اساسيات الاعلام
الاعلام
اللغة الاعلامية
اخلاقيات الاعلام
اقتصاديات الاعلام
التربية الاعلامية
الادارة والتخطيط الاعلامي
الاعلام المتخصص
الاعلام الدولي
رأي عام
الدعاية والحرب النفسية
التصوير
المعلوماتية
الإخراج
الإخراج الاذاعي والتلفزيوني
الإخراج الصحفي
مناهج البحث الاعلامي
وسائل الاتصال الجماهيري
علم النفس الاعلامي
مصطلحات أعلامية
الإعلان
السمعية والمرئية
التلفزيون
الاذاعة
اعداد وتقديم البرامج
الاستديو
الدراما
صوت والقاء
تحرير اذاعي
تقنيات اذاعية وتلفزيونية
صحافة اذاعية
فن المقابلة
فن المراسلة
سيناريو
اعلام جديد
الخبر الاذاعي
الصحافة
الصحف
المجلات
وكالات الأنباء
التحرير الصحفي
فن الخبر
التقرير الصحفي
التحرير
تاريخ الصحافة
الصحافة الالكترونية
المقال الصحفي
التحقيقات الصحفية
صحافة عربية
العلاقات العامة
العلاقات العامة
استراتيجيات العلاقات العامة وبرامجها
التطبيقات الميدانية للعلاقات العامة
العلاقات العامة التسويقية
العلاقات العامة الدولية
العلاقات العامة النوعية
العلاقات العامة الرقمية
الكتابة للعلاقات العامة
حملات العلاقات العامة
ادارة العلاقات العامة
الإعلام الدولي والهوية الثقافية
المؤلف:
الدكتور بطرس حلاق
المصدر:
الإعلام والإتصال الدولي
الجزء والصفحة:
ص 149-152
2025-06-10
98
الإعلام الدولي والهوية الثقافية
إن ارتباط الإعلام الدولي بمفهوم الهوية الثقافية يعبر عن التحدي الحضاري الحقيقي الذي يشهده العالم، فالبعض يرى الإعلام الدولي عملية إستراتيجية تخطيطها وتنفيذها بعض الدول بوعي وقصد بهدف اجتياح العالم وتهديد الثقافات المحلية والقومية الأخرى.
ولقد أدخلت ظاهرة الإعلام الدولي العالم حقيقة في تفاعلات ومواجهات لم يعرفها من قبل بسبب إسقاطها المستمر لحدود الزمان والمكان فهي تهدد الجغرافيا وحدود الدولة السياسية، التي تعني سابقاً السيادة الوطنية والأمن بمعناه السياسي والعسكري والنفسي، لذلك أصبحت الشعوب والدول والثقافات أكثر حاجةً للبحث عن شروط ومواصفات تؤكد اختلافها وتمايزها بقصد تكوين علاقة واضحة بين الأنا والآخر، وهو يجعل حضور وصعود مفهوم الهوية الثقافية أمراً طبيعياً لمواجهة تسارع التحولات التي يعيشها العالم بسبب دور التكنولوجيا في الاتصال وتدفق المعلومات.
وقد حاول العديد من الباحثين رسم الإطار العام لعلاقة التأثير بين الإعلام الدولي والهوية الثقافية كعلاقة قائمة بالفعل أو كما يمكن أن تقوم في المستقبل عبر وجهات النظر التالية وهي:
وجهة النظر الأولى: ليست هناك ثقافة عالمية واحدة بل ثقافات، حيث أن مفهوم الثقافة هو " ذلك المركب المتجانس من الذكريات والتصورات والقيم والرموز والتعبيرات والإبداعات والتطلعات التي تحتفظ لجماعة بشرية تشكل أمة أو ما في معناها بهويتها الحضارية في إطار ما تعرفه من تطورات بفعل ديناميتها الداخلية وقابليتها للتواصل والأخذ والعطاء، ونتيجة لهذا التعريف فإنه ليس هناك ثقافة عالمية واحدة وليس من المحتمل أن توجد في يوم من الأيام.
- وجهة النظر الثانية: للهوية الثقافية مستويات ثلاثة فردية وجمعية ووطنية وقومية، والعلاقة بين هذه المستويات تتحدد أساساً بنوع "الآخر" الذي تواجهه.
وبذلك فإن العلاقة بين هذه المستويات ليست متغيرة ولا ثابتة بل هي في مد وجزر دائمين تبعاً للظروف وأنواع الصراع واللاصراع والتضامن واللاتضامن التي تحركها المصالح أي أن العلاقة بين هذه المستويات تتحدد أساساً بنوع "الآخر" بموقعه وطموحاته فإن كان داخلياً ويقع في دائرة الجماعة، فالهوية الفردية هي التي تفرض نفسها كـ "أنا" وإن كان يقع في دائرة الأمة، فالهوية الجمعية "القبلية، الطائفية، الحزبية ...الخ" هي التي تحل محل "الأنا" الفردية أما إن كان "الآخر" خارجياً أي خارج "الأمة الدولة والوطن "فإن الهوية الوطنية أو القومية هي التي تملأ مجال "الأنا".
- وجهة النظر الثالثة: لا تكتمل الهوية الثقافية إلا إذا كانت مرجعيتها اجتماع الوطن والأمة الدولة، فكل مس بالوطن أو بالأمة أو بالدولة هو مس بالهوية الثقافية والعكس صحيح أيضاً كل مس بالهوية الثقافية هو مس في الوقت نفسه بالوطن والأمة وتجسيدهما التاريخي الدولة.
- وجهة النظر الرابعة إن العولمة ليست مجرد ناتج من نواتج الإعلام الدولي بل هي أيضًا وبالدرجة الأولى أيديولوجيا تعكس إرادة الهيمنة على العالم، فالعولمة في معناها اللغوي تعني: تعميم الشيء وتوسيع دائرته ليشمل العالم كله، وهي تعني الآن العمل على تعميم نمط حضاري يخص بلدًا بعينه هو الولايات المتحدة الأمريكية بالذات على بلدان العالم أجمع، ولهذا تولي العولمة كل الأهمية والأولوية للإعلام لإحداث التغيرات المطلوبة على الصعيدين المحلي والعالمي، وبالتالي الهيمنة على العالم وهكذا ترسم أيديولوجيا العولمة حدوداً غير مرئية تقوم بها وسائل الإعلام الدولي بقصد الهيمنة على الاقتصاد والأذواق والفكر والسلوك.
- وجهة النظر الخامسة: العولمة شيء والعالمية شيء آخر، فالعالمية هي انفتاح الثقافة على الثقافات الأخرى واحتفاظ بالخلاف الأيديولوجي، أما العولمة فهي نفي للآخر وإحلال للاختراق الثقافي محل الصراع الأيديولوجي، والاختراق الثقافي الذي تمارسه وسائل الإعلام الدولي يريد إلغاء الصراع الأيديولوجي والحلول محله صراع حول تأويل الحاضر وتفسير الماضي والتشريع للمستقبل، أما الاختراق الثقافي فيستهدف الأداة التي يتم بها ذلك التأويل والتفسير والتشريع، يستهدف العقل والنفس ووسيلتهما في التعامل مع العالم الإدراك إذ أن الاختراق الثقافي يستهدف أول ما يستهدف السيطرة على الإدراك اختطافه وتوجيهه وبالتالي سلب الوعي والهيمنة على الهوية الثقافية الفردية والجماعية، وبالسيطرة على الإدراك يتم إخضاع النفوس أي تعطيل فاعلية العقل وتكييف المنطق والتشويش على نظام القيم، وتوجيه الخيال وتنميط الذوق، وقولبة السلوك.
- وجهة النظر السادسة: إن تجديد الثقافة أي ثقافة، لا يمكن أن يتم إلا من داخلها بإعادة بنائها وممارسة الحداثة في معطياتها وتاريخها والتباس وجوه من الفهم والتأويل لمسارها يسمح لربط الحاضر بالماضي في تجاه المستقبل. وهناك موقفين في ذلك: الأول موقف الرفض المطلق وسلاحه الانغلاق الكلي وما يتبع ذلك من ردود فعل سلبية محاربة، والثاني موقف القبول التام للإعلام الدولي المهيمن وما يمارسه من اختراق ثقافي واستتباع حضاري شعاره الانفتاح على العصر.
مما تقدم يتضح لنا أن وسائل الإعلام الدولي قد حملت معها أحلاماً وروجت لها بما تمتلكه من قوة هائلة في شبكات سطوة في التأثير، وقد أرادت أن ينسى الناس حاضرهم وأن ينشغلوا بما صورته لهم من أنها ستكون إلهام حضارة إنسانية واحدة تضيف بعداً إنسانياً جديداً يجعل البشر يعيشون أسرة واحدة، لكنها في الوقت نفسه حملت معها رسالة نقيضة تماماً لتلك الأحلام، إذ انطلقت من افتراض أيديولوجية صراع الحضارات، أي صراعها هي مع حضارات الآخرين، ولم تتحدث أبدًا عن حوار الحضارات، ومادامت تتحرك على مبدأ الصراع فكيف يمكن لها أن تضيف بعداً إنسانياً جديداً؟
واعتماداً على ذلك يمكن أن نستخلص التالي:
1- تتحول الثقافة في ظل هيمنة الإعلام الدولي إلى سلعة ينطبق عليها ما ينطبق على السلع المادية، وبما أن هناك ثقافات مدعمة بكل الوسائل التكنولوجية وأخرى شبه مجردة من تلك الوسائل أو لا تحسن استخدامها فإن التبادل العالمي للمعلومات هو تبادل غير متكافئ مثله مثل السلع المادية.
2- إن تركيز تكنولوجيا المعلومات في مجتمعات محددة أو في وحدات قليلة يؤدي إلى توسيع الهوة بين الغنى المعلوماتي والفقر المعلوماتي وذلك لعدم المساواة في الدخول، فتنمو إلى حد كبير طبقات المعدمين الذين سيجدون أنفسهم في مواجهتها، أي أن أحلام الرفاهية لن تتحقق وأن التناقضات سوف تزداد.
3- إن الثقة في وسائل الإعلام الدولي بدأت تنهار شيئًا فشيئًا ولم يعد من السهل إقناع الرأي العام العالمي بعدالتها الاقتصادية وصدقها وبانعدام هذه الثقة نستدل على الجوهر الاستغلالي لتلك الوسائل الساعية عبر تسويقها للفكر العولمي إلى إفقار أكثر للفقراء وعلى إثراء أكثر وأكبر للأغنياء وهو ما يدحض الادعاءات بترسيخ العدالة في المجتمع الإنساني.
4- إن من أهم تحديات الإعلام الدولي هو الاختراق الثقافي وأن العلاقات المحتملة بين الثقافات في ظله سوف لا يؤدي إلى تحقيق السلم والأمن الدوليين مادام الغرب، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، يتبنى فكرة الصراع بين الحضارات ويرفض الحوار مع الثقافات الأخرى، لذلك فإن توجهات الشعوب اليوم تتمثل في الحرص على التمسك بالخصوصية والمصالح القومية على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والعمل على تطويرها وتعميقها معرفياً وإنتاجياً وديمقراطياً، دون استغلال شوفيني أو قطيعة مع حقائق العصر، بل الحرص على تمثل هذه الحقائق تمثيلاً عقلياً ونقدياً وفي غير انصياع لما تفرضه الهيمنة الرأسمالية من مشروعات لا تتفق مع المصالح والخصوصيات القومية والثقافية، بل ومقاومتها.
5- إن موقف رفض السيطرة الثقافية والكشف عن آليات التبعية وتجديد الصراع ضد وسائل الإعلام الدولي، هو المنبع الرئيس لإرادة الاستقلال، والمشاركة الحضارية الفعالة، ولهذا فإن الرفض يجعلنا نؤمن بأن العولمة كأحد منتجات الإعلام الدولي لن تكون الخيار الوحيد للبشرية، لما تلحقه من ظلم ببقية الشعوب.