أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-01-2015
3403
التاريخ: 21-12-2017
2879
التاريخ: 2-02-2015
3312
التاريخ: 7-01-2015
3037
|
سيف اللّه المسلول على اعدائه قدس اللّه روحه، جليل القدر عظيم المنزلة، و اختصاصه بأمير المؤمنين (عليه السلام) أظهر من أن يذكر، و يكفيه شرفا و عزّا قول أمير المؤمنين (عليه السلام) في حقّه: «رحم اللّه مالكا فلقد كان لي كما كنت لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)».
وأرسله أمير المؤمنين الى مصر سنة (38) ه و جعله واليا عليها و كتب لأهل مصر: «امّا بعد، فانّي قد وجّهت إليكم عبدا من عباد اللّه لا ينام ايّام الخوف و لا ينكل عن الأعداء حذار الدوائر، أشدّ على الفجار من حريق النار و هو مالك ابن الحارث الأشتر أخو مذحج فاسمعوا له و أطيعوا فانّه سيف من سيوف اللّه ...» .
وعهده للأشتر هو أطول عهد كتبه (عليه السلام)، و يشتمل على لطائف و محاسن و حكم جمّة بحيث يكون دستورا و قانونا لكل الامراء و السلاطين طوال الدهر، و فيه قوانين في الخراج و الزكاة، و لا يبقى ظلم و جور اذا عمل بمضمونه، و هذا العهد معروف و قد شرح و ترجم مرارا، فلمّا كتب (عليه السلام) ذلك العهد أمر مالكا بالرحيل، فخرج في جمع من الجيش و توجّه نحو مصر، فلمّا وصل الخبر الى معاوية أرسل كتابا الى (زارع عريش) أن يسمّه و يفتله، و في المقابل يعفيه معاوية عن الخراج و الضرائب عشرين سنة.
فلمّا وصل الأشتر الى عريش، سأل الزارع عن الأكلة التي يحبّها الأشتر فقيل له: انّه يحبّ العسل، فجاء الزارع بعسل مسموم الى الأشتر و اهداه إليه، و ذكر له جملة من خواصّ العسل وفوائده، فشرب منه فلم يستقر العسل في جوفه بعد، حتى ودّع الدنيا و رحل عنها بذلك العسل المسموم.
وقال البعض: انّه استشهد في قلزم، و قد سمّه نافع مولى عثمان، و لمّا وصل خبر استشهاده الى معاوية فرح فرحا كثيرا بحيث لم تسعه الدنيا من الفرح و قال: الا و انّ للّه جنودا من عسل، ولمّا بلغ ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) حزن كثيرا وتأسف على مالك فصعد المنبر و قال:
«انّا للّه و انّا إليه راجعون و الحمد للّه رب العالمين، اللهم انّي أحتسبه عندك فانّ موته من مصائب الدهر، رحم اللّه مالكا فلقد أوفى بعهده وقضى نحبه و لقى ربه مع انّا قد وطّنّا أنفسنا على ان نصبر على كلّ مصيبة بعد مصابنا برسول اللّه (صلى الله عليه واله) فانّها من أعظم المصيبات».
فنزل عن المنبر و ذهب الى داره فجاء إليه مشايخ النخع و كان (عليه السلام) متأسفا متلهّفا على موت الأشتر ثم قال: «للّه درّ مالك! وما مالك؟ لو كان من جبل لكان فندا ولو كان من حجر لكان صلدا، أما و اللّه ليهدّن موتك عالما و ليفرحنّ عالما، على مثل مالك فلتبك البواكي و هل مرجوّ كمالك؟ و هل موجود كمالك؟ وهل قامت النساء عن مثل مالك؟» .
وقال أيضا في مالك: «لو كان صخرا لكان صلدا و لو كان جبلا لكان قيدا و كأنّه قدّ منّي قدّا».
وقال أيضا: أما و اللّه هلاكه فقد أعزّ أهل المغرب و أذلّ أهل المشرق ... ثم قال: لا أرى مثله بعده أبدا .
و قال القاضي نور اللّه في المجالس: ذكر صاحب البلدان في ذيل أحوال بعلبك انّ معاوية أرسل شخصا الى مالك كي يلاقيه في طريقه الى مصر، فلقيه و سقاه العسل المسموم، فمات به حوالي قلزم فلمّا بلغ معاوية ذلك أظهر السرور و الفرح و قال: الا انّ للّه جنودا من عسل، ثم حمل بدنه الطاهر الى المدينة و دفن هناك و قبره المنور معروف و مشهور، و قال أيضا: لا يخفى انّ مالكا مضافا الى تمتعه بالعقل و الشجاعة و العظمة و الفضيلة كان متحليا بحلي العلم و الزهد و الفقر و الدروشة .
و جاء في مجموعة ورام لابن فارس: انّ مالكا كان مجتازا بسوق الكوفة و عليه قميص خام و عمّامة منه، فرآه بعض السوقة فازدرى بزيّه، فرماه ببندقة تهاونا به، فمضى و لم يلتفت، فقيل له: ويلك أ تدري بمن رميت؟ فقال: لا، فقيل له: هذا مالك الأشتر صاحب أمير المؤمنين (عليه السلام).
فارتعد الرجل و مضى إليه ليعتذر منه، فرآه و قد دخل مسجدا و هو قائم يصلّي، فلمّا انفتل أكبّ الرجل على قدميه يقبّلهما، فقال: ما هذا الامر؟ فقال: أعتذر إليك ممّا صنعت (لأنّي لم أعرفك) فقال: لا بأس عليك فو اللّه ما دخلت المسجد الّا لأستغفرنّ لك .
يقول المؤلف: لاحظ كيف اكتسب هذا الرجل الاخلاق الحميدة من امامه أمير المؤمنين (عليه السلام) مع كونه من امراء الجيش و شجاعا شديد الشوكة.
وقال ابن أبي الحديد: لو انّ انسانا يقسم انّ اللّه تعالى ما خلق في العرب و لا في العجم أشجع منه الّا استاذه عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) لما خشيت عليه الاثم ... ما أقول في رجل هزمت حياته أهل الشام و هزم موته أهل العراق، و قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في حقّه: رحم اللّه مالكا فلقد كان لي كما كنت لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله.
و قال لأصحابه: ليت فيكم رجلين مثله بل رجل واحد مثله، و نرى شدّة شوكته على الأعداء من هذه الأبيات التي انشدها:
بقيت و فري و انحرفت عن العلى * ولقيت أضيافي بوجه عبوس
ان لم أشن على ابن هند غارة * لم تخل يوما من نهاب نفوس
خيلا كأمثال السعال شزّبا * تغدو ببيض في الكريهة شوس
حمى الحديد عليهم فكأنّه * ومضان برق أو شعاع شموس
على أي حال، فهو مع هذه الجلالة و العظمة وصل الى مرتبة من حسن الخلق بحيث يهينه سوقي و يستهزأ به فلم يتغيّر أبدا، و لم يظهر شيئا من أمارات الغضب بل يذهب الى المسجد فيصلي و يدعوا لذلك الرجل و يستغفر له، و لو لاحظت جيّدا ترى انّ شجاعته هذه و غلبة هواه أعلى و أرفع من شجاعته البدنيّة، و قد قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «أشجع الناس من غلب هواه».
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|