ترتيب سور القرآن
المؤلف:
الدكتور عبد الرسول الغفار
المصدر:
الميسر في علوم القرآن
الجزء والصفحة:
ص89 -92
2025-06-29
616
كانت سور القرآن مكتملة بآياتها وأسمائها إلا أنها لم تجمع في مصحف واحد بل كانت السور مدونة في العسب والصحائف والرقاق واللخاف والأكتاف قال السيوطي: كان القرآن كتب كله في عهد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) لكن غير مجموع في موضع واحد ولا مرتب السور [1]
وأول من جمع القرآن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) إذ كان القرآن مفرقا في اجزاء عديدة وقد أمر النبي أن يأخذ هذه الأجزاء ويؤلفها قال (صلى الله عليه واله وسلم) يا علي القرآن خلف فراشي في الصحف والحرير والقراطيس فخذوه واجمعوه ولا تضيعوه. ويبدو هذا الأمر الذي صدر من النبي (صلى الله عليه واله وسلم) أنه كان قبيل وفاته وأنه بعض ما أوصى به الإمام علي (عليه السلام).
وفعلا أقدم أمير المؤمنين بعد وفاة الرسول بجمع القرآن وقد نهج في تأليفه أن رتبه حسب نزوله فقدم المكي علي المدني والمنسوخ على الناسخ ثم أشار إلى أسباب النزول وأسماء من نزل فيهم قرآن وغير ذلك من المناسبات المهمة. قال ابن المنادي حدثني الحسن بن العباس قال أخبرت عن عبد الرحمن بن أبي حماد عن الحكم بن ظهير السدوسي عن عبد خير عن علي (عليه السلام) أنه رأى من الناس طيرة عند وفاة النبي (صلى الله عليه واله وسلم) فأقسم أنه لا يضع على ظهره رداء إلا لصلاة حتى يجمع القرآن فجلس في بيته ثلاثة أيام حتى جمع القرآن فهو أول مصحف جمع فيه القرآن من قلبه وكان المصحف عند أهل جعفر ورأيت أنا في زماننا عند أبي يعلى حمزة الحسني رحمه الله مصحفا قد سقط منه أوراق بخط علي بن أبي طالب يتوارثه بنو حسن على مر الزمان وهذا ترتيب السور من ذلك المصحف [2]
أقول والتحقيق في هذا الخبر يقودنا إلى الاعتراض على ابن النديم الراوي للخبر المتقدم وذلك أن المصحف الذي بأيدينا لم يكن وفق ترتيب النزول حيث إن سورة العلق - مثلا - والقلم والمزمل والمدثر والمسد والتكوير.
وأغلب السور القصار نزلت قبل البقرة والنساء وآل عمران والمائدة وهكذا في جميع السور الطوال. ومما يبعث الدهشة والاستغراب ما ذهب اليه السيد جعفر مرتضی المؤمنين عالم ... السلام كتابه حقائق هامة قال إن الذي كان قرآنه مرتبا على حسب النزول هو أمير المؤمنين (عليه السلام) ... وبعد ذلك قال: هذا ولا شك في أن المصحف الموجود فعلا وهو الذي جمع عثمان الناس على قراءة واحدة فيه هو القرآن الذي أنزله الله على رسوله لم ينقص منه ولم يزد فيه شيء وأن سوره هي تلك السور التي نزلت إما دفعة واحدة أو تدريجا يعلم معه انتهاء السورة وابتداء غيرها بنزول بسم الله الرحمن الرحيم. ولكن قد نجد فيما بأيدينا من نصوص ما يؤيد أن يكون ترتيب السور فيما بينها إنما كان من قبل الصحابة أنفسهم وذلك مثل ما روي من الاختلاف في ترتيب سور المصاحف المنسوبة لبعض الصحابة اختلافها فيما بينها ومع هذا المصحف الموجود فعلا أيضا. ص 145.
أقول لا ينبغي الشك في كون مصاحف الصحابة تختلف عن مصحف عثمان فهذا ابن النديم في الفهرست قد أدرج ترتيب السور لكل من مصحف الإمام علي (عليه السلام) وابن عباس وابن مسعود وأبي بن كعب وغيرهم ... وكل هذه المصاحف لا تلتقي في ترتيبها مع مصحف عثمان والذي هو بأيدينا. فما قاله السيد جعفر العاملي حفظه الله يوهم القارئ أن مصحف الإمام هو نفس المصحف المتداول اليوم الذي جمع عثمان الناس فيه على قراءة واحدة والأمر ليس كذلك. وإذا كان مراد السيد العاملي هو ذاك فإن التناقض إذن في قوله وأضحى بين حيث قال في ص 192... إنه (عليه السلام) حينما تولى الأمر بعد ذلك لم يظهر القرآن الذي كتبه هو نفسه رغم أنه يختلف في ترتيبه عن المصحف المتداول. وعلى هذا فلا يمكن القول أن هذا الترتيب الذي بأيدي المسلمين هو موافق لمصحف الإمام علي (عليه السلام) وترتيبه الخاص. ثم أن الكتاب الذي ألفه (عليه السلام) ينبغي أن يتوارثه أبناء الإمام الحسين حسب ما ورد في الأخبار الصحيحة عن أهل بيت العصمة أن هذا الكتاب الذي بخط علي (عليه السلام) بعد أحد مواريث الإمامة وهو الذي يحتج به الإمام المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف). وأمر ثالث الذي دعى الإمام علي (عليه السلام) إلى تأليف القرآن انصراف الأمة عنه وغصبهم حقه وتوليتهم غيره الخلافة فآلى على نفسه أن لا يضع على عاتقة رداءه حتى في مع القران وسيأتي ذلك في الفصل القادم إن شاء الله.
الاكثر قراءة في مواضيع عامة في علوم القرآن
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة