تاريخ الفيزياء
علماء الفيزياء
الفيزياء الكلاسيكية
الميكانيك
الديناميكا الحرارية
الكهربائية والمغناطيسية
الكهربائية
المغناطيسية
الكهرومغناطيسية
علم البصريات
تاريخ علم البصريات
الضوء
مواضيع عامة في علم البصريات
الصوت
الفيزياء الحديثة
النظرية النسبية
النظرية النسبية الخاصة
النظرية النسبية العامة
مواضيع عامة في النظرية النسبية
ميكانيكا الكم
الفيزياء الذرية
الفيزياء الجزيئية
الفيزياء النووية
مواضيع عامة في الفيزياء النووية
النشاط الاشعاعي
فيزياء الحالة الصلبة
الموصلات
أشباه الموصلات
العوازل
مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة
فيزياء الجوامد
الليزر
أنواع الليزر
بعض تطبيقات الليزر
مواضيع عامة في الليزر
علم الفلك
تاريخ وعلماء علم الفلك
الثقوب السوداء
المجموعة الشمسية
الشمس
كوكب عطارد
كوكب الزهرة
كوكب الأرض
كوكب المريخ
كوكب المشتري
كوكب زحل
كوكب أورانوس
كوكب نبتون
كوكب بلوتو
القمر
كواكب ومواضيع اخرى
مواضيع عامة في علم الفلك
النجوم
البلازما
الألكترونيات
خواص المادة
الطاقة البديلة
الطاقة الشمسية
مواضيع عامة في الطاقة البديلة
المد والجزر
فيزياء الجسيمات
الفيزياء والعلوم الأخرى
الفيزياء الكيميائية
الفيزياء الرياضية
الفيزياء الحيوية
الفيزياء العامة
مواضيع عامة في الفيزياء
تجارب فيزيائية
مصطلحات وتعاريف فيزيائية
وحدات القياس الفيزيائية
طرائف الفيزياء
مواضيع اخرى
حالة التناظر الفائق: ما قبل نظرية الأوتار
المؤلف:
برايان غرين
المصدر:
الكون الأنيق
الجزء والصفحة:
ص197
2025-05-31
42
أولاً من وجهة النظر الجمالية، فإن الفيزيائيين يجدون من الصعوبة أن يعتقدوا بأن الطبيعة قد تحترم معظم، وليس كل التناظرات الممكنة رياضياً وطبعاً، من المحتمل أن يكون الاستخدام غير الكامل للتناظر هو ما يحدث فعلاً، غير أن ذلك سيكون أمراً مشيناً وسيبدو الأمر وكأن باخ (الموسيقار الأشهر) قد ترك الحركة النهائية الفاصلة بعد أن طور العديد من الأصوات المتداخلة ليغطي نسقاً عبقرياً من التناظر الموسيقي.
ثانياً، وحتى في النموذج القياسي، وهي النظرية التي تهمل الجاذبية، فإن الأمور التقنية الشائكة والمتعلقة بالعمليات الكمية تُحلَّ بسهولة إذا أصبحت النظرية فائقة التناظر والمشكلة الأساسية تكمن في أن أنواع الجسيمات المميزة تساهم بنصيبها في الجنون الكمي للعالم المجهري وقد اكتشف الفيزيائيون في خضم هذا الجنون عمليات معينة تتضمن تداخلاً للجسيمات يظل ثابتاً فقط " إذا تم ضبط المؤشرات العددية في النموذج القياسي - لأقرب جزء في المليار من جزء في المليار - وذلك لتعادل معظم التأثيرات الكمية الضارة. ومثل هذه الدقة تناظر التحكم في ضبط زوايا إطلاق رصاصة من بندقية فائقة القوة لتصيب هدفاً معيناً على القمر بهامش خطأ لا يزيد عن سُمك الأميبا. وعلى الرغم من أن الضبط العددي لمثل هذه الدقة يمكن أن يتم في النموذج القياسي، إلا أن الكثير من الفيزيائيين يتشككون كثيراً في وجود نظرية لها هذه البنية فائقة الحساسية بحيث تنهار إذا تغير أحد الأرقام التي تقوم عليها النظرية في حدود الخانة الخامسة عشرة بعد الفاصلة العشرية.
ويغير التناظر الفائق هذا الأمر بشكل جذري لأن البوزونات - جسيمات لها حركة مغزلية عدد صحيح (وقد سميت كذلك نسبة إلى الفيزيائي الهندي ساتيندرا بوز) - والفيرميونات - الجسيمات التي لها حركة مغزلية نصف عدد صحيح (فردي)، وقد سميت كذلك نسبة إلى عالم الفيزياء الإيطالي إنريكو فيرمي) - تميل إلى المساهمة بشكل كمي معادل ومثل طرفي أرجوحة، وعندما يكون الهياج الكمي للبوزونات موجباً، فإنه يكون للفيرميونات سالباً أو العكس. وحيث أن التناظر الفائق يؤكد أن البوزونات والفيرميونات تجيء في ازدواج فإن التلاشي التعادل) الأساسي يحدث منذ البداية - وهو التلاشي الذي يسبب الهدوء الملحوظ لبعض التأثيرات الكمية المجنونة ويتضح أن ثبات التناظر الفائق للنموذج القياسي - النموذج القياسي المدعوم بكل الجسيمات المشاركة الفائقة - لا يعتمد بعد ذلك على الضبط العددي الهش غير المريح للنموذج القياسي العادي. ومع أن ذلك موضوع عالي التقنية فإن العديد من فيزيائيي الجسيمات يجدون أن هذه النتيجة تجعل التناظر الفائق أمراً جذاباً.
والأمر الثالث من الأدلة الظرفية على التناظر الفائق تأتي من مفهوم التوحد العظيم. وأحد السمات المحيرة لقوى الطبيعة الأربع هي المدى الهائل لشدتها الذاتية، فشدة القوى الكهرومغناطيسية تقل بمقدار %1 عن شدة القوى القوية، والقوى الضعيفة أقل من ذلك بعدة آلاف من المرات، وقوى الجاذبية هي الأقل بمقدار بضع مئات الأجزاء من المليون من جزء من المليار من جزء من المليار من جزء من المليار (35-10 مرة). وباتباع أبحاث غلاشو وعبد السلام ووينبرغ التي فتحت الطريق ووضعت أساس العلاقة الوطيدة بين الكهرومغناطيسية والقوى الضعيفة (المشروحة في الفصل الخامس وأكسبتهم جائزة نوبل، اقترح غلاشو عام 1984 بمشاركة زميله من جامعة هارفارد هوارد جيورجي وجود علاقة ارتباط مع القوى القوية وأعمالهم التي افترضت "التوحد العظيم لثلاث من القوى الأربع، تختلف في أمر واحد أساسي من النظرية الكهربية الضعيفة: بينما تبلورت وانفصلت القوى الكهرومغناطيسية والقوى الضعيفة من اتحاد أكثر تناظراً عندما انخفضت درجة حرارة الكون إلى حوالى مليون مليار درجة مطلقة فوق الصفر (1015 كلفن) ، بين جيورجي وغلاشو أن الاتحاد مع القوى القوية يظهر فقط عند درجة حرارة أعلى ببضع عشرات التريليونات من المرات – أي حوالي عشرة مليار مليار مليار درجة فوق الصفر المطلق (1028 كلفن). وبحسابات الطاقة فإن ذلك مساو لحوالي مليون مليار مرة كتلة البروتون أو حوالي عشرة آلاف مرة أقل من كتلة بلانك. أخذ جيورجي وغلاشو الفيزياء النظرية بجرأة إلى دنيا من الطاقة تفوق ما تجرأ على اختباره أي إنسان من قبل بمقدار هائل جداً.
وقد جعلت أبحاث جيورجي وهيلين كوين ووينبرغ التالية، في جامعة هارفارد عام 1974 من الوحدة الممكنة للقوى غير الجاذبية في إطار التوحد الأعظم أمراً أكثر وضوحاً وحيث أن مساهمتهم قد استمرت تلعب دوراً هاماً في توحيد القوى وفي تقويم مواءمة التناظر الفائق للعالم الطبيعي، فإن الأمر يستدعي أن نتوقف برهة لشرحه.
كلنا نعلم أن التجاذب الكهربي بين جسيمتين مضادتين في الشحنة أو شد قوى الجاذبية بين جسمين لهما كتلة يزداد شدة كلما قلت المسافة بينهما. وهذه من السمات البسيطة والمعروفة تماماً في الفيزياء الكلاسيكية. ومع ذلك، فإن هناك مفاجأة عندما نتطرق لدراسة فيزياء الكم على شدة هذه القوى. لماذا لا بد أن يكون لميكانيكا الكم أي تأثير على الإطلاق؟ وتكمن الإجابة مرة أخرى في التأرجحات الكمية. فعندما نختبر مجال القوى الكهربية لأحد الإلكترونات مثلاً، فإننا في الواقع نختبر الضباب الرقيق الناتج من نشوء وتلاشي الجسيمة - الجسيمة المضادة، وبذا يتناقص تأثير هذا الضباب ويعني ذلك أن شدة المجال الكهربي للإلكترون ستزداد كلما اقتربنا منه.
ويميز الفيزيائيون بين هذه الزيادة الكمية في الشدة كلما اقتربنا من الإلكترون وبين ما هو معروف في الفيزياء الكلاسيكية بقولهم أن الشدة الذاتية" للقوى الكهرومغناطيسية تزداد كلما قصرت المسافة. ويعكس ذلك ما مفاده أن الشدة تزداد لا لمجرد اقترابنا من الإلكترون بل لأن المجال الكهربي الذاتي للإلكترون يصبح أكثر فعالية. وفي الواقع، مع أننا قد ركزنا حديثنا عن الإلكترون إلا أن هذه المناقشات تنطبق بنفس المقدار على الجسيمات الأخرى المشحونة كهربياً، وهو ما يمكن إيجازه بقولنا إن المؤثرات الكمية تدفع شدة القوى الكهرومغناطيسية نحو الزيادة عند اختبارها على مسافات أقصر.
وماذا عن القوى الأخرى في النموذج القياسي؟ وكيف تتغير شدتها الذاتية مع المسافة؟ في العام 1973 قام كل من غروس وفرانك ويلتسيك من جامعة برينستون، ودافيد بوليتس من جامعة هارفارد كل على حدة، بدراسة هذه التساؤلات وتوصلوا إلى نتيجة مذهلة تضخم السحابة الكمية لنشوء وتلاشي الجسيمة من شدة القوى القوية والقوى الضعيفة. ويعني ذلك أنه لو اختبرنا هذه القوى على مسافات أقصر فإننا نخترق أكثر وأكثر هذه السحابة المضطربة وبالتالي سنتعرض للنقص في التضخم الناتج من تأثيرها وبذا فإن شدة هذه القوى تصبح أقل فأقل عند اختبارها على مسافات أقصر.
جيورجي وكوين ووينبرغ هذه النتيجة وتوصلوا إلى نهاية جديرة بالانتباه. وقد بينوا أنه عند احتساب تأثيرات الجنون الكمي هذه بعناية، فإن المحصلة هي أن شدة كل القوى الثلاث الجاذبية تتجمع معاً وبينما تختلف شدة هذه القوى بشكل كبير بالمقاييس التقنية المتاحة حالياً، فإن جيورجي وكوين ووينبرغ يدفعون بأن هذا الاختلاف هو في الواقع نتيجة للتأثير المختلف الذي يحدثه غيم النشاط الكمي المجهري في كل من هذه القوى. وقد أظهرت حساباتهم أنه لو اخترقنا هذا الغيم بأن نختبر تلك القوى على مسافات ليست من المقاييس العادية ولكنها تصل إلى حوالى جزء من المائة من جزء من المليار من جزء من المليار من جزء من المليار من السنتيمتر (29-10) (وهو مجرد عشرة آلاف مرة أكبر من طول بلانك)، فإن شدة تلك القوى غير الجاذبية الثلاث تبدو متساوية.
وبعيداً عن عالمنا المألوف، كانت هذه الطاقة الهائلة واللازمة للإحساس بمثل هذه المسافات الصغيرة مميزة للكون المبكر المضطرب والساخن عندما مر عليه جزء من الألف من جزء من التريليون من جزء من التريليون من جزء من التريليون (1039) من الثانية عندما كانت درجة الحرارة في حدود 1028 كلفن كما أشرنا من قبل وبنفس الطريقة إلى حد ما، التي تنصهر بها المكونات المختلفة - مثل قطع من فلز، أو خشب أو صخر أو معدن الخ – معاً لتصبح بلازما متجانسة ومنتظمة عند تسخينها إلى درجة حرارة عالية بما فيه الكفاية، فإن هذه الأبحاث النظرية تفترض أن القوى القوية والضعيفة والكهرومغناطيسية تمتزج جميعها في قوة عظمى واحدة عند مثل درجات الحرارة الهائلة تلك. وهذا مبين في الشكل التخطيطي رقم (7-1) .
ومع أننا لا نملك التقانة التي تمكننا من اختيار مثل هذه المسافات الضئيلة، أو لنصل إلى مثل هذه الدرجات من الحرارة الهائلة، إلا أنه منذ عام 1974 قام التجريبيون بتنقيح الشدة المقيسة للقوى الثلاث اللاجاذبية في الظروف العادية بصورة ملحوظة وهذه البيانات - نقطة البداية لمنحنيات شدة القوى الثلاث في الشكل رقم (7-1) هي البيانات المداخلات للاستقراءات الكمية لكل من جيورجي وكوين ووينبرغ. وفي عام 1991 قام كل من أوجو أمالدي من CERN، وويم دي بوير وهيرمان فورستناو من جامعة كارلسرو بألمانيا بإعادة حساب استقراءات جيورجي وكوين ووينبرغ مستفيدين من تلك التنقيحات التجريبية وبينوا أمرين هامين. الأمر الأول، هو أنه تتطابق على الأغلب شدة هذه القوى اللاجاذبية
الشكل رقم (7-1)
شدة القوى اللاجاذبية الثلاث أثناء عملها على مسافات أكثر قصراً - وهو ما يكافئ سلوكها في عمليات عالية الطاقة.
الثلاث لكن ليس تماماً عند المسافات متناهية الصغر (وكذلك الطاقة ودرجة الحرارة العاليتين ) كما هو مبين في الشكل رقم (7-2).
الأمر الثاني، ، هو شدة هذه القوى إذا أدخلنا التناظر الفائق والسبب في ذلك أن الجسيمات الشريكات الفائقين التي يتطلبها التناظر الفائقة تساهم بتأرجحات كمية إضافية. وهذه التأرجحات كافية بالكاد لدفع شدة هذه القوى لتتجمع معاً.
أنه يختفي هذا التعارض الضئيل الذي لا يمكن إنكاره في
الشكل رقم (7-2)
تنقيح حسابات شدة القوى تبين أنها تتلاقى على الأغلب بدون التناظر الفائق، ولكن ليس تماماً.
من الصعب جداً على كثير من الفيزيائيين أن يصدقوا أن الطبيعة قد تختار القوى بحيث يكون لها شدة تتحد على الأغلب ولكن ليس تماماً على المستوى المجهري - أي تصبح متساوية مجهرياً ويشبه الأمر وضع القطع في أ أحجية الصور المقطعة، عندما تكون القطعة الأخيرة غير متوافقة قليلاً ولا تدخل في المكان المخصص لها بالضبط، ويقوم التناظر الفائق بتنقيح نفسه بطريقة رائعة لتصبح كل القطع مناسبة لمكانها. ومن ملامح الأمر الأخير أنه يزودنا بإجابة ممكنة عن السؤال، لماذا لم تكتشف بعد أي جسيمة مشاركة فائقة؟ أما الحسابات التي أ شدة أدت إلى تجمع القوى وأدت إلى اعتبارات أخرى درسها عدد من الفيزيائيين فإنها تشير إلى أن الجسيمات المشاركة الفائقة لا بد وأن تكون أثقل كثيراً من الجسيمات المعروفة. وعلى الرغم من أنه لا يمكن التوصل إلى تنبؤات محددة إلا أن الدراسات قد بينت أن الجسيمات المشاركة الفائقة قد تكون ذات كتلة أكبر آلاف المرات من كتلة البروتون إن لم تكن أثقل وبما أن أحدث المعجلات لا تتمكن من التوصل لمثل هذه الطاقة الهائلة، فإن ذلك يعطي تفسيراً لعدم اكتشاف مثل هذه الجسيمات حتى الآن. وسنعود في الفصل التاسع إلى مناقشة التوقعات التجريبية لتحديد ما إذا كان التناظر الفائق هو خاصية من خواص عالمنا بالفعل، وذلك في المستقبل القريب. طبعاً، لم تكن الأسباب التي قدمناها لنعتقد في صحة – أو حتى لا ترفض - التناظر الفائق، محكمة. وقد وصفنا كيف يرفع التناظر الفائق نظرياتنا إلى أكثر الأشكال تناظراً - إلا أنه يمكن القول بأن الكون غير مبال بالتوصل إلى الشكل الأكثر تناظراً الممكن رياضياً قد ذكرنا أن النقطة التقنية الهامة هي أن التناظر الفائق يعفينا من المهمة الشاقة لضبط المؤشرات العددية في النموذج القياسي لتجنب المعضلات الكمية - لكنك قد تدفع بأن النظرية الحقيقية لوصف الطبيعة قد تكون على حافة الصراط بين تأكيد الذات وتحطيم الذات. وقد ناقشنا كيف يعدل التناظر الفائق من الشدة الذاتية للقوى اللاجاذبية الثلاث عند المسافات الضئيلة بالطريقة التي تفي بالكاد لدمجها معاً في قوة عظمى موحدة – لكنك قد تدفع مرة أخرى أنه لا . يوجد شيء في تصميم الطبيعة يفرض أن تتوافق تماماً شدة القوى هذه عند المقاييس المجهرية وفي النهاية يمكن أن تقترح أن التفسير الأبسط العدم التوصل إلى اكتشاف الجسيمات المشاركة الفائقة هو أن كوننا ليس فائق التناظر، ولذلك لا تتواجد الجسيمات المشاركة الفائقة.
ولا يستطيع أحد أن يفند هذه الاستجابات لكن الأمر في حالة التناظر الفائق قد دعم بشكل هائل عندما أخذنا في الاعتبار دوره في نظرية الأوتار.