تاريخ الفيزياء
علماء الفيزياء
الفيزياء الكلاسيكية
الميكانيك
الديناميكا الحرارية
الكهربائية والمغناطيسية
الكهربائية
المغناطيسية
الكهرومغناطيسية
علم البصريات
تاريخ علم البصريات
الضوء
مواضيع عامة في علم البصريات
الصوت
الفيزياء الحديثة
النظرية النسبية
النظرية النسبية الخاصة
النظرية النسبية العامة
مواضيع عامة في النظرية النسبية
ميكانيكا الكم
الفيزياء الذرية
الفيزياء الجزيئية
الفيزياء النووية
مواضيع عامة في الفيزياء النووية
النشاط الاشعاعي
فيزياء الحالة الصلبة
الموصلات
أشباه الموصلات
العوازل
مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة
فيزياء الجوامد
الليزر
أنواع الليزر
بعض تطبيقات الليزر
مواضيع عامة في الليزر
علم الفلك
تاريخ وعلماء علم الفلك
الثقوب السوداء
المجموعة الشمسية
الشمس
كوكب عطارد
كوكب الزهرة
كوكب الأرض
كوكب المريخ
كوكب المشتري
كوكب زحل
كوكب أورانوس
كوكب نبتون
كوكب بلوتو
القمر
كواكب ومواضيع اخرى
مواضيع عامة في علم الفلك
النجوم
البلازما
الألكترونيات
خواص المادة
الطاقة البديلة
الطاقة الشمسية
مواضيع عامة في الطاقة البديلة
المد والجزر
فيزياء الجسيمات
الفيزياء والعلوم الأخرى
الفيزياء الكيميائية
الفيزياء الرياضية
الفيزياء الحيوية
الفيزياء العامة
مواضيع عامة في الفيزياء
تجارب فيزيائية
مصطلحات وتعاريف فيزيائية
وحدات القياس الفيزيائية
طرائف الفيزياء
مواضيع اخرى
التأثير في الزمن: ثبات سرعة الضوء وتهاوي المفهوم المطلق للزمن
المؤلف:
برايان غرين
المصدر:
الكون الأنيق
الجزء والصفحة:
ص49
2025-06-03
94
يمكننا بأقل مجهود ممكن وباستغلال ثبات سرعة الضوء، أن نبين أن المفهوم اليومي المألوف للزمن خطأ بلا جدال تخيل أن زعيمي أمتين متحاربتين يجلسان على طرفي مائدة المفاوضات الطويلة، وقد توصلا لتوهما إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، لكن لا يرغب أي منهما في أن يوقع قبل الآخر. ويأتي سكرتير عام الأمم المتحدة بفكرة قرار ذكي. سيوضع مصباح مطفأ على المنضدة في منتصف المسافة بين الرئيسين. وعند إضاءة المصباح فإن الضوء المشع منه سيصل إلى كل منهما في نفس الوقت حيث أن المسافة بين كل واحد منهما والمصباح متساوية. وقد وافق كل رئيس على التوقيع على نسخة من الاتفاق عند رؤيته للضوء. تم تنفيذ الخطة وتوقيع الاتفاق برضاء الطرفين. حاول السكرتير العام أن يستخدم نفس الطريقة بعد النجاح الذي أبهجه، في حالة أمتين أخريين متحاربتين توصلتا إلى اتفاق سلام. لكن الفرق الوحيد هنا أن الرئيسين المعنيين في هذه المفاوضات يجلسان على طرفي منضدة داخل قطاريسيربسرعة ثابتة. كان رئيس الدولة التي يسير إليها القطار يجلس في مواجهة اتجاه السير، بينما يجلس رئيس الدولة التي تقع خلف القطار مواجهاً الاتجاه العكسي ولأن السكرتير العام على علم بحقيقة أن قوانين الفيزياء لها نفس الشكل من دون النظر إلى حركة الراصد طالما أن حركته ،ثابتة، فإنه لم يعر هذا الفرق أي اهتمام، ويحضر المصباح الذي سيعطى إشارة البدء في احتفالية التوقيع كما حدث سابقاً. ويوقع الرئيسان الاتفاق ويحتفلان مع حاشيتهما من المستشارين بانتهاء العداوة.
وفي نفس اللحظة وصلت الأنباء بأن القتال نشب من جديد بين الناس من الجانبين الذين كانوا يشاهدون مراسم التوقيع من على رصيف المحطة خارج القطار المتحرك. وقد انزعج كل من كان داخل قطار المفاوضات لسماعهم أن سبب تجدد العداوة هو ادعاء الناس من الدولة التي تقع أمام القطار بأنهم قد خدعوا حيث قام رئيسهم بالتوقيع على الاتفاق قبل رئيس الدولة التي تقع خلف القطار. وحيث أن كل من كان في القطار – من الجانبين – يوافق تماماً على أن الاتفاق قد تم توقيعه في نفس اللحظة، فكيف يمكن للمشاهدين للمراسم من الخارج أن يظنوا غير ذلك؟
ولنتدارس بتفاصيل أكثر رؤية أحد المشاهدين من على رصيف المحطة. في البداية كان المصباح مطفأ، ثم في لحظة معينة أضاء مرسلاً بأشعة الضوء في اتجاه كل من الرئيسين ومن منظور شخص على رصيف المحطة، فإن رئيس الدولة الواقعة في اتجاه القطار يسافر عكس اتجاه الضوء، بينما يتقهقر رئيس الدولة الواقعة خلف القطار. ويعني ذلك بالنسبة للمشاهد من على رصيف المحطة، أن شعاع الضوء سيقطع مسافة أقصر بالنسبة لرئيس الدولة الواقعة أمام القطار والذي يتحرك تجاه الضوء المقترب مما بالنسبة لرئيس الدولة الواقعة خلف القطار، والذي يتحرك مبتعداً عن الضوء. وليست هذه مقولة عن سرعة الضوء عندما ينتقل في اتجاه الرئيسين – وقد أشرنا من قبل أنه مهما كانت حالة حركة المصدر أو المشاهد فإن سرعة الضوء تظل ثابتة دائماً. ولكننا نضيف هنا فقط كم سيقطع شعاع الضوء الذي انطلق في لحظة البداية ليصل إلى كل رئيس منهما، وذلك من وجهة نظر المشاهدين من على رصيف المحطة وحيث أن هذه المسافة أقصر بالنسبة لرئيس الدولة التي تقع أمام القطار مما بالنسبة لرئيس الدولة التي تقع خلف القطار، وحيث أن سرعة الضوء في اتجاه كل منهما ثابتة، فإن الضوء سيصل لرئيس الدولة الواقعة أمام القطار أولاً. ولهذا السبب ادعى مواطنو هذه الدولة أنهم قد خدعوا.
وعندما أذاعت محطة CNN شهادة، الحاضرين فإن كلا من السكرتير العام والرئيسين وكل مستشاريهم لم يصدقوا ما سمعوه فكلهم متفق أن المصباح كان موضوعاً بعناية في منتصف المائدة تماماً . بين الرئيسين، ولهذا، وبدون أي لغط أو ضجة، فإن الضوء المشع قد قطع نفس المسافة ليصل إلى كل منهما. وحيث أن سرعة الضوء المشع في اتجاه اليمين أو اليسار متساوية فإنهم يعتقدون وبالفعل شاهدوا أن الضوء قد وصل إلى كل من الرئيسين في نفس الوقت.
من الذي على صواب الذين في داخل القطار أم الذين خارجه؟ فمشاهدات كل مجموعة والتفسيرات المؤيدة لها معصومة من الخطأ والجواب هنا أن "كلا الطرفين على صواب مثل جورج وغريسي السابحين في الفضاء، فكل منهما على صواب من وجهة نظره. والأمر المؤكد هنا أن الحقيقة من وجهة نظر كل منهما متناقضة والقضية السياسية محل النزاع هنا هي هل وقع الرئيسان الاتفاقية في نفس اللحظة؟ وتؤدي بنا الملاحظات والأسباب المذكورة أعلاه بشكل لا يقاوم إلى النتيجة الآتية : بالنسبة لمن هم في القطار فإن الرئيسين وقعا في نفس اللحظة، بينما من وجهة نظر من هم على رصيف المحطة، لم يفعلا ذلك. وبمعنى آخر فإن الأشياء المتزامنة من وجهة نظر بعض المشاهدين ليست متزامنة من وجهة نظر ،آخرين إذا كانت المجموعتان في حركة نسبية.
احتفظت بروح وهذه نتيجة فذة، وواحدة من أهم وأعمق ما تم اكتشافه حتى الآن من طبيعة الواقع. ومع ذلك، فإنك إذا لم تتذكر من كل ما قرأته في هذا الفصل بعد أن تكون قد فرغت من الكتاب إلا المحاولة الفاشلة للاتفاق فإنك بذلك تكون قد اکتشاف آینشتاین وبدون رياضيات متقدمة أو سلسلة . من الأمور المنطقية المعقدة، فإن هذه الخاصية غير المتوقعة تماماً تنتج مباشرة من ثبات سرعة الضوء كما يصورها هذا السيناريو، وتجدر ملاحظة أنه إذا كانت سرعة الضوء ليست ثابتة ولكن تسلك تبعا للحدس القائم على الحركة البطيئة لكرة البيسبول أو الكرة الجليدية، فإن المشاهدين من على رصيف المحطة سيتفقون مع من هم في القطار. لكن سيظل المشاهد من على رصيف المحطة معتقداً أن الفوتونات تنتقل مسافة أبعد للوصول إلى رئيس الدولة الواقعة خلف القطار مما للوصول إلى رئيس الدولة الواقعة أمام القطار. غير أن الحدس العادي يعني أن الضوء الذي يقترب من رئيس الدولة الواقعة خلف القطار سيتحرك أسرع حيث أنه أخذ دفعة من القطار المتحرك إلى الأمام. وبالمثل فإن هؤلاء المشاهدين سيرون الضوء الذي يقترب من رئيس الدولة الواقعة أمام القطار يتحرك أبطأ لأنه يُشَد. إلى الخلف بواسطة حركة القطار. وعندما يأخذ المشاهدون هذه الظواهر الخاطئة في اعتبارهم فإنهم سيرون أن أشعة الضوء ستصل لكلا الرئيسين في نفس الوقت. ومع ذلك فإن الضوء في عالم الحقيقة لا يسرع ولا يبطئ من حركته، ولا يمكن دفعه إلى سرعة أعلى أو شده إلى سرعة أقل. وبذلك فإن المشاهدين على رصيف المحطة سيدعون بصدق أن الضوء قد وصل إلى رئيس الدولة الواقعة أمام القطار أولاً ولهذا السبب ادعى مواطنو هذه الدولة أنهم قد خدعوا.
ويتطلب ثبات سرعة الضوء أن نتخلى عن المفهوم القديم الذي يقول بأن التزامن (Simultanesity) مفهوم كوني، يتفق عليه كل واحد من دون النظر لحالة الحركة التي هو عليها والساعة الكونية التي كنا نعتبرها تدق بلا كلل نفس الثواني هنا على الأرض وعلى المريخ وعلى المشتري وفي مجرة أندروميدا وفي كل ركن أركان الكون هذه الساعة ليست موجودة. وعلى العكس، فإن المشاهدين الموجودين في حركة نسبية لن يتفقوا على أن الأحداث تقع في نفس الزمن. ومرة أخرى، فإن السبب في أن هذه النتيجة - المميزة بصدق للعالم الذين نعيش فيه - ليست مألوفة أبداً، هو أن التأثيرات التي تحدثها متناهية الضآلة عندما تكون السرعات المعنية هي السرعات التي نتعامل معها بشكل عام في حياتنا اليومية، ولو كان طول مائدة المفاوضات 100 قدم وسرعة القطار 10 ميل في الساعة، فإن المشاهدين على رصيف المحطة "سيرون" أن الضوء قد وصل إلى رئيس الدولة الواقعة أمام القطار قبل الرئيس الآخر بمقدار جزء من مليون من مليار من الثانية (من الثانية). ومع أن ذلك يمثل اختلافاً إلا أنه من الضآلة بحيث لا يمكن اكتشافه مباشرة بالحواس البشرية. فإذا كان القطار يتحرك بسرعة أكبر كثيراً، ولتكن 600 مليون ميل في الساعة، فإنه من وجهة نظر شخص على رصيف المحطة فإن الضوء سيستغرق زمنا أطول 20 مرة ليصل إلى رئيس الدولة الواقعة خلف القطار مقارنة بالزمن الذي يستغرقه هذا الضوء ليصل إلى رئيس الدولة الأخرى. وفي السرعات العالية فإن التأثيرات المذهلة للنسبية الخاصة تصبح أكثر وضوحاً.