أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-12-2018
1316
التاريخ: 20-11-2016
302
التاريخ: 20-11-2016
358
التاريخ: 20-11-2016
403
|
أ. جبهة المشرق:
شهدت جبهة المشرق اضطرابات خطيرة في عهد هشام أدت إلى تقلص الممتلكات الإسلامية في بعض المناطق، وذلك بفعل عدم كفاءة الولاة وسوء تصرفهم، وإحجام بعض الجماعات العربية عن الاشتراك في الغزوات.
فقد حدث في عام (110 هـ/ 728 م) أن أرسل والي خراسان أشرس بن عبد الله السلمي إلى أهل سمرقند وبلاد ما وراء النهر ممن لا يزالون على دينهم يدعوهم إلى الإسلام على أن يعفوا من دفع الجزية، فلقيت دعوته استجابة أكبر مما كان يتوقع. وكانت النتيجة أن هبط الخراج وأضحى من العسير تدبير المال اللازم لتصريف شئون الحكم، وشعر الوالي بذلك، فكان لابد من عمل شيء لإعادة التوازن إلى الخزينة، فكتب إلى حاكم سمرقند أن انظر من اختتن وأقام الفرائض وقرأ سورة من القرآن، فارفع خراجه.
لكن محاولة الجباية من المتحولين حديثاً إلى الإسلامي واجهت معارضة شديدة، ودفعت بهؤلاء للجهر بسخطهم والارتماء في أحضان خاقان الترك. وتعاون الطرفان لطرد المسلمين من البلاد، واصطدموا بهم عند آمل، لكن لم يحسم أي طرف الوضع لصالحه. لذلك دخل الطرفان في مفاوضات أسفرت عن اتفاق يقضي بانسحاب المسلمين من بعض بلاد ما وراء النهر بما فيها بخاري.
وبفعل تراجع المسلمين واضطراب الوقع في خراسان عزل الخليفة هشام أشرس بن عبد الله المسلمي، وولى مكانه الجنيد بن عبد الرحمن المري، وذلك في عام (111 ه/ 729م)، ويبدو أنه لم تكن لدى هذا الوالي خبرة سابقة في محاربة الأتراك على هذه الحدود الجبلية الوعرة، لذلك ارتكب أخطاء تكتيكية أثناء اصطدامه بهم، كانت نتيجتها أن أوقع بالمسلمين في مآزق عسكرية لم يخرجوا منها إلا بشق النفس، بالرغم من أنه استعاد بخاري وبعض المناطق التي انسحب منها المسلمون في عهد سلفه، فعزله الخليفة عن ولاية خراسان في عام (116 هـ/ 734 م) وولى مكانه عاصم بن عبد الله الهلالي.
وعمد الخليفة إلى إحداث تنظيمات إدارية جديدة في خراسان بهدف معالجة الأوضاع المتردية، خاصة ما يتعلق منها بوضع القبائل العربية، بعد إحجام غالبيتها عن الانضمام إلى الغزوات بفعل حياة الاستقرار التي ألفها أتباعها، فأمر واليه أن يُسقط هؤلاء من الديوان، وأن يكتفي بتجنيد خمسة عشر ألفاً منهم، كما سمح للقبائل الموالية بالسكن داخل مرو، وهي مركز الولاية، في حين نقل القبائل المعارضة إلى أماكن جديدة خارج المدينة، وحتى يدعم مركزه العسكري، فقد أمده الخليفة بقوة عسكرية تقدر بعشرين ألفاً لسد الفراغ الناشئ عن إحجام العرب، اقامهم في مرو.
تراوحت ردود فعل القبائل العربية في خراسان تجاه هذه الخطة بين التأييد الكامل والرفض المطلق وفقاً لمصلحة كل قبيلة، فاعتبرت القبائل، التي وضعت خارج مرو، أن تصرف الوالي هو في الحقيقة بمثابة النفي والإبعاد، وأن خروجهم من مرو سوف يحرمهم من المكاسب الوافرة، التي حصلوا عليها نتيجة إقامتهم الطويلة في هذه المدينة، التي سينالها غيرهم من القادمين الجدد.
وقد حصل أول تمرد عسكري ضد هذه السياسة في عام (116 هـ/ 734م) بقيادة الحارث بن سريح الذي زحف نحو بلخ لابساً السواد تعبيراً عن نقمته على بني أمية، داعياً إلى كتاب الله وسنة نبيه والبيعة للرضا.
وتحالف هذا القائد مع خاقان الترك، وانضم الهياطلة إلى هذا التحالف بالرغم من اختلاف أهداف كل طرف، إلا أن مصلحة مشتركة جمعت هؤلاء الأطراف وهي العداء لبني أمية، واصطدمت قوى التحالف مع الوالي، وهاجمت مرو.
ويبدو أن التفاف القبائل العربية المتمردة حول الحارث كان مرحبا وقد تأثر بوجود الهياطلة الأعداء في صفوفه ما دفعهم إلى الانسحاب والعودة إلى صفوف الوالي، كما انضم الموالي إلى صفوف الجيش الأموي تحسباً من خطر غزو الهياطلة لبلادهم. ثم انفرط عقد التحالف بانسحاب الهياطلة أيضاً وتراجع خاقان الترك.
ويبدو أن عاصماً أدرك، بعد تجربته القصيرة في خراسان، أن لآل البيت نفوذاً واسعاً فيها وأنها لا تصلح إلا إذا ضُمت إلى العراق القريب من مركز القيادة، فكتب إلى هشام بذلك، اقتنع الخليفة بوجهة نظر عامله، فعزله عن خراسان، وضمها إلى خالد بن عبد الله القسري مع العراق، وولى عليها أخاه أسداً.
تابع أسد الحرب ضد الحارث، وقاتل الترك في طخارستان وانتصر عليهما، كما حارب الخارجين، فحقق الأمن، خاصة على الطرق التجارية. وتوفي في بلخ في عام (120 هـ/ 738م). فولى هشام بعده شيخ مضر نصر بن سيار الذي تابع نشاط سلفه فأعاد السيادة الإسلامية إلى حوض نهر سيحون، وحل مشكلة الخراج، فحول الجزية من المسلمين وحملها غير المسلمين ممن لم يكونوا يؤدونها، وأزال شكاوى مسلمي مرو من جور النظام الضرائبي المفروض عليهم، فبلغت خراسان في عهده درجة من الأمن والرخاء لم تعرفها من قبل. ورغماً عن ذلك فقد ثبت أن استعادة النظام التام واستمرار يته ضرب من المستحيل، بل إن نصراً عجز عن التوفيق بين العصبيتين العربيتين، وابتدأت متاعبه الحقيقية بعد وفاة هشام في عام (125 هـ/ 743م).
أما ولاية السند، فقد آلت إلى الجنيد أيضاً، وقد تمكن من استرداد مدينة برهمناباد، وقتل جاي سنك، وبلغت غاراته شرقي الهند وجنوبه الشرقي. هذا وقد تقلص النفوذ الإسلامي في هذه البلاد بعد ذلك، بفعل خروج المسلمين من بلاد الهند وانهماك الخلافة الأموية بأمورها الداخلية بعد اشتداد الحركة العباسية.
ب- جبهة أرمينيا وأذربيجان:
تعاقب على إمارة هذه الجبهة عدة أمراء مسلمين، وشهدت، اعتباراً من عام (107 هـ/725م)، ضغطاً عسكرياً إسلامياً، خاصة المنطقة المحيطة ببلاد الخزر، وكانت النتيجة: تحجيم قوة الترك وإخضاع بعض المدن والقرى منها مدينة خلاط.
جـ- الجبهة البيزنطية:
استمر النضال بين المسلمين والبيزنطيين في عهد هشام الذي أحيا أعمال الجهاد، وقد اتخذ هذا الصراع صفة الحرب المقدسة من جانب البيزنطيين.
اهتم هذا الخليفة في بادئ الأمر بإنشاء الحصون في مناطق الحدود لامتصاص الغارات البيزنطية من جهة، واتخاذها قواعد انطلاق لغزو الأراضي البيزنطية من جهة أخرى، فأنشأ ستة حصون على الطريق العسكري الممتد بين أنطاكية حتى المصيصة كما رمم حصن ملطية.
وبعد عام من خلافته، درج المسلمون على الإغارة سنوياً على المنطقة وفتحوا عدة مدن وحصون منها خنجرة، خرشنة، قيصرية وصمالو، وحاصروا عدة مدن أخرى منها دور يليوم ونيقية وطوانة ورجمة. كما نفذوا حملات بحرية إسلامية ضد الجزر مثل قبرص وصقلية.
كان رد الفعل البيزنطي تجاه هذا النشاط الإسلامي محدوداً بفعل الظروف الداخلية التي كانت تمر بها الإمبراطورية وتتمثل بالصراع مع عبدة الأيقونات مما أعطى الفرصة للخليفة لمواصلة ضغطه العسكري.
وحدث في عام (122هـ/740م) أن توغلت قوة إسلامية باتجاه آسيا الصغرى وحاصرت ربض أكرن (اكرونيون) القريبة من عمورية، فخرج ليو الثالث بنفسه على رأس جيش بيزنطي للتصدي للمسلمين، واصطدم بهم في معركة شرسة حقق فيها انتصاراً واضحاً، وتكبد المسلمون خسائر جسيمة، وارتبطت بهذه المعركة قصة البطل التركي المعروف بعبد الله البطال الذي قُتل أثناء القتال ودفن في قرية تقع جنوب أسكي شهر ولا يزال قبره قائماً حتى اليوم.
تعتبر هذه المعركة، آخر المعارك الكبرى بين الأمويين والبيزنطيين، وترتب عليها أن جلا المسلمون عن الجزء الغربي من آسيا الصغرى، وتراجعوا نحو الشرق، كما تراجعت حدة الحملات المندفعة، وما حدث من نشاط عسكري بين أعوام (123-125هـ/ 741-743م) لم يخرج عن كونه طوائف عادية لم تترتب عليها أية نتائج هامة.
وما جرى من تخليص القسطنطينية من هجمات المسلمين، وارتداد هؤلاء عن آسيا الصغرى، يعتبر خاتمة مرحلة من مراحل النضال بينهم وبين البيزنطيين، وظلت المنطقة بفضل نظام الثغور البيزنطي، جزءاً لا يتجزأ من الإمبراطورية البيزنطية.
د- جبهة شمالي أفريقيا:
عانى الأمويون على هذه الجهة، في عهد هشام، من عداء البربر بعد أن استقطبهم الخوارج، وقد نقموا على العرب لاستئثارهم بالمناصب والامتيازات في حين تحملوا هم العبء الضريبي وأبعدوا عن مراكز السلطة.
وقد تطور هذا العداء إلى ثورة عارمة في عام (122هـ/ 740م) بفعل اشتطاط والي طنجة في طلباته المالية. وتغلب الثائرون على عدة جيوش أموية أرسلت إلى المنطقة لإخضاعهم، حتى كان عام (124 هـ/ 742م) حين أرسل الخليفة جيشاً جراراً بقيادة عاملة على مصر حنظلة بن صفوان الكلبي، انتصر على الثائرين في معركتي الأصنام والقرن، وأخضعهم، واستتب الأمر للأمويين.
هـ- جبهة الأندلس:
الواضح أنه بات لزاماً على المسلمين في الأندلس أن يدافعوا عن أنفسهم بأنفسهم نظراً لضعف الحكومة المركزية في دمشق، قد اقترنت بعدة محاولات توسعية راء جبال البرينييه حيث بلاد غالة والفرنجة.
وتمثل محاولة السمح بن مالك الخولاني الاندفاع وراء البرينييه منذ عام (100 هـ/ 718م) البداية الجدية للحركة التوسعية. فاجتاح مقاطعة سبتمانيا بما فيها المدينة الساحلية ناربون واستولى عليها، ثم توغلت قواته في إقليم أكيتانيا ووصلت إلى تولوز، وأغارت على مقاطعة البروفانس، واصطدمت بالدوق أودو حاكم اكيتانيا بالقرب من تولوز الذي انتصر في المعركة وكان السمح من بين القتلى، فتولى عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي قيادة الجند، وقاد بنجاح عملية الانسحاب والتراجع إلى ناربون.
وتعتبر محاولة خلفه عنبسة بن سحيم الكلبي من أوسع المحاولات الإسلامية لغزو بلاد غالة، فهاجم إقليم سبتمانيا وفتح قرقشونة ونيم وأوتون، وهاجم إقليم البروفانس وبرجنديا، ووصل إلى حوض نهر الرون، واجتاح عدة مدن أهمها ليون وماسون وشالون وسانس التي لا تبعد أكثر من مائة ميل عن باريس، لكن جيشاً من الفرنجة قطع عليه خطة الرجعة وأحاط بقواته وانتصر عليه، واستشهد عنبسة في المعركة في شهر شعبان عام (107 هـ/ 725م).
أدى مقتل عنبسة إلى تقهقر المسلمين من جديد، ووقف تيار التوسع مدة خمسة أعوام حتى كان عام (112 هـ/ 730م) عندما تولى عبد الرحمن الغافقي زمام الأمور.
يعتبر الغافقي من ألمع القادة المسلمين. تمتع بمواهب عسكرية كبيرة، فضلاً عن مقدرته كحاكم، ونظرته المتساوية إلى المسلمين من العرب والبربر، وإنصافه المسيحيين في الأندلس، مما جعله أمل القيادات والفئات الأندلسية في تحقيق الاستقرار الداخلي والتوسع في الخارج.
وبعد أن وطد النظام في أرجاء البلاد، وحصن الثغور الشمالية، تطلع إلى الخارج، وظهر كقائد محترف استأثرت به نزعة الفتح وراء جبال البرينييه. والواقع أن حملته التي عبر بها هذه الجبال كانت نموذجاً مختلفاً عن الحملات السابقة في الإعداد النفسي، والتجهيز المادي، والبعد الاستراتيجي لسياسة الفتح.
كان الهدف الأول للغافقي القضاء على الدوق أودو الذي شكل، وفقاً لتقديراته، العقبة الرئيسية أمام التمدد الإسلامي في بلاد الفرنجة خاصة بعد تحالف مع شارل بن ببين، حاجب القصر في مملكة الفرنجة. فاصدم به في معركة على نهر الدرودوني وتغلب عليه، والتجأ الدوق إلى بلاد الفرنجة وتعاون مع شارل في حرب المسلمين.
نتج عن هذه المعركة أن انتشر المسلمون في مقاطعة أكيتانيا وتقدموا حتى مدينة تورو. وكان ذلك آخر امتداد منهم لهم في أوروبا، لأن شارل خشي أن يدخل المسلمون بلاد الفرنجة نظراً لاقترابهم من حدودها، لذلك هب للدفاع عن القارة الأوروبية تجاه زحفهم.
كان الغافقي آنذاك يعاني من صعوبات تموينية ونقص في العديد بفعل ابتعاده عن قواعده، كما عانى من عدم تجانس الجيش الذي تحكمت فيه العصبيات الأندلسية المتصارعة.
أما الفرنجة فكانوا يفوقون المسلمين عدداً وتنظيماً وتماسكاً وتصميماً على وقف تيارهم الجارف.
وعمد شارل إلى تنفيذ إستراتيجية عسكرية قائمة على تأخير اللقاء مع المسلمين بهدف إنهاك قواهم نتيجة انتقالهم السريع من معركة إلى معركة، ومن مكان إلى مكان وانشغالهم بالغنائم التي لابد وأن تبطئ تقدمهم. وأخفى قواته عن أعينهم.
وفعلاً، عجزت عيون الغافقي عن معرفة أي شيء عن إستراتيجيته هذه، وبذلك يكون شارل قد حدد زمان ومكان المعركة ليضمن النصر.
وحدث اللقاء الحاسم بين الطرفين في (شهر رمضان عام 114ه/ شهر تشرين الأول عام 732م) في السهل الواقع بين تور وبواتييه، في المكان المعروف ببلاط الشهداء، ودارت بينهما رحى معركة عنيفة، هي معركة التصدي بين الغافقي وشارل حيث نجح الثاني في تحقيق الانتصار بالرغم من استبسال المسلمين في المعركة. وقتل الغافقي بعد قتال بطولي على أثر إصابته بسهم أودى بحياته. فتفرقت كلمة المسلمين واختلف رؤساء الجند واضطروا إلى الانسحاب إلى قواعدهم في سبتمانيا.
هذا وسميت هذه الموقعة في المصادر العربية بمعركة بلاط الشهداء لكثرة ما استشهد فيها من المسلمين، ونسبة إلى طريق روماني قديم دارت عنده هذه المعركة. والبلاط في اللغة العربية، هو الطريق المرصوف المبلط. أما المصادر الأوروبية فسمتها موقعة تور أوتو – بواتييه.
تعتبر معركة بلاط الشهداء من المعارك الحاسمة في التاريخ، إذ أنها أوقفت المد الإسلامي باتجاه قلب أوروبا، وتبددت مخاوف الأوروبيين واستحق شارل عن جدارة لقب المطرقة، وصار يعرف بـ شارل مارتل بعد أن أطلق عليه البابا غريغوري الثالث هذا اللقب.
لم يتعقب شارل مارتل فلول الجيش الإسلامي خشية أن يكون انسحابهم تكتيكاً للإيقاع به، بالإضافة إلى أنه مني هو أيضاً بخسائر بالغة جعلته عاجزاً عن تنظيم عملية مطاردة، وتراجع باتجاه الشمال.
لم يحاول المسلمون، بعد هذه الموقعة، الاستيلاء على بلاد الفرنجة إذ إن الخسارة جعلتهم أقل جرأة على غزو شمالي فرنسا، وأخذوا يتراجعون إلى الأندلس حتى لم يبق لهم فيما وراء البرينييه إلا مقاطعة سبتمانيا.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|