أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-01-2015
3480
التاريخ: 21-01-2015
3287
التاريخ: 4-5-2016
3377
التاريخ: 23-2-2019
2325
|
لما انتشر أمر الإسلام بعد الفتح و ما ولاه من الغزوات وفدت الوفود على رسول الله (صلى الله عليه واله) و كان ممن وفد عليه أبو حارثة أسقف نجران في ثلاثين رجلا من النصارى منهم العاقب و السيد و عبد المسيح فقدموا المدينة فصارت إليهم اليهود فتساءلوا بينهم فقالت النصارى لهم لستم على شيء و قالت اليهود لهم لستم على شيء و في ذلك أنزل الله {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ} [البقرة: 113] ,إلى آخرها فلما صلى النبي العصر جاءوا إليه يقدمهم الأسقف فقال يامحمد ما تقول في السيد المسيح ؟.
فقال(صلى الله عليه واله):عبد الله اصطفاه و انتجبه فقال الأسقف أتعرف له أبا ولده فقال (صلى الله عليه واله) لم يكن عن نكاح فيكون له والد .
فقال: كيف تقول إنه عبد مخلوق و أنت لا ترى عبدا بغير أب.
فأنزل الله تعالى الآيات من سورة آل عمران إلى قوله {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ * فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران: 59 - 61].
فتلاها على النصارى و دعاهم إلى المباهلة و قال إن الله أخبرني أن العذاب ينزل على المبطل عقيب المباهلة و يبين الله الحق من الباطل فاجتمع الأسقف و أصحابه و تشاوروا و اتفق رأيهم على استنظاره إلى صبيحة غد فلما رجعوا إلى رحالهم؛ قال الأسقف انظروا محمدا فإن غدا بأهله وولده فاحذروا مباهلته و إن غدا بأصحابه فباهلوه فإنه على غير شيء فلما كان الغد جاء النبي (صلى الله عليه واله) آخذا بيد علي (عليه السلام) والحسن والحسين(عليهما السلام) يمشيان بين يديه و فاطمة تمشي خلفه فسأل الأسقف عنهم فقالوا هذا علي ابن عمه وهو صهره وأبو ولده و أحب الخلق إليه و هذان الطفلان ابنا بنته من علي وهما أحب الخلق إليه وهذه الجارية فاطمة ابنته وهي أعز الناس عنده و أقربهم إلى قلبه .
فنظر الأسقف إلى العاقب والسيد وعبد المسيح وقال لهم انظروا قد جاء بخاصته من ولده وأهله ليباهل بهم واثقا بحقه و الله ما جاء بهم و هو يتخوف الحجة عليه فاحذروا مباهلته و الله لو لا مكانة قيصر لأسلمت له و لكن صالحوه على ما يتفق بينكم و ارجعوا إلى بلادكم و ارتئوا لأنفسكم فقالوا رأينا لرأيك تبع فقال الأسقف يا أبا القاسم إنا لا نباهلك و لكنا نصالحك فصالحنا على ما ننهض به فصالحهم على ألفي حلة قيمة كل حلة أربعون درهما جيادا فما زاد أو نقص كان بحساب ذلك و كتب لهم به كتابا.
ففي هذه القضية بيان لفضل علي(عليه السلام) وظهور معجز النبي (صلى الله عليه واله) فإن النصارى علموا أنهم متى باهلوه حل بهم العذاب فقبلوا الصلح ودخلوا تحت الهدنة وإن الله تعالى أبان أن عليا هو نفس رسول الله كاشفا بذلك عن بلوغه نهاية الفضل و مساواته للنبي (صلى الله عليه واله) في الكمال والعصمة من الآثام و إن الله جعله وزوجته وولديه مع تقارب سنهما حجة لنبيه (صلى الله عليه واله) وبرهانا على دينه ونص على الحكم بأن الحسن و الحسين أبناؤه و أن فاطمة (عليها السلام) نساؤه والمتوجه إليهن الذكر و الخطاب في الدعاء إلى المباهلة و الاحتجاج و هذا فضل لم يشاركهم فيه أحد من الأمة و لا قاربهم.
ونقلت من كتاب الكشاف للزمخشري في تفسير هذه الآية ما صورته يقال بهله الله على الكاذب منا و منكم و البهلة بالضم و الفتح اللعنة و بهله الله لعنه و أبعده من رحمته من قولك أبهله إذا أهمله و ناقة باهل لا صرار عليها.
قلت الصرار خيط يشد على خلفها لئلا يرضعها ولدها.
قال و أصل الابتهال هذا ثم استعمل في كل دعاء يجتهد فيه و إن لم يكن التعانا.
وروي أنه لما دعاهم إلى المباهلة قالوا حتى نرجع و ننظر فلما تخالوا قالوا للعاقب وكان ذا رأيهم يا عبد المسيح ما ترى فقال و الله لقد عرفتم يا معشر النصارى أن محمدا نبي مرسل و لقد جاءكم بالفضل من أمر صاحبكم و الله ما باهل قوم نبيا قط فعاش كبيرهم و لا نبت صغيرهم ولئن فعلتم لتهلكن فإن أبيتم إلا إلف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه فوادعوا الرجل و انصرفوا إلى بلادكم فأتوا رسول الله (صلى الله عليه واله) وقد غدا محتضنا الحسين آخذا بيد الحسن و فاطمة تمشي خلفه و علي خلفها و هو يقول إذا أنا دعوت فأمنوا .
فقال أسقف نجران يا معشر النصارى إني لأرى وجوها لو شاء الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله بها فلا تباهلوا فتهلكوا ولا يبق على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة فقالوا يا أبا القاسم رأينا أن لا نباهلك و أن نقرك على دينك و نثبت على ديننا قال (صلى الله عليه واله) فإذا أبيتم المباهلة فأسلموا يكن لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم فأبوا قال فإني أناجزكم فقالوا مالنا بحرب العرب طاقة و لكن نصالحك على أن لا تغزونا و لا تخيفنا و لا تردنا عن ديننا على أن نؤدي إليك كل عام ألفي حلة ألفا في صفر و ألفا في رجب و ثلاثين درعا عادية من حديد فصالحهم على ذلك.
وقال والذي نفسي بيده إن الهلاك قد تدلى على أهل نجران و لولا عنوا لمسخوا قردة و خنازير ولأضطرم الوادي عليهم نارا و لاستأصل الله نجران وأهله حتى الطير على رؤوس الشجر و لما حال الحول على النصارى كلهم حتى يهلكوا و عن عائشة أن رسول الله (صلى الله عليه واله) خرج وعليه مرط مرجل من شعر أسود فجاء الحسن فأدخله ثم جاء الحسين فأدخله ثم فاطمة ثم علي ثم قال {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } [الأحزاب: 33].
فإن قلت ما كان دعاؤه إلى المباهلة إلا ليتبين الكاذب منه و من خصمه و ذلك أمر يختص به و بمن يكاذبه فما معنى ضم الأبناء والنساء.
قلت ذلك آكد في الدلالة على ثقته بحاله و استيقانه بصدقه حيث استجرأه على تعريض أعزته و أفلاذ كبده وأحب الناس إليه لذلك لم يقتصر على تعريض نفسه له وعلى ثقته بكذب خصمه حتى يهلك خصمه مع أحبته و أعزته هلاك الاستئصال إلى أن تمت المباهلة و خص الأبناء و النساء لأنهم أعز الأهل و ألصقهم بالقلوب و ربما فداهم الرجل بنفسه و حارب دونهم حتى يقتل ثم من ثم كانوا يسوقون مع أنفسهم الضغائن في الحروب لتمنعهم من الحرب يسمون الذادة عنها بأرواحهم حماة الحقائق و قدمهم في الذكر على الأنفس لينبه على لطف مكانهم و قرب منزلتهم وليؤذن بأنهم مقدمون على الأنفس مفدون بها و فيه دليل لا شيء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء (عليهم السلام) وفيه برهان واضح على صحة نبوة النبي (صلى الله عليه واله) لأنه لم يرو أحد من موافق و لا مخالف أنهم أجابوا إلى ذلك .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
قسم التربية والتعليم يكرّم الطلبة الأوائل في المراحل المنتهية
|
|
|