المرتكزات الفلسفية لرأس المال الفكري (مرحلة اضاءات البداية وتوجهات الاهتمام بالقابليات البشرية)
المؤلف:
د . سعد علي حمود العنزي د . احمد علي صالح
المصدر:
إدارة رأس المال الفكري في منظمات الاعمال
الجزء والصفحة:
ص135 - 138
2025-09-18
142
الفصل الخامس
المرتكزات الفلسفية لرأس المال الفكري
من المتوقع بعد قراءة هذا الفصل والإطلاع على مضامينه الفكرية وتحليلاته النظرية والإجرائية أن تكون قادراً على أن:
1- تحدد بدايات ظهور رأس المال الفكري.
2- تلم بمؤشرات تطور رأس المال الفكري.
3- تدرك مفهوم رأس المال الفكري.
4- تشخص أهمية رأس المال الفكري.
5- تحدد مداخل دراسة رأس المال الفكري.
تمهيد
يتناول هذا الفصل موضوعاً في غاية الأهمية، فهو من جانب يدخل في تحديد بدايات ظهور رأس المال الفكري Intellectual Capital)، من حيث الخوض في هل كانت البداية مباشرة نحو المصطلح، أم هناك حقبة زمنية سبقت ظهوره، وكان هو أمتداداً طبيعياً لها؟ وهل حدثت تطورات على هذا المصطلح والى أين أوصلته؟ وهل جرت محاولات اجترار لهذا المصطلح لتكون أمتدادات جديدة و ما هي؟ واما الجانب الآخر، فأنه يتعامل مع تحديد مفهوم رأس المال الفكري، واهميته لمنظمة الاعمال فضلاً عن التوصل ان كانت له ادوار معينة يؤديها، وتفرضه تلك المنظمة عليه، والتعرف على مداخل دراسته في ضوء فلسفات الباحثين والمفكرين.
أولا: بدايات ظهور رأس المال الفكري ومؤشرات تطوره
يمكن تحديد مراحل ثلاثة مهدت لظهور رأس المال الفكري، وساهمت في تطويره وبناء استخداماته وهي على النحو الآتي:
المرحلة الأولى: اضاءات البداية وتوجهات الاهتمام بالقابليات البشرية
قال (2002 ,Mckinglay): في اثناء عملي في مشروع تطوير معمق للموارد البشرية لأحدى الشركات الضخمة قبل بضع سنوات، طلب مني جمع منظور تاريخي عن حركة الموارد البشرية وكان ما وجدته مدهش لي، واذ عملت كمتخصص في الموارد البشرية لسنوات عدة، ولكن كان لدى القليل من الوعي بتطور هذا الحقل، وعدّ هذا درساً قيماً لي، فمع تقدیر افضل لماضينا، نكون مهيئين أفضل لبناء الموارد البشرية للمستقبل أو مثل هذا الطرح هو الذي حفزنا لتقصي بدايات الاهتمام بالقابليات البشرية ، والتي كانت اضاءاتها تحديداً في القرن السابع عشر على يد الاقتصاديين. اذ قال (2001 ,Nerdurm & Eribson) في هذا الصدد انه في القرن السابع عشر أكد الاقتصادي William Petty) ) فكرة اختلاف نوعية العمالة، وطرح موضوع قيمة العاملين (Value of Workers )في حساب الثروة بطريقة احصائية، وشكل هذا الجهد مبادئ ماعرف لاحقاً بــ رأس المال البشري (Human Capital ) واستمرت جهود الاقتصاديين بهذا الاتجاه، حيث في عام (1776) اشار Adam Smith في كتابه الموسوم «ثروة الأمم» الى تأثير مهارات العاملين في العملية الانتاجية وجودة المخرجات، وطالب بأن تحدد الاجور، على وفق ما يبذله من وقت وجهد وكلفة لكسب المهارات المطلوبة في ادائهم لمهاتهم( 176 : 2000,Petty & Guthrie).
وأكد الاقتصادي المعروف (Alfred Marshall) في عام (1890) علي الاستثمار في البشر بقوله ان أثمن ضروب رأس المال، هو ما يستثمر في البشر» (الحبيب، 1981 36) وذلك لأن رأس المال البشري يتميز بسمة لا تتوافر في غيره من رؤوس الأموال هي ان منحنى انتاجيته تتصاعد بنفس اتجاه منحنی خبراته ومهاراته وان عمره المعنوي يتحدد مع تغيرات العصر. ولن يندثر الا بتوقف عمره الزمني، ومعنى ذلك انه لا يخضع لقانون المنفعة المتناقصة، وجاء عام (1906) ليشهد ظهور الاساس الفعلي لنظرية رأس المال البشري المعاصرة على يد الاقتصادي (Irving Fisher) عندما ادخل رأس المال البشري في مفهوم رأس المال العام.
وعند نهاية الخمسينيات توسع( Schultz & Mincer) بنظرية رأس المال البشري من خلال اعتباره فئة من رأس المال مستقلة عن رأس المال التقليدي، اخذين بنظرهما خصائصه الاقتصادية والانتاجية. وادوات قياسه، ومما وفر ذلك تفسيرية لظواهر الاقتصاد الكلي والجزئي (3 :2001,Nerdrm & Eribson). وشهدت مرحلة الستينات الى نهاية السبعينات تطوراً سريعاً في نظرية رأس المال البشري أدت بشكل واضح الى فهم السلوك الانساني على المستويين الفردي والاجتماعي. فقد ميز (1964:11,Becker) بين رأس المال البشري العام الذي يزيد انتاجية المالك، ورأس المال الخاص الذي يزيد انتاجية المالك في نشاط محدد. وأما (827 :1976 ,Blang) فصنّف رأس المال الى ست فئات :الرسمي، التدريب في اثناء العمل، البحث عن الوظيفة، استرجاع المعلومات، الهجرة، التحسن بالصحة.
ومن كل ما تقدم يلاحظ ان الحقبة السابقة، التي امتدت من القرن السابع عشر الى نهاية سبعينات القرن العشرين وقد أكدت على القابليات البشرية عامة فكرياً وجسدياً وادائياً)، والتي تتعامل معها مجتمعة في الشخص الواحد. والغرض الاساس من ذلك تصنيف فئة الشخص الى (ماهر، شبه ماهر، غير ماهر ، ... الخ) ومن ثم تحديد مستوى الاجر الذي يستحقه في ضوء هذا التصنيف. ويتفق هذا التوجه مع تصنيف لفئات الافراد والمبين في الشكل 1-5 وبذلك شدت هذه الحقبة الانتباه إلى أهمية المورد البشري، وضرورة دراسته بوصفه عاملاً مكملاً لرأس المال المادي. واخيراً يمكن القول بأن موضوع رأس المال البشري يمثل نقطة الارتكاز الأساس والمؤثر المنطقي لدراسة موضوع رأس المال الفكري، ومما يؤيد ذلك نتائج الدراسات التي اشرنا ان رأس المال الفكري يعد بعداً جديداً في تحليل رأس المال البشري. فضلاً عن ذلك ما توصلت إليه دراسة من كون رأس المال الفكري يمثل حالة خاصة من رأس المال البشري، بدليل انه يتكون ، أما نتيجة للتعليم الرسمي، او معلومات مستقاة من التدريب.

الاكثر قراءة في التطور التاريخي لادارة الموارد البشرية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة