أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-4-2018
![]()
التاريخ: 21-4-2018
![]()
التاريخ: 28-4-2018
![]()
التاريخ: 25-4-2018
![]() |
هب أن هناك حجرا في مجال رؤيتنا . وهب أن هناك كرة بيننا وبين الحجر . إننا نقول في وصف هذا الوضع إن الكرة توجد أمام الحجر . إلا أن لغة الحارصا (Hausa)، وهي من اللغات الإفريقية ، تقول في وصف الوضع نفسه إن الكرة تقع خلف الحجر . ما يمكن ان نستخلصه من هذا الاختلاف في الوصف أن البعد " أمام / خلف " ليس خاصية لاصقة بالحجر أو الكرة ، وإنما هو بعد يسقطه المتكلم عليهما . وكيفية إسقاط هذا البعد تختلف من هذه الثقافة الى تلك .
ص95
هل معنى هذا من جانب اخر ، ان كلمة "امام" عندنا توافق من حيث معناها كلمة "خلف" في الحاوصا ؟ وبعبارة اخرى ، هل نقول ان الجملتين (1-2) تحملان المعنى نفسه ؟
1. توجد الكرة امام الحجر (العربية)
2. توجد الكرة خلف الحجر (الحاوصا)
ان هاتين الجملتين ، وان كانتا تصفان الوضع الخارجي نفسه ، تختلفان معنى وتصورا ، اذ كل جملة تعكس التقطيع الجزئي الذي يملكه متكلم العربية ومتكلم الحاوصا للفضاء باعتباره جزءا من العالم الذي نعيش فيه . وسنفصل في موضوع الفضاء في الفصل المقبل .
وما نستخلصه هو ان لنا طريقة نجزئ بها العالم ، وهذه الطريقة مرتبطة نسبيا بوسائلنا الادراكية والمعرفية والثقافية . وكما يقول جاكندوف (1983) : " فالكيفية التي بنيت عليها ذواتنا البشرية لتأويل العالم – اي القدرة التعبيرية لتمثلاتنا الداخلية – هي التي تحدد ما تصفه اللغة وتقدمه . ان الامر لا يتعلق بما اذا كانت كيانات معينة تبنى استجابة لمماثلات خارجية ، او انها من الثمار الخالصة لخيالنا : اننا نتصرف كما لو كانت موجودة بسبب الكيفية التي نحن مكونون بها "(1).
ان هذا الموقف القائم على التمثيلات الداخلية للانسان ، والذي نسميه الموقف التمثيلي للتصورات والمعاني ، يتعارض مع الموقف الشائع الذي يخرج ما هو واقعي من بنية التمثيلات الموجودة عند الانسان ، بل ويعتبر ما هو واقعي مستقلا عن الكيفية التي يتصور بها الناس . العالم ويقولونه . والحال ان الاشياء كما توجد في العالم الخارجي لها دور اساسي في تقييد نسقنا التصوري ، وذلك من خلال تجربتنا مع هذه الاشياء .
الا ان الواقع لا يتم تصوره بنفس الكيفية . من الامثلة الواضحة على ما نقوله الشكلان (3) و(4) :
(3) ● ● (4) ماذا . ناموا .
● ■ وبعد . ...
لماذا نتصور النقط الموجودة في (3) كما لو كانت تشكل مربعا رغم ان هذه النقط لا تربطها خطوط ، ولا نتصور النقط البارزة في (4) بنفس الكيفية ، رغم انها تترابط بنفس العلاقة الفضائية التي تجمع بين النقط في (3)؟
ص96
اننا نحس ان الواقع شيء والتصور ( اي ما تحمله اللغة من معلومات) شيء اخر ، ولكنه مرتبط به . اذا نظرنا الى الشكلين (5) و(6) اتضح لنا ذلك اكثر :
(5) <_ _ _ > (6) > _ _ _<
فالقطعتان في (5-6) متساويان من حيث الطول ، وما اختلف هو وضعية الزوايا التي تحد كل قطعة على حدة . و لكننا نتصور دائما ان القطعة الموجودة في (6) اطول من تلك الموجودة في (5) . والواقع انهما متساويتان .
تعكس الاشكال (3-6) الطريقة التي نجزئ بها العالم والاشياء التي توجد فيه . وهذه الطريقة ناتجة عن تصوراتنا المرتبطة بصورة مباشرة بكيفية الادراك لدينا . وواضح ان هذه الطريقة لا تعكس ما هو موجود فعلا في العالم الخارجي .
ومن الامثلة المعروفة التي تبين اهمية كيفية تأويلنا للعالم الخارجي ومركزيتها مشكل الصورة الملتبسة:
فالمشكل هنا لا يتعلق بالتساؤل عما اذا كانت (7) تمثل وجهين ام مزهرية ، او عما اذا كانت (8) اوزة ام ارنبا . " ان السؤال المتعلق بماهية هذه الاشياء يرتبط بما اذا كان بامكاننا ان نراها بهذه الطريقة او تلك ، وبالكيفية التي تتدخل بها انساقنا المعرفية – الادراكية في التكوين الخلاق للأحكام المقولية بصدد ما نراه " (2).
انطلاقا من هذه الملاحظات العامة بصدد سيرورات الادراك ، نفترض ان الانسان يملك مستوى تنظيميا يرتب بواسطته العالم الخارجي . ومن خصائص هذا المستوى التنظيمي انه ذهني ، ويرتبط بصورة سببية بعملية الادراك وبحالات الجهاز العصبي . وهذا المستوى ، الذي يتم تشغيله وتوظيفه من لدن الكائن البشري في كل حين ، يشكل مجالا للمعلومات الموجودة في الذهن . وبعض هذه المعلومات الذهنية نجدها مرمزة في اللغة .
ص97
________________________
(1) نفسه ، ص 24-25، وانظر غاليم (1987).
(2) جاكندوف (1983) ، ص 25، وغاليم (1987) ، ص 95.
|
|
التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"
|
|
|
|
|
مرآة السيارة: مدى دقة عكسها للصورة الصحيحة
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|