وأما أبو عمرو الشيباني فقد كان ثقة ثبتًا عند أصحاب المذهبين معًا يوثقونه جميعهم، ولم نجد لأحد طعنًا عليه في روايته أو توهينًا له؛ وأما ابن الأعرابي فكان ربيب المفضل وتلميذه وقد أخذ عنه دواوين الشعر وصحيحها، وقالوا فيه إنه "لم يكن في الكوفيين أشبه

 (1/511)

برواية البصريين منه"(15). وإنما مرد هذه الزيادة في الرواية -كما ذكرنا من قبل في مواطن متعددة- إلى اختلاف مصادر المدرستين واختلاف منهجيهما، فقد ذكرنا أن الكوفيين كانوا يأخذون عن أعراب رواة لم يكن البصريون يأخذون عنهم، وأخذ الكوفيون عن علماء وشيوخ من أهل البصرة وزادوا فأخذوا عن علماء وشيوخ لم يأخذ عنهم البصريون، ووقع بين أيدي أهل الكوفة من الصحف المدونة ما لم يقع مثله لأهل البصرة. وكان من نتيجة هذا الاختلاف في المصادر وفي المناهج أن اختلف بعض الشعر الذي رواه علماء كل من المدرستين، وأن جاء الشعر في رواية الكوفيين أكثر منه في رواية البصريين.

وكما كان البصريون ينقدون ويمحصون كان كذلك الكوفيون ينقدون ويمحصون، وكان علماء المدرستين معًا لا يقبلون كل ما يسمعون أو يقرءون، وإنما كانوا يعرضونه على محك النقد والتمحيص. حتى إن الكوفيين -على توسعهم في المصادر وتكثرهم في الرواية- أسقطوا بعض القصائد التي رواها الأصمعي لامرئ القيس وأنكروها. فلم يرو المفضل سبع قصائد ومقطعات رواها الأصمعي وإسقاطها من روايته دليل على أنه لم يعدها من شعر امرئ القيس الصحيح في رأيه، وكذلك روى الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء قصيدة لامرئ القيس مطلعها:

أماوي هل لي عندكم من معرس ... أم الصرم تختارين بالوصل نيئس

فأنكرها أبو عمرو الشيباني -أو غيره من الكوفيين- وقال إنها ليست لامرئ القيس وإنما هي لبشر بن أبي خازم(16). وكذلك أنكر الكوفيون قصيدة أخرى رواها الأصمعي وأبو عبيدة ومطلعها:

يا هند لا تنكحي بوهة ... عليه عقيقته أحسبا

 (1/512)

وقالوا إنها منحولة.

ولقد كانت كثرة رواية الكوفيين مطعنًا عليهم عند البصريين، فاتهموهم بالتكثير والتزيد، غير أننا رأينا أنها كثرة لا تكثر، وزيادة لا تزيد، وأن الثقات الأثبات من الكوفيين كانوا كالثقات الأثبات من البصريين: ينقدون ويمحصون ويتحرون، غير أن اختلاف المصدرين واختلاف المنهجين أدَّيا إلى أن يكون ما عند الكوفيين أكثر مما عند البصريين. ومع ذلك فإن ثمة أمرًا تحسبه من الوضوح والبداهة بحيث لا يحتاج إلى تفصيل في القول طويل، وهو أن توثيقنا للعلماء الرواة من الكوفيين وللعلماء الرواة من البصريين لا يعني أن كل ما يروون شعر صحيح مقطوع بصحته، لا سبيل إلى الشك فيه أو الطعن عليه. وإنما أردنا أن نؤكد تأكيدًا واضحًا أن هؤلاء العلماء الرواة لا يمكن أن يكونوا كذابين يتعمدون الكذب، ولا وضاعين يحترفون الوضع، وأن رواية هؤلاء العلماء الرواة في مجموعها رواية صحيحة أو قريبة من الصحة، وأن هؤلاء العلماء الرواة قد أفرغوا جهدهم وبذلوا أقصى طاقتهم في النقد والتمحيص حتى استقام لهم ما استقام من شعر اطمأنوا إلى صحته وفقًا لمنهجهم العلمي فرووه، ورواه عنهم تلاميذهم، حتى وصل إلينا منسوبًا إليهم، مرويًّا عنهم.

فحديثنا إذن عن الرواية في مجموعها، وأحكامنا على الرواية في جملتها، أما أجزاؤها ومفرداتها فلا بد لها من أن تخضع لنقد مفصل ذي شقين: خارجي يبحث في سند الرواية وتوثيق الرواة، وداخلي يبحث في الخصائص الفنية للشاعر ومدى تحققها في قصائده. فالأصمعي وتلميذه أبو حاتم السجستاني البصريان من جانب، والمفضل وتلميذاه أبو عمرو الشيباني وابن الأعرابي الكوفيون من جانب آخر كلهم ثقات أثبات مأمونون، مختصون في موضوعهم، لهم منهجهم في النقد والتحقيق والتمحيص، وروايتهم لديوان امرئ القيس -من أجل ذلك- رواية لها قيمتها العلمية التاريخية. ولو اتفقوا جميعًا على رواية واحدة لأخذنا بها وقبلناها، ولكن روايتهم مختلفة، تتسع رقعة الخلاف حين يكون الرواة

(1/513)

من مدرستين مختلفين، وتضيق حين يكونون من مدرسة واحدة. ومن أجل هذا الخلاف كان لا بد لنا من أن نتوقف ونتريث، ونصطنع لأنفسنا منهجًا كما اصطنعوا، ونحتكم إلى قاعدة إن لم تنته بنا إلى يقين نقطع به، فستنهي بنا إلى شبه يقين نطمئن إليه.

ونحسب أن خير منهج نملك الآن أسبابه -بعد هذه القرون التي باعدت بيننا وبين عصر الشعر الجاهلي وعصر العلماء الذين دونوه ورووه- هو أن نسلِّم بصحة ذلك القدر من الشعر الذي اتفق عليه العلماء الرواة جميعهم واشتركوا في روايته، وأن نتخذ من هذا القدر المشترك المتفق عليه أصلًا لديوان الشاعر: ندرسه دراسة دقيقة لنستشف منه روح الشاعر وخصائصه الفنية، ثم نتخذ من هذا المقياس الفني الذي نستخرجه محكًّا نعرض عليه القصائد المتفرقة التي انفرد كل راوية عالم بروايتها، فما استقام منها مع مقياسنا رجحنا صحته وضممناه إلى الديوان، وما لم يستقم رجحنا أنه مما اختلطت نسبته على ذلك الراوية العالم.

فلو طبقنا هذا المنهج على شعر امرئ القيس لوجدنا أن المفضل الكوفي والأصمعي البصري قد اتفقا معًا على رواية عشرين قصيدة ومقطعة لامرئ القيس، وهي موضحة في الثبت الملحق بهذا الفصل، ثم لوجدنا أيضًا أن هذه القصائد العشرين التي اتفق على روايتها المفضل والأصمعي قد برئت من طعن الرواة الآخرين، وأن الإجماع بذلك منعقد على صحتها. ومن هنا جاز لنا أن نتخذها أصلًا صحيحًا -أو أقرب ما يكون إلى الصحة- لديوان امرئ القيس، ثم نعود على هذه القصائد العشرين بالدراسة النقدية لنستخرج منها روح الشاعر وخصائصه الفنية، ونتخذ من ذلك مقياسًا فنيًّا نعرض عليه القصائد السبع التي انفرد بروايتها الأصمعي، والقصائد العشرين التي انفرد بروايتها المفضل، والقصائد المتفرقة القليلة التي انفرد بروايتها أبو عبيدة أو أبو عمرو الشيباني أو ابن الأعرابي، فما وجدناه منها متفقًا مع مقياسنا رجحنا صحته وأدخلناه في الديوان، وإلا شككنا فيه ودفعناه.

(1/514)

 

 

__________

(1) شرح ديوان رئيس الشعراء، ط. هندية 1906 ص135.

(2) المصدر السابق: 0107

(3) شرح الأعلم ورقة: 1.

(4) العقد الثمين - المقدمة: 2-3.

(5) فهرست ابن خير: 388.

(6) شرح ديوان امرئ القيس: 165.

(7) مراتب النحويين، ورقة 116-117، والمزهر 2: 406.

(8) شرح القصائد العشر: 7.

(9) الأغاني 6: 94.

(10) الفهرست: 134.

(11) الأغاني 6: 87.

(12) مختارات ابن الشجري: 123، 127، 136.

(13) مراتب النحويين: 67.

(14) أخبار النحويين البصريين: 56-57.

(15) طبقات النحويين واللغويين: 213.

(16) القصيدة: 44 من نسخة الطوسي.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.