المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2793 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



مناهج دراسة المعنى  
  
5789   04:03 مساءً   التاريخ: 23-4-2019
المؤلف : د. محمود السعران
الكتاب أو المصدر : علم اللغة مقدمة للقارئ العربي
الجزء والصفحة : ص237- 254
القسم : علوم اللغة العربية / علم الدلالة / قضايا دلالية اخرى /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-4-2018 929
التاريخ: 21-4-2018 11918
التاريخ: 25-4-2018 785
التاريخ: 30-4-2018 1277

 

مناهج دراسة المعنى (1):

قلنا: إن "علم الدلالة" هو قمة الدراسات اللغوية، ولكنه مع ذلك، أحدثها ظهورا. فقد تأخر اهتمام المحدثين من علماء اللغة بمشكلة المعنى اهتماما علميا، يضيف إلى ما كان يتداوله قدماء اللغويين في هذا الشأن.

لم تظهر دراسة المعنى إلا بعد أن تم تصنيف تفصيلات "التغير الصوتي" و"التقابلات الصوتية" بزمن طويل.

أ- نشأة علم الدلالة "ميشيل بيرييل":

إن أول دراسة علمية حديثة خاصة بالمعنى هي تلك التي قام بها ميشيل برييل(2) في كتابه: Essai de Semantique سنة 1897.

وهذا المصطلح الذي أطلقه برييل على دارسته هذه، وهو كلمة Semantique من وضع برييل نفسه فقد كان على برييل أن يسمي هذه الدراسة باسم يميزها من سائر الدراسات اللغوية. ولكن معنى Semantique عند برييل غير معناها الذي تعرف به الآن عادة، ولو أن اللغويين الآن يعرفون هذا المصطلح تعريفات مختلفة.

كانت "المبادئ" أو "الأصول" التي وصل إليها برييل في دراساته هذه مأخوذة كلها، تقريبا، من دراسات اللغات الكلاسيكية: اليونانية، واللاتينية والسنسكريتية. كانت الدراسة الدلالية عند برييل، وبعد برييل بفترة غير قصيرة كما سنرى، مقصورة في الواقع على "الاشتقاق التاريخي". ويبدو أن برييل كان يرى في "الأصول" التي تحكم تغير المعنى خصائص عقلية مجردة وذلك مثل "الحاجة إلى الوضوح".

ولكن برييل، ومن خلفه إلى حين، كانوا لا يعنون العناية الواجبة بالجوانب الاجتماعية وغير الاجتماعية للظروف الإنسانية التي يحدث فيها التغير.

ص237

 

ب- دراسة تغير المعنى بعد برييل:

2- كان لدراسة برييل أثرها في لفت أنظار اللغويين إلى مشكلة المعنى، أو إلى تغير المعنى بوجه خاص، فازدادت رغبة اللغويين في محاولة إدراك الظروف الخارجية التي تعين على تغير المعنى، فأخذوا يبحثون في تاريخ الحياة الثقافية للشعوب التي يدرسون لغتها بحثا عن الدوافع التي قد يكون من شأنها أن تدفعهم إلى تغيير معنى هذه الكلمة أو تلك.

وقد لاحظوا أن ما يتعلق به إعجاب الجماعات وما يتخذونه مثلا عليا، أو أمارة على النبالة والرفعة يختلف باختلاف العصور، ومن السهل تعقب أسباب هذه الاختلافات، ففي العصور الوسطى تجمعت متعلقات النبل والإعجاب حول صورة رجل على صهوة جواد هو "الفارس"، فقد رفعت جماعات أوروبية كثيرة الكلمة اللاتينية العامية الدالة على "حصان" وهي كلمة Caballus وأصبحت أصلا لكلمات كثيرة تشع نبالة، وتبرق رفعة مثل Chivarly "الفروسية" و Cavalier "الفارس".

لقد أخذ إدراك اللغويين لضرورة تضمين ما يرتبط بالكلمات وما تستدعيه الكلمات عند دراسة تاريخه وتغير معانيها، ويزداد ويزداد.

ومن ذلك أن منهم من أخذ يدرس دلالات مجموعات من الكلمات المترابطة التي تستعمل في ميدان من الميادين، ككلمات هذه اللغة أو تلك المستعملة في "الأخلاق" مثلا، أو في هذ الصناعة أو تلك إلخ. وقد ثبت أن مثل هذه الدراسة توضح كيف أن تداخل الكلمات، وتكرارها، وغيابها، تسبب اتساع بعض الكلمات معنى، وضيق غيرها، واختفاء سوى هذين النوعين(3)، كما ثبت أن هذه الدراسة لمجموعة المفردات المستعملة في مجال من المجالات خير وأكثر توضيحا من دراسة تاريخ كلمات مفردة مفصولة فصلا صناعيا عن سائر الكلمات التي تصحب استعمالها، أو التي تطورت عنها، أو صارت إليها، أي مفصولة عن الكلمات المترابطة بها استعمالا وتاريخيا.

ص238

 

جـ- كتابات غير اللغويين:

1- أوجدن وريتشاردز: معنى المعنى

كان كتاب برييل هو السباق والموجه، وكان هذا من أسباب تأثيره الكبير، ولقد ظهر بعده بحوالي ست وعشرين سنة كتاب أحدث أضعاف ما أحدثه برييل من تأثير ولا سيما في غير المنقطعين للمسائل اللغوية.

هذا الكتاب هو "معنى المعنى" الذي ألفه س. ك. أوجدن وإ. أ. ريتشاردز(4) وظهر سنة 1923.

ومن اللغويين من يرى أن "معنى المعنى" ليس، كما يوحي اسمه، دراسة خالصة للمعنى من الناحية اللغوية، بل إنه يقدم نظرية في المعرفة "= الإبستمولوجيا"(5). وأيا ما كان فإن مؤرخي الدراسات اللغوية يقررون أن هذا الاهتمام السائد بدراسة الدلالة منذ سنوات، ولا سيما في الولايات المتحدة الأمريكية، قد أثاره بوجه خاص كتاب "معنى المعنى".

والفائدة الكبرى التي أداها هذا الكتاب أنه وضح أجلى توضيح ما تتصف به مشكلة طبيعة المعنى من تعقيد، وقد ألزم هذا الكتاب مؤلفين آخرين أن يدرسوا مشكلة المعنى من وجهات نظر مخالفة، كما صنع الأستاذ "بردجمان" مثلا.

وتفسير أوجدن وريتشاردز للمعنى يقوم على أساس "رياضي" "آلي" المعنى عندهما يرتد إلى أربعة عناصر هي: القصد، والقيمة، والمدلول عليه، والانفعال أو العاطفة(6).

2- بردجمان: "منطق الفيزياء الحديثة"

ومن الكتابات المشهورة في الحاجة إلى الوضوح الدلالي تلك التي قام بها الأستاذ ب، د، بردجمان وسماها "منطق الفيزياء الحديثة"(7). بين الأستاد

ص239

 

بردجمان للقارئ المبتدئ تلك التغيرات الدلالية التي تطرأ على بعض الكلمات عندما يستعملها المتخصص في موضوع تخصصه. فكلمتان مثل "الزمان" و"المكان" من الكلمات اليومية المألوفة، ولكن لكل من هذين المصطلحين عند الفيلسوف، أو عالم الفيزياء مثلا، دلالة تختلف عن دلالته المألوفة في الأحاديث اليومية.

هذه المشكلة، مشكلة المعنى، دفعة الأستاذ بردجمان إلى أن يقترح وسيلة جديدة في "التعريفات" سماها "طريقة العمليات" أو "الإجراءات"(8). وهذه الطريقة قد طبقها على أمثلة كثيرة في كتاب ثان له هو "الفرد الذكي والمجتمع"(9) مستخرجا بها بعض المفهومات الاجتماعية: وقضية الأستاذ بردجمان هي: "إن التصور مرادف للعمليات "= للإجراءات" التي تختبره بها" وذلك كما تختبر الوزن في المعمل.

وعندما طبق بردجمان هذه الطريقة على التصورات الاجتماعية اتضح أن نتائجه كانت مثبطة، فهو يقول لنا: إذا لم تستطع أن تختبر تصورات مثل "الديمقراطية" و"الواجب" بوساطة "عمليات" فيه إذن تصورات "لا قدم لها"، أي أنها تصورات لا معنى لها، ويجب اطراحها. وهكذا لا تبقى آخر الأمر إلا الدوافع المركزة حول "الأنا" دوافع الأفراد الذين يكونون المجتمع.

إن بردجمان عندما يتكلم عن علم الدلالة يبالغ في إظهار أهمية "الأنا" ويهون من شأن تعاونه اللازم مع الآخرين(10).

ص240

 

3- ثورمان أرنولد: "فولكلور الرأسمالية" (11)

إن تخصص ثورمان أرنولد يختلف عن تخصص بردجمان، وعن الميادين التي شغل بها أوجدن وريتشاردز نفسيهما؛ إنه من رجال الإدارة الحكومية و"القانون" فالذي دفعه إلى النظر في مشكلة المعنى دوافع مختلفة، وإدراكه لوجه المشكلة، أو لوجوهها، إدراك مختلف. وثورمان أرنولد من الكتاب غير اللغويين الذين يشغف الناس، ولا سيما في الولايات المتحدة الأمريكية، بقراءة كتاباتهم أيما شغف.

يدرس ثورمان أرنولد مشكلة "الرموز"، بما فيها الكلمات، ويناقش سلطانها علينا. إنه في كتابه "فولكلور الرأسمالية" يحلل القوة السحرية التي تمتاز بها بعض العبارات الآسرة في اللغة "الإنجليزية الأمريكية" مثل The Founders of This The Conutry "مؤسسو هذا البلد" و The Consititution "الدستور" تحليلا يثير الضحك المر والسخرية، وقضية ثورمان أرنولد أننا يحكمنا من يسيئون استعمال رموزنا، أي يسيئون استعمال ما للكلمات من سلطان، موجهينه الوجهة التي يرضونها. ولكنه لا يقدم اقتراحا لوقف هذه الإساءة اللهم إلا القيام بتمرينات "مقوية" في "تعريفات" الكلمات و"الموضوعات"!

4- ألفرد كورتسبسكي (12): "العلم وسلامة العقل"

ألفرد كورتسبسكي من أروج الكتاب غير اللغويين، ومن أبلغهم نفوذا، وهذا راجع إلى عوامل منها صياغته اللفظية البارعة، ومنها إسرافه في الوعود والبشارات، إذ غالى فاعتبر الدراسة الدلالية حلالة جميع العقد، والدواء العالمي للأمراض الإنسانية!

يذكر كورتسبسكي قراءه بتلك الحقيقة الأصلية السليمة وهي أن الكلمة رمز، وليست "الشيء"، أي ليست "الموضوع" أو "المسمى" أو "المدلول عليه" كما يذكرهم بأنه من الواجب عليهم وعلى البشر أجمع أن يميزوا تمييزا ناطقا بين مستويات التجربة في المصطلحات التي يستعملونها.

يذكرنا كورتسبسكي كذلك بأن أغلب مشكلاتنا الاجتماعية متركزة حول مصطلحات غامضة كثيرة الصور، وهذه المصطلحات تتداخل مع انفعالاتنا تداخلا ينتج عنه أن ردود أفعالنا الدلالية تصبح مختلطة أيما اختلاط. ويرجع كورتسبسكي

ص241

 

الانحرافات الشخصية، القومية، والعالمية إلى "ردود أفعال عصبية، دلالية"(13) تستلزم إعادة التربية.

ويقول كورتسبسكي: "إن أكثر شقائنا في حياتنا لا ينشأ في الميدان الذي تنطبق عليه كلمة "صادق" أو "كاذب"، بل في الميدان الذي لا تنطبق عليه "إحدى" هاتين الكلمتين، أي في المجال الكبير، مجال الوظيفة النسبية والخلو من المعنى، حيث ينعدم الاتفاق لا محالة".

ويصف كورتسبسكي رموزا مثل "النفوذ" بأنها تجريدات بالغة القوة تحكم حيواتنا عن طريق الذين يسيئون استعمالها، أي الذين يبرعون في استعمالها استعمالات مضللة.

ويرى كورتسبسكي آخر الأمر، كما رأى ثورمان أرنولد، أن حل مشكلاتنا يتلخص في أن نعثر على من يستعمل رموزنا استعمالا صحيحا. ولكنه لا يقترح أي إجابة على ذلك التساؤل الأساسي الهام وهو: كيف نختار هؤلاء، وكيف سيتصروفون في رموز هامة مثل "النقود".

5- ستيوارت تشيز: "طغوى الألفاظ" (14)

ائتلف حول كورتسبسكي مريدون أشهرهم ستيوارت تشيز، وهاياكاوا، وقد أخذ هذان على عاتقيهما نشر "عقيدة" كورتسبسكي وتوضيحها بالأمثلة. وربما فاقت حماسة "تشيز" لـ"التمرينات الدلالية"(15) باعتبارها الدواء العالمي الشافي من كل الأمراض حماسة صاحبها كورتسبسكي، وقد أتى تشيز بأمثلة بارعة مقنعة تبين مدى حاجتنا إلى توضيح "الموضوعات" أو "الأشياء"، و"الأسماء" في مجالات مختلفة كالقانون، والاقتصاد، والحكم، والإدارة، والاجتماع، ولكن تشيز يسرف إسراف كورتسبسكي في وعوده إذ يرى أننا حالما نصل إلى تعريفات واضحة للموضوعات والكلمات، وحالما ننحي الكلمات التي لا معنى لها فإننا نصل إلى حل مشكلاتنا الاجتماعية. ومعنى ذلك أن هذه المدرسة ترى أن الدراسة الدلالية -وهي دراسة لغوية في أصلها- ستحل المشكلات الاجتماعية غير اللغوية، كالفقر، والجهل، والحرب ... إلخ!!

ص242

 

ولكن من مريدي "عقيدة" كورتسبسكي من هو أقل إسرافا في بشارته تلك مثل س. أ. هاياكوا، وإرفنج ج. لي.

6- س. أ. هايكاوا (16):

7- إرفنج ج. لي (17):

أكثر هذان الكاتبان من تقديم النصوص الموضحة المفيدة التي يشرحان بها مبادئ ما يسمى "الدلالة العصبية"(18).

والحق أن كتاب مدرسة كورتسبسكي قد أسهموا شيئا ما فيما يتعلق بوسائل "التعريف". وذلك بكشفهم الحجاب عن بعض الجوانب النفسية الدالة التي كانت قبل متجاهلة.

ولكن لا شك أن قراءهم تعتريهم خيبة الأمل أو يصيبهم اليأس عندما يدركون آخر الأمر أن "التحليل الدلالي" لن يحل لهم مشكلاتهم الاجتماعية على أي وجه من الوجوه.

ولا شك أنه على اللغوي أن يطرح جانبا مزاعم مدرسة كورتسبسكي التي تعتبر التحليل الدلالي حلا لكل المشكلات، وأن عليه أن يسلم بالأهمية القصوى لدراسة المعنى، وأن ينظر إليها في إطارها الطبيعي فرعا من فروع علم اللغة قد يختلف اللغويون في رسم مناهجه وفي بعض أصوله وتفصيلاته كما يختلفون في سواه.

نعم أن الخلط المقصود، وإساءة استعمال الكلمات، والتفنن في تضمينها هذا الإيحاء المخاتل أو ذاك، مسائل تمارسها مجتمعاتنا المتحضرة على نطاق واسع وخاصة في مجالات الدعاية السياسية، والصحافة، والسينما، والتلفزيون. ولكن "معنى" هذا أن "الكلمات" بطبيعتها تحتمل كل هذه الاستعمالات. إن هذا من شأنه أن يوجهنا إلى النظر في طبيعة الاستعمال اللغوي. أما حل المشكلات الناجمة عن سوء استعمال الكلمات خداعا وتضليلا، فليس في طاقة اللغوي ولا هو من ميدانه. ولكن من الواجب الأدبي أن يقدم عالم اللغة العون لرجال الصحافة والاقتصاد والاجتماع وعلماء النفس وسواهم ممن يشغل نفسه بالبحث في حل أمثال هذه المشكلات الاجتماعية والأخلاقية.

ص243

 

من نظرية اللغويين في علم الدلالة

...

د- من نظريات اللغويين في علم الدلالة:

آثرنا أن نتعقب التعريف بظهور الدراسة الدلالية عند ميشيل برييل بالتعريف بالدراسات الدلالية التي قام بها علماء ومفكرون غير لغويين، فهذا النسق من العرض أوضح في إبراز مشكلة المعنى، وتعدد وجوهها، وتعقدها. ونستكمل الآن التعريف بأشهر الدراسات الدلالية التي وضعها لغويون متخصصون.

1- المدرسة الاجتماعية السويسرية الفرنسية "نظرية دي سوسير (19)":

1- يعد دي سوسير مؤسس المدرسة الاجتماعية في الدراسات اللغوية. ولقد كان له ولا يزال أثر بالغ في دارسي اللغة ولا سيما المدرسة الفرنسية السويسرية: فكتاب فندريس "اللغة" مثلا متأثر بنظريات دي سوسير، وهذا هو شأن كثير من كتب "مييه"(20) ومن كتب سواهما.

2- يبني دي سوسير نظريته الاجتماعية في اللغة على أساس نظرية دوركيم(21) الاجتماعية، ودوركيم يعتبر ما يسميه "نشاط الجماعة" أو "النشاط الجماعي" مستقلا عن أي فرد من الأفراد الذين ينتمون إلى المجتمع: إن للفرد عند دوركيم وجودا خاصا به. ودوركيم يقرر أن "الظواهر الاجتماعية"(22) ذات وجود خاص بها: واللغة ظاهرة من جملة الظواهر الاجتماعية. ويرى دوركيم أن لخصائص السلوك أو لـ"سماته" وجودا مستقلا، وأن الأنواع العامة للسلوك

ص244

 

الاجتماعي لا تعدو أن تكون "تعميمات". وإن ما قرره "دوركيم" عن الظاهرة الاجتماعية(23) يصدق على "اللغة" في نظرية دي سوسير اللغوية.

3- ويصطنع دي سوسير "ثالوثا" خاصا يتضمن تصورات ثلاثة متكاملة يعبر عنها بهذه المصطلحات: Le Langage وLa Langue وLa Parole(24) وفهم هذه التصورات أمر أساسي أولي لفهم نظرية دي سوسير في اللغة.

1- إن ما يسميه دي سوسير Le Langage "اللغة" هو اللغة في أوسع معانيها، أي اللغة باعتبارها ظاهرة إنسانية عامة.

2- أما ما يدعوه La Langue "اللغة المعينة: أي العربية أو الإنجليزية إلخ". فهو يضم على وجه الخصوص نظام المفردات. والنحو في أي عصر من عصور تاريخ لغة معينة. وLangue أي "هذه اللغة" أو تلك"، عند دي سوسير، "جماعية"(25). و"اجتماعية"(26). قال دي سوسير: إن هذه المجموعة من الكلمات بمعانيها الخاصة، وهذه "الفصائل" أو "التقسيمات" النحوية متضمنة في عقل المتكلم وهي "مستقلة" عن الفرد، وغير قابلة للتغير عند الفرد(27). إن La Langue أي "اللغة المعينة" "اجتماعية" في جوهرها ومستقلة عن الفرد، وهي "مستودع العلامات". إن الـ "Langue "= اللغة المعينة" هي مجموع العادات اللغوية التي تتحقق فيما يسميه دي سوسير La Parole "= الكلام"انظر ما يلي". وهي "خارجة"(28) عن الفرد.

3- أما التصور الثالث الذي يعبر عنه دي سوسير بكلمة La Parole "الكلام" فيعني به "إظهار" الفرد "للغة" La Langue و"تحقيقه إياها" عن طريق "الأصوات" الملفوظة، أو عن طريق "العلامات" المكتوبة. وما يدعوه "دي سوسير" La Parole "الكلام" "فردي"(29). هو واقع تحت سيطرة الفرد.

ص245

 

ويؤثر كثير من اللغويين أن يعتبروا الـ Langue والـ Parole من وسائل وصف اللغة لا مضمونين كلاهما مستقل عن أخيه.

4- يفرق دي سوسير بين ما يسميه "القيمة اللغوية" للكلمة وبين ما يسميه "المقصود" من الكلمة. ويكفي لدراسة القيمة اللغوية في رأيه أن ندرس عنصرين هما "الفكرة" -التي تدعو "صورة سمعية" أو "أصواتا" معينة- "والصورة السمعية" التي تدعو "الفكرة".

وإن معنى كلمة من الكلمات عند دي سوسير هو ارتباط متبادل أو "علاقة متبادلة" بين الكلمة، أو "الاسم" وهي "الصورة السمعية" وبين الفكرة.

إن الكلمة "علامة لغوية" ونحن عندما نفرق تفريقا أساسيا بين فكرتين فنحن نستعمل لذلك، "علامتين لغويتين" مختلفتين، فالتفكير، دون كلمات "عائم" ويرى دي سوسير أن "العلامة اللغوية" لا تخلق وحدة بين اسم ومسمى، ولكن بين فكرة وصورة سمعية(30). و"المقصود"(31) يقابل "الرمز"(32) أو العلامة"، والعلامة من ناحية أخرى تقابل سائر العلامات الموجودة في اللغة موضوع الدرس، وقيمة كل رمز أو علامة تتوقف على وجود سائر الرموز. وضرب دي سوسير لذلك مثلا بقطعة من ذات الخمسة فرنكات: هذه القطعة يتأتى استبدالها بكمية معينة من شيء كالخبز مثلا، ونستطيع كذلك أن نقارنها بقيمة مماثلة من نفس نظام العملة، كقطعة ذات فرانك واحد مثلا، أو قطعة من عملة أخرى كالدولار.

5- ومما تجدر الإشارة إليه أن "دي سوسير" صاحب فكرة تمييز "الدراسة الوصفية" للغة من "الدراسة التاريخية" بها "وقد عرفنا بهاتين الدراستين

ص246

 

ص241-245" وقد طبق هذا التمييز عند نظره في المعنى، فحرص على وجوب التفريق بين دراسة المعنى دراسة "وصفية" "ثابتة" أي في مرحلة معينة، أو "حالة" معينة تجرد من تاريخ لغة من اللغات وتدرس بغض النظر عما قبلها وعما بعدها من "مراحل" أو "حالات" وبين دراسة المعنى دراسة "تطورية".

2- المدرسة السلوكية (33) الأمريكية؛ بلومفيلد:

1- إن النظر في اللغة وفي دراستها على أسس من "المذهب السلوكي"(34) في علم النفس ظهر وازدهر في الولايات الأمريكية بوجه خاص. وخير ممثل لهذا الاتجاه في الدراسات اللغوية هو بلومفيلد.

تأثر بلومفيلد، وأكثر من تبعه من اللغويين في اتجاهه السلوكي، بسلوكية ألبرت بول فايس كما عرضها في كتابه "الأساس النظري للسلوك الإنساني"(35).

يرى السلوكيون(36) أن "السلوك الإنساني"(37) يوصف أكمل وصف وأدقه عن طريق اعتبار الظواهر الفسيولوجية وغيرها من الظواهر المادية التي تصحب سلوك الأفراد. ولا يتأتى عندهم دراسة "الظواهر الإنسانية"(38) دراسة علمية إلا بهذا الطريق. ولما كانت اللغة "ظاهرة إنسانية" فيصدق على دراستها ما يصدق على دراسة سائر "الظواهر الإنسانية".

ولذلك ينبغي عند السلوكيين شرح مصطلحات مثل "الإرادة" و"الشعور" و"الفكرة" و"الانفعال" إلخ، وترجمتها إلى لغة تتضمن حالة فسيولوجية أو "فيزيقية" أو كلتيهما. ولذلك نجد في دراسات بلومفيلد اللغوية مصطلحات مثل

ص247

 

Response "= الاستجابة" Substitut Respeonse ""الاستجابة البدلية"، وSub stitute Stimulus "المثير البدلي".

وعندما تحدث بلومفيلد عن معنى الكلمة وعن معنى "النطق" عامة قال: إنه ينبغي أن يعرف عن طريق أحداث عملية أي فسيولوجية أو فيزيقية مرتبطة بها، فمعنى "الجوع" مثلا في قولي: "أنا جائع" يعرف بالتقلص العضلي وما يحدث في المعدة من إفرازات، وما قد يصحب ذلك من عطش ... إلخ، ويرى بلومفيلد أن "الأفكار" و"التصورات" كذلك ينبغي أن يعاد وصفها بألفاظ فيزيقية، وحتى "الحب" و"الكره" وما إليهما ينبغي وصفهما بمثل هذه الطريق. ولقد قال بلومفيلد: إننا نستطيع أن نعرف كلمة مثل "الملح" عن طريق عناصره الكيمائية المكونة له.

2- والمثال المشهور الذي أورده "بلومفيلد" هو المثال المعروف بـ"جاك"(39)، وجيل1، و"التفاحة". نفترض أن "جاك" و"جيل: يسيران في طريق، و"جيل" تستشعر الجوع. ترى جيل تفاحة على شجرة، فتحدث "ضجة" بحنجرتها، ولسانها، وشفتيها: فيقفز جاك من على السور، ويتسلق الشجرة، ويقتطف التفاحة، ويحضرها لجيل، ويضعها في يدها. فتأكل جيل التفاحة.

هذه الأحداث المتتابعة موضوع للدارسة من جوانب مختلفة، ولكنا نحن، دارسي اللغة، نميز، بطبيعة الحال، "الحدث الكلامي"(40) من سواه من "الوقائع" التي ندعوها "الأحداث العملية"(41). وإذا نظرنا إلى هذه الواقعة من هذه الوجهة اتضح أنها تتكون من ثلاثة أقسام.

1- الأحداث العملية السابقة على الحدث الكلامي.

2- الكلام.

3- الأحداث العملية التي تلي الحدث الكلامي.

ونبدأ بالأحداث العملية وهي، في هذا المثال ما يسبق الكلام وما يليه:

ص248

 

الأحداث رقم 1 تتعلق بـ"جيل" بصفة خاصة: لقد كانت جائعة، أي أن بعض عضلاتها كانت متقلصة و ... إلخ، وربما كانت عطشى: فكان لسانها وحلقها جافين. أثرت في عينيها الموجات الضوئية المنعكسة من التفاحة الحمراء. ولقد رأت جاك إلى جوارها، وإن علاقاتها السابقة بجاك تصبح الآن ذات أثر، فلنفترض أنهما أخ وأخت، أو زوج وزوجة. كل هذه الأحداث التي تسبق كلام "جيل" وتخصها، ندعوها "مثيرا"(42) "أو "منبها" للمتكلم".

أما الأحداث العملية التي تلي كلام "جيل" "وهي رقم 3". فتتعلق بوجه خاص، بالسامع "جاك" وتتكون من إحضاره التفاحة وإعطائها لجيل.

هذه الأحداث ندعوها "استجابة"(43) السامع. والأحداث التي تلي الكلام تهم "جيل" كذلك، إنها تأخذ التفاحة في قبضة يدها وتأكلها.

لا يتصرف كل "جاك" وكل "جيل" بهذ الأسلوب، فلو كانت جيل تعرف من تجاربها السابقة مع جاك أنه لن يستجيب لطلبها فربما آثرت الجوع على أن تطلب إليه قطف التفاحة. وهكذا. لقد قامت جيل في هذه القصة بحركات قليلة في حلقها وفمها أنتجت ضجة قليلة هي "الكلام"، فأخذ جاك يقوم بردود الأفعال(44) ولقد أدى أعمالا كانت فوق طاقة جيل، وهكذا حصلت جيل آخر الأمر على التفاحة. "إن اللغة تمكن شخصا من أن يحدث رد فعل(44) عندما يتوافر لدى شخص آخر "المثير".

وهكذا يرى بلومفيلد أن "تقسيم العمل" "بل تنظيم المجتمع الإنساني كله" إنما تم عن طريق اللغة(45).

والآن ننظر في القسم الثاني من أقسام هذه القصة وهو "الكلام"، وهذا هو الذي يعنينا نحن دارسي اللغة بصفة خاصة، فنحن لا نهتم بالقسمين الأول والثاني إلا لما لهما من علاقة بالكلام.

ص249

 

وبالاستعانة بالفسيولوجية والفيزياء نستطيع أن ندرك كيف تمت عملية "الكلام" من الناحية الصوتية "وقد فصلنا ذلك في الأصوات اللغوية".

1- لقد قام جهاز نطق "جيل" بحركات عضلية معينة لإصدار هذه الأصوات. والحركات العضلية التي يقوم بها المتكلم تعد "رد فعل" لدافع "مثير" -وهي في قصتنا هذه رؤية جيل للتفاحة وهي جائعة- ورد الفعل في حالتنا هذه ليس رد فعلي "عملي" كأن تحاول جيل من أن تثب من على السور وتحضر التفاحة لنفسها إنه "رد فعل بدلي لغوي"(46)، أي أن "الكلام" حل محل العمل الذي كان من المحتمل أن يصدر عنها. 2- ثم إن "الموجات الصوتية" الخارجة من فم "جيل" قد جعلت الهواء المحيط يضطرب على شكل موجات مماثلة. 3- وأخيرا طرقت هذه الموجات الصوتية طبلتي أذني جالك، وذبذبتهما، وأثرت هذه الذبذبات على أعصابه. "لقد سمع" جاك "الكلام". ولقد أحدث هذا السماع لدى جاك دافعا أو "مثيرا" فسلك السلوك الذي ذكرناه، كما لو كان جوع جيل ورؤيتها التفاحة قد أثرا فيه ودفعاه إلى السلوك العملي الذي سلكه: إن جاك من حيث هو شخص متكلم "أي ذو قدوة على الكلام وعلى فهم الكلام" ظهر رد الفعل عنده على نوعين مختلفين من المثيرات: أحدهما "المثيرات العملية" "كالجوع ورؤية الطعام" والثاني "المثيرات الكلامية" أو "البدلية" وهي ذبذبات معينة في طبلتي أذنه.

ونحن، طلبة اللغة، يعنينا، على وجه الخصوص، "الحدث الكلامي" الذي يبدو هين الشأن في ذاته، ولكنه وسيلة لغايات كبيرة. ونحن نميز اللغة، وهي موضوع دراستنا، من الأحداث "الواقعية" أو العملية"، هذه الأحداث التي ندعوها "المثيرات"(47) "وردود الأفعال"(48). وإن الكلام، الذي هو هين الشأن، وغير هام في ذاته. ليعد ذا أهمية لأن له "معنى": والمعنى يتكون من الأشياء الهامة التي يتعلق به الكلام أي من الأحداث العملية "التي تكون القسمين الأول والثالث من قصة جاك وجيل والتفاحة". انتهى عرض مثال بلومفيلد.

ص250

 

نخرج من هذا بأن بلومفيلد، مع أن "السلوكية" التي طبقها على اللغة سلوكية "آلية" يدخل في اعتباره بعض العناصر غير اللغوية المتصلة بالكلام، ويعتبرها عنصرا لازما لإدراك معنى الكلام. فالمدرسة السلوكية لا تتجاهل بعض ما نسمية العناصر "الاجتماعية" ولكنها تعبر عنها بمصطلحات خاصة بها: إنها لا تتجاهل في الحقيقة شخصية المتكلم وشخصية السامع وبعض الظروف المحيطة بالكلام: بل إن هذه المدرسة بعنايتها بتحليل المظاهر الفسيولوجية والفيزيقية خاصة قد وجهت عناية اللغويين نحو ربط المعنى بمجالات غير الكلام، مجالات تستلزم التحليل على مستويات خاصة.

3- المدرسة الاجتماعية الإنجليزية؛ ج. ر. فيرث (49):

1- يعتمد هذه الاتجاه من اتجاهات المدرسة الإنجليزية اعتمادا كبيرا على آراء برونسلاو مالينوفسكي العالم الأنثروبولوجي البولندي الذي ترك أثرا كبيرا في كلتا المدرستين الإنجليزيتين الأنثروبولوجية واللغوية. إن دراسات مالينو فسكي قد أدت به إلى نظريات قيمة في اللغة فيما يتعلق بدراسة "الكلام الحي" بوجه خاص: لقد وصل مالينوفسكي إلى أن اللغة ليست كما يرى التعريف التقليدي وسيلة من وسائل توصيل الأفكار والانفعالات أو التعبير عنها، أو نقلها..فمثل هذا لا يعدو أن يكون وظيفة واحدة من وظائف اللغة، ورأى أن اللغة كما يمارسها المتكلمون في أي جماعة من الجماعات إنما هي نوع من السلوك، ضرب من العمل، إنها تؤدي وظائف كثيرة غير التوصيل(50).

ص251

 

2- واستعمل مالينوفسكي ذلك المصطلح Context of Situation "سياق الحال" "= الماجريات". نعم إن كلمة Context "= السياق" كانت متداولة بين اللغويين من قبله ولا تزال متداولة بينهم، ولكن مالينوفسكي أضفى على الاصطلاح "سياق الحال"(51) معنى خالصا ليس هنا مجال للتعريف به(51)، ثم تطور هذا المصطلح تطورا آخر باستعمال الأستاذ فيرث له في دراسته اللغوية، و"سياق الحال" عند الأستاذ فيرث نوع من التجريد من البيئة، أو الوسط الذي يقع فيه "الكلام"، وهذا التجريد يقوم به اللغويون للوفاء بدراستهم.

و"سياق الحال" يشمل أنواع النشاط اللغوي جميعا كلاما، وكتابة.

وقد رأينا أن "بلومفيلد" السلوكي النزعة يحد "سياق الحال" بظواهر يمكن تقريرها في إطار من "الأحداث العملية". إن "سياق الحال" عند بلومفيلد مادي، ولهذا فهو يتجاهل حقائق لها شأن بالكلام.

إن "سياق الحال" أو "الماجري" هو جملة العناصر المكونة للموقف الكلامي "أو للحال الكلامية"، ومن هذه العناصر المكونة للحال الكلامية:

1- شخصية المتكلم والسامع، وتكوينهما "الثقافي" وشخصيات من يشهد الكلام غير المتكلم والسامع -إن وجدوا- وبيان ما لذلك من علاقة بالسلوك اللغوي، ودورهم أيقتصر على "الشهوة" أم يشاركون من آن لآن بالكلام، والنصوص الكلامية التي تصدر عنهم.

2- العوامل والظواهر الاجتماعية ذات العلاقة باللغة والسلوك اللغوي لمن يشارك في الموقف الكلامي كحالة الجو إن كان لها دخل، وكالوضع السياسي، وكمكان الكلام، إلخ.

وكل ما يطرأ أثناء الكلام ممن يشهد الموقف الكلامي من انفعال أو أي ضروب من ضروب الاستجابة، وكل ما يتعلق بالموقف الكلامي أيا كانت درجة تعلقه.

3- أثر النص الكلامي في المشتركين، كالاقتناع، أو الألم، أو الإغراء أو الضحك، إلخ.

ص252

وهكذا يتضح أن من أهم خصائص "سياق الحال" إبراز الدور الاجتماعي الذي يقوم به "المتكلم" وسائر المشتركين في "الموقف الكلامي".

4- وإن نظرية اللغة التي تقوم على التصور الخاص بـ"سياق الحال" تشمل جميع أنواع الوظائف الكلامية، بمعنى أنها بهذا التصور تستطيع أن تدرس وتفسر جميع أنواع الوظائف الكلامية، وليست مقصورة -كأكثر النظريات القديمة- على إبراز نوع أو أكثر ليس غير من أنواع الوظائف الكلامية.

إن المعنى عند الأستاذ فيرث كل مركب من مجموعة من الوظائف اللغوية، وأهم عناصر هذا الكل هو الوظيفة الصوتية، ثم المورفولوجية، والنحوية والقاموسية والوظيفية الدلالية لـ"سياق الحال". ولكل وظيفة من هذه الوظائف منهجه الذي يراعى عند دراستها.

والحقيقة أن هذ الطريقة من طرق دراسة المعنى ترسم "تحليلات" عملية للمعنى على مستويات مختلفة.

ومما تجدر ملاحظته أن التحليلات اللغوية كلها على المستويات المختلفة ليست المعنى ولا هي دراسة المعنى. فلا بد للوصول إلى المعنى من الربط بين النتائج التي توصل إليها هذه التحليلات جميعا ربطا يدخل في اعتباره سائر عناصر "سياق الحال".

وهكذا فالأستاذ فيرث يرى أن الوصول إلى معنى أي نص لغوي يستلزم:

1- أن يحلل النص اللغوي على المستويات اللغوية المختلفة "الصوتية والفونولجية، والمورفولوجية، والنظمية، والمعجمية".

2- أن يبين "سياق الحال" "= الماجريات": شخصية المتكلم، شخصية السامع، جميع الظروف المحيطة بالكلام ... إلخ.

3- أن يبين نوع الوظيفة الكلامية: تمن، إغراء ... إلخ.

4- وأخيرا يذكر الأثر الذي يتركه الكلام، "ضحك، تصديق، سخرية ... إلخ"(52).

ص253

 

إن الدراسة الاجتماعية للدلالة تبعد بطبيعتها عن الثنائية التقليدية، ثنائية الجسد والروح، أو الكلمة والمضمون، إنها تعد الكلام نوعا من السلوك الاجتماعي ذا علاقة بعناصر أخرى غير لغوية.

 

 ص254

 

 

__________

(1) انظر:

Stephean Ullmann The Principles of Semantics Glasgow U w A Glasgow Univer sity Publications No 48.

Shlauch The Gift pp. 126-132.

)2) Michel Breal.

(3) ذكرت الأستاذة مارجريت شلاوخ أن الأستاذ جوست تراير Jost Tier قد صنع هذا الصنيع فيما يتعلق بالكلمات المتصلة بميدان "الذكاء" في نصوص الألمانية العليا القديمة والوسطى.

كما ذكرت أن عالما ألمانيا آخر هو الأستاذ و. هروكورت.W Heraucourt قام بدراسة دلالية للكلمات المتعلقة بـ"القيم الأخلاقية عند تشوسر" Chaucer.

(4) Chales K. Ogen And lvor A Rnd lvor A Richards The Meaning of Meaning London 1926 Third ed New York Harcount Brace

(5) Epistemology.

(6) انظر شيئا من التفصيل في "مناهج البحث في اللغة" للدكتور تمام حسان ص242-247.

(7) P. W. Bridgman Logic of Modern Physics.

(8) Operationalism.

(9) The lntelligent lndividual And Socieety.

(10) ترى الأستاذة مارجريت شلاوخ "ص129" أن كلا من اللغوي والاجتماعي قد يتهم "بردجمان" بالإفراط في التبسيط: فقد تجاهل بردجمان أن علاقة الإنسان بالجماعة علاقة ذات وجهين بطبيعتها، وهذه الطبيعة تتكشف بشكل جديد في كل مرة يتعلم فيها، ويستعمل كلمة جديدة. إن المتكلم، عندما يتكلم، وعندما يسمع، يخدم نفسه كما يخدم السامع. وإن القدرة على التكلم تذوي وتميل إلى الفناء ما لم تمارس في المجتمع. وإن خلق المعاني إنما يتم عن طريق تعاون الفرد والمجتمع.

)11) Thurman Arrold The Folkiore of Capitism.

(12) Schlauch p. 130.

(13) Neuro - Semantic Reactions.

(14) Stewart Chase The Tyranny of Words.

(15) Semantic Exercises.

(16) S. l. Hayakawa.

(17) Jrving J. Lee.

(18) Neuro - Semantics.

(19) Ferdinand de saussre Cours De Linguistique Generale.

(20) Antoine Meillet.

(21) Durkheim.

انظر الفصلين الأولين من كتابه

Regles de Le Methode de Sociologie.

(22) Les Faits Sociaux.

)23) Le Fait Social.

(24) يجب التفريق بين استعمال دي سوسير ومن يدينون بنظريته لهذه المصطلحات وبين استعمال سواهم لها في غير ما يريد دي سوسير.

)25) Collective.

(26) Sociale.

(27) Cours De Linguistique Generale p. 37.

)28) Externe.

(29) Cours pp. 20-32.

والفصل الأول من

Otto Jespesen Mankind Nation And lndividual From a Linguistic Point of View London 1946.

وقد عرب هذا الكتاب زميلي وصديقي الدكتور عبد الرحمن أيوب ونشره بعنوان: "اللغة بين الفرد والمجتمع"، ملتزم الطبع والنشر مكتبة الأنجلو المصرية، مطبعة لجنة البيان العربي، القاهرة 1954.

(30) انظر التفصيلات في كتاب دي سوسير:

Cours pp. 98 pp. 155-169.

وانظر تعريف الدكتور تمام حسان برأي دي سوسير هذا في "مناهج اللغة" ص243-246.

(31) Signifie.

(32) Singigiant.

(33) Behaviouristic School.

(34) Behaviourism.

(35) Albert Puaul Weiss A Theoretical Basis of Human Behavioour.

ليس هذا الكتاب أحدث ما كتب عن "السلوكية" ولكنه الكتاب الذي بنى عليه بلومفيلد وأكثر من تبعه اتجاههم "السلوكي" في فهم اللغة، وطرق دراستها.

(36) Behaviourists.

)37) Human Behaviour.

)38) Human Phenomena.

(39) Jack Jill.

انظر Blomgield Language pp 20-26.

(40) Act of Speech.

(41) Practical Events.

(42) Stimulus.

(43) Response.

(44) Rection.

(45) Bloomfield p. 24.

)46) Linguistic Substitute Reaction.

)47) Stimule.

(48) Reactions.

(49) انظر في التعريف بنظرية الأستاذ فيرث، ولا سيما بتصوره المعروف بـ

Contetext of Situation "= سياق الحال" كتاباته الآتية:

1- Speech Benn 1930 pp 38-43.

2- The Techneque of Semantics Transactions of the Philogical Society 1935.

3- Linguistics and Functional Pont of View English Studies XVl 1 February 1934.

4- The Use and Distribution of Certain English Soungs English Studies XVll 1 Febru- ary 1935.

5- Tongues of Men Watts Co London 1937 Chapter X.

6- Personality And Language ln Society Socillogiacl Reveew "Journal of the lnstitu- tional Socillgy Lekbury Herefordshie England Vol XLll Section Rwo 1950.

(50) شرحنا هذا بالتفصيل في كتابنا: اللغة والمجتمع: رأي ومنهج ص4-10.

(51) بدأ المصطلح Context of Situation عند الأنثروبولوجيين، ويرجع أصل استعماله إلى مقال للأستاذ أ. م. هوكارت.

A M Hocart The British of Jorunal of Psychology 1912.

(52) انظر تعريفنا بدراسة الوظيفة الاجتماعية للغة في "اللغة والمجتمع: رأي ومنهج" ص11-17 وانظر دكتور تمام حسان: مناهج البحث في اللغة ص251-279.

 

 




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.