مناظرة الإمام الكاظم (عليه السلام) مع هارون الرشيد في أنهم ورثة النبي (صلى الله عليه وآله) وأولاده |
3105
09:38 صباحاً
التاريخ: 30-8-2019
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-8-2019
718
التاريخ: 25-8-2019
459
التاريخ: 26-8-2019
746
التاريخ: 31-8-2019
742
|
قال الشيخ الطبرسي عليه الرحمة: وحدث أبو أحمد هاني بن محمد العبدي، قال: حدثني أبو محمد، رفعه إلى موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال: لما أدخلت على الرشيد سلمت عليه فرد علي السلام ثم قال: يا موسى بن جعفر، خليفتان يجبى إليهما الخراج؟
فقلت: يا أمير المؤمنين! أعيذك بالله أن تبوء بإثمي وإثمك، وتقبل الباطل من أعدائنا علينا، فقد علمت بأنه قد كذب علينا منذ قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله)، كما علم ذلك عندك، فإن رأيت بقرابتك من رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن تأذن لي أحدثك بحديث أخبرني به أبي عن آبائه عن جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟
فقال: قد أذنت لك.
فقلت: أخبرني أبي عن آبائه عن جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: إن الرحم إذا مست الرحم تحركت واضطربت، فناولني يدك جعلني الله فداك.
قال: ادن مني!
فدنوت منه، فأخذ بيدي ثم جذبني إلى نفسه وعانقني طويلا ثم تركني وقال: إجلس يا موسى! فليس عليك بأس، فنظرت إليه فإذا به قد دمعت عيناه، فرجعت إلي نفسي، فقال: صدقت وصدق جدك (صلى الله عليه وآله) لقد تحرك دمي واضطربت عروقي حتى غلبت علي الرقة وفاضت عيناي، وأنا أريد أن أسألك عن أشياء تتلجلج في صدري منذ حين، لم أسأل عنها أحدا، فإن أنت أجبتني عنها خليت عنك ولم أقبل قول أحد فيك، وقد بلغني عنك أنك لم تكذب قط، فأصدقني فيما أسألك مما في قلبي.
فقلت: ما كان علمه عندي فإني مخبرك به إن أنت أمنتني.
قال: لك الأمان إن أصدقتني، وتركت التقية التي تعرفون بها معشر بني فاطمة.
فقلت: ليسأل أمير المؤمنين عما يشاء.
قال: أخبرني لم فضلتم علينا، ونحن وأنتم من شجرة واحدة، وبنو عبد المطلب ونحن وأنت واحد، إنا بنو عباس وأنتم ولد أبي طالب، وهما عما رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقرابتهما منه سواء؟
فقلت: نحن أقرب.
قال: وكيف ذلك؟
قلت: لأن عبد الله وأبا طالب لأب وأم، وأبوكم العباس ليس هو من أم عبد الله ولا من أم أبي طالب.
قال: فلم ادعيتم أنكم ورثتم النبي (صلى الله عليه وآله) والعم يحجب ابن العم (1)، وقبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد توفي أبو طالب قبله والعباس عمه حي؟
فقلت له: إن رأى أمير المؤمنين أن يعفيني عن هذه المسألة، ويسألني عن كل باب سواه يريده.
فقال: لا، أو تجيب.
فقلت: فآمني.
قال: قد آمنتك قبل الكلام.
فقلت: إن في قول علي بن أبي طالب (عليه السلام): إنه ليس مع ولد الصلب ذكرا كان أو أنثى لأحد سهم إلا الأبوين والزوج والزوجة، ولم يثبت للعم مع ولد الصلب ميراث، ولم ينطق به الكتاب العزيز والسنة، إلا أن تيما وعديا وبني أمية قالوا: العم والد، رأيا منهم بلا حقيقة ولا أثر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ومن قال بقول علي (عليه السلام) من العلماء قضاياهم خلاف قضايا هؤلاء، هذا نوح بن دراج يقول في هذه المسألة بقول علي (عليه السلام)، وقد حكم به، وقد ولاه أمير المؤمنين فأمر بإحضاره وإحضار من يقول بخلاف قوله، منهم: سفيان الثوري، وإبراهيم المدني، والفضيل بن عياض، فشهدوا أنه قول علي (عليه السلام) في هذه المسألة، فقال لهم فيما أبلغني بعض العلماء من أهل الحجاز: لم لا تفتون وقد قضى به نوح بن دراج؟ فقالوا: جسر وجبنا، وقد أمضى أمير المؤمنين (عليه السلام) قضيته بقول قدماء العامة عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: أقضاكم علي (2) وكذلك عمر بن الخطاب قال: علي أقضانا (3) وهو اسم جامع، لأن جميع ما مدح به النبي (صلى الله عليه وآله) أصحابه من القرابة والفرائض والعلم داخل في القضاء.
قال: زدني يا موسى!
قلت: المجالس بالأمانات وخاصة مجلسك؟
فقال: لا بأس به.
فقلت: إن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يورث من لم يهاجر، ولا أثبت له ولاية حتى يهاجر. فقال: ما حجتك فيه؟ قلت: قول الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا } [الأنفال: 72] وإن عمي العباس لم يهاجر.
فقال لي: إني أسألك يا موسى هل أفتيت بذلك أحدا من أعدائنا، أم أخبرت أحدا من الفقهاء في هذه المسألة بشيء؟
فقلت: اللهم لا، وما سألني عنها إلا أمير المؤمنين.
ثم قال لي: لم جوزتم للعامة والخاصة أن ينسبوكم إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويقولوا لكم: يا بني رسول الله! وأنتم بنو علي، وإنما ينسب المرء إلى أبيه، وفاطمة إنما هي وعاء، والنبي (صلى الله عليه وآله) جدكم من قبل أمكم؟ (4)
فقلت: يا أمير المؤمنين! لو أن النبي (صلى الله عليه وآله) نشر فخطب إليك كريمتك هل كنت تجيبه؟
فقال: سبحان الله! ولم لا أجيبه بل أفتخر على العرب والعجم وقريش بذلك.
فقلت له: لكنه لا يخطب إلي ولا أزوجه.
فقال: ولم؟ فقلت: لأنه ولدني ولم يلدك. (5)
فقال: أحسنت يا موسى!
ثم قال: كيف قلتم إنا ذرية النبي (صلى الله عليه وآله) والنبي لم يعقب، وإنما العقب للذكر لا للأنثى، وأنت ولد الابنة ولا يكون لها عقب له.
قلت: أسألك بحق القرابة والقبر ومن فيه، إلا أعفيتني عن هذه المسألة.
فقال: لا، أو تخبرني بحجتكم فيه يا ولد علي! وأنت يا موسى يعسوبهم وإمام زمانهم، كذا أنهي إلي، ولست أعفيك في كل ما أسألك عنه حتى تأتيني فيه بحجة من كتاب الله، وأنتم تدعون معشر ولد علي أنه لا يسقط عنكم منه شيء ألف ولا واو إلا تأويله عندكم، واحتججتم بقوله عز وجل: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38] واستغنيتم عن رأي العلماء وقياسهم.
فقلت: تأذن لي في الجواب؟ قال: هات.
فقلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ} [الأنعام: 84، 85] من أبو عيسى يا أمير المؤمنين؟
فقال: ليس لعيسى أب. فقلت: إنما ألحقناه بذراري الأنبياء (عليهم السلام) من طريق مريم (عليها السلام)، وكذلك الحقنا بذراري النبي (صلى الله عليه وآله) من قبل أمنا فاطمة (عليها السلام)، أزيدك يا أمير المؤمنين؟
قال: هات.
قلت: قول الله عز وجل: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ } [آل عمران: 61] ولم يدع أحد أنه أدخل النبي (صلى الله عليه وآله) تحت الكساء عند مباهلة النصارى إلا علي بن أبي طالب، وفاطمة، والحسن والحسين، فأبناءنا الحسن والحسين، ونساءنا فاطمة، وأنفسنا علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، على أن العلماء قد أجمعوا على أن جبرئيل قال يوم أحد: يا محمد! إن هذه لهي المواساة من علي قال: لأنه مني وأنا منه. فقال جبرئيل: وأنا منكما يا رسول الله ثم قال:
لا سيف إلا ذو الفقار * ولا فتى إلا علي (6) .
فكان كما مدح الله عز وجل به خليله (عليه السلام) إذ يقول: {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} [الأنبياء: 60] إنا نفتخر بقول جبرئيل أنه منا.
فقال: أحسنت يا موسى! إرفع إلينا حوائجك.
فقلت له: إن أول حاجة لي أن تأذن لابن عمك أن يرجع إلى حرم جده (صلى الله عليه وآله) وإلى عياله.
فقال: ننظر إن شاء الله. (7)
وروي أنه لما حج الرشيد ونزل في المدينة، اجتمع إليه بنو هاشم وبقايا المهاجرين والأنصار ووجوه الناس، وكان في الناس الإمام أبو الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام).
فقال لهم الرشيد: قوموا إلى زيارة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال: ثم نهض معتمدا على يد أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) حتى انتهى إلى قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فوقف ثم قال: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا بن عم، افتخارا! على قبائل العرب الذين حضروا معه، واستطالة عليهم بالنسب؟!
قال: فنزع أبو الحسن موسى (عليه السلام) يده من يده ثم تقدم، فقال: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبة.
قال: فتغير لون الرشيد ثم قال: يا أبا الحسن، إن هذا لهو الفخر الجسيم. (8)
________________
(1) أقول: طالما أخذ بنو العباس أمثال هذه الدعاوى دليلا على أولوية العباس - بميراث النبي (صلى الله عليه وآله) وخلافته - من أمير المؤمنين باعتبار أن العم أقرب من ابن العم وقد أغفلوا وتناسوا ابنته فاطمة (عليها السلام) التي تحجب العم، وراحوا يضللون الناس بدعاواهم المزيفة ليعموا الناس عن الحقيقة، مسخرين في ذلك الشعراء المرتزقة ذلك الأعلام المضلل الزائغ عن الحق، فضمنوا ذلك في الأشعار محتجين بآية: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: 75] ، ومن أولئك الشعراء الذين استخدموهم في ذلك مروان بن أبي حفصة الذي لم يذخر وسعا في هجاء الطالبيين ومقدساتهم وذم محبيهم، فأخذ ينفث حقده الدفين عليهم متبجحا بدعاواه الباطلة، مرددا: أنى يكون وليس ذاك بكائن * لبني البنات وراثة الأعمام (راجع: تاريخ بغداد: ج 13 ص 143، الأغاني للأصفهاني: ج 10 ص 94.) ليغيض به رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ذريته بدل أن يتقرب إليه بحبهم ومدحهم، لم يبق شيء لم يفعلوه تجاه ذريته - كأنه لم يوص بهم ولم يكن أبوهم - فراحوا قتلا وتشريدا وحبسا في السجون والمطامير، ولم يبق سوى إنكار نسبتهم لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد فعلوها. والجدير بالذكر هنا هو ما روي عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني (رضي الله عنه) عن عبد السلام بن صالح الهروي، قال: حدثني معمر بن خلاد وجماعة، قالوا: دخلنا على الرضا (عليه السلام)، فقال له بعضنا: جعلنا الله فداك! ما لي أراك متغير الوجه؟! فقال (عليه السلام): إني بقيت ليلتي ساهرا متفكرا في قول مروان بن أبي حفصة:
أنى يكون وليس ذاك بكائن * لبني البنات وراثة الأعمام .
ثم نمت فإذا أنا بقائل قد أخذ بعضادة الباب وهو يقول:
أنى يكون وليس ذاك بكائن * للمشركين دعائم الإسلام
لبني البنات نصيبهم من جدهم * والعم متروك بغير سهام
ما للطليق وللتراث؟ وإنما * سجد الطليق مخافة الصمصام
قد كان أخبرك القرآن بفضله * فمضى القضاء به من الحكام
إن ابن فاطمة المنوه باسمه * حاز الوراثة عن بني الأعمام
وبقي ابن نثلة واقفا مترددا * يبكي ويسعده ذووا الأرحام .
راجع: عيون أخبار الرضا (عليه السلام) للصدوق: ج 1 ص 188 - 189 ح 2 (ب 43)، الإحتجاج للطبرسي: ج 2 ص 393 - 394 وقد نسب هذه الحادثة إلى الإمام الكاظم (عليه السلام)، بحار الأنوار: ج 10 ص 391 عن الفصول المختارة للمفيد: ج 1 ص 65، وقد روى وقوع هذه الحادثة لأبي الحسن العسكري (عليه السلام)، ولا يمنع تكرر وقوع هذه الحادثة لبعض الأئمة (عليهم السلام)، وقد ذكر بعض هذه الأبيات أبو الفرج الأصفهاني في الأغاني: ج 10 ص 95، وقد نسبها إلى محمد بن يحيى بن أبي مرة التغلبي. وقد تناول هذه الدعوى أيضا مروان نفسه في بعض قصائده فنال بذلك إعجاب المهدي العباسي، متزلفا إليه، فكانت جائزته منه ثمانين ألف درهم، فأصبحت أنشودتهم المفضلة، وقد غناها لهم إبراهيم بن المهدي، وإليكها:
هل تطمسون من السماء نجومها * بأكفكم أو تسترون هلالها
أو تجحدون مقالة عن ربكم * جبريل بلغها النبي فقالها
شهدت من الأنفال آخر آية * بتراثهم فأردتم إبطالها
فذروا الأسود خوادرا في غيلها * لا تولغن دماءكم أشبالها .
(راجع: الأغاني للأصفهاني: ج 10 ص 70 و87، تاريخ بغداد: ج 13 ص 143 - 144). وقد أجاد الشاعر المبدع فرات الأسدي في رده على مروان بن أبي حفصة - حيث يقول:
ومقالة عجب أثرت عجاجها * وحجب عن وجه الحقيقة حالها
وتخبطت قدماك تهوي سادرا * لا تستبين رشادها وضلاها
فطمست من فلك السماء نجومها * وسترت بالملق الرخيص هلالها
لو كنت تعلم ما تقول إذن هوت * شمس وزلزلت الدنى زلزالها
لكن - ويأبى الله إلا نورهم * بتمامه - ما إن وردت وبالها
هم آل بيت المصطفى وراثه * وبهم أبان حرامها وحلالها
فاربع على الزيغ القديم وهاكه * - كل بما كسبت يداه - نوالها .
ومن سار على منوال مروان بن أبي حفصة أبان بن عبد الحميد، الذي أراد أن يحضى بالقرب من الرشيد كمروان، فقالوا له: إن لمروان مذهبا في هجاء آل أبي طالب به يحضى، وعليه يعطى، فاسلكه؟ فقال: لا أستحل ذلك، فقالوا له: لا تجئ أمور الدنيا إلا بفعل ما لا يحل؟! ثم نظم قصيدة في مدح العباس وإنه أقرب إلى رسول الله من علي بن أبي طالب (عليه السلام) وأولى منه بميراثه، فنال بذلك إعجاب الرشيد، فأمر له بعشرين ألف درهم، ثم أصبح من المقربين إليه، وإليك بعض أبياته التي قالها في قصيدته الطويلة:
نشدت بحق الله من كان مسلما * أعم بما قد قلته العجم والعرب
أعم رسول الله أقرب زلفة * لديه، أم ابن العم في رتبة النسب
وأيهما أولى به وبعهده * ومن ذا له حق التراث بما وجب
فإن كان عباس أحق بتلكم * وكان علي بعد ذاك على سبب
فأبناء عباس هم يرثونه * كما العم لابن العم في الإرث قد حجب . (راجع: خزانة الأدب للبغدادي: ج 8 ص 176).
ويقول أيضا الأستاذ فرات الأسدي في جوابه له:
أثمت إذ استنشدت من كان مسلما * تعم بما قد قلته العجم والعرب
وحدت عن الحق الصراح ولم تكن * لتدفع عنك الزيغ في الرأي والعطب
أنفس رسول الله حيدرة الذي * له دون كل الناس حق العلى وجب
تحيد بك الأهواء عنه وغيره * له تبع وهو المقدم في الرتب
أخوه وأبناه من الطهر نسله * فكيف لعم قبله الإرث والنسب
فأيهما أولى ولم يك مشرعا * سوى بابه ما سد قط ولا حجب
لأن عليا باب علم محمد * ووارثه والمرتضى والأخ الأحب .
ومن الشعراء الذين بالغوا أيضا في تنقيص أهل البيت حقهم، وإثبات أن الحق للعباس وبنيه هو عبد الله بن المعتز العباسي، الذي يقول في بعض قصائده:
ألا من لعين وتسكابها * تشكي القذى وبكاها بها .
ومنها: نحن ورثنا ثياب النبي * فكم تجذبون بأهدابها
لكم رحم يا بني بغتة * ولكن بنو العم أولى بها
فمهلا بني عمنا إنها * عطية رب حبانا بها .
راجع: ديوان ابن المعتز: ص 30 - 33.
ولله در صفي الدين الحلي الشاعر المجاهد حيث يقول في جوابه:
ألا قل لشر عبيد الإله * وطاغي قريش وكذابها
وباغي العباد وباغي العناد * وهاجي الكرام ومغتابها
أأنت تفاخر آل النبي * وتجحدها فضل أحسابها
بكم بأهل المصطفى أم بهم * فرد العداة بأوصابها
أعنكم نفي الرجس أم عنهم * لطهر النفوس وألبابها
وقد ورثنا ثياب النبي * فكم تجذبون بأهدابها
وعندك لا يورث الأنبياء * فكيف حظيتم بأثوابها
فكذبت نفسك في الحالتين * ولم تعلم الشهد من صابها
وقولك أنتم بنو بنته *(ولكن بنو العم أولى بها)
بنو البنت أيضا بنو عمه * وذلك أدنى لأنسابها
فدع في الخلافة فصل الخلاف * فليست ذلولا لركابها
وما أنت والفحص عن شأنها * وما قمصوك بأثوابها .
راجع: ديوان صفي الدين الحلي: ص 192.
(2) الرياض النضرة: ج 3 ص 167، كشف الخفاء للعجلوني: ج 1 ص 184 ح 489، ذخائر العقبى: ص 83، المناقب للخوارزمي: ص 81 ح 66، بحار الأنوار: ج 40 ص 277 ح 41.
(3) كشف الخفاء ومزيل الإلباس للعجلوني: ج 1 ص 185، مسند أحمد بن حنبل: ج 5 ص 113، الطبقات الكبرى لابن سعد: ج 2 ص 339، الرياض النضرة: ج 3 ص 167.
(4) فالعجب كل العجب من هؤلاء الزمرة الفاسدة التي تصر على أن ذرية فاطمة الزهراء (عليها السلام) ليسوا بأولاد لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وإنما هم أولاد علي (عليه السلام) وذلك لأن ابن البنت ليس بولد ويستشهدون لذلك بقول الشاعر:
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا * بنوهن أبناء الرجال الأباعد .
هذا مع نصوص النبي (صلى الله عليه وآله) الكثيرة الدالة على صحة النسبة حقيقة وأنهم أبناءه وهو أبوهم، والتي منها على سبيل المثال: 1 - قوله (صلى الله عليه وآله) في الحسن والحسين (عليهما السلام): إن ابني هذين ريحانتاي من الدنيا (راجع: كنز العمال: ج 13 ص 667 ح 37699، تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر: ج 4 ص 207). 2 - ما روي عنه (صلى الله عليه وآله): كل بني أنثى فإن عصبتهم لأبيهم ما خلا ولد فاطمة (عليها السلام) فإني أنا عصبتهم وأنا أبوهم (راجع: كنز العمال: ج 12 ص 116 ح 34267، مجمع الزوائد: ج 4 ص 224 وج 6 ص 301). 3 - ما روي عن فاطمة بنت الحسين (عليه السلام) عن فاطمة الزهراء (عليها السلام) قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كل بني آدم ينتمون إلى عصبتهم إلا ولد فاطمة، فإني أنا أبوهم وأنا عصبتهم (راجع: تاريخ بغداد: ج 11 ص 285).
(5) وفي التذكرة الحمدونية: ج 7 ص 180 رقم: 835، قال: وروي أنه قال - الإمام الكاظم (عليه السلام) لهارون -: هل كان يجوز أن يدخل على حرمك وهن متكشفات؟ فقال: لا. قال: لكنه كان يدخل على حرمي كذلك، وكان يجوز له. أقول: فقد أوضح أهل البيت (عليهم السلام) بما لا مزيد عليه لوازم قربهم من رسول الله (صلى الله عليه وآله) باعتباره أولدهم فهم ذريته وهو أبوهم، فمن تلك اللوازم التي أشاروا إليها أنه لا يحل لذريته نكاح زوجاته على فرض لو لم يحرم الله على الناس نكاح زوجات النبي (صلى الله عليه وآله) فلا يجوز لهم ذلك باعتباره جدهم وأبوهم، وإليك نص الرواية في ذلك: الكليني بسنده عن محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) قال: لو لم يحرم على الناس أزواج النبي (صلى الله عليه وآله) لقول الله عز وجل: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ} [الأحزاب: 53] حرم على الحسن والحسين عليهما السلام يقول الله تبارك وتعالى اسمه: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ } [النساء: 22] ولا يصلح للرجل أن ينكح امرأة جده. راجع الفروع من الكافي: ج 5 ص 565 ح 41، بحار الأنوار: ج 2 ص 279 ح 42.
(6) المناقب للخوارزمي: ص 167 ح 200، مناقب علي بن أبي طالب (عليه السلام) لابن المغازلي: ص 197 ح 234 وص 199 ح 235، تاريخ الأمم والملوك للطبري: ج 2 ص 514، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج 1 ص 29، ذخائر العقبى: ص 68 و74، بحار الأنوار: ج 41 ص 83.
(7) الإحتجاج للطبرسي: ج 2 ص 389 - 392، عيون أخبار الإمام الرضا (عليه السلام): ج 2 ص 78 - 82 ب 7 ح 9، تحف العقول: ص 404 - 405، بحار الأنوار للمجلسي: ج 10 ص 241 - 242 ح 2 وج 48 ص 125 ح 1 وج 93 ص 240 وج 101 ص 334، التذكرة الحمدونية لابن حمدون: ج 7 ص 180، بتفاوت.
(8) الفصول المختارة للمفيد: ج 1 ص 16، كنز الفوائد للكراجكي: ج 1 ص 356 - 357، الإحتجاج للطبرسي: ج 2 ص 393، تذكرة الخواص لابن الجوزي: ص 350، بحار الأنوار: ج 25 ص 243 ح 25.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|