المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05



التجديد  
  
1123   03:16 مساءاً   التاريخ: 24-03-2015
المؤلف : محمد الصالح السليمان
الكتاب أو المصدر : الرحلات الخيالية في الشعر العربي الحديث
الجزء والصفحة : ص92-93
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الحديث /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-03-2015 1493
التاريخ: 24-03-2015 4539
التاريخ: 15-12-2019 727
التاريخ: 24-03-2015 1623

كانت الرغبة في مجاراة العلوم الحديثة وغيرها من مستّجدات العصر حافزاً لبعض شعراء الرحلات الخياليّة إلى كتابة هذه الرحلات.

فقد كتب رشيد أيوب قصيدته ((حلم في المريخ)) كمحاولة شعرية لطرق موضوعات جديدة كتلك التي أغنتها علوم الفضاء الحديثة عن إمكانية وجود حياة على كواكب أخرى، وعلى الأخص كوكب المريخ. فسار الشاعر في هذا التيار ولكنّه سير الشاعر الراغب في تجديد قوى الروح والنفس بإضافة اكتشافات جديدة، فيقول:

 

يَقُولون في المريخ قومٌ كَشكلِنَا ... أناسٌ لهم عقْلٌ يُناجِي كَعقلِنَا

فهلْ أَصلُهم نَوعُ التَّرابِ كأَصلِنَا ... وهَل يَجهلونَ الكَائِناتِ كَجهلِنَا

وَهَلْ يَعرِفُونَ الحقَّ أمْ هو ضَائِعُ(1)

 

عندئذ يستعين الشاعر بنفسه وينطلق في رحلته الخياليّة مولّداً صوراً مثاليّة لحياة متخيلة على هذا الكوكب.

وشاعر آخر كالفراتي دفعته رغبة عارمة في التجديد إلى الرحيل خياليّاً عبر عالم الحلم، لا سيما أنّه كان قد اعتزل الناس مدّة طويلة فأحسّ في عزلته الأدبيّة بفقدان رونق الشعر من قوافيه فما عادت هذه القوافي تهزّ القلوب كما تفعل أسطر السيّاب ونازك الملائكة والقروي وغيرهم، فليس أمام الشاعر إلاّ أن يلجأ إلى عالم الحلم الذي يفسح المجال للاشعور للتعبير عن الرغبات الكامنة تحت طبقة الوعي، وقد جدّد الشاعر في قصيدته ((غرور الشباب)) شبابه ونفض عن روحه أنّات الشيخوخة ومظاهر الموت التي ترتسم عليه، ولابدّ من تجديد القديم من نفحاته لذا يقول:

 

غيرَ أنّي مَازلتُ أَذكُرُ أنّي ... عِشتُ دَهراً كَشَاعِرٍ في الفُراتِ

شَاعِراً كُنْتُ مُعْجَباً بِقَديميِ ... لا أرى للجديدِ من حَسناتِ

عَصَفتْ نخوةُ الشّبابِ بِرأسِي ... فأطارتْ ما فيهِ من نَعَراتِ

فاطّرحتُ القَديمَ من شِعريَ الغـ ... م ... ـثِّ وحتَّى الغريبَ من ((نَفَحاتي)) (2)

وكذلك يحاول الشاعر أن يثبت شاعريته وعزمه على التجديد في الشعر في ردّه على الهاتف الذي كان يطارده في قوله:

 

لَمْ تَزلْ مِن طِرازِ شِعركَ هَذا ... في نُزوعٍ إلى القَديمِ العَاتِي(3)

 

وليس الهاتف الخيالي في النهاية إلاّ تلك الرغبة الخفيّة بالتجديد التي حاصرت الفراتي في عزلته الأدبيّة والاجتماعية، فيحاول الشاعر إرضاء هذه الرغبة من نبع شعره الفيّاض إلى أن يحوز رضاها واعترافها له بأنّه شاعر الخلود، فيقول:

 

وإِذا الهَاتِفُ الأَديبُ يُنادي ... إِيهِ مرحَىَ لهذِه الآياتِ

أَنتَ في الحَقِّ شَاعِرٌ عَبْقري ... لا تُجارَى وشَاعِرُ المُعْجِزاتِ

شِاعِرُ الحُبِّ والجَمالِ لعَمرِي ... شَاعِرُ الفّنِّ شَاعِرُ النّفَثَاتِ

شاعِرٌ للخُلودِ أَنتَ وللخُلْـ ... ـدِ أَغَانِي الفِتيانِ والفَتَياتِ(4)

 

إذن فغاية الشاعر الرغبة في التجديد وإبراز علو كعبه في فنّ الشعر والقريض، ولعلّ الرحلة الخياليّة كظاهرة أدبيّة هي شكل من أشكال التجديد في الشعر العربي المعاصر تحاول إلباسه ثوباً جديداً يرفع شأنه بين الفنون الإنسانيّة.

***

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أيوب، رشيد، الأيوبيات، ص: 150.

(2) الفراتي، محمد، النفحات، ص: 301.

(3) المصدر نفسه، ص: 304.

(4) المصدر نفسه، ص: 305.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.