عقيدتنا في الامام القائم (عجل الله فرجه الشريف)
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 3، ص44-49.
2025-06-23
552
عقيدتنا في الامام القائم (عجل الله فرجه الشريف)
قال تعالى : {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } [الأنفال : 39].
قال عبد الأعلى الحلبي : قال أبو جعفر عليه السّلام : « يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض هذه الشّعاب - ثمّ أومأ بيده إلى ناحية ذي طوى - حتى إذا كان قبل خروجه بليلتين انتهى المولى الذي يكون بين يديه حتى يلقى بعض أصحابه ، فيقول : كم أنتم ها هنا ؟ فيقولون : نحو أربعين رجلا . فيقول : كيف أنتم لو قد رأيتم صاحبكم ؟ فيقولون : واللّه لو يؤوينا الجبال لأويناها معه . ثم يأتيهم من القابل ، فيقول : سيروا إلى ذوي شأنكم وأخياركم عشرة . فيسيرون له ، فينطلق بهم حتى يأتوا صاحبهم ، ويعدهم إلى الليلة التي تليها ».
ثم قال أبو جعفر عليه السّلام : « واللّه ، لكأنّي أنظر إليه ، وقد أسند ظهره إلى الحجر ، ثم ينشد اللّه حقّه ، ثمّ يقول : يا أيّها الناس ، من يحاجّني في اللّه فأنا أولى الناس باللّه ، ومن يحاجّني في آدم عليه السّلام فأنا أولى الناس بآدم ، يا أيّها الناس ، من يحاجّني في نوح عليه السّلام فأنا أولى الناس بنوح ، يا أيّها الناس من يحاجّني في إبراهيم عليه السّلام فأنا أولى الناس بإبراهيم ، يا أيّها الناس من يحاجّني في موسى عليه السّلام فأنا أولى الناس بموسى ، يا أيّها الناس من يحاجّني في عيسى عليه السّلام فأنا أولى الناس بعيسى ، يا أيّها الناس ، من يحاجّني في محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فأنا أولى الناس بمحمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، يا أيّها الناس ، من يحاجّني في كتاب اللّه فأنا أولى الناس بكتاب اللّه ، ثم ينتهي إلى المقام ، فيصلّي عنده ركعتين ، ثم ينشد اللّه حقّه ».
قال أبو جعفر عليه السّلام : « هو واللّه المضطرّ في كتاب اللّه ، وهو قول اللّه تعالى : {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ} [النمل : 62] وجبرئيل على الميزاب في صورة طائر أيض ، فيكون أوّل خلق اللّه يبايعه جبرئيل ، ويبايعه الثلاث مائة وبضعة عشر رجلا ».
قال : قال أبو جعفر عليه السّلام : « فمن ابتلي في المسير وافاه في تلك الساعة ، ومن لم يبتل بالمسير فقد عن فراشه - ثم قال : - هو واللّه قول عليّ بن أبي طالب عليه السّلام : المفقودون عن فرشهم ، وهو قول اللّه تعالى : {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا} [البقرة : 148] أصحاب القائم الثلاث مائة وبضعة عشر رجلا - قال : - هم واللّه الأمّة المعدودة التي قال اللّه في كتابه : {وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ } [هود : 8] - قال : - يجمعون في ساعة واحدة قزعا كقزع « 1 » الخريف ، فيصبح بمكّة ، فيدعو الناس إلى كتاب اللّه وسنّة نبيه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، فيجيبه نفر يسير ، ويستعمل على مكّة ، ثم يسير فيبلغه أن قد قتل عامله ، فيرجع إليهم فيقتل المقاتلة ، ولا يزيد على ذلك شيئا ، يعني السّبي .
ثمّ ينطلق فيدعو الناس إلى كتاب اللّه وسنّة نبيّه ( عليه وآله السّلام ) والولاية لعليّ بن أبي طالب عليه السّلام ، والبراءة من عدوّه ، ولا يسمّي أحدا حتى ينتهي إلى البيداء « 2 » ، فيخرج إليه جيش السّفياني ، فيأمر اللّه الأرض فتأخذهم من تحت أقدامهم ، وهو قول اللّه : {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (51) وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ} [سبأ : 51، 52] يعني بقائم آل محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم {وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ} [سبأ : 53] يعن بقائم آل محمّد ، إلى آخر السورة ، فلا يبقى منهم إلّا رجلان ، يقال لهما وتر ووتيرة من مراد ، وجوههما في أقفيتهما ، يمشيان القهقرى « 3 » ، يخبران الناس بما فعل بأصحابهما .
ثم يدخل المدينة فتغيب عنهم عند ذلك قريش ، وهو قول علي بن أبي طالب عليه السّلام : واللّه لودّت قريش أن عندها موقفا واحدا جزر جزور بكلّ ما ملكت وكلّ ما طلعت عليه الشّمس أو غربت . ثم يحدث حدثا ، فإذا هو فعل ذلك قالت قريش : اخرجوا بنا إلى هذه الطاغية ، فو اللّه لو كان محمديّا ما فعل ، ولو كان علويّا ما فعل ، ولو كان فاطميّا ما فعل ، فيمنحه اللّه أكتافهم ، فيقتل المقاتلة ، ويسبي الذرّيّة ، ثم ينطلق حتى ينزل الشّقرة فيبلغه أنّهم قد قتلوا عامله ، فيرجع إليهم فيقتلهم مقتلة ليس قتل الحرّة إليها بشيء ، ثم ينطلق يدعو الناس إلى كتاب اللّه وسنّة نبيّه ، والولاية لعلي بن أبي طالب عليه السّلام والبراءة من عدوّه ، حتى إذا بلغ إلى الثعلبيّة « 4 » ، قام إليه رجل من صلب أبيه ، وهو من أشدّ الناس ببدنه ، وأشجعهم بقلبه ، ما خلا صاحب الأمر ، فيقول : يا هذا ، ما تصنع ؟ فو اللّه إنك لتجفل الناس إجفال النّعم ، أفبعهد من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، أم بماذا ؟ فيقول المولى الذي ولي البيعة : واللّه لتسكتن أو لأضربنّ الذي فيه عيناك .
فيقول له القائم عليه السّلام : اسكت يا فلان ، إي واللّه إن معي عهدا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، هات لي - يا فلان - العيبة والطبقة واللّواء بعجلة ، فيأتيه بها ، فيقرئه العهد من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، فيقول : جعلني اللّه فداك ، أعطني رأسك أقبّله ، فيعطيه رأسه فيقبّله بين عينيه ، ثم يقول : جعلني اللّه فداك ، جدّد لنا بيعة ، فيجدّد لهم بيعته » .
قال أبو جعفر عليه السّلام : « لكأنّي أنظر إليهم مصعدين من نجف الكوفة ثلاث مائة وبضعة عشر رجلا ، كأنّ قلوبهم زبر الحديد ، جبرئيل عن يمينه ، وميكائيل عن يساره ، يسير الرّعب أمامه شهرا وخلفه شهرا ، أمدّه اللّه بخمسة آلاف من الملائكة مسوّمين حتى إذا صعد النجف قال لأصحابه : تعبّدوا ليلتكم هذه ، فيبيتون بين راكع وساجد ، يتضرّعون إلى اللّه حتى إذا أصبح ، قال : خذوا بنا طريق النخيلة « 5 » . وعلى الكوفة خندق مخندق وجند مجنّد » .
قلت : وجند مجنّد ؟ قال : « إي واللّه حتى ينتهي إلى مسجد إبراهيم عليه السّلام بالنّخيلة ، فيصلّي فيه ركعتين ، فيخرج إليه من كان بالكوفة من مرجئها وغيرهم من جيش السّفياني ، فيقول لأصحابه : استطردوا لهم ، ثم يقول : كرّوا عليهم » قال أبو جعفر عليه السّلام : « ولا يجوز - واللّه - الخندق منهم مخبر » .
« ثمّ يدخل الكوفة فلا يبقى مؤمن إلا كان فيها ، أو حنّ إليها ، وهو قول أمير المؤمنين عليه السّلام ، ثمّ يقول لأصحابه : سيروا إلى هذه الطاغية ، فيدعوه إلى كتاب اللّه وسنّة نبيّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، فيعطيه السّفياني من البيعة سلما ، فيقول له كلب ، وهم أخواله : ما هذا ؟ ما صنعت ؟ واللّه ما نبايعك على هذا أبدا . فيقول : ما أصنع ؟ فيقولون : استقبله ، ثم يقول له القائم : خذ حذرك ، فإنني أدّيت إليك وأنا مقاتلك . فيصبح فيقاتلهم ، فيمنحه اللّه أكتافهم ، ويأتي السّفياني أسيرا ، فينطلق به ويذبحه بيده .
ثمّ يرسل جريدة خيل « 6 » إلى الرّوم ليستحضروا بقيّة بني أميّة ، فإذا انتهوا إلى الرّوم ، قالوا : أخرجوا إلينا أهل ملّتنا عندكم ، فيأبون ، ويقولون : واللّه لا نفعل ، فتقول الجريدة : واللّه لو أمرنا لقاتلناكم . ثم ينطلقون إلى صاحبهم فيعرضون ذلك عليه ، فيقول : انطلقوا فأخرجوا إليهم أصحابهم ، فإن هؤلاء قد أتوا بسلطان . وهو قول اللّه : {فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ (12) لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ } [الأنبياء : 12، 13] - قال - : « يعني الكنوز التي كنتم تكنزون قالُوا {يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (14) فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ} [الأنبياء : 14، 15] لا يبقى منهم مخبر .
ثم يرجع إلى الكوفة فيبعث الثلاث مائة والبضعة عشر رجلا إلى الآفاق كلّها فيمسح بين أكتافهم وعلى صدورهم ، فلا يتعايون « 7 » في قضاء ، ولا تبقى في الأرض قرية إلا نودي فيها شهادة أن لا إله إلا اللّه ، وحده لا شريك له ، وأنّ محمدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، وهو قوله : {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ } [آل عمران : 83] ولا يقبل صاحب هذا الأمر الجزية كما قبلها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، وهو قول اللّه : {وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ } .
قال أبو جعفر عليه السّلام : « يقاتلون - واللّه - حتى يوحّد اللّه ، ولا يشرك به شيئا ، وحتى تخرج العجوز الضعيفة من المشرق تريد المغرب ولا ينهاها أحد ، ويخرج اللّه من الأرض بذرها ، وينزل من السماء قطرها ، ويخرج الناس خراجهم على رقابهم إلى المهديّ عليه السّلام ويوسّع اللّه على شيعتنا ، ولولا ما يدركهم من السعادة لبغوا .
فبينا صاحب هذا الأمر قد حكم ببعض الأحكام ، وتكلّم ببعض الكلام ، إذ خرجت خارجة من المسجد يريدون الخروج عليه ، فيقول لأصحابه :
انطلقوا . فيلحقونهم في التمارين ، فيأتون بهم أسرى ليأمر بهم فيذبحون ، وهي آخر خارجة تخرج على قائم آل محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم » « 8» .
_____________
( 1 ) القزع : قطع السحاب المتفرّقة في السماء .
( 2 ) البيداء : اسم الأرض بين مكّة والمدينة . ( معجم البلدان 1 : 523 » .
( 3 ) القهقرى : الرجوع إلى الخلف . « الصحاح - قهر - 2 : 801 » .
( 4 ) الثعلبية : قرية من منازل طريق مكة . « معجم البلدان 2 : 78 » .
( 5 ) النخيلة : موضع قرب الكوفة . « معجم البلدان 5 : 278 » .
( 6) الجريدة من الخيل : الجماعة التي جردت من سائرها لوجه . « الصحاح - جرد - 2 : 455 » .
( 7 ) عيّ بالأمر : عجز عنه ، أو جهله .
( 8 ) تفسير العيّاشي : ج 2 ، ص 56 ، ح 49 .
الاكثر قراءة في الامامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة