المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

أهم استخدامات المياه العذبة - النقل
16-3-2022
المواصفات الوظيفية والجودة.
1-7-2016
كابينة الزرع low Cabinets Laminar
11-11-2018
اهم النظريات الجيوبوليتيكية - نظريه القوة البحرية
17-1-2022
العوامل البيولوجية للخصوبة
2024-06-30
تفسير آية (153-154) من سورة النساء
27-2-2017


الصيمريّ  
  
2595   03:18 مساءً   التاريخ: 24-6-2019
المؤلف : د .شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : تاريخ الأدب العربي ـالعصر العباسي الثاني
الجزء والصفحة : ص :433ـ435
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /

 

الصيمريّ (1)

هو أبو العنبس محمد بن إسحق، أصله من الكوفة، وتولى القضاء بالصّيمرة فنسب إليها، وهي نهر بالبصرة عليه قرى وبلد وزروع، قدم سامرّاء في عصر المتوكل فقرّبه منه واتخذه نديما له، لما كان يمتاز به من الفكاهة و التندير، وكأنما أتيح له مبكرا أن يفرغ للتأليف، إذ روى له ابن النديم في الفهرست طائفة كبيرة من المصنفات، ونجد بينها ما يتصل بالمنادمة، ككتب الأطعمة وكتاب الجوابات المسكتة. وكان عالما بالنجوم، وله فيها كتابان. ولم يكن يجمع بين الهزل والعلم، فقط، فقد كان يضيف إليهما الشعر، ويقولون إنه كان خبيث اللسان، هاجي أكثر شعراء زمانه، ومع ذلك لم يصلنا من هجائه إلا أشعار قليلة من مثل قوله في إبراهيم بن المدبر، وكان قد تولى الولايات الكثيرة وترأس بعض الدواوين، في سامرّاء وبغداد:

ص433

أسل الذي عطف الموا … كب بالأعنّة نحو بابك

وأذلّ موقفي العزي‍ … ز على وقوفي في رحابك

وأراك نفسك مالكا … ما لم يكن لك في حسابك

ألاّ يطيل تجرّعي … غصص المنيّة من حجابك

وله خبر طويل مع البحتري هجاه فيه وسخر منه سخرية مرة، إذ حدّث الرواة أنه كان من عادة البحتري إذا أنشد المتوكل شعره أن يتشادق ويتزاور في مشيه مرة متقدما ومرة متأخرا ويهز رأسه مرة ومنكبيه مرة أخرى ويشير بكمه ويقف عند كل بيت ويقول: أحسنت والله، ثم يقبل على المتوكل ومن في مجلسه فيقول:

مالكم لا تقولون أحسنت؟ هذا والله ما لا يحسن أحد أن يقول مثله. وكان المتوكل يضجر من ذلك. فأقبل على الصيمري والبحتري ينشده مدحته فيه:

عن أي ثغر تبتسم … وبأي طرف تحتكم

وقال له: أما تسمع ما يقول؟ فقال له الصيمري: بلى. فمرني فيه بما أحببت، فقال: اهجه على هذا الرّوىّ، فحضرته على البديهة قصيدة هجاء طويلة من نفس الوزن والقافية، وفيها يقول:

يا بحترىّ حذار وي‍ … لك من قضاقضة ضغم (2)

فبأيّ عرض تعتصم … وبهتكه جفّ القلم

ولقد أسلت بوالدي‍ … ك من الهجا سيل العرم

يا بن الثقيلة والثّقي‍ … ل على قلوب ذوى النّعم

ومضى يفحش في القصيدة ويقذع فيها إقذاعا قبيحا. ولا ريب في أن نظمه قصيدة طويلة بهذا النمط على البديهة يدل على شاعرية قوية. وظلّ خفيفا على قلوب الخلفاء. يسلكونه في ندمائهم حتى عصر المعتمد. أو بعبارة أخرى حتى توفى في عصر هذا الخليفة لسنة 275. وله يهجو طبّاخه المسمى صالحا:

ص434

يا طيب أيامى بمعشوق … ونحن في بعد من السّوق

إذا طلبت الخبز من فارس … ينفخ لي صالح بالبوق

وله بجانب أهاجيه مدائح لبعض الوزراء ورؤساء الدواوين، ومما احتفظت له المصادر به قطعة في مديح الحسن بن مخلد وزير المعتمد حين كان يتولى ديوان الضياع للمتوكل، وهي تطرد على هذا النمط:

زارني بدر على غصن … قابلا وصلى يقبّلني

خلته لما أتى حلما … وهو روحي ردّ في بدنى

إن لي عن مثله شغلا … بمقال الشعر في الحسن

وأبيه مخلد فبه … قد لبسنا سابغ المنن

كاتب قلّ النّظير له … فاضل في العلم واللّسن

وشعره يسيل عذوبة، وكأنما كان يقول أكثره ارتجالا، فلا تكلف فيه ولا تعمّل، ومع ذلك لا نجد فيه هلهلة في النسيج، إنما نجد المتانة التي تجعله سائغا في الآذان والأسماع. وله بعض نظرات وتأملات جيدة من مثل قوله:

كم مريض قد عاش من بعد يأس … بعد موت الطبيب والعوّاد

قد يصاد القطا فينجو سليما … ويحلّ القضاء بالصيّاد

وهي فكرة دقيقة، فقد يعيش المريض الميئوس من شفائه المبكىّ عليه من محبيه وأودّائه، ويموت الطبيب الصحيح المعافى. وبالمثل قد يصاد طائر، ويخطف الموت صائده، بينما تردّ له حريته ويعود إلى رفرفته في الهواء طليقا.

ص435

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) انظر في الصيمري وأخباره وأشعاره كتاب الأغاني (طبعة الساسي) 18/ 173 والفهرست ص 222 وتاريخ بغداد 1/ 238 ومروج الذهب 4/ 9 ومعجم الأدباء 17/ 8 والنجوم الزاهرة 3/ 74 والوافي بالوفيات 2/ 191.

(2)القضاقضة : الأسد .ضغم : مفترس .

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.