موقف أصحاب الرسائل بدون الولاية الإلهيّة خطر يوم القيامة
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الله
الجزء والصفحة:
ج3/ ص 203-207
2025-08-20
330
من الضروريّ دائماً التكتّم على الأسرار، ولا يجب البوح بالمسائل العرفانيّة الراقية والسامية لأيّ كان، وأنّه يُستحبّ دائماً، بل واجب مأمور به، التحدّث إلى الناس بمستوى عقولهم وقابليّاتهم؛ ولكنْ كلامنا هذا موجّه إلى الخواصّ وليس العوامّ، إلى العلماء لا الجهلاء، إلى أهل الفهم والتجربة والأدب والمطالعة لا إلى الرجل العاميّ المجرّد من أيّ من هذه المسائل.
فنحن نقول: إذا تقرّر أن تكون عقيدتنا توحيداً باللسان وذلك بعد مضي ألف وأربعمائة عام على شريعة التوحيد المحمّديّة، وأن نغفل عن أسرار ودرجات التوحيد الفكريّ والعقليّ والقلبيّ الراقية والقناعة باليقين الكلّيّ، وأن نشنّ حملة شعواء على أهل الوحدة، وهم الموحّدون الحقيقيّون والمسلمون الخُلّص؛ فإذاً ما الفرق بيننا وبين مشركي قريش الذين شَهَروا سيوفهم بوجه النبيّ وأمير المؤمنين عليهما السلام وجميع الموحّدين، اي القائلين بالوحدة الإلهيّة، في معارك بدر واحد والأحزاب وحنين؟! أما كان علينا، على الأقلّ، ونحن الذين ننادي بالمرجعيّة وولاية الفقيه، اي نتحمّل مسؤوليّة الحفاظ على أرواح وأموال وأعراض المسلمين إذ نعتقد بولائهم الفكريّ والقلبيّ لنا، أن نقول كلمتنا في مسألة التوحيد؟ حتى لا تتسبّب هذه الفتاوى، لا سمح الله، في هتك الأنفس والأموال والأعراض- ليس لنا أن نجعل من أنفسنا حماةً وحرّاساً- ولكن على الأقلّ علينا أن لا نكون كالعدوّ الذي يُشهر سلاحه لصالح الخصم المُشرك، وضدّ الفرد المسلم الموحّد.
«لَا أمَلَ لَنَا في خَيْرِكَ، فَكُفَّ أذَاكَ عَنَّا».
والآن وبعد أن اتّضحت صحّة مقولة الخالق والمخلوق، والآمر والمأمور، والراحم والمرحوم، وقد أثبتتْ صحّتها ورُقيّها آراء روّاد الفلسفة والعرفان الإسلاميّين من أمثال محيي الدين بن عربي وتلامذته ومنهم القونَويّ والقيصريّ، والعالم الفقيه النبيل والعارف بلا بديل الغائب عن الأنظار والأفكار منذ حوالى سبعة قرون ألا وهو: السيّد حيدر الآمليّ وكذلك الفقيه والحكيم الخبير البصير والعالم المتبحّر المتألّه: الملّا صدر الدين الشيرازيّ، وغيرهم الذين يدين لهم الإسلام والمسلمون والمؤمنون وشيعة أمير المؤمنين عليه أفضل الصلوات وأكمل تحيّات المصلّين بدَيْنٍ عظيم، والذين استطاعوا بكتبهم البرهانيّة والشهوديّة أن ينفخوا الروح في الإسلام من جديد بعد أن اصفرّ عُوده من جرّاء ظهور أفكار الحشويّين والظاهريّين والأخباريّين الخاوين من العقل والدراية، وأن يسقوا شجرة التوحيد ثانية وأن يُعيدوا إلى الأذهان خُطَب «نهج البلاغة»؛ بعد أن اتّضح كلّ ذلك نقول: إن العبارة التي كتبها آية الله الحكيم قدّس سرّه في نهاية تعليقه وفتواه هي: وَمَا تَوْفِيقِي إلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وإليه انِيبُ.
وهذه العبارة تتضمّن نقطتين:
الاولى: تحوي هذا المعنى، وهو أن طلب هذه الامور يكون من الله.
الثانية: أن ما يريدون بيانه هو: أن الآية تشير إلى ثنائيّة الآمر والمأمور والراحم والمرحوم؛ لأنّه قد عبّر عن إنّيّةٍ وتوفيق إزاء الله، وكذلك عن توكّل وإنابة أمامه (أي الله).
نعم، فإنّ الأمر بهذه الصورة، ولكن، هل هذه الامور (أي الإنّيّة والتوفيق والتوكّل) التي يُعبَّر عنها هي حقيقيّة أم اعتباريّة؟! إذا كان الجواب حقيقيّة فهذا غير صحيح؛ لأنّه ليس هناك أيّ استقلال لأيّة ذرّة من الذرّات في مقابل ذات وصفة الحقّ تعالى، سواء أكان استقلالًا في الوجود أم في الصفة.
وإمّا إذا كانت اعتباريّة، فلا يوجد أيّ تناقض مع ما يقوله الصوفيّة، بل هو عين كلامهم. وما جاء في القرآن الكريم على لسان النبيّ شُعيب على نبيّنا وآله وعليه الصلاة والسلام يُشير إلى نفس هذا المعنى: قالَ يا قَوْمِ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي ورَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وإِلَيْهِ أُنِيبُ.[1]
نه هر كه چهره برافروخت دلبرى داند *** نه هر كه آينه سازد سكندرى داند
نه هر كه طرف كله كج نهاد وتند نشست *** كلاه دارى وآيين سرورى داند
تو بندگى چو گدايان به شرط مزد مكن *** كه دوست خود روش بندهپرورى داند
غلام همّت آن رند عافيت سوزم *** كه در گدا صفتى كيمياگرى داند[2]
وفا وعهد نكو باشد ار بياموزى *** وگرنه هر كه تو بينى ستمگرى داند
بباختم دل ديوانه وندانستم *** كه آدمى بچهاى شيوة پرى داند
هزار نكتة باريكتر ز مو اينجاست *** نه هر كه سر بتراشد قلندرى داند
مدار نقطة بينش ز خال تست مرا *** كه قدر گوهر يكدانه جوهرى داند
به قدّ وچهره هر آن كس كه شاه خوبان شد *** جهان بگيرد اگر دادگسترى داند
ز شعر دلكش حافظ كسى بود آگاه *** كه لطف طبع وسخن گفتنِ دَرى داند[3]
[1] - الآيات 4 إلى 8، من السورة 38: ص.
[2] - الآية 88، من السورة 11: هود.
[3] - يقول:« فلو تعلّمتَ ذلك واتّخذته سلوكاً لك لكان ذلك من الوفاء والإخلاص؛ وإلّا فإنّك ستعتبر كلّ من تراه ظالماً وطاغياً. لقد خسرت قلبي في مقامرة في الحبّ؛ ولم أتصوّر أن أحداً من البشر يعرف طريق سلب القلوب كما تفعل الملائكة. إن هاهنا تكمن ألف لطيفة ولطيفة هي أدقّ من الشعرة؛ وليس كلّ من حلق رأسه صار يعرف سيرة وسلوك الدراويش. إن مجال رؤيتي هي دائرة خالك؛ لأنّ الخبير بالجواهر وحده القادر على تمييز الجوهرة الثمينة. إن باستطاعة الملك تسخير القلوب شريطة أن يتعامل مع العشّاق بالعدل والإحسان. لن يفهم شعر( حافظ) ويستوعبه إلّا من كان ذا طبع رقيق وكلامٍ عذب». « ديوان حافظ الشيرازيّ» ص 120، طبعة محمّد القزوينيّ والدكتور قاسم غني.
الاكثر قراءة في فرق واديان ومذاهب
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة