أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-12-2019
5812
التاريخ: 2-10-2019
669
التاريخ: 15-12-2019
1064
التاريخ: 16-12-2019
894
|
ولا تعجب إذا عددنا الوصف جديدًا عند البارودي، وإن كان قديمًا منذ أن كان الشعر العربيّ، وما من شاعر إلّا له في الوصف أبياتٌ وقصائدٌ, ولكن الجديد في وصف البارودي أنه أفرد له قصائد بعينها, ولم يأت به عرضًا في ثنايا القصائد.
(1/196)
كان يصف لمجرد الوصف، ولأن شاعريته، وحواسه المرهفة، وتذوقه الحاد للجمال, كانت تدفعه إلى قول الشعر، وإلى وصف مشاهداته لا كما هي في الطبيعة، ولكن يخرجها ملونةً بشخصيته وشعوره وأفكاره.
كان البارودي مفتونًا بالطبيعة, يرى شعرها لا ينضب منه معين الإلهام، ويرى في كل سطرٍ من هذا الشعر آيةً من آيات الجمال عليه أن يترنَّمَ بها، ويظهر محاسنها للأجيال من بعده، ويترجمها للناس حتى يعجبوا بها كما أعجب.
وديوان البارودي غاصٌّ بالموصوفات وبقصائد الوصف، وما دام الشاعر قد انصرف عن المديح, وعن أن يكون شعره مظهرًا للنفاق والخداع والاستجداء، والوقوف بأبواب الملوك والأمراء، فقد أصبح شعره طوع يده, يسجل به مشاعره الخاصة، وشعراء العربية الوصافون -أي الذين أكثروا من الوصف- قليلون؛ لأن المديح وللأسف قد ألهاهم عن قراءة محاسن الكون، ويُعَدُّ البارودي من أكثر شعراء العربية وصفًا، بل يعد في الطليعة، وشعره الوصفيّ يفخر به الشعر العربيّ, ويستطيع أن يباهي به خير ما عند الغرب من شعرٍ وصفيٍّ، وموصوفات البارودي كما ذكرنا عديدة ومنوعة، فمنها:
1- مظاهر الطبيعة، فيصف الليلة العاصفة المطيرة, ويجعلك تحس معه هزيم الرعد، وعزف الريح، وتواصل المطر وشدته، وترى سوادها ووحشتها، ويصف الليلة الحالية بالنجوم فتلمس جمالها، ويصف السحاب الممطر والبرق والرعد وأثرها في الإنسان والأرض، ويصف البحر الهائج الغاضب، والريح الزفوف تعلو بالموج فتحيله جبالًا سامقة الذرى, وتنخفض به إلى وهادٍ عميقة الأغوار، ويصف الجبل والغابة وغير ذلك.
وهو في وصف الطبيعة مصوّرٌ ماهرٌ، بل هو دقيقٌ بارعٌ في كل ما يتناول من وصف، وهو في وصف الطبيعة قد يغرب في لفظه، ويأتي بتشبيهاتٍ جديدةٍ منتزعةٍ من بيئته أحيانًا, وأحيانًا يردد معاني القدماء وأخيلتهم، استمع إليه يصف ليلةً مطيرةً حتى مطلع الفجر.
(1/197)
وليلة ذات تهتان وأندية ... كأنما البرق فيها صارم سلط(1)
لف الغمام أقاصيها ببردته ... وأنهل في حجرتيها وابل سبط(2)
بهماء لا يهتدي الساري بكوكبها ... من الغمام ولا يبدو بها نمط(3)
يكاد يجهل فيها القوم أمرهم ... لولا صهيل جياد الخيل واللغط
يطغى بها البرق أحيانًا فيزجره ... مخرنطم زجل من رعدها خمط(4)
كأنما البرق سوطٌ والحيا نجب ... يلوح في جسمها من مسه حبط(5)
كأنه صارم يرفض من علق ... بالأفق يغمد أحيانًا ويخترط(6)
مزقت جلبابها بالخيل طالعة ... مثل الحمائم في أجيادها العلط(7)
وقد تخلل خيط النور ظلمتها ... كما تخلل شعر اللمة الوخط
كأنها وصديع الفجر يصدعها ... من جانب أدهم قد مسه نبط(8)
ومربع لنسيم الفجر هيمنة ... فيه وللطير في أرجائه لغط
كأنما القطر در في جوانبه ... يكاد من صدف الأزهار يلتقط
وللنسيم خلال النبت غلغلة ... كما تغلغل وسط اللمة المشط
والريح تمحو سطورًا ثم تثبتها ... في النهر لا صحة فيها ولا غلط
وللسماء خيوط غير واهية ... تكاد تجمع بالأيدي فترتبط
كأنها وأكف الريح تضربها ... سلوك عقد تواهت فهي تنخرط
وفي هذه القطعة أبيات يسمو فيها البارودي بإحساسه وبراعة تصويره، وإدراكه للأمور الدقيقة، كوصفه النسيم وهو يتخيل النبت، أو وصفه خيوط المطر وهي نازلة، وقال يصف النجوم:
(1/198)
أرعى الكواكب في السماء كأن لي ... عند النجوم رهينة لم تدفع
زهر تألق بالفضاء كأنها ... حبب تردد في غدير مترع
وكأنها حول المجر حمائم ... بيض عكفن على جوانب مشرع
وترى الثريا في السماء كأنها ... حلقات قرط بالجمان مرصع
بيضاء ناصعة كبيض نعامة ... في جوف أدحى بأرض بلقع
وكأنها أكر توقد نورها ... بالكهرباءة في سماوة مصنع(9)
والليل مرهوب الحمية قائم ... في مسحة كالراهب المتلفع(10)
متوشحٌ بالنيرات كباسلٍ ... من نسل حامٍ، باللجين مدرع
حسب النجوم تخلفت عن أمره ... فوحى لهن من الهلال بإصبع(11)
3- ويصف مناظر الريف ويصورها تصويرًا بديعًا، فيصف القطن, والسفن في النيل, والساقية, والمزروعات, والطيور وهي تحوم على صفحة النهر, وحركات الطيور، والنحلة وهي تنتقل من زهرةٍ لزهرةٍ، كل هذا في حساسية غريبة، وشغف بالطبيعة وحب لها, كأنه يعيش معها.
فمن قوله يصف القطن:
والقطن بين ملوز ومنور ... كالغادة ازدانت بأنواع الحلى
فكأن عاقده كرات زمرد ... وكأن زاهره كواكب في الروا(12)
دبت به روح الحياة فلو وعت ... عنه القيود من الجداول قد مشى
فأصوله الدكناء تسبح في الثرى ... وفروعه الخضراء تلعب في الهوا
لم يسر فيه العقل مذهب فكرة ... محدودة إلّا تراجع بالمنى
واسمعه يصف الريف المصريّ إبَّان الربيع في أرجوزة:
والبهاء.
(1/199)
عم الحيا واستنت الجداول ... وفاضت الغدران والمناهل
وازَّيَّنَت بنورها الخمائل ... وغردت في أيكها البلابل
وشمل البقاع خير شامل ... فصفحة الأرض نبات خائل(13)
وجبهة الجو غمام حافل ... وبين هذين نسيم حائل
تندى به الأسحار والأصائل ... كأنما النبات بحر هائل
وليس إلّا الأكمات ساحل ... وشامخ الدوح سفين جافل(14)
معتدل طورًا مائل ... تهفو به الجنوب والشمائل
والباسقات الشمخ الحوامل ... مشمورة عن ساقها الذلاذل(15)
ملوية في جيدها العثاكل ... ممعقودة في رأسها الفلائل(16)
للبسر فيها قانئ وناصل ... مخب كأنه الأنامل
كأنه من ذهب قنادل ... من المرادين لها سلاسل
للمجنون بينها الأزامل ... تخالها محزونة تساءل(17)
لها دموع ذرف هوامل ... كأنها أم بنين ثاكل
في جيدها من ضفرها حبائل ... من القواديس لها جلاجل
تدور كالشهب لها منازل ... فصاعد ودافق ونازل
ففي هذه القصيدة يصور مناظر الريف تصويرًا سريعًا دون تعمق أو طويل وقوف على المشاهدات، ومعانيه قريبة، وتشبيهاته واضحة غير متكلفة، وخياله دان لا إغراب فيه ولا شرود.
ومما يدل على دقة حسه، وتدفق شعوره، وأنه مصور بارع، أن الأمور التي لا تسترعي نظرة جمهرة الناس يجد فيها ما يثير عاطفته، ويحرك شاعريته, قوله يصف طائرًا: تحرك فأيقظه من سنته، ويتبع حركاته بدقة، فأعطى صورة واضحة عنه.
(1/200)
نبأة أطلقت عيني عن سنة ... كانت حبالة طيف زارني سحرًا
فقمت أسال عيني رجع ما سمعت ... أذني، فقالت: لعلي أبلغ الخبرا
ثم اشرأبَّت فألفت طائرًا حذرًا ... على قضيب يدير السمع والبصرا
مستوفزًا يتنزى فوق أيكته ... تنزي القلب طال العهد فادركرا(18)
لا تستقر له ساق على قدم ... فكلما هدأت أنفاسه نفرا
يهفو به الغصن أحيانًا ويرفعه ... دحو الصوالج في الديمومة الأكرا(19)
ما باله وهو في أمن وعافية ... لا يبعث الطرف إلّا خائفًا حذرا
إذا علا بات في خضراء ناعمة ... وإن هوى ورد الغدران أو نقرا
فأنت تراه يتتبع الطائر في أقل حركة له، ويحاول أن يستشف دخيلة قلبه الصغير ليعرف سر فزعه، وترقبه، ويتعجب لهذه الحياة القلقة المضطربة, مع أن ظاهر الأمر ينبئ أنه في نعمة وعافية، وهذه لعمري خطرات شاعر مرهف الإحساس جياش العاطفة.
واستمع إليه يصف غيضة احتلها في "قندية" أيام حرب كريت:
ومرتبع لذنا به غب سحرة ... وللصبح أنفاس تزيد وتنقص(20)
وقد مال للغرب الهلال، كأنه ... بمنقاره عن حبه النجم يفحص(21)
رقيق حواشي النبت، أما غصونه ... فريا، وأما زهره فمنصص(22)
إذا لاعبت أفنانه الريح خلتها ... سلاسل تلوى، أو غدائر تعقص(23)
كأن صحاف الزهر والطل ذائب ... عيون يسيل الدمع منها وتشخص(24)
يكاد نسيم الفجر إن مر سحرة ... بساحته الشجراء ولا يتخلص
كأن شعاع الشمس والريح رهوة ... إذا رد فيه سارق يتربص(25)
يمد يدًا دون الثمار، كأنما ... يحاول منها غاية ثم ينكص
(1/201)
ا3- وإذا أردت أن تعرف متى يحلق البارودي في الوصف، فاقرأ أوصافه في الأشخاص, إنه لا يقل عن أمهر مصور، بل أين منه المصور؟ وهو لا يستطيع أن يبرز على "لوحته" دخائل النفوس، وأسرار القلوب والحركات والإشارات، وكذلك أوصافه للمعارك وميادين القتال وأدواته، وإذا كان وصف الحروب من الموضوعات القديمة التي تناولها قبله الشعراء، فإن تصوير الأشخاص من الموضوعات النادرة التي مر فيها قلةٌ من فحول الشعر العربيّ كابن الرومي، واسمعه يصف البلغار في بلادهم, حين ذهب مع الحملة المصرية لحرب الروس:
بلاد بها ما بالجحيم، وإنما ... مكان اللظى ثلج بها وجليد
تجمعت البلغار والروم بينها ... وزاحمها التاتار، فهي حشود
إذا راطنوا بعضًا سمعت لصوتهم ... هديدًا تكاد الأرض منه تميد
قباح النواصي والوجود كأنهم ... لغير أبي هذا الأنام جنود
سواسية ليسوا بنسل قبيلة ... فتعرف آباء لهم وجدود
لهم صور ليست وجوهًا وإنما ... تناط إليها أعين وخدود
يخورون حولي كالعجول، وبعضهم ... يهجن لحن القول حين يجيد
فهو يصف رطانتهم وعجمة ألسنتهم، وقبح وجوههم ورءوسهم, حتى كأنهم ليسوا من البشر، وأن وجوههم متشابهةٌ لا تستطيع التفريق بينها، بل لا يريد أن يعترف بأنه لهم وجوهًا, إنما هي صور وضعت فيها أعين وخدود، ويخورون حوله كالعجول، وإذا حاول بعضهم النطق بالعربية أفسدها.
(1/202)
ومن قوله يصف حرب إقريطش "كريت":
في كل مربأة وكل ثنية ... تهدار سامرة وعزف قيان(26)
تستن عادية، ويصهل أجرد ... وتصيح أجراس، ويهتف عاني(27)
قوم أبى الشيطان إلّا خسرهم ... فتسللوا من طاعة السلطان
ملئوا الفضاء، فما يبين لناظر ... غير التماع البيض والخرصان(28)
فالبدر أكدر والسماء مريضة ... والبحر أشكل والرماح دوان(29)
والخيل واقفة على أرسانها ... لطراد يوم كريهة ورهان
وضعوا السلاح إلى الصباح، وأقبلوا ... يتكلمون بألسن النيران
حتى إذا ما الصبح أسفر وارتمت ... عينان بين ربى وبين مجان
فإذا الجبال أسنة، وإذا الوهاد ... أعنة والماء أحمر قاني
فتوجست فرط الركاب ولم تكن ... لتهاب، فامتعنت على الأرسان(30)
فزعت فرجعت الحنين، وإنما ... تحنانها شجن من الأشجان
ذكرت مواردها بمصر، وأين من ... ماء بمصر منازل الرومان
ومن المقطوعات اللطيفة في وصف الأشخاص قول البارودي يذم شخصًا ويصفه بالنهم والجشع.
(1/203)
وصاحب لا كان من صاحب ... أخلاقه كالمعدة الفاسدة
أقبح ما في الناس من خصلة ... أحسن ما في نفسه الجامدة
لو أنه صور من طبعه ... لكان لعمري عقربًا راصده
يصلح للصفع لكيلا يرى ... في عدد الناس بلا فائدة
يغلبه الضعف ولكنه ... يهدم في قعدته المائة
يراقب الصحن على غفلة ... مكن أهله كالهرة الصائدة
كأنما أظفوره منجل ... وبين فكيه رحى راعده
كأنما البطة في حلقه ... نعامة في سبسب شارده
تسمع للبلع نقيقًا كما ... نقت ضفادي ليلة راكدة
كأنما أنفاسه حرجف ... وبين جنبيه لظى واقدة
4- وقد وصف البارودي كثيرًا من الأشياء كالسجن، والقطار، والخمر, وغير ذلك، وربما كان وصفه للقطار أول وصفٍ من نوعه في اللغة العربية؛ لأن السكة الحديدية دخلت مصر في أخريات أيام سعيد، ولم يفطن شعراء عصره له, أولم يهتموا بوصفه، ويقول فيه -وإن لم يصفه بدقة:
ولقد علوت سراة أدهم لو جرى ... في شأوه برق تعثر أو كبا
يطوي الفلا طيّ السجل ويهتدي ... في كل مهمة يضل بها القطا
يجري على عجلٍ فلا يشكو الوجى ... مد النهار، ولا يمل من السرى
لا الوخد منه، ولا الرسيم ولا يرى ... يمشي العرضنة أو يسير الهيدبى(31)
(1/204)
ويقول وفي وصف السجن:
فسواد الليل ما أن ينقضي ... وبياض الصبح ما أن ينتظر
لا أنيس يسمع الشكوى ولا ... خبر يأتي، ولا طيف يمر
بين حيطان وباب موصد ... كلما حركه السجان صر
يتمشى دونه حتى إذا ... لحقته نبأة مني استقر
كلما درت لأقضي حاجة ... قالت الظلمة: مهلًا، لا تدر
أتقرى الشيء أبغيه فلا ... أجد الشيء ولا نفسي تقر
ظلمة ما إن بها من كوكب ... غير أنفاس ترامى بالشرر
وهذه القطعة فيها أبيات من الشعر الواقعيّ التي تغني بتصويرها الحقيقة العارية عن أي خيالٍ مهما عمق وملح.
5- وهذا وقد وصف البارودي بعض آثار مصر القديمة، وفتح بذلك الطريق لشوقي وغيره، وهو وإن لم يتعمق في وصفه، ويستعرض التاريخ المجيد كما أفعل شوقي من بعده, إلّا أنه برهنَ على أنه شاعر يرى الجمال والعظة فيما حوله من مناظر، وأن شاعريته حساسة مرهفة؛ لأن مثل هذا الوصف لا تحفزه إليه رغبة في صلة, أو تَقَرُّبٌ من أمير، وإنما هو إشباعٌ لرغبةٍ فنيةٍ تجيش في صدره, وتحاول شاعريته الإفصاح عنها، ولذلك عد باب الوصف من خير أبواب الشعر؛ لأنه فضلًا عن نشره ما طوى من آيات الجمال، أو ما خفي على عيون الناس منها, فإنه يدل على نفسية الشاعر، وقدرته وخياله، وهو خير محكٍّ للتمييز بين الشعراء، ومن ذلك قوله يصف الهرمين:
سل الجيزة الفيحاء عن هرمي مصر ... لعلك تدري غيب ما لم تكن تدري
بناءان ردا صولة الدهر عنهما ... ومن عجب أن يغلبا صولة الدهر
أقاما على رغم الخطوب ليشهدا ... لبانيهما بين البرية بالفخر
فكم أمم في الدهر بادت وأعصر ... خلت وهما أعجوبة العين والفكر
(1/205)
تلوح لآثار العقول عليهما ... أساطير لا تنفك تتلى إلى الحشر
رموز لو استطلعت مكنون سرها ... لأبصرت مجموع الخلائق في سطر
فما من بناء كان، أو هو كائن ... يدانيهما عند التأمل والخبر
يقصر حسنا عنهما "صرح بابل" ... ويعترف "الإيوان" بالعجز والسحر(32)
كأنهما ثديان فاضا بدرة ... من النيل تروي غلة الأرض إذ تجري
وبينهما "بلهيب" في زي رابض ... اكب على الكفين منه إلى الصدر(33)
يقلب نحو الشرق نظرة وامق ... كأن له شوقًا إلى مطلع الفجر
وليست هذه القصيدة الوحيدة التي أشاد فيها بالأهرام، وبقدماء المصريين, فله قصيدةٌ أخرى فيها مطلعها:
أيُّ شيء يبقى على الحدثان ... والمنايا خصيمة الحيوان
وله ثالثة مطلعها:
بقوة العلم تقوى شوكة الأمم ... فالحكم في الدهر منسوب إلى القلم
وفيها يقول:
فانظر إلى الهرمين الماثلين تجد ... غرائبًا لا تراها النفس في الحلم
صرحان ما درات الأفلاك منذ جرت ... على نظيرهما في الشكل والعظم
....................... ... ......................
ولاح بينهما لهيب متجهًا ... للشرق يلحظ مجرى النيلب من أمم
(1/206)
__________
(1) أندية: ج ندى, وهو البلل، وسلط: لا نتوء في نصله.
(2) حجرتاها: ناحيتاها، وسبط: شديد متدارك.
(3) النمط: الطريق.
(4) مخرنطم: وهو اسم فاعل من اخرنطم الرجل, أي: رفع أنفه واستكبر وغضب، وزجل: عالي الصوت, ومن رعدها: بيان لزجل, وخمط: غضوب ثائر.
(5) الحياء: المطر، والنجب: كرام الخيل والإبل وعتقها وجيادها المفرد نجيب، ومن مسه: أي: بسبب مسه وأناه، والضمير يعود على السوط, والحبط: آثار السياط بالبدن أو الآثار الوارمة التي لم تشقق.
(6) كأنه: أي: البرق، يرفض: يسيل ويقطر، والعلق: الدم، يخترط: يسل ويجرد من غمده.
(7) العلط: ككتب جمع علاط ككتاب, وهو من الحمامة طوقها في صفحتي عنقها بسواد.
(8) النبط: بياض في بطن الفرس، وصديع الفجر: أي: طلوعه؛ لأنه يصدع الليلة, أي: يشقها.
المصنع: القصر العظيم (9)
مسحه: مسوحه, أي: لباسه الأسود, كمسوح الراهب (10)
وحي: أشار (11)
(12)عاقده: ما انعقد من اللوز قبل أن يفتح، الرِّوا: مقصور الرواء، وهو الحسن
(13) خائل: ذو خيلاء معجب بنفسه.
(14)جافل: مضطرب.
(15) الباسقات: يريد النخل والذلائل، الأطراف، ويريد أن ساق النخلة عارٍ من الجريد والعسف.
(16)العثاكل: ج عثكول، وهو في النخل بمنزلة العنقود في الكرم، والفلائل ج فليلة: وهي الشعر المجتمع.
(17) المنجنون: دولاب الساقية التي يُسْقَى بها الزرع, وأزامل: ج أزمل "كجعفر" وهو الصوت المختلط.
(18) مستوفزًا: غير مطمئن, قد تهيأ لوثوب، ويتنزى: يثب.
(19) دحا اللاعب الكرة: دفعها ورماها بيده، والديمومة: الأرض المستوية.
(20) المرتبع: المكان الذي يرتبع فيه القوم، أي: يقيمون زمن الربيع.
(21) في هذا البيت إشارةٌ إلى أن الليلة التي يصفها كانت في آخر الشهر العربيّ، وحبة النجم: أي: النجم الشبيه بالحبة.
(22) رقيق: صفة لمرتبع، منصص: ظاهر مرتفع بعضه فوق بعض.
(23) الغدائر ج غديرة، وهي الذؤابة من الشعر إذا كانت مرسلة، غير ملوية ولا معقوصة، وتعقص: تضفر.
(24) تشخص: تنفتح ولا تطرف.
(25) الرهو: الرقيق، ورد فيه: أي: إذا تردد الشعاع في المرتبع.
)26) المربأة: مكان المراقب، والتهدار: التصويت وقرقرة الحمام، والقينة: المغنية وجمعها قيان.
(27) استن الفرس: عدا إقبالًا وإدبارًا، والأجرد: الحصان القصير الشعر, وهو من أمارات العتق والأصالة، والعاني: المتعب.
(28)الخرصان: الدرع والرماح.
(29) الأشكل: الذي يضرب بياضه في حمرة.
(30) الفرط: الفرس السريعة الخيل، وامتنعت على الأرسان: حرنت وصارت لا تقاد بالأرسان.
(31) الوخد: سعة الخطو، والرسيم: سير الإبل قريب من الهرولة دون الجري، والعرضنة، نوع من السير يمتاز بالخفة والسرعة والنشاط، والهيدبى: مشي للخيل فيه جد.
(32) البهر: مصدر بهره, من باب: قطع, أي: غلبه وفاقه، والإيوان: إيوان كسرى أنوشروان, وقصره الأبيض, وكان يعد من عجائب الدنيا، وكذلك صرح بابل الذي بناه بختنصر.
(33) بلهيب: أبو الهول.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|