القانون العام
القانون الدستوري و النظم السياسية
القانون الاداري و القضاء الاداري
القانون الاداري
القضاء الاداري
القانون المالي
المجموعة الجنائية
قانون العقوبات
قانون العقوبات العام
قانون العقوبات الخاص
قانون اصول المحاكمات الجزائية
الطب العدلي
التحقيق الجنائي
القانون الدولي العام و المنظمات الدولية
القانون الدولي العام
المنظمات الدولية
القانون الخاص
قانون التنفيذ
القانون المدني
قانون المرافعات و الاثبات
قانون المرافعات
قانون الاثبات
قانون العمل
القانون الدولي الخاص
قانون الاحوال الشخصية
المجموعة التجارية
القانون التجاري
الاوراق التجارية
قانون الشركات
علوم قانونية أخرى
علم الاجرام و العقاب
تاريخ القانون
المتون القانونية
مضمون المطابقة الدستورية المشروطة
المؤلف:
منار سلمان كاظم
المصدر:
رقابة المحكمة الاتحادية العليا على التعديلات غير الدستورية لجمهورية العراق لسنة 2005
الجزء والصفحة:
ص 75-80
2025-06-29
64
تنطلق فكرة المطابقة الدستورية المشروطة من حقيقة كونها وسيلة فنية تتيح للجهة التي تتولى الرقابة التغلب على حدود الثنائية الجامدة والتقليدية للرقابة، التي تأخذ نمطا معينا أما عدم دستورية النص أو الإقرار بدستوريته، على الرغم من أمكانية تجاوز النطق الصريح بعدم دستوريته في الحالة الأولى، أو على الرغم من توفر مآخذ على النص ذات تأثير في نطاق اتساقه ، مع فلسفة الدستور وتوافقه بشكل عام دون الوصول إلى حد التعارض القطعي الظاهر مع نصوصه في الحالة الثانية، وذلك بشرط تدخل المشرع على وجه معين لأعمال مقتضى قرار جهة الرقابة (1).
وهذا يعني أن " يصادف القاضي الدستوري حكما مشوبا بعيب من عيوب الدستورية أو يحتمل تأويلا أو تفسيرا مخالفا للدستور، ما يجعله أمام خيارين إعلان هذا الحكم مطابقا للدستور أو غير مطابق له، غير أنه حرصا منه على إنقاذ النص المعيب وتفادي النطق بعدم دستوريته يسلك القاضي الدستوري مسلكا ثالثا وسطا بين الخيارين، بحيث يقوم بالإبقاء على النص المشوب غير أنه يقوم بتصحيحه عن طريق توجيه معناه بإعطائه تفسيرا معينا يتلاءم وأحكام الدستور أو افراغه من التأويلات المخالفة، ثم يشترط بعد ذلك احترام التفسير الوحيد الذي إرتاه لهذا الحكم، وتحت هذا التحفظ فقط المتمثل في وجوب احترام هذا التفسير الذي أعطاه القاضي الدستوري، يكون النص مطابقاً للدستور (2).
وإن الفقه الفرنسي يرى بأن المطابقة الدستورية المشروطة أو قرارات المطابقة الخاضعة للتحفظ بإنها قرارات الرفض المشفوعة بالتحفظات التي تراعي شروط الدستورية، وبموجب هذه القرارات يقبل المجلس الدستوري الفرنسي مطابقة النص أو القانون المقدم إليه ولكن في ظل ظروف معينة، إذ إن النص قيد الاستعراض متأثرا بعيب دستوري وان بدلا من إلغائه، يُحافظ عليه وذلك بتصحيحه بإسناد تفسير محدد إليه ورهنا بالامتثال لهذا التفسير الذي قدمه المجلس وحده سيعد النص مطابقا للدستور (3). ويتضح بذلك أن هذه التحفظات التفسيرية هي إجراء يستطيع القاضي الدستوري من خلاله تسوية التوترات المحتملة والتوفيق بين المواقف المتناقضة مع الحفاظ على سيادة الدستور، ومن ثم فإنها تقنية ابتكرها القاضي الدستوري لتجنب الطابع الوحشي للحكم بالأبطال وعدم الدستورية ومن ثم تجنب الإلغاء الذي يعد بدوره جزاء عنيفاً للنص المخالف للدستور، كما يمكن من خلالها تفادي ادانة المشرع المتكررة درة للنزاعات معه عند ممارسته لوظيفته التشريعية (4).
نصل إلى أن المطابقة الدستورية المشروطة (التحفظات التفسيرية ) تقع في منطقة وسطية بين عدم الدستورية والدستورية، فهي آلية تُمكن القاضي الدستوري من الانتصار لأصل الدستورية، بما تتضمنه من مرونة في ظل الشروط والتفسيرات التي يجب الامتثال لها، وبواسطة هذه الآلية المرنة يعين القاضي الطبيعة الموضوعية للنص محل الرقابة وغايته كما يضع الشروط اللازمة لتطبيقه، حتى يصبح متفقاً مع المقتضيات الدستورية وغير متعارض ومخالف للدستور، دون اللجوء إلى قرارات حدية تثير حفيظة السلطة التشريعية، مما توفر هذه السياسة القضائية_ اجتهادا دستوريا تتخطى به الرقابة التقليدية وتضع خيارا وسطيا نكون فيه أمام ما يُمكن أن يسمى " الطريق الثالث للقرار، ذي الخاصية الموجهة أو التوجيهية، الذي يقيد به القاضي الدستوري سلطته من النطق بعدم الدستورية بجمودها إلى مجرد امكانية أو قدرة المنع التي تقترب في الحقيقة إلى منح الضوء الاخضر للنص المشروط بمراعاة التحفظات التفسيرية المرتبطة أو المصاحبة للنص كي يكون مطابقا للدستور (5).
وهكذا نخلص إلى أن هذه الآلية تنتج نوعاً من الأحكام الوسطية وهذه الأحكام التي تصدرها المحكمة الدستورية في الحالات التي تريد فيها أن تتجنب الحكم بعدم الدستورية على وفق الأسباب التي تراها من منظورها وتقدرها، منها المحافظة على الأمن القانوني، وهذه الأحكام تعد بمثابة سياسة قضائية خلاقة وفي غاية الخصوبة والثراء يخرج القضاء الدستوري، بواسطتها ، عن الإطار التقليدي لرقابة الدستورية التي تنحصر أما في الحكم بدستورية النص الخاضع للرقابة أو عدم دستوريته إلى فضاء أوسع وخلق مستويات متدرجة لعدم الدستورية، الأمر الذي يتيح للقضاء من خلال تلك الأحكام الزام المشرع بإعادة فحص القانون وتصحيحة بما يتفق مع أحكام الدستور، من دون الحاجة لإعلان عدم الدستورية (6)
أما عن الطبيعة القانونية لهذه الأحكام المطابقة بشرط فإن جانب من الفقه الفرنسي ذهب إلى تحديد طبيعتها بأنها وبحسب اصلها قرارات بعدم الدستورية، لكن اقترانها ببعض التحفظات والاشتراطات التي يعد التقييد بها اساساً وشرطاً الدستوريتها ، يجعل منها في حساب القرارات الدستورية أي في مطاف الأحكام المطابقة للدستور، إذ إن المجلس الدستوري يفضل الحكم بدستورية تلك النصوص محل الرقابة ومطابقتها لأحكام الدستور مشروطة ببعض التفسيرات التوجيهية أو المبطلة المفعول أو المنشئة، عوضاً عن الحكم بعدم مطابقتها للدستور، وهذه قرارات المطابقة بشرط تتنوع في ثلاث صور، أما أن تكون قرارات المطابقة بشرط التفسير الموجه أو قرارات المطابقة بشرط التفسير المبطل، أو قرارات المطابقة بشرط التفسير المنشئ (7)، وسنتناول هذه القرارات تباعا وكما يلي:
أولاً: قرارات المطابقة بشرط التفسير الموجه
هذا النوع على العكس من التفسيرات التي تُصدرها المحكمة الدستورية مشتملة على أحكام موجهة بصورة أساسية إلى السلطة المختصة بتطبيق القوانين، وتحتوي هذه الأحكام على توجيهات تبين من خلالها الكيفية التي يُطبق بها النص، بالطريقة التي تجعل درجة اتفاقه ، في ظل الدستور مكتملة مع التوجيهات التي قضى بها القاضي الدستوري، وتتصف بنوع من الدقة لارتباطها بشيء محدد بالذات وهو كيف يُطبق النص، وهذا يعني أن " يفترض الحكم التفسيري التوجيهي قيام القاضي الدستوري بفحص النص موضوع الرقابة منتهيا إلى إقرار تطابقة مع الدستور، ومعلقا في ذات الوقت دوام دستوريته على ضرورة التزام السلطة المكلفة بتطبيقه بمجموعة من الضوابط يحددها القاضي ويمثل الالتزام بها وأعمال مقتضياتها شرطا لدوام بقاء النص في حالة تطابق مع الدستور (8).
وهذا التفسير الموجه الذي يسمح للمحاكم الدستورية بأن يعين طريقة محددة لتطبيق النصوص، إذ إنه يوجه ويرشد إلى صيغ لتطبيق النصوص القانونية المفسرة حتى لا تكون غير دستورية، أي أنه يجعل من كيفية التطبيق شرطا لتجنب عدم الدستورية (9).
وقيل عن التفسير الموجه" يؤدي اتجاه الدستور الدور الذي تؤديه البوصلة تجاه القطب فهي تشير إليه ولكن لا ترسم خط سير تفصيلي للوصول اليه، فإذا لم يمكن تطبيق التشريع وفقا للدستور بطريقة محددة تحديدا دقيقا فأنه على الاقل نطاقا دستوريا للسلطات المكلفة بتطبيقه (10).
وهذا التفسير إما ان يكون تفسيراً توجيهياً مبسطاً، إذ تنتهي المحكمة إلى تفسير يتضمن خطاب يحمل السلطات المختصة بتطبيق القانون للالتزام بمبدأ دستوري متصفا بالعمومية، وان القاضي الدستوري هنا في هذا التفسير يترك هامشا على قدر كبير من الحرية، وذلك نتيجة لعمومية المبدأ الدستوري الذي يجب عليها احترام مقتضياته، أو يكون تفسيراً توجيهياً مُدعماً وهنا القاضي الدستوري يوجه بخطاب يقضي بضرورة الالتزام بقاعدة دستورية محددة تحديدا دقيقا مما يؤدي إلى تضييق حرية السلطة المختصة بالتطبيق (11).
ثانياً: قرارات المطابقة بشرط التفسير المبطل
من خلال هذا التفسير تستطيع المحكمة الدستورية تحديد المدى والنطاق اللازمين للنص الخاضع للرقابة، وذلك إما باستبعاد تفسير أو عدة تفسيرات ناتجة من هذا النص بتضمينها له تجعله غير مطابق للدستور من جانب، أو عن طريق التضييق من النطاق الخاص بتطبيق تلك التفسيرات فيجعلها مطابقة للدستور من ناحية أخرى ، ومن شأن هذا التفسير المبطل من الجوانب العملية إزالة الأثر السلبي للنص محل الرقابة الذي يتأكد للمحكمة الدستورية أنه يرتبط بمضمون مخالف للدستور يتولد من هذا النص عند تطبيقه أو يحتوي تفسيرا ليس له الأثر القانوني (12).
وهكذا فإن هذا النوع من التفسير ، يمكن القاضي الدستوري من تنقية النص من أي شائبة أو معان سطحية، بالشكل الذي يُفيد القاضي عند تحديد معنى القاعدة القانونية المستوحاة من هذا النص، ومن ثم ينقي القاضي النص لاستخلاص صلاحيته وهذا يتم على درجات مختلفة وذلك أما عن طريق إفراغ النص محل الرقابة من أي معنى أو بتحديد ذلك المعنى بطريق محايد متجنبا بذلك الإفراط في استخلاصه (13).
ثالثاً: قرارات المطابقة بشرط التفسير المنشئ
أما هذا النوع من التفسير فهو قائم على إثراء نص القانون بمضمون قاعدي عن طريق التوسيع في مداه ومن ثم يجنبه الحكم بعدم الدستورية، ومن خلال هذه الآلية يتمكن القاضي الدستوري من سد النقص الذي يعتري النص وذلك أما أن يُضمنه بعض من الاحكام، أو عن طريق استبداله ببعض القواعد القانونية بالشكل الذي يجعله دستوريا (14).
وقد عرف العميد فافور (Favoreu) ، التفسير المنشئ بأنه " المنهج الذي يُضفي على النص لوناً يجعله مطابقاً للدستور " ولهذا فقد سميت الأحكام التي تنشأ عن هذا النوع من التفسير بالأحكام المضيفة، كما أنه قد يترتب على هذا النوع من التفسير استخراج قاعدة قانونية من النص تختلف عن تلك التي اوحى إليها ظاهرة ، وبذلك سميت الأحكام الناتجة عن هذا التفسير بالأحكام الاستبدالية (15)، وهذه الأحكام هي تقترب من كونها تكمل النصوص القانونية وذلك بالتفسير الذي تقره المحكمة الدستورية، ويؤدي بالتالي إلى تلبية متطلبات الدستورية (16).
كما أخذت بعض المحاكم الدستورية إلى إعتبار أن التفسير الذي يركن القاضي الدستوري إليه في سبيل انقاذ النص القانوني من السقوط في حماة اللادستورية يُعد شرطا لدستورية ذلك النص، واصطلحت الجهات القضاء الدستوري تلك بتسميته بالأحكام التفسيرية المشروطة (17).
وإن تقنية تحفظات التفسير أو المطابقة الدستورية المشروطة، تقنية لبناء القانون وهي في ذلك ترتكز على أساس منطقي جدا قائم على افتراض أن المشرع لم تكن في نيته تجاهل الدستور، وأن ظهور الشك حول هذه المسألة، يستلزم أن نُعطي للقانون المضمون الذي لا يجعله في تناقض مع الدستور (18). ونخلص إلى القول بأن المطابقة الدستورية المشروطة وسيلة فعالة جدا يمكن أن يلجأ إليها القضاء الدستوري لتطوير اختصاصه في الرقابة على دستورية القوانين خارجاً بذلك عن الصورة النمطية في ممارسة ذلك الاختصاص فهو يضع تفسيرا يحقق فيه التوازن بين الدستورية واللادستورية، مبتكراً بذلك طريقاً سليماً في ممارسة دوره في صيانة الدستور وحماية الحقوق والحريات.
_____________
1- د. رجب محمود طاجن المطابقة الدستورية المشروطة " دراسة مقارنة"، ط 1 ، دار النهضة العربية، القاهرة، 2014 ، ص 11.
2- رداوي مراد التحفظات التفسيرية وتطبيقاتها في الاجتهاد الدستوري الجزائري، بحث منشور في مجلة الاستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية، المجلد 7، العدد 2، 2022، ص 905.
3- رأي العميد الفرنسي لوي فارفو، نقلا عن بشير يلس شاوش، تقنية التحفظات في فقه المجلس الدستوري الجزائري، بحث منشور في مجلة المحكمة الدستورية، المجلد 1 ، العدد1، 2013، ص8.
4- Abdou Aziz Daba Kebe, La réception des réserves d'interprétation dans la jurisprudence constitutionnelle des Etats d'Afrique noire francophone, p. 2, Available on the website http://conseilconstitutionnel.sn/wp-content/uploads/2017/05/publication-abdou-aziz-daba- KEBE.pdf, The date of the last visit 25/2/2023.
5- د. رجب محمود طاجن المطابقة الدستورية المشروطة " دراسة مقارنة"، ط 1 ، دار النهضة العربية، القاهرة، 2014 ، ص 11 وما بعدها.
6- د. مها بهجت يونس الحكم بعدم دستورية نص تشريعي ودوره في تعزيز دولة القانون دراسة مقارنة، ط1، بيت الحكمة، بغداد، 2009، ص100.
7- د. شعبان احمد رمضان ضوابط واثار الرقابة على دستورية القوانين " دراسة مقارنة " ، ط1، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2000، ص 441.
8- د. عيد احمد الغفلول فكرة عدم الاختصاص السلبي للمشرع دراسة مقارنة، ط 2 دار النهضة العربية، القاهرة، 2003، ص337 و 339.
9- د. عدنان عاجل ،عبید .د میسون طه حسين الاختصاص التفسيري للقضاء الدستوري دراسة مقارنة، بحث منشور في مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية، العدد الرابع، 2016، ص 427.
10- د. احمد فتحي سرور، الحماية الدستورية للحقوق والحريات ، ط 2 ، دار الشروق ، القاهرة ، 2000 ، ص 285.
11- د. عيد احمد الغفلول، فكرة عدم الاختصاص السلبي للمشرع دراسة مقارنة، المصدر السابق، ص 342،349.
12- د. رجب محمود طاجن المطابقة الدستورية المشروطة " دراسة مقارنة"، ط 1 ، دار النهضة العربية، القاهرة، 2014 ، ص 66.
13- د. احمد فتحي سرور، الحماية الدستورية للحقوق والحريات، المصدر السابق، ص 267.
14- د. محمد فوزي نويجي، د. عبد الحفيظ علي الشيمي، تفسير القاضي الدستوري المضيف ودوره في تطوير القانون، بحث منشور في مجلة كلية القانون الكويتية العالمية، العدد 2، 2017، ص 43.
15- د. احمد فتحي سرور، منهج الاصلاح الدستوري، ط1 ، دار النهضة العربية، القاهرة، 2006، ص199،170.
16- د. مها بهجت يونس الحكم بعدم دستورية نص تشريعي ودوره في تعزيز دولة القانون دراسة مقارنة، ط1، بيت الحكمة، بغداد، 2009 ، ص 105.
17- د. احمد فتحي سرور، منهج الاصلاح الدستوري، ط1 ، دار النهضة العربية، القاهرة، 2006، ص 171.
18- د. عدنان عاجل ،عبید .د میسون طه حسين الاختصاص التفسيري للقضاء الدستوري دراسة مقارنة، بحث منشور في مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية، العدد الرابع، 2016 ، ص 427 .
الاكثر قراءة في القانون الدستوري و النظم السياسية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
