أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-12-2015
4783
التاريخ: 21-06-2015
2657
التاريخ: 27-1-2016
2663
التاريخ: 30-12-2015
2673
|
المقجّع البصريّ (1)
هو أبو عبيد الله محمد بن أحمد الكاتب، عالم أديب، وتدل كلمة الثعالبي في اليتيمة أنه حين توفى ابن دريد العالم اللغوي الإخباري المشهور سنة 321 قام مقامه في التأليف والإملاء، على أنه كان واسع الرواية وصاحب معرفة دقيقة باللغة والأخبار، ويشهد لذلك أنه ترك مصنفات مختلفة مثل كتاب سماه كتاب الترجمان في الشعر ومعانيه. وفي كتاب الفهرست لابن النديم بيان كامل بأسماء مصنفاته. ويلفت النظر أنه شيعي وليس من أهل الكوفة بل من أهل البصرة، ومعروف أن الكوفة كانت حتى القرن الثالث الهجري مركز التشيع وداره. بينما كانت البصرة بعيدة عن التشيع وأهله (2)، وكأنما امتد تيار التشيع مع نهاية القرن الثالث وأوائل الرابع إلى البصرة، وأخذت تتحول إلى مركز من مراكزه.
ص397
ويبدو أن المفجع كان شيعيّا إماميّا، فقد شاع مذهب الإمامية في العراق من قديم، ويقولون إن لقبه المفجع لزمه ببيت قاله، وأكبر الظن أنه لقب بهذا اللقب إشارة إلى تفجعه الكثير على قتلى العلويين، وكان-على ما يظهر- يكثر من مديح الهاشميين، وخاصة أبا الحسن محمد بن عبد الوهاب الزينبي الهاشمي البصري وفيه يقول:
للزينبي-إلى جلالة قدره- … خلق كطعم الماء غير مزنّد
وشهامة تقص الليوث إذا سطا … وندى يفرّق كل بحر مزبد (3)
يحتلّ بيتا في ذؤابة هاشم … طالت دعائمه محل الفرقد
بضياء سنّته المكارم تقتدى … وبجود راحته السحائب تهتدى
وله قصيدة طويلة يمدح فيها عليّا-عليه السلام-سماها «ذات الأشباه» إشارة إلى أثر مسند إلى أبي هريرة ذكر فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال وهو في محفل من أصحابه: «إن تنظروا إلى آدم في علمه ونوح في همه وإبراهيم في خلقه وموسى في مناجاته وعيسى في سنّه ومحمد في هديه وحلمه فانظروا إلى هذا المقبل. فتطاول الناس فإذا هو علي بن أبي طالب». وعلى هدى هذا الأثر نظم المفجع قصيدته مصورا فيها مناقب علي وهي تطرّد على هذا النمط:
أيها اللاّئمي لحبّى عليّا … قم ذميما إلى الجحيم خزيّا
أشبه الأنبياء كهلا وزولا … وفطيما وراضعا وغذيّا (3)
كان في علمه كآدم إذ علّ … م شرح الأسماء والمكنيّا
وكنوح نجّى من الهلك من س … يّر في الفلك إذ علا الجوديّا (4)
وجفا في رضا الإله أباه … واجتواه وعدّه أجنبيّا
كاعتزال الخليل آزر في الل … هـ وهجرانه أباه مليّا (5)
ولو أنّ الوصي حاول مسّ النّ … جم بالكف لم يجده قصيّا
ص398
وطبيعي أن تفقد القصيدة العذوبة لأنها إلى الشعر التعليمي أقرب منها إلى الشعر الغنائي وافر النغم والألحان. وليس معنى ذلك أن شعره جميعه يجرى على هذا المنوال فالأبيات السابقة في مديح الزينبي أسلوبها مستو وليس فيه استواء فقط، بل أيضا فيه جزالة ورصانة. ويقول الثعالبي إن شعره كثير الحلاوة يكاد يقطر منه ماء الظرف من مثل قوله:
زفرات تعتادني عند ذكرا … ك وذكراك ما تريم فؤادي
وسروري قد غاب عنى مذ غب … ت فهل كنتما على ميعاد
ليس لي مفزع سوى عبرات … من جفون مكحولة بالسّهاد
وبحسبي من المصائب أني … في بلاد وأنتم في بلاد
وكان مثل أستاذه ابن دريد لا يجد بأسا في أن يقبل أحيانا على الشراب، إذا صح ما روى عنه من احتساء الخمر، ونراه يصف مجلسا من مجالسها في ليلة من ليالي الأنس بها، يقول:
أداروها وللّيل اعتكار … فخلت الليل فاجأه النهار
فقلت لصاحبي والليل داج … ألاح الصّبح أم بدت العقار
فقال: هي العقار تداولوها … مشعشعة يطير لها شرار
ولولا أنني أمتاح منها … حلفت بأنها في الكأس نار
وبين أشعاره مقطوعات في بعض الغلمان، ومرّ بنا ما قلناه من أن أكثر ما كان ينظمه الشعراء فيهم إنما كانوا ينظمونه دعابة وفكاهة على مجالس الخمر بقصد التندير والضحك، ولذلك كان ينبغي ألا نصنع صنيع المستشرقين في تضخيمهم لهذه السّوءة سواء عند المفجع البصري أو عند غيره. ورآه «متز» ينظم قصيدة في الجامع الكبير بالبصرة ومن فيه من الغلمان قائلا:
ألا يا جامع البصر … ة لا خرّبك الله
وسقىّ صحنك المزن … من الغيث فرّواه
ص399
فكم ظبى من الإنس … مليح فيك مرعاه
نصبنا الفخّ بالعلم … له فيك فصدناه
وكم من طالب للشّع … ر بالشعر طلبناه
فظن أنه وقع على وصمة كبرى، وذهب يقول إن الشاعر يحكى كيف كان يغوى الصبيان في الجامع المذكور ويستنزل العاصي الصعب منهم (6). والدليل على أنه لم يكن خالص النية في حكمه أنه أنشد القصيدة وأسقط منها هذين البيتين:
ألا يا طالب الأمر … د كذب ما ذكرناه
فلا يغررك ما قلنا … فما بالجدّ قلناه
فالمفجّع إنما قال ما قال من هذه القصيدة كذبا وبهتانا وعبثا ودعابة، فكان يحسن بمتز أن لا يسوقها في مجال الحديث عن التولع بالغلمان ونصب الشباك لهم وأين؟ في المساجد الطاهرة، فالمفجع إنما أراد إلى أن يدفع سامعيه إلى الفكاهة والضحك العريض. ولم يطل به المقام في مكان أستاذه ابن دريد يملى ويحاضر الطلاب، فما هي إلا ست سنوات بعد وفاة ابن دريد حتى لبّى نداء ربه سنة 327 للهجرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر في المفجع وأخباره وأشعاره اليتيمة للثعالبي (طبعة محيى الدين عبد الحميد) 2/ 363 والفهرست ص 129 ومعجم الأدباء لياقوت 17/ 190 ومعجم الشعراء ص 380 والوافي. بالوفيات (طبعة إستانبول) 1/ 129.
(2) ثلاث رسائل للجاحظ (طبعة فان فلوتن) ص 9
(2) تقص: تدق وتحطم.
(3) الزول: الفتى.
(4) الجودي: جبل بشمالي العراق.
(5) آزر: أبو إبراهيم.
(6) انظر الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري 2/ 131 .
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|