أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-3-2020
8002
التاريخ: 11-3-2017
5792
التاريخ: 19-6-2018
8633
التاريخ: 22-5-2016
2662
|
يستفاد من نص المادة 120 من القانون المدني الجزائري أنه لا بد من توافر بعض الشروط الموضوعية، حتى يمكن معها القول أننا أمام فسخ العقد فسخا اتفاقيا، وهذه الشروط تتمثل في وجود اتفاق مسبق على الفسخ (الفرع الأول)، أن يكون المقصود من الاتفاق هو استبعاد الفسخ القضائي (الفرع الثاني)، أن يكون سبب الاتفاق هو عدم تنفيذ أحد المتعاقدين لالتزاماته (الفرع الثالث).
الفرع الأول: وجود اتفاق بين المتعاقدين على فسخ العقد
للإرادة المشتركة التي أنشأت العقد، أن تحدد طرق زواله، فهي مصدر الحقوق والواجبات، ولها أن تعيد النظر في هذه الحقوق والواجبات بتعديل أحكامها أو بتحديد نتائجها في الزمان، ولذا يجوز للمتعاقدين أن يتفقا بعد إنشاء العقد على فسخه وتعيين حدود هذا الفسخ وأسبابه (1) وهو ما نصت عليه المادة 120 من ق. م. ، وإن وجود مثل هذا الاتفاق في العقد لا يتحقق بإرادة واحدة، فطبقا لنص المادة 106 من القانون. م. ج فإنه لا يجوز لأحد طرفي العقد أن يستقل بالرجوع عن العقد ولا تعديله ولا فسخه إلا برضي الطرف الآخر، كما يشترط أن يكون هذا الاتفاق واردا على عقد صحيح ولازم، لأن العقد الباطل معدوم في أصله، فلا يرد عليه الفسخ (2) وإن كان يبدو أن شرط وجود اتفاق على الفسخ من البديهيات التي لا داعي إلى ذكرها، غير أن الأمر ذو أهمية في مجال نظرية الفسخ، وذلك أن المتعاقدين، قد يكون الأمر بينهما في مرحلة إبرام العقد محل خلاف، في بعض أجزاء العقد، فلو فرضنا أن مسألة فسخ العقد بإرادة المتعاقد الدائن، كانت من بين المسائل التي كانت محل خلاف، ثم اتفق المتعاقدان بعد ذلك على الخلافات دون التطرق إلى موضوع فسخ العقد بإرادة المتعاقد الدائن المنفردة ففي مثل هذه الحالة لا يعتبر إبرام العقد في حد ذاته قد تضمن الاتفاق على فسخ العقد، وبالتالي إذا وقع عدم التنفيذ من أحد المتعاقدين في المستقبل، فإننا نكون أمام وضع يجب فيه تطبيق القاعدة العامة الواردة في المادة 119 من ق. م.ج، وليس لاستثناء الوارد في المادة 120 من ق.م.ج. لذا كان من الأفضل أن يكون الاتفاق على الفسخ اتفاقا مستقلا عن بقية أجزاء العقد الأخرى، حتى لا يثير الغموض والالتباس في المستقبل بين المتعاقدين (3) وينبغي الإشارة إلى أن الاتفاق المعتبر في هذا المجال من الناحية القانونية هو الاتفاق الذي يكون قد انعقدت عليه إرادة المتعاقدين قبل وقوع عدم التنفيذ، أما إذا وقع الاتفاق بعد ذلك، كأن يكون الأمر قد رفع إلى القضاء فإنه لا يعتبر اتفاق على فسخ العقد، . بالمفهوم الذي نحن بصدده، وإنما يدخل تحت مفهوم آخر وهو ما يسمى بالإقالة (4)
الفرع الثاني: المقصود من الاتفاق هو استبعاد الفسخ القضائي
لا يكفي لإيقاع الفسخ الاتفاقي مجرد وجود اتفاق مسبق بين المتعاقدين على فسخ العقد في حالة إخلال أحد المتعاقدين بتنفيذ التزامه، وإنما لا بد من أن تتجه نية المتعاقدين إلى استبعاد الفسخ القضائي. وان الصيغ التي يقع بها الاتفاق على استبعاد الفسخ القضائي، قد تختلف ولها درجات متباينة من حيث القوة والقسوة على المدين. وقد أظهر العمل أن المتعاقدان قد يتدرجان في اشتراط الفسخ وقت صدور العقد، فأدنى مراتب هذا الشرط هو الاتفاق على أن يكون العقد مفسوخا إذا لم يقم أحد المتعاقدين بتنفيذ التزاماته، وقد يزيدان في قوة هذا الشرط بأن يتفقا على أن يكون العقد مفسوخا من تلقاء نفسه، بل قد يتدرجان في القوة إلى حد الاتفاق على أن يكون العقد مفسوخا من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم، ثم قد يصلان إلى الذروة فيتفق على أن يكون العقد مفسوخا من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم أو إنذار (5) فإذا حصل وأن فسخ العقد فسخا اتفاقيا، كان بإمكان المتعاقد الآخر الذي لم تنفذ التزاماته أن يتحلل من الالتزامات التي تقع على عاتقه، في مواجهة المتعاقد الآخر، وذلك دون أن يرفع دعوى إلى القضاء، ودون مراعاة لإرادة المتعاقد المدين. وما تجدر الإشارة إليه إلى أن المشرع الجزائري أورد حكما خاصا بشأن حالات معينة من حالات البيع ألا وهي بيع المنقول فقد نصت المادة 392 من ق. م " في بيع العروض وغيرها من المنقولات إذا عين أجلا لدفع الثمن وتسليم المبيع يكون البيع مفسوخا وجوبا في صالح البائع ودون سابق إنذار، إذا لم يدفع الثمن عند حلول الأجل وهذا ما لم يوجد اتفاق على خلاف ذلك " (6) وقد أورد المشرع هذا الحكم خروجا عن القواعد العامة في الفسخ لمواجهة الطبيعة الخاصة للمنقولات في سرعة وسهولة تداولها وتقلب أسعارها. فالفسخ يقع من تلقاء نفسه في مثل هذا النوع من العقود، دون حاجة إلى إعذار أو حكم من القضاء، ويحق له أن يتصرف فيه بتصرف المالك فيتصرف فيه مرة أخرى وعليه فإن هذا الحكم الوارد في المادة 392 من ق. م.ج استثنائي لا يصح تطبيقه إلا إذا توافرت الشروط الواردة في نص هذه المادة، وهي:
1- أن نكون بصدد بيع منقول أيا كان نوعه.
2- أن يكون هناك إتفاق على ميعاد واحد ومحدد لدفع الثمن وتسليم المبيع.
3- أن يتأخر المشتري عن الوفاء بالثمن في الموعد المتفق عليه.
4- أن يتمسك البائع بالفسخ.
وفي حالة تخلف هذه الشروط تسري القواعد العامة في الفسخ (7)
الفرع الثالث: أن يكون سبب الاتفاق هو عدم تنفيذ أحد المتعاقدين التزاماته
مقتضى هذا الشرط أن واقعة عدم التنفيذ، يجب توافرها لإمكان الفسخ بإرادة المتعاقد المنفردة. غير أنه ينبغي ألا يفهم من ذلك، أن مجرد تحقق هذا الشرط يفسخ العقد، لأن ذلك هو شأن الشرط الفاسخ العادي، وليس هو المقصود من الفسخ الاتفاقي الوارد في المادة 120 من ق. م ج الذي ينبغي فيه تقوية مركز المتعاقد الدائن، وتقوية ضمان حقوقه قبل المتعاقد الآخر الذي لم ينفذ التزامه في الميعاد المتفق عليه (8) وعليه فإذا كانت واقعة عدم التنفيذ، شرط ضروري لكي يستطيع المتعاقد الدائن أن يستعمل حقه في فسخ العقد من تلقاء نفسه دون حاجة اللجوء إلى القضاء، إلا أنه من حق الدائن أن يتنازل عن حقه في التمسك بالفسخ وأن يطالب بالتنفيذ رغم تحقق عدم التنفيذ. ونشير في هذا الصدد أن معظم القوانين التي أخذت بالفسخ الاتفاقي لم تحدد الالتزامات التي يمكن أن تكون مجالا للاتفاق على الفسخ عند عدم تنفيذها. ويترتب على ذلك أن عدم تنفيذ أي التزام سواء كان جوهري أو غير جوهري، كلي أو جزئي، يجيز للمتعاقد الدائن كقاعدة عامة أن يفسخ العقد نتيجة عدم التنفيذ (9) وعلى الرغم من أن نص المادة 120 من ق. م.ج جاءت خالية من أي قيد يحد من حرية المتعاقدين، مع ذلك يجب عدم إساءة استعمال هذا الحق ومراعاة القواعد العامة المنصوص عليها في هذا المجال ولاسيما الواردة في المادة 124 من ق. م.ج والتي تقضي بعدم إساءة استعمال الحق، بالإضافة إلى مبدأ حسن النية المنصوص عليه في المادة 107 من ق. م.ج الذي تجب مراعاته في جميع الحالات التي يكون فيها العقد في حالة عدم التنفيذ (10) ويترتب على ذلك أن الاتفاق الذي يقع بين المتعاقدين ويخالف تلك القواعد العامة، يعتبر باطلا، وبالتالي يكون العقد خاليا من أي اتفاق على الفسخ، فيكون في مثل هذه الحالة على المتعاقد الدائن إن أراد التحلل من التزامه نحو المتعاقد الآخر الذي أخل بالتزامه أن يلجأ إلى القاضي لإيقاع الفسخ، وبهذا نكون قد طبقنا المادة 119 بدلا من المادة 120 من الق. م. ج(11) فإذا ما توافرت هذه الشروط السابق ذكرها، وهي شروط لم يصرح بها النص السالف ذكره صراحة، ولكنه يتضمنها، كان لأحد المتعاقدين الحق في فسخ العقد فسخا اتفاقيا.
________________
1- ناصيف الياس، موسوعة العقود المدنية والتجارية، حل العقود، الجزء السابع، ج 7 د.د.ن، لبنان، د. ت. ن. ، ص 300
2 - المرجع نفسه، ص 308
3- عبد الكريم بلعيور، نظرية فسخ العقد في القانون المدني الجزائري المقارن، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، 1986 ص 213
4- والإقالة هي اتفاق بين المتعاقدين على أن يقيل كل منهما الآخر من العقد، بعد أن كان نشأ صحيحا، وذلك بهدف حل الرابطة التعاقدية وأن المشرع الجزائري لم ينص على التقايل بنص صريح وإنما يستفاد ذلك من نص المادة 106 من ق.م " العقد شريعة المتعاقدين لا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التي يقررها القانون.". أنظر: حسين علي الدانون، الوجيز في النظرية العامة للالتزام، مصادر الالتزام، دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي والقانون المقارن، دار وائل للنشر والتوزيع، الأردن، ، ص 211
5- أحمد عبد الرزاق السنهوري، الوجيز في شرح القانون المدني الجديد، النظرية العامة للالتزامات، نظرية العقد، الجزء الثاني، المجلد الثاني، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، 1998 ، ص 810
6- تقابلها المادة 461 من القانون المدني المصري، أنظر في ذلك: سمير عبد السيد تناغو، مصادر الالتزام، العقد والإرادة المنفردة، العمل غير المشروع، الإثراء بلا سبب، القانون، منشأة المعارف، مصر، 2005 ، ص 196
7- محمد حسين منصور، الشرط الصريح الفاسخ، الدار الجامعية للنشر والتوزيع، مصر، 2003 ، ص 44
8- عبد الكريم بلعيور، المرجع السابق، ص 216
9- حسينة حمو، إنحلال العقد عن طريق الفسخ، مذكرة لنيل درجة الماجستير في القانون، فرع قانون المسؤولية المهنية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، مولود معمري تيزي وزو، 2011 ، ص 35
10- حسين تونسي، انحلال العقد، دراسة تطبيقية حول عقد البيع وعقد المقاولة، دار الخلدونية، للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، الجزائر، 2007 ، ص 47
11- عبد الكريم بلعيور، المرجع السابق، ص 217
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|