المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



دوافع الصلح واهداف المعاهدة  
  
3167   03:39 مساءً   التاريخ: 7-03-2015
المؤلف : جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيرة الائمة-عليهم السلام
الجزء والصفحة : ص103-107.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسن بن علي المجتبى / صلح الامام الحسن (عليه السّلام) /

[ان الامام الحسن (عليه السلام)] وضّح دوافع مبادرته هذه بالنحو التالي: «واللّه ما سلمت الأمر إليه، إلاّ أنّي لم أجد أنصاراً، ولو وجدت أنصاراً لقاتلته ليلي ونهاري حتى يحكم اللّه بيني وبينه، ولكنّي عرفت أهل الكوفة وبلوتهم، ولا يصلح لي منهم من كان فاسداً، انّهم لا وفاء لهم ولا ذمة في قول ولا في فعل، انّهم لمختلفون يقولون لنا انّ قلوبهم معنا وانّ سيوفهم لمشهورة علينا».

وقد خطب الإمام ـ و كان مستاء ومتأثراً من تثاقل أصحابه وتخاذلهم ـ خطبة قال فيها: «يا عجباً من أُناس لا دين لهم ولا حياء، ويلكم واللّه انّ معاوية لا يفي لأحد منكم بما ضمنه في قتلي، وانّي إن وضعت يدي في يده فأُسالمه لم يتركني أدين لدين جدي (صلَّى الله عليه وآله)، وانّي أقدر أن أعبد اللّه عزّ وجلّ وحدي، وأيم اللّه لا رأيتم فرجاً ولا عدلاً أبداً مع ابن آكلة الأكباد وبني أُميّة وليسومنّكم سوء العذاب، وكأنّي انظر إلى أبنائكم واقفين على أبواب أبنائهم يستسقونهم ويستطعمونهم بما جعله اللّه لهم فلا يسقون ولا يطعمون، ولو وجدت أنصاراً في قتال أعداء اللّه لما سلّمت الخلافة لمعاوية، لأنّها تحرم على بني أُميّة».

وقد قال الإمام المجتبى ذات يوم ـ و هو يعرف طبيعة حكومة معاوية الخبيثة جيداً ـ كلاماً في مجلس حضر فيه: «وأيم اللّه لا ترى أُمّة محمد خفضاً ما كانت سادتهم وقادتهم في بني أُمية»

وكان هذا إنذاراً للعراقيين الذين تركوا قتال معاوية بسبب تخاذلهم ورغبتهم في الدعة والراحة، وهم يجهلون حقيقة انّهم لن يصلوا إلى آمالهم وأُمنياتهم في ظل حكومة معاوية.

عندما ارتأى الإمام الثاني انّ الحرب تتعارض مع المصالح العليا للمجتمع الإسلامي والحفاظ على كيان الإسلام ودخل السلم اضطراراً للظروف العصيبة التي أُشير إليها تفصيلاً مسبقاً، بذل قصارى جهده لضمان تحقيق أهدافه العليا والمقدّسة بأقصى ما يمكن من خلال هذا الصلح بطريقة سلمية.

ومن ناحية أُخرى ولأنّ معاوية كان مستعداً لأن يقدّم أي نوع من الامتيازات والتنازلات للدخول في السلم واستلام السلطة، لدرجة انّه أرسل

صحيفة بيضاء مختومة إلى الإمام كتب فيها : أن اشترط في هذه الصحيفة ما شئت فهي لك، استغل الإمام هذه الفرصة فكتب في معاهدة الصلح جميع القضايا الهامة والحسّاسة ذات الأولوية التي تمثل مبادئه الكبيرة، وطلب من معاوية الالتزام بما جاء فيها.

وعلى الرغم من أنّ نصوص معاهدة الصلح مبعثرة في كتب التاريخ، بل وأشار كلّ من المؤرّخين إلى بعض بنودها وموادها بيد انّه يمكن تأليف صورة كاملة من مجموع ما تبعثر منها في الكتب، وبإلقاء نظرة على تلك البنود التي وضعها الإمام وأصرّ على إدراجها، يمكن أن نفهم قوة التدبير العالية التي استخدمها على صعيد النضال السياسي للحصول على تلك الامتيازات.

والآن وقبل أن ندرس كلاً من بنود معاهدة الصلح على حدة، يمكننا حصر نصها في خمسة بنود كما في الصورة التالية:

البند الأوّل: تسليم الأمر ـ الخلافة ـ إلى معاوية على أن يعمل بكتاب اللّه وسنّة رسوله.

البند الثاني: أن تكون للحسن الخلافة من بعده، فإن حدث به حدث فلأخيه الحسين، وليس لمعاوية أن يعهد بها إلى أحد.

البند الثالث: أن يترك سب أمير المؤمنين والقنوت عليه في الصلاة، وأن لا يذكر علياً إلاّ بخير.

البند الرابع: استثناء ما في بيت المال وهو خمسة ملايين درهم وتكون بحوزة الإمام الحسن، وأن يفضّل بني هاشم في العطاء والصلات على بني أُمية، وأن يفرّق في أولاد من قتل مع أمير المؤمنين يوم الجمل وصفين مليون درهم، و أن يجعل ذلك من خراج دار أبجرد.

البند الخامس: الناس آمنون حيث كانوا من أرض اللّه في شامهم وعراقهم وحجازهم ويمنهم، وأن يؤمن الأسود والأحمر، وأن يحتمل معاوية ما صدر من هفواتهم، وأن لا يتبع أحداً بما مضى، وأن لا يأخذ أهل العراق بأحنة وحقد، وعلى أمان أصحاب علي حيث كانوا، وأن لا ينال أحداً من شيعة علي بمكروه، وانّ أصحاب علي وشيعته آمنون على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم، وأن لا يتعقّب عليهم شيئاً ولا يتعرض لأحد منهم بسوء، ويوصل إلى كلّ ذي حق حقّه، وعلى أن لا يبغي للحسن بن علي ولا لأخيه الحسين ولا لأحد من أهل بيت الرسول غائلة سراً ولا جهراً، ولا يخيف أحداً منهم في أُفق من الآفاق.

فكتب معاوية جميع ذلك بخطه وختمه بخاتمه، وبذل عليه العهود المؤكدة والأيمان المغلّظة، وأشهد على ذلك جميع رؤساء أهل الشام.

وهكذا تتحقّق نبوءة نبي الإسلام التي أطلقها عندما شاهد الحسن بن علي وهو لم يزل طفلاً من على منبره وقال: ولعلّ اختيار خراج دار ابجرد كان بسبب ـ و وفقاً للوثائق التاريخية ـ انّ أهلها استسلموا طوعاً بلا قتال للجيش الإسلامي وصالحوه ويختص خراجها كما أمر الإسلام بالرسول وأهل بيته واليتامى والمساكين وابن السبيل، لذلك شرط الإمام أن يدفع إلى عوائل شهداء الجمل وصفين من خراج هذه المدينة، لأنّ دخلها يختص بالإمام، مضافاً إلى ذلك انّ الفقراء من عوائل الشهداء كانوا المستحقين لهذا الخراج .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.