أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-12-2015
6617
التاريخ: 9-04-2015
6141
التاريخ: 7-2-2018
2203
التاريخ: 30-12-2015
2968
|
محمد (1) بن داود الظاهري
أبوه داود بن علي بن خلف الأصفهاني مؤسس المذهب الظاهري في الفقه، أصله من الكوفة ودرس ببغداد، واعتنق مذهب الإمام الشافعي. ومضى يجتهد حتى استطاع أن يؤسس له في الفقه مذهبا مستقلا عن المذاهب الأربعة: المذهب الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي. وقد أقامه على رفض القياس والرأي والتقليد للأئمة المذكورين واشتقّ الأحكام الفقهية من ظاهر الكتاب والسنة. ولذلك سمى مذهبه باسم المذهب الظاهري. وعنى بتربية ابنه محمد. وبدأ من ذلك بتحفيظه القرآن، ويقال إنه حفظه وله سبع سنوات. ثم دفعه إلى التأدب على ثعلب الإمام اللغوي والنحوي المشهور، وهو يروي في كتاب الزهرة كثيرا من الأشعار عنه.
ولزم حلقة أبيه وتمثّل مذهبه ولما توفى سنة 270 كان لا يجاوز السادسة عشرة من سنه، فخلفه على رياسة المذهب، ومضى يحاور ويجادل فيه العلماء وخاصة ابن سريج إمام المذهب الشافعي في عصره. وكانت حلقة تدريسه تغصّ بالطلاب، وله مصنفات مختلفة في المذهب الظاهري. ومن أهم مصنفاته كتاب الزهرة الذي عنى نيكل وإبراهيم طوقان بنشر جزئه الأول. والكتاب كله مائة باب جعلها في جزءين خصّ الأول منهما بالحب العذري العفيف. وهو يتضمن خمسين بابا في كل باب مائة بيت من الشعر، وبالمثل أبواب الجزء الثاني الخمسون. فكل منها يشتمل على مائة بيت. وأهمها ما دار في تعظيم أمر الله عز وجل والتنبيه على نعمه وقدرته والتحذير من سطوته. ويهمنا في حديثنا عن الغزل الجزء الأول، وهو في الأبواب الأولى منه يتحدث عن أسباب الهوى، ثم يتلوها بأحواله من الفراق والشوق ويخص الأبواب الأخيرة بالحديث عن الوفاء، وعادة يضع للباب عنوانا مسجوعا مثل «من كثرت لحظاته دامت حسراته» و «ليس بلبيب من لم يصف ما به لطبيب» و «التذلل للحبيب من شيم الأديب». وهي عناوين غير مضبوطة.
ص453
وبالمثل ما يليها من الأشعار، ولاحظ هو نفسه ذلك فقال إنه اضطرّ لأن يضيف إلى البيت المتصل بموضوع الأبيات أبياتا أخرى حتى لا يكون مبتورا. والأبيات أو قل الشواهد في الأبواب تمتد على طول الزمن من العصر الجاهلي حتى عصره.
وقد بدأ بتأليف الكتاب في حياة أبيه وهو لا يزال حدثا، وفي ذلك يقول: «بدأت بعمل كتاب الزهرة وأنا في الكتّاب ونظر في أكثره». وكان فطنا ذكيّا نافذ البصيرة كما كان شاعرا. ويروى أن شخصا سأله في حلقته عن حد السكر متى هو؟ ومتى يكون الإنسان سكران؟ فأجابه: إذا عزبت عنه الهموم، وباح بسره المكتوم. وفي هذه الإجابة ما يدل على أنه كان ظريفا. ويروى أيضا أن رجلا جاء إلى حلقته فدفع إليه ورقة، فأخذها وتأملها طويلا، وظن تلامذته أنها مسألة فقهية، وقلبها وكتب في ظهرها الإجابة، فراجعوها. وخاصة حين عرفوا أن الرجل هو ابن الرومي الشاعر المشهور، وإذا في الرقعة مكتوب:
يا بن داود يا فقيه العراق … أفتنا في قواتل الأحداق
هل عليهن في الجروح قصاص … أم مباح لها دم العشاق
وإذا الجواب:
كيف يفتيكم قتيل صريع … بسهام الفراق والإشتياق
وقتيل التلاق أحسن حالا … عند داود من قتيل الفراق
ويقال إنه كان يهوى فتى من أصبهان يقال له محمد بن جامع الصيدلاني العطار وكان طاهرا في هواه. فهو إن صح كان هوى نقيّا، أو قل إنه كان تعلقا أوشك أن يكون هوى أو ظنه الناس هوى. وكان ترجمانا للهوى العذري في عصره كما كان مؤلفا فيه، إذ صنّف في أشعاره الجزء الأول من كتابه الزهرة كما أسلفنا. وله فيه أشعار كثيرة يعزوها أو ينسبها إلى أهل عصره كما لاحظ ذلك المسعودي. من مثل قوله:
عن كبدي من خيفة البين لوعة … يكاد لها قلبي أسى يتصّدع
يخاف وقوع البين والشمل جامع … فيبكى بعين دمعها متسرّع
ص454
فلو كان مسرورا بما هو واقع … كما هو محزون بما يتوقّع
لكان سواء برءه وسقامه … ولكنّ وشك البين أدهى وأوجع
وهو يشكو من لوعات الحب التي تكاد تمزّق قلبه حسرات. وهو يخاف البين قبل وقوعه، فيبكي بدموع غزار، فما باله والبين يوشك أن يقع؟ إنه يمعن في البكاء ويمعن في الالتياع ويمعن في الألم والعذاب، ومن قوله:
تمتّع من حبيبك بالوداع … إلى وقت السرور بالاجتماع
فكم جرّبت من وصل وهجر … ومن حال ارتفاع واتّضاع
وكم كأس أمرّ من المنايا … شربت فلم يضق عنها ذراعي
ولم أر في الذي لاقيت شيئا … أمرّ من الفراق بلا وداع
تعالى الله كلّ مواصلات … وإن طالت تؤول إلى انقطاع
وهو يدعو إلى ألا يشكو المحب من الفراق ولحظة الوداع التي طالما عصرت قلوب المحبين، ويقول إنها ليست آخر لحظة يلقى فيها الحبيب، فستأتي بعدها لحظات لقاء، وهكذا الحب أحوال من وصل وفراق ولقاء وهجر. ويقول كم شرب من الحب كئوسا مرة أمر من الموت، فتحمّلها صابرا. وليس أمر من الفراق بلا وداع ولا سلام ولا حتى تحية من بعيد، فإن هذا عذاب لا يطاق، عذاب كأنه الجحيم.
ويثوب الفقيه إلى رشده فالله قد كتب على كل شيء الزوال والفناء. ومن تتمة ذلك عند الفقيه أن يرضى بالقدر المقدور وما كتبه القضاء المحتوم، كأن يقول في بعض غزله:
أفوّض أسبابي إلى الله كلّها … وأقنع بالمقدور فيها وأرتضي
فهو دائما يسلّم-في عذابه بالحب وآلامه فيه وما يصلى من هجر وبعد وفراق-بما أرادته له المقادير. وتشيع في شعره كلمات فقهية كثيرة مثل كلمات الحلال والحرام والتوبة، ويعلن غير مرة أن حبه عفيف نقي طاهر لا تشوبه أدنى شائبة، يقول:
ص455
لا تلزمنّي في رعى الهوى سرفا … وما أوفّيه إلا دون ما يجب
في عفّة أن يلم بها … سوء الظنون وأن تغتالها الرّيب
ويكثر في غزله من ذكر المنازل والديار والفيافي والقيعان والرّكبان والمطايا، وهو يتساءل والمنازل لا تجيب، فقد رحل الأحبة وخلفوا له وجدا ما مثله وجد، وعبثا يخفيه فكل ما حوله يبصره، يقول:
يخفى هواه وما يخفى على أحد … حتى على العيس والرّكبان والحادي
ويذيع شعره في بغداد ويغنىّ فيه المغنون والمغنيات، وهو لا يدرى من أمره شيئا فقد كان منكبّا دائما على حلقات الدرس وعلى التصنيف والتأليف. ويساير ذات يوم القاضي محمد بن يوسف فيسمع جارية تغنىّ بقوله:
أشكو غليل فؤاد أنت متلفه … شكوى عليل إلى إلف يعلّله
سقمي تزيد على الأيام كثرته … وأنت في عظم ما ألقى تقلّله
الله حرّم قتلي في الهوى سلفا … وأنت يا قاتلي ظلما تحلّله
ويلتفت إلى صاحبه قائلا: كيف السبيل إلى ارتجاع مثل هذا الشعر الذي تلوكه أفواه المغنين والمغنيات، فيوئسه من ردّه قائلا؛ هيهات سارت به الركبان.
ومن طريف ما يروى له:
فلا تطف نار الشوق بالشوق طالبا … سلوّا فإن الجمر يسعر بالجمر
ولم تمتد حياته طويلا. فقد توفى سنة 297 وهو في الثانية والأربعين من عمره، ويقال إنه لما مات جلس ابن سريج مناظره المذكور آنفا في مجلسه وبكى وجلس على التراب. وقال: ما آسى إلا على لسان أكله التراب من ابن داود. وحزن عليه تلاميذه حزنا شديدا. ويقال إن نفطويه جزع عليه جزعا عظيما. ولم يجلس في حلقته للناس يحاضرهم سنة كاملة.
ص456
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر في حياة ابن داود وأشعاره تاريخ بغداد 5/ 256 ومروج الذهب للمسعودي 4/ 205 وابن خلكان والوافي بالوفيات للصفدي 3/ 58 ومرآة الجنان لليافعي 2/ 228 وطبقات الشافعية للسبكي في ترجمة ابن سريج 3/ 23 وما بعدها، وطبع له الجزء الأول من كتاب النزهة بيروت.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|