أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-4-2021
2191
التاريخ: 2-5-2021
1972
التاريخ:
1959
التاريخ: 17-4-2019
3050
|
التاريخ صراع بين الحق والباطل
انتصار الحق على الباطل
الحقّ دائماً ينتصر على الباطل، وهذا ما تدلّ عليه فلسفة التاريخ في مختلف القصص، وما نراه اليوم في العالم من نصرة الحقّ في مختلف أبعاده من حرّية، وقوّة، وإعطاء كثير من الناس حوائجهم، وتقارب الأمم بعضهم إلى بعض، إلى غير ذلك كلّه من هذه الفلسفة، التي هي الروح العامة بالنسبة إلى التاريخ، ولو لم تكن هذه الروح العامة، لم تكن هناك حرّية، ولا أخوة، ولا مساواة في مواردها، ولا أمن، ولا ما أشبه ذلك، لأن التأريخ في فلسفته وحقيقته قائم على مبادىء معنوية، تستهدف فهم الحقيقة، والفصل بين الحق والباطل، وإلاّ فإن السرد المادي للتاريخ لا يمثل إلاّ وسيلة لاستنتاج الحقائق المعنوية. فقد ذكر القرآن الحكيم آيات بهذا الصدد، مثل قوله تعالى: (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً(1).
ومعنـى (كَانَ زَهُوقاً ما من طبيعته الاضمحلال، لأنّ الباطل لا يساوق الحيـاة العامة حسب تقرير الله سبحانه وتعالى، ولذا ليس من طبيعة الباطل البقاء، وإنّما البقاء بجهة القسر، والقسر لا يدوم، كما قاله الحكماء.
وقال سبحانه وتعالى: (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ(2) أيّ: زهوقاً مظهرياً، وإن كان في واقعه هو عدم وسراب.
وقال سبحانه وتعالى: (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلاَمُ الْغُيُوبِ * قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ(3) .
وقال سبحانه وتعالى: (وَيَمْحُ اللهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ (4)، فإنّ محو الله الباطل، تكويني وتشريعي، حيث إنّ الله سبحانه وتعالى جعل الحياة بصورة لا يدوم فيها الباطل، فإذا دام، فهو وقتي.
وقال سبحانه وتعالى: (فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ(5) .
وقـال سبحانه وتعالى: (ثُـمَّ نُنَجِّـي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُـوا كَذَلِـكَ حَقّـاً عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ(6)، وهذه هي طبيعة الحياة، وهذه هي جوهر فلسفة التاريخ، حيث يموت الباطل باندثار سلطانه المادي، ويخلد الحق بمبادئه وقيمه.
ولا يقال: إنّ النبي الفلاني قتل أو ما أشبه ذلك، حيث قال سبحانه وتعالى: (فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ(7)، وقال سبحانه وتعالى: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ(8) .
لأنـا نقول: إنّ نصر الإنسان لله سبحانه وتعالى هو الذي يواكب الحياة حسب ما قرّره الله سبحانه وتعالى .
وقال سبحانه وتعالى: (وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ(9) نصراً مادّياً ومعنوياً، ولكن من الواضح أنّ الله تعالى جعل الدنيا دنيا أسباب، فاللازم أن يتّبع المؤمنون الأسباب حتّى يصلوا إلى النصر.
وقال سبحانه وتعالى: (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ(10)، ولاشكّ أنّ المرسلين وجند الله هم الغالبون وإن كان في طريق ذلك بعض المشكلات.
وقال سبحانه وتعالى: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ(11)، ففي الحياة الدنيا ينصرون بالتقدّم العسكري والعلمي، أمّا يوم يقوم الأشهاد فهو يوم المحشر، فالنصر للرسل وللذّين آمنوا بدون أيّ تأخير.
وقـال سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَـا الَّـذِينَ آمَنـُوا إِنْ تَنْصـُرُوا اللهَ يَنْصُـرْكُـمْ وَيُثَبـِّتْ أَقْدَامـَكُمْ(12)، فانْ علم الذين آمنوا بأنّ الله ينصرهم، وأنّ الحقّ لهم ومعهم، وأنّ الغلبة فـي النهاية على الأعداء من نصيبهم، فإن هذا يثبّت أقدامهم ويقيم أمورهم، كما قال سبحانه وتعالى: (الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا(13)، وقال سبحانه وتعالى: (فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْه(14) .
وقال سبحانه وتعالى: (كَتَبَ اللهُ لاَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي(15)، ولاشكّ أنّ الغلبة لله سبحانه وتعالى، فإنّ الأمر لا يفوته مهما طال الزمن.
وقال سبحانه وتعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَآتَاهُمُ اللهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ(16)، وثواب الدنيا عبارة عمّا يعود إلى المرسلين والمؤمنين، من ثاب يثوب، يعني: رجع، هذا بالنسبة إلى ثواب الدنيا المحدودة. أمّا بالنسبة إلى ثواب الآخرة فحسن ثواب الآخرة من نصيبهم. والآية الكريمة تشمل النصر، والغلبة، والفتح، وخيرات الدنيا.
ثـم إن الغلبـة ليسـت غلبـةً أخروية فقـط بـل تشمل الغلبة الدنيوية، كما قال سبحانه وتعالى: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ(17)، وقال سبحانه وتعالى: (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأرْضَ للهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ... وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا(18)، فإنّ الصبر مفتاح الفرج(19)، والإنسان الضعيف دائماً يوفّر لنفسه أسباب القوّة والغلبة، ولهذا يرث طرف الشرق وطرف الغرب من بلاده سواء كان مصر، أو العراق، أو إيران، أو غير ذلك.
وقـال سبحانه وتعالى: (وَلَقـَدْ نَصَرَكـُمُ اللهُ بِبـَدْرٍ وَأَنْتـُمْ أَذِلـَّةٌ فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(20)، فإنّ الإنسان المتّقي هو الذي ينجح ويغلب كما قال سبحانه وتعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً *وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُه(21)، وقال سبحانه وتعالى: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُرْدِفِينَ(22)، فالملائكة من وراء الذين يستغيثون ربّهم في إنجاحهم وإنجازهم.
إنْ قلت: كيف قتل الإمام الحسين (عليه السلام) مع جميع هذه الوعود الإلهيّة؟.
قلت: إنّ الإمام الحسين (عليه السلام) هو الذي اختار الشهادة؛ ليكون رمزاً للمظلومية، وليكون دين الله هو الحاكم، ويزهق الحكّام الأمويون ومن أشبههم على طول التاريخ بدمائه الزكيّة الطاهرة، وقد انتصر الإمام (عليه السلام)؛ لأنّ نهضته امتدت عبر القرون لتنتج ثورات وانتفاضات، رافعة شعارات الحرية بوجه الاستبداد، والطغيان، والظلم، ولازال الأحرار في العالم ينتهلون من معين قيمه ومبادئه.
وقال سبحانه وتعالى: (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ(23)، فإنّ العجب لا يوجب النجاح بل يوجب السقوط، كما قال علي (عليه السلام): (أوحش الوحشة العجب)(24).
وقال سبحانه وتعالى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ وَللهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ (25)، وكلّ شيء في الكون جند لله سبحانه وتعالى، قدّر الله لها أن تسير مسيرة خاصّة في الحياة.
ومن الواضح: أنّ الشخص الذي يواكب الحياة هو الذي ينجح في النهاية وإن تأخّر ذلك زماناً ما، وقد يكون انتصاره بعد أجيال تحقق انتصاره المادي والمعنوي.
وقال سبحانه وتعالى: (فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً * وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا(26)، ومن الواضح أنّ المغانم هنا ليست مغانم حربية وحسب، فكلّ شيء يستفيده الإنسان في حياته هي غنيمة وفائدة.
وقال سبحانه وتعالى: (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا(27)، فإنّ الإنسان الذي يسير في مسير الله سبحانه وتعالى، تكون في قلبه السكينة، والاطمئنان، والهدوء؛ لأنّه يعلم ارتباطه بالله سبحانه وتعالى، ويعلم أنّه يسير في مسير الحياة الصحيحة، ويواكب التقدير الإلهي.
وقال سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً * إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً(28)، فمن الواضح أنّ الهجوم عليهم من فوق ومن أسفل ليس خاصّاً بذلك الوقت بل من يكون مع الله سبحانه وتعالى يكون نصيبه الغلبة حتّى إذا جاءهم الأعداء من فوقهم ومن أسفل منهم، وحتّى إذا زاغت أبصارهم بسبب الرعب وبلغت قلوبهم الحناجر، حيث إنّ الإنسان الذي يخاف خوفاً شديداً؛ تتوتّر أنفاسه، وينشأ من ذلك ضغط الرئة على القلب فيرتفع القلب إلى الحنجرة قليلاً، وهكذا قوله سبحانه وتعالى: (وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ(29)، فالأعداء دائماً مرعوبون مهما كان عددهم وعدّتهم بينما المؤمنون دائماً في سكينة، وهدوء، واطمئنان.
فأهل الآخرة وأهل الحقّ دائماً يصيبهم خير الدنيا والآخرة، بينما أهل الباطل وأهل الدنيا فقط ليس من نصيبهم ذلك، قال سبحانه وتعالى: (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمُور(30)، حيث إنّ الإنسان الذي يعلم أنّه على الحقّ وأنّه ينتصر في النهاية، له من الأمور العزم والجزم.
وقـال سبحانه وتعالى: (وَالَّـذِينَ هَاجـَرُوا فـِي اللهِ مـِنْ بَعْدِ مـَا ظُلِمـُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِـي الدُّنْيَا حَسَنَـةً وَلأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ * الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (31)، فإنّ (الصبر مفتاح الفرج)(32)، والتوكّل على الله هو سبب الغلبة؛ كما قال الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) لأبي ذر: (يا أبا ذر، إن سرّك أن تكون أقوى الناس فتوكّل على الله)(33)، وليس المراد لقلقة اللسان فقط بل الأخذ بموازين التوكّل عملياً، ونفسياً، وروحياً، وفكرياً.
وقال سبحانه وتعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ *نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا(34)، فإنّ الإنسان المتعلّق بالله، والمستقيم في العمل، يبعث له الله سبحانه وتعالى الاطمئنان، وعدم الخوف والحزن، والملائكة التي هي أرواح من قبل الله تعالى تتنزّل عليه بتقوية قلبه في قبال الذين تتنزّل عليهم الشياطين، كما قال سبحانه وتعالى: (إِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ(35) .
وقال سبحانه وتعالى: (وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ(36)، فإنّ رحمة الله أمرٌ تكويني وخارجي، وكلاهما من نصيب من يطيع الله ورسوله.
وقال سبحانه وتعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً(37)، فهو خير عاجل وأولٌ حسن، لأنّ الأولى لمثل هؤلاء الأفراد جنّة عرضها السماوات والأرض أعدّت للمتّقين.
سُنة انتصار أهل الحق
مسألة: من سنن التاريخ أنّ أهل الحقّ دائماً منتصرون وغالبون، لأنّ الحقّ يواكب الحياة، فكلّ شيء في الحياة مبني على الحقّ، والعدل، والصدق، والواقعية، وأهل الحقّ أهل هذه الأمور. فلذا فهم منتصرون وغالبون في هذه الحياة الدنيا، وهـذا أصـلٌ كلّي أوّلي، بينما ما يكون خلافه استثناءً وثانوياً؛ نظير الأمور الطبيعية، فإنّ الأصل في الدواء هو الشفاء لكن قد لا يشفيه، والأصل في موجبات الحـرارة والبـرودة والرطوبة واليبوسة؛ المزاجية، أن تكون الأمور على وفقها، والاستثناء هو العكس، وكذلك بالنسبة إلى سائر الأصول الأوّلية، فإنّ معنى الأصل هو الأوّلية والدائمية، ويكون خلاف الأصل من الاستثناء لا من القاعدة.
وعلى كلّ حال: فإنّ جملة من الآيات تدلّ على هذه الحقيقة، فقد قال سبحانه وتعالى: (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ(38)،ومن الواضح أنّ شرط العلوّ أن يكون الإنسان مؤمناً؛ لأنّ المؤمن هو الذي يواكب الحياة لا غير المؤمن، ولهذا قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (الإسلام يعلو ولا يعلى عليه)(39).
هذا بالنسبة إلى الأمور المادّية، وأمّا بالنسبة إلى الأمور المعنوية فأهل الحقّ دائماً هم الأعلون؛ لأنّهم هم الواقعيون، قال سبحانه وتعالى: (إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ * أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأمُورِ(40)، فإنّ الله سبحانه وتعالى يدافع عن الذين آمنوا، ودفاع الله مادّي ومعنوي، كما أنّ الإذن للذين يقاتلون بأنّ يتقدّموا ويرتفعوا؛ لأنّهم ظُلموا، والمظلوم دائماً يكون في تحفّز وواقعية، بينما الظالم يكون في غرور وانحراف. والذي يقاتل حيث إنّه ظُلِم، يكون منصوراً، فالقدرة من الله سبحانه وتعالى، والتحفّز من الإنسان المظلوم، وهما يسيران به إلى رفع الظلم.
ومصداق الذين ظلموا: (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ (41)، ولا يقولون: (ربنّا الله بمجرّد اللفظ وإنّما بالعمل أيضاً كما تقدّم، فإنّ القول باللغة العربية يطلق على العمل أيضاً.
ومن الواضح: أنّه لولا أن الله سبحانه وتعالى يدفع غير المستقيم بسبب المستقيم لهدّمت صوامع للمسيحيين، وبيع لليهود، وصلوات للمجوس، وهؤلاء هم أصحاب الأديان الأولى، وإن حرّفوا، وبدّلوا، ونسوا حظّاً ممّا ذكِّروا به، ومساجد للمسلمين، ولينصرنّ الله من ينصره فإنّ من ينصر الله يواكب الحياة ويكون واقعياً حقيقياً، ومــن الواضـح أنّ الـذي يواكب الحياة ويكون حسب موازين الكون يكون منصوراً، ومنهم الذين ينصرون الله هم الذين مكّنهم الله، وصار بيدهم الحكم، والسيادة، والسلاح، والعزّة، فإنّهم: (أَقَامُوا الصَّلاَةَ(42)، الارتباط بين الإنسان والله، و: (آتُوا الزَّكَاةَ(43)، الارتباط بين الإنسان والإنسان، (وأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ(44)؛ حتّى تكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الباطل هي السفلى، ولله عاقبة الأمور، لأنّ كلّ شيء ينتهي إلى الله، كما قال سبحانه وتعالى: (وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى(45).
وفي آية أخرى: (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ(46)، فإنّ رحمة الله إنّما تشمل مثل هؤلاء الأفراد.
وقد ذكرنا سابقاً أنّ غير هؤلاء طفيليون بالنسبة إلى هؤلاء، حيث إنّ غير هؤلاء وأمثالهم لا يستحقّون الحياة المرفّهة والرحمة.
وقال سبحانه وتعالى: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرْضِ(47) حتّى يكونوا هم سادة الأرض، وبيدهم المال، والسلاح، والحكم، وغير ذلك.
وقال سبحانه وتعالى: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ(48)، فإنّ أهل الباطل هم الذين يريدون أن يقولوا قولاً ضدّ الحق، ويريدون إطفاء نور الله بالقول، وهيهات أن يطفأ نور الله بالقول، كما أنّ نور الشمس وهو شعبة من شعب نور الله سبحانه وتعالى لا يمكن أن يطفأ بسبب ما يروّج من أقاويل وأراجيف.
وقال سبحانه وتعالى: (إِنَّ الأرْضَ للهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (49)، فإنّ الباطل وإن مشى مدّة وهرّج زماناً، لكن العاقبة للّذين يواكبون الحياة ويتّقون الله في أوامره ونواهيه، كما أنّ العاقبة للذين يستعملون الدواء وإن كان غير مستعملي الدواء يهرِّجون بأنّهم برئوا وأنّ الحقّ معهم.
وفي آية أخرى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ(50)، وهم الصالحون للحياة أيضاً، والله سبحانه وتعالى بعد أن ذكّر بالأحكام، والعقائد، والأخلاق، وما أشبه ذلك، في كتاب الزبور، الذي هو كتاب داود، كما قال سبحانه وتعالى: (وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُوراً(51)، ذكر هذه الحقيقة بأنّ الأرض تكون للصالحين من عباد الله سبحانه وتعالى، الذين يصلحون للحياة. وقال سبحانه وتعالى: (ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ(52)، فإنّ الضلالة تزيد عليهم، كما أنّ الهداية تزيد عليهم ـ على ما ذكرناه سابقاً ـ حيث إنّ كلّ شيء من الماديات والمعنويات في حالة تنامٍ، فمن الطبيعي أن يكون الذين يعملون السيئات ينتهي حالهم إلى التكذيب بآيات الله، فالذين يكذبون بآيات الله ويستهزئون بها فثمرة عصيانهم وظلمهم أنّهم يسلب منهم نور الهداية مطلقاً فيتجهون للتكذيب، والكفر، والانحراف، والاستهزاء، وتكون عاقبة مثل هؤلاء السقوط في الدنيا والآخرة، كما قـال سبحانه وتعالى في آيات أخرى: (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ(53)، وقال سبحانه وتعالى: (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ(54)، فإنّ المنحرف في أعماله، ينحرف في قلبه أيضاً، كما جاء في الحديث: (فجعل أعلاه أسفله وأسفله أعلاه)(55) .
ومن الواضح: أنّ الله سبحانه وتعالى لا يشمل الفاسقين برعايته وعنايته، وإن كانت الهداية العامة تشملهم جميعاً، فإنّ الهداية عامّة وخاصّة، فالهداية العامّة هي تذكير الأنبياء ومن إليهم بموازين الهدى، ثمّ قد يقبل بعض الناس ذلك، وقد لا يقبل كما قال سبحانه وتعالى: (أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى(56) .
أمّا الهداية الخاصّة؛ فهي الإيصال إلى المطلوب من الحقّ، والعدل، والسعادة، وخير الدنيا والآخرة.
ومن الواضح: أنّ المنحرفين يزيّن لهم الشيطان أعمالهم، فيمضون في طريق الجهالة والشر، حيث قال سبحانه وتعالى: (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ(57)، وفي آية أخرى: (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(58)، وفي آية أخرى: (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ(59)، وفي آية أخرى: (وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ (60)، فإنّ الشركاء الذين هم ينسبونهم إلى كونهم شركاء الله، زيّنوا لهم قتل أولادهم ذكوراً وإناثاً؛ الأنثى بسبب العار، والذكر بسبب الفقر على الأغلب، وفي آية أخرى: (وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ(61)، والقرناء هم من الجنّ ومن الإنس، فالجنّ يوسوس في قلوبهم، والإنس يقول لهم ويعمل ما يسبّب لهم الانحراف، كما قال سبحانه وتعالى: (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ(62) .
وبعد أن تتمّ الحجّة على جميع الناس؛ نتيجة عمل الأنبياء، والرسل، ونصر الأنبياء والأوصياء، وإنزال الكتب، يتّخذ أهل الباطل طريق الانحراف والضلال، بمحض اختيارهم وإرادتهم، وحينئذ ينشط الشيطان للوسوسة لهم، ويصوّر أعمالهم في أعينهم بأشكال جميلة وحسنة، كما قال سبحانه وتعالى: (يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً(63)، وقال سبحانه وتعالى: (إِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ(64) .
إذاً: فترك الله سبحانه وتعالى الإنسان بعد إتمام الحجّة عليه إنما يكون مستنداً إلى الله المقدّر في إطار القدر، ولذا نسب هذا التزيين الشيطاني في بعض آيات القرآن إلى الله تعالى.
وقـال سبحانه وتعالى: (كَـذَلِكَ زَيَّنـَّا لِكُـلِّ أُمـَّةٍ عَمَلَهُمْ(65)، وقال سبحانه وتعالى: (وَقَيَّضْنَا لَهُـمْ قُرَنـَاءَ(66)، وقـال سبحانه وتعالى: (إِنَّ الَّذِيـنَ لاَ يُؤْمِنـُونَ بِالآخـِرَةِ زَيَّنـَّا لَهُمْ أَعْمَالَهـُمْ فـَهـُمْ يَعْمـَهُـونَ(67)، وقـال سبحانه وتعالى: (زُيـِّنَ لِـلَّذِيـنَ كَـفـَرُوا الْـحَيـَاةُ الدُّنْـيـَا(68)، وقال سبحانه وتعالى: (كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(69)، وقال سبحانه وتعالى: (زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ(70)، وقال سبحانه وتعالى: (كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(71)، والمراد بالإسراف الانحراف عن طريق الله سبحانه وتعالى، كما قال بالنسبة إلى فرعون: (لَعَالٍ فِي الأرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ(72)، وقال سبحانه وتعالى: (بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ(73)، لأنّ الهدايــة خاصّة بالله سبحانه وتعالى، إذ لا هدايـة فيمـا سـواه، كــما قــال سبحانه وتعالى: (وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (74)، وقــال سبحانه وتعالى: (أَفَمـَنْ زُيـِّنَ لـَهُ سُـوءُ عَمَلـِهِ فـَرَآهُ حَسَنـاً(75)، وقــال سبحانه وتعالى: (أَفَمـَـنْ كَـانَ عَلـَى بَيِّنـَةٍ مــِنْ رَبـِّهِ كَمـَنْ زُيـِّنَ لـَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ(76)، والتزيين يكون ابتداءً من النفس الأمّارة بالسوء، ومن الشيطان، ينتهي إلى الله سبحانه وتعالى، كما تقدّم وجه ذلك، ومثل هؤلاء الأشخاص يستدرجون إلى النتيجة النهائية وهي العقاب، والعذاب، والانحراف في الدنيا، والنار في الآخرة، كما أنّه يملى لهم، قال سبحانه وتعالى: (وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ(77)، فما يعطون من المال، والأولاد، والأنفس، والعزّة، والجاه، وما أشبه ذلك، كلّه إملاء، واستدراج، وليس خيراً كما يزعمون ويزعم غيرهم، كما قال سبحانه وتعالى: (قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ(78)، وفي آية أخرى: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا(79)، فإنّهم لا ينسون نسياناً حقيقياً بل ينسون نسياناً واقعياً، كما قال سبحانه وتعالى: (نَسُوا اللهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ(80)، وقال سبحانه وتعالى: (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً(81)، إلى غير ذلك ممّا استعمل فيه النسيان بمعنى الترك.
وقال سبحانه وتعالى في آيات أخرى في صدد ما ذكرناه من سنن التاريخ: (ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ(82) .
وقد شاهدت خلال حياتي كم أخذ الله بغتة في الحرب العالمية الثانية حيث أدركت سنن الله في وقائع هذه الحرب من أوّلها إلى آخرها، وكذلك بالنسبة إلى الذين ماتوا أو قتلوا فجأة كعبد الكريم قاسم الذي قتل فجأة، وعبد السلام عارف الذي صعد إلى السماء واحترق، وكذلك أحمد حسن البكر الذي مات فجأة نتيجة زرق صدّام له إبرة مسمومة(83)، إلى غير ذلك من أمثال أتاتورك(84)، وياسين الهاشمي، وغيرهم، وكذلك يحدّثنا التاريخ عن أخذ الله الكفّار بغتة مثل: فرعون، ونمرود، وقارون(85)، وغيرهم، وقال سبحانه وتعالى: (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مـِنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُـونَ * وَأُمْلـِي لَهـُمْ إِنَّ كَيـْدِي مَتِينٌ(86)، فإنّ الله سبحانه وتعالى يمكـر، ومكـره سريع المفعول، ولذا سمّاه كيداً، قال سبحانه وتعالى: (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ(87)، وقال سبحانه وتعالى: (يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ(88)، وقال سبحانه وتعالى: (قُلِ اللهُ أَسْرَعُ مَكْراً(89)، فإنّ سهم الله سيصيبهم قبل أن يبدؤوا بإطلاق سهامهم.
وفي آية أخرى: (فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ(90)، أ لـم يشاهدوا ما أخذناه من المجرمين والمفسدين. وقـال سبحانه وتعالى: (فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهــَذَا الْحَـدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُـمْ مـِـنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمـُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ(91)، لكن من شأن الله سبحانه وتعالى أنّه لا يأخذ أهل الباطل بسرعة، لأنّ الله لا يمكن الفرار من حكومته.
ثم إنّ تأخيرهم لعلّهم يرجعون، وإن كان الله سبحانه وتعالى ليعلم أنّهم لا يرجعون، فالإمهال سنّة الله سبحانه وتعالى وفلسفة التاريخ، فإنّه لا يستعجل في معاقبة أهل الباطل وإنّما يعجل من يخاف الفوت. وعدم العجلة لمراعاة مجموعة من المصالح، مثل إتمام الحجّة أو لعل جميعهم أو بعضهم يندمون ويرجعون، كما قال سبحانه وتعالى: (وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ(92)، والتاريخ مليء بقصص الذين أمهلوا ثم رجعوا كما حدث في زمن رسول الله (ص)، وزمن الإمام علي (عليه السلام)، وزمن الإمامين الحسن والحسين (عليهما السلام) ، ورأينا أمثال الحرّ الرياحي (93)، وغيره، من الذين تابوا إلى الله، ورجعوا إلى الحقّ، ولولا إمهال الله سبحانه وتعالى لم يرجعوا.
قال سبحانه وتعالى: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخـِّرُهُـمْ إِلـَى أَجـَلٍ مُسَمـًّى فَإِذَا جَـاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ(94)، فالأجل يأتي في وقته بلا تأخير أو تقديم، فهو يتحقّق في الـوقت الذي قـدّره الله سبحانه وتعالى، وقـال سبحانـه: (ظَهَـرَ الْفَسـَادُ فـِي الْبـَرِّ وَالْبَحـْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ(95)، والله يعلم أنّه يرجع أو لا يرجع، لكن حيث إنّ المكان مكان (لعلّ جاء الله سبحانه وتعالى بهذه الكلمة؛ إذ لا مجهول لله سبحانه وتعالى حتّى يقول ليت أو لعلّ بالنسبة إلى نفسه وإنّما يقول ذلك بالنسبة إلى الجري المعهود.
وفي آية أخرى: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً(96)، والمراد بالدابّة إمّا الإنسان، وإمّا الأعمّ حتّى من النمل، وما أشبه ذلك من الحيوانات الصغيرة، وإنّما يؤخذون بذنب الإنسان حيث إنّ من في الدار التي فيها الوباء يصيبه الـوباء، وإمـّا بسبب أنفسهـم حيث إنّه ورد: (ما من طير يصاد إلاّ بتركه التسبيح)(97) في ذلك اليوم.
ثم إنّ الظاهر من الآيات والروايات أنّ الحيوانات أيضاً تطيع الله وتعصيه، كما قال سبحانه وتعالى: (وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَه (98)، هذا في مجال الطاعة، أمّا في مجال المعصية، فمن قصّة الهدهد وسليمان (عليه السلام) إلى غير ذلك من الآيات والروايات، يمكننا أن نستنتج أنّ الحيوانات تطيع الله وتعصيه أيضاً.
وقـال سبحانه وتعالى: (وَمـَا أَصَابَكـُمْ مـِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمـَا كَسَبَتْ أَيْدِيـكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ(99)، لأنّ الله إذا لم يعفُ أخذ، وإذا أخذ لا تكون مهلة، ومن الحكمة والعقل أن يعطي الله المهلة للعصاة والمخالفين، لكن ترك الله سبحانه وتعالى العصاة، والمخالفين، والكفرة، ليس بدون ابتلائهم بالمصائب، والله سبحانه وتعالى يبتلي أهل الباطل بالمصائب، والمشاكل، والمعاكسات، والضيق، لعلّهم ينتبهون، ويتوبون إلى الله، ويرجعون عن غيّهم إلى الصراط المستقيم، كما قال سبحانه وتعالى: (وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ إِنَّ اللهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ(100)، وحدّ القارعة قريباً من دارهم للاعتبار والتخويف.
قال سبحانه وتعالى: (وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّةَ الأوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّت اللهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّت اللهِ تَحْوِيلاً(101)، وسنة الأوّلين هي فلسفة التاريخ العامّة في كلّ الأمم ابتداءً من آدم إلى يوم القيامة، وإحاقة المكر السيئ بأهـل المكـر؛ لأنّ طبيعة الحياة أنّ الإنسان يـرى مـا فعلـه مـن خير أو شرّ، كمـا قـال سبحانه وتعالى: (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا(102)، وهذه المصائب تكون للتأديب والتنبيه، وهذه تكون غالباً مؤقّتة محدودة وجزئية خاصّة وليست بعامّة ومطّردة، وقد تحدث بسبب آثار كونية كالصاعقة والزلازل كما قال سبحانه وتعالى: (وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ(103)، وأحياناً تحدث بواسطة أناس آخرين، أو بواسطة أشياء أخر، كما أنّ سدّ مأرب هدمته الفئران وما أشبه ذلك، كما لو اندفع أهل الحقّ، أو فئة أخرى من أهل الباطل لقتال مجموعة من أهل الباطل فتسبّبوا في شدائد الحروب والثورات كمصاعبها ومضاعفاتها وما أشبه ذلك. فإذا لم يعمل التنبيه الغيبي، أو الحيواني، أو الإنساني، أو ما أشبه ذلك، ولم تحصل لأهل الباطل الندامة، والاستغفار، والرجوع، ولم يبق أمل في عودتهم إلى طريق الحقّ وأخذهم بالواقع، فإنّ هؤلاء يستحقون عندئذ عذاب الاستئصال، كما قال سبحانه وتعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * وَإِذَا جَاءَتْهُـمْ آيـَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتـَهُ سَيُصِيبُ الـَّذِينَ أَجْرَمُـوا صَغـَارٌ عِنْدَ اللهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ(104)، ومعنى (ليمكروا العاقبة لا العلّة كما ذكرناه في قوله سبحانه وتعالى: (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً(105)، وفي آية أخرى: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً(106)، وقـد تقـدّم تفسير هـذه الآيـة المباركة بأنّ إرادة الله سبحانه وتعالى تعقب مخالفة الأوامـر العقليـة، والله يأمرهم بأوامره التي تصلحهم، فهم يخالفون ويفسقون، كما يقول الطبيب: أمرته فخالفني، أو فعصاني، أو خالف أمري، وحينئذ يستحقّون العقاب والتدمير، والتدمير يكون بالأخذ بكلّ الجوانب لا بجانب واحد من جوانب الإهلاك، والإذلال، والخزي، والخذلان.
وعلـى أيّ حال: فهذه سنن الله التي سنّها في عباده، وهي تشكّل بمجموعها ما يسمّى بفلسفة التاريخ.
___________________
(1) سورة الإسراء : الآية 81.
(2) سورة الأنبياء : الآية 18.
(3) سورة سبأ : الآية 48 ـ 49.
(4) سورة الشورى : الآية 24.
(5) سورة المائدة : الآية 56.
(6) سورة يونس : الآية 103.
(7) سورة البقرة : الآية 91.
(8) سورة الحج : الآية 40.
(9) سورة الروم : الآية 47.
(10) سورة الصافات : الآيات 171 ـ 173.
(11) سورة غافر : الآية 51.
(12) سورة محمد : الآية 7.
(13) سورة فصلت : الآية 30.
(14) سورة فصلت : الآية 6.
(15) سورة المجادلة : الآية 21.
(16) سورة آل عمران : الآيات 146- 148.
(17) سورة البقرة : الآية 201.
(18) سورة الأعراف : الآيات 128 و137.
(19) إشارة إلى الحديث الوارد (الصبر مفتاح الفرج) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج20 ص 307 ب 514.
(20) سورة آل عمران : الآية 123.
(21) سورة الطلاق : الآيات 2 ـ 3.
(22) سورة الأنفال : الآية 9.
(23) سورة التوبة : الآية 25.
(24) نهج البلاغة قصار الحكم : الحكمة 38 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج18 ص157 ب38، غرر الحكم ودرر الكلم : ص309، مشكاة الأنوار : ص314، معدن الجواهر : ص42.
(25) سورة الفتح : الآية 4.
(26) سورة الفتح : الآيات 18ـ 19.
(27) سورة الفتح : الآية 26.
(28) سورة الأحزاب : الآيات 9 ـ 11.
(29) سورة الأحزاب : الآية 26، سورة الحشر : الآية 2.
(30) سورة آل عمران : الآية 186.
(31) سورة النحل : الآيات 41 ـ 42.
(32) شرح البلاغة لابن أبي الحديد : ج 20 ص 307 ب 514.
(33) للإطلاع التفصيلي على وصية الرسول الأعظم (ص) لأبي ذر q راجع تنبيه الخواطر : ج2 ص300 ـ 314.
(34) سورة فصلت : الآيات 30ـ 31.
(35) سورة الأنعام : الآية 121.
(36) سورة آل عمران : الآية 132.
(37) سورة النساء : الآية 59.
(38) سورة آل عمران : الآية 139.
(39) المناقب : ج3 ص241، غوالي اللآلي : ج1 ص266 ح 118 وج3 ص496 ح15، نهج الحق : ص515 الفصل الحادي عشر ، مستدرك الوسائل : ج17 ص142 ب1 ح20985، وسائل الشيعة : ج26 ص14 ب1 ح 32383، متشابه القرآن : ج2 ص 212.
(40) سورة الحج : الآيات 38 ـ 41.
(41) سورة الحج : الآية 40
(42) سورة الحج : الآية 41.
(43) سور ة الحج : الآية 41.
(44) سورة الحج : الآية 41
(45) سورة النجم : الآية 42.
(46) سورة النور : الآيات 55 ـ 56.
(47) سورة القصص : الآيات 5 ـ 6.
(48) سورة الصف : الآيات 8 ـ 9.
(49) سورة الأعراف : الآية 128.
(50) سورة الأنبياء : الآية 105.
(51) سورة الإسراء : الآية 55.
(52) سورة الروم : الآية 10.
(53) سورة البقرة : الآية 15.
(54) سورة الصف : الآية 5.
(55) فقد ورد عن علي (ع) : (إن أول ما تغلبون عليه من الجهاد، الجهاد بأيديكم ثم بألسنتكم ثم بقلوبكم، فمن لم يعرف بقلبه معروفاً ولم ينكر منكراَ قلب قلبه فجعل أعلاه أسفله وأسفله أعلاه) نهج البلاغة : قصار الحكم الحكمة 375، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج19 ص312 ب381، مستدرك الوسائل : ج12 ص194 ب4 ح13859.
(56) سورة فصلت : الآية 17.
(57) سورة الحجر : الآيات 39 ـ 40.
(58) سورة الأنعام : الآية 43.
(59) سورة النمل : الآية 24.
(60) سورة الأنعام : الآية 137.
(61) سورة فصلت : الآية 25.
(62) سورة سبأ : الآية 33.
(63) سورة الأنعام : الآية 112.
(64) سورة الأنعام : الآية 121.
(65) سورة الأنعام : الآية 108.
(66) سورة فصلت : الآية 25.
(67) سورة النمل : الآية 4.
(68) سورة البقرة : الآية 212.
(69) سورة الأنعام : الآية 122.
(70) سورة التوبة : الآية 37.
(71) سورة يونس : الآية 12.
(72) سورة يونس : الآية 83.
(73) سورة الرعد : الآية 33.
(74) سورة الأعلى : الآية 3.
(75) سورة فاطر : الآية 8.
(76) سورة محمد : الآية 14.
(77) سورة آل عمران : الآية 178.
(78) سورة القصص : الآية 79.
(79) سورة الأنعام : الآيات 44 ـ 45.
(80) سورة الحشر : الآية 19.
(81) سورة طه : الآية 115.
(82) سورة الأعراف : الآية 95.
(83) وكان ذلك بواسطة الدكتور صادق علوش حيث زرقه إبرة تؤدي لارتفاع السكر الذي كان قد ابتلي البكر به، وقد تطرق الإمام المؤلف إلى هؤلاء في كتابه (تلك الأيام).
(84) قول آغاسي مصطفى كمال أفندي المشهور ب(أتاتورك)، ولد سنة 1298ه (1881م) وحكم تركيا بعد انقلاب عسكري سنة 1341ه (1923م) واستمر في الحكم إلى أن أدركه الموت سنة 1357ه (1938م)، حكم بسماتٍ عديدة أبرزها الفاشية والاستبداد وقتل المفكرين والعلماء ففي سنة 1342ه (1924م) أصدر ثلاثة قرارات : أ. إلغاء الخلافة وطرد جميع أفراد آل عثمان خارج البلاد. ب. إلغاء وزارة الأوقاف والأمور الشرعية. ج. توحيد التعليم. وبموجب هذه القرارات ألغى التشريعات الدينية من الأنظمة الحقوقية والمحاكم وقلص دور المؤسسات الدينية وجعلها تحت إشراف الدولة العلمانية لضبط حركة العلماء وأئمة الجمعة والجماعة والخطباء والمؤلفين، وضبط حركة التدريس لمنع المناهج الدينية في المدارس، ومنع التمثيل في الجانب السياسي بإلغاء الأحزاب الدينية. وفي سنة 1343ه (1925م) أجبر الشعب التركي على تقليد الغرب ؛ فأصدر (قانون الملابس( بإبدال الطربوش بالقبعة وبدأ تطبيقه بالتدريج على حرسه الخاص ثم على الجيش ثم على الشعب، ونصب محاكم عسكرية في المدن ؛ لتحكم على مئات الناس من لم يقبلوا بقراره بالشنق والرمي بالرصاص والسجن. و لا يخفى أن الاستعمار البريطاني ولأجل تغيير عقول الناس بأفكارهم وعاداتهم وأزيائهم وأساليب حياتهم وبكل شيء يرتبط بنشأتهم الدينية الإسلامية وبماضيهم ؛ نصب أربعة عملاء في الشرق الأوسط وفي فترة زمنية متقاربة وهم : أمان الله خان في أفغانستان، ورضا بهلوي في إيران، وياسين الهاشمي في العراق، وأتاتورك في تركيا. راجع كتاب (الذئب الأغبر( للمؤلف ه. س. أرمسترونج وكتاب (العثمانيون في التاريخ الحضارة( د. محمد حرب وكتاب (الرجل الصنم(.
(85) قارون : ثري من أثرياء العبرانيين في أيام النبي موسى(ع) استكبر على موسى وحاربه فترة طويلة، وقد ذكره القرآن في عدة آيات، منها : (إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهسورة القصص، الآية 76 ،(قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارونسورة القصص، الاية 79 ،(وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات سورة العنكبوت، الآية 39 ،(إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذابسورة غافر، الآية 24. قتل قارون سنة 546 ق. م. بعد أن ابتلعته الأرض.
(86) سورة الأعراف : الآيات 182ـ 183.
(87) سورة آل عمران : الآية 54.
(88) سورة النساء : الآية 142.
(89) سورة يونس : الآية 21.
(90) سورة الرعد : الآية 32.
(91) سورة القلم : الآيات 44 ـ 45.
(92) سورة الأعراف : الآية 164.
(93) الحر بن يزيد بن ناجية بن فعنب بن عتاب، يعد من أشراف الكوفة ورؤسائها، وإن جده الأعلى (عتاب( كان نديم النعمان بن المنذر، ملك الحيرة، ومن سلالة الحر صاحب الوسائل، الحر العاملي. ندبه عبيد الله بن زياد بألف فارس لحرب الإمام الحسين(ع) وعندما خرج من القصر في الكوفة نودي من خلفه : (أبشر يا حر بالجنة(. فالتفت الحر فلم ير أحداً. فقال في نفسه : (والله، ما هذه بشارة وأنا أسير إلى حرب الحسين بن علي(. وفي يوم العاشر من محرم سنة 60ه توجه إلى الإمام الحسين(ع) مع ولده (بكير( تائباً، وهو يقول : (اللهم إليك أنت... فقد أرعبت قلوب أوليائك وأولاد بنت نبيك(. فلما دنا من الحسين، قلب ترسه وقال : (أنا تائب إلى الله مما صنعت(، ثم خاطب الجيش الأموي قائلاً : (يا أهل الكوفة، لأمكم الهبل والعبر ؛ إذ دعوتموه وأخذتم بكظمه وأحطتم به من كل جانب فمنعتموه التوجه إلى بلاد الله العريضة حتى يأمن وأهل بيته، وأصبح كالأسير في أيديكم لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، وحلأتموه ونساءه وصبيته وصحبه عن ماء الفرات الجاري الذي يشربه اليهود والنصارى والمجوس وتمرغ فيه خنازير السواد وكلابه وهاهم قد صرعهم العطش، بئس ما خلفتم محمداً في ذريته لا سقاكم الله يوم الظمأ(. ثم برز للقتال وهو ينشد :
إني أنا الحر ومأوى الضيف
عن خير من حل بأرض الخيف
أضرب في أعناقكم بالسيف
أضربكم ولا أرى من حيف
وعند قتاله كان يقول :
آليت لا أقتل حتى أقتلا
لا ناقل عنهم و لا معللا
أضربهم بالسيف ضربا معضلا
لا عاجز عنهم و لا مبدلا
أحمي الحسين الماجد المؤملا
ثم قتل ابنه سبعين فارساً وقتل هو نيفاً وأربعين، وقيل كما عن دلائل العصمة للسبزواري : الفاً ومائة ونيفاً وخمسين ثم استشهد ـ وكان أول من قتل من أصحاب الإمام، وأبّنه الإمام(ع) قائلاً : (بخ بخ يا حر، أنت حرّ كما سمّتك أمّك وأنت الحر في الدنيا وسعيد في الآخرة(. راجع تاريخ الطبري : ج6 ص244، بحار الأنوار : ج45 ص14، مثير الأحزان لابن نما، أسد الغابة، إبصار العين في أنصار الحسين، معالي السبطين في أحوال الحسن والحسين، روضة الواعظين، ينابيع المودة للقندوزي : ج3، مناقب آل أبي طالب : ج3، الأمالي للصدوق، اللهوف في قتلى الطفوف لابن طاوس، مقتل الحسين لابن مخنف، مقتل الحسين للمقرم، نفس المهموم للشيخ عباس القمي.
(94) سورة النحل : الآية 61.
(95) سورة الروم : الآية 41.
(96) سورة فاطر : الآية 45.
(97) الكافي (فروع) : ج3 ص505 ح18، وفي غوالي اللآلي : ج1 ص370، الحديث التالي عن الإمام الصادق (ع) : (والذي خلق الخلق وبسط الرزق أنه ما ضاع في بر ولا بحر إلا بترك التسبيح في ذلك اليوم، وأن أحب الناس إلى الله تعالى أسخاهم كفاً وأسخى الناس من أدى زكاة ماله ولم يبخل على المؤمنين بما افترض الله له في ماله).
(98) سورة النور : الآية 41.
(99) سورة الشورى : الآية 30.
(100) سورة الرعد : الآية 31.
(101) سورة فاطر : الآية 43.
(102) سورة الإسراء : الآية 7.
(103) سورة الرعد : الآية 13.
(104) سورة الأنعام : الآيات 123 ـ 124.
(105) سورة القصص : الآية 8.
(106) سورة الإسراء : الآية 16.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|