الجغرافية الطبيعية
الجغرافية الحيوية
جغرافية النبات
جغرافية الحيوان
الجغرافية الفلكية
الجغرافية المناخية
جغرافية المياه
جغرافية البحار والمحيطات
جغرافية التربة
جغرافية التضاريس
الجيولوجيا
الجيومورفولوجيا
الجغرافية البشرية
الجغرافية الاجتماعية
جغرافية السكان
جغرافية العمران
جغرافية المدن
جغرافية الريف
جغرافية الجريمة
جغرافية الخدمات
الجغرافية الاقتصادية
الجغرافية الزراعية
الجغرافية الصناعية
الجغرافية السياحية
جغرافية النقل
جغرافية التجارة
جغرافية الطاقة
جغرافية التعدين
الجغرافية التاريخية
الجغرافية الحضارية
الجغرافية السياسية و الانتخابات
الجغرافية العسكرية
الجغرافية الثقافية
الجغرافية الطبية
جغرافية التنمية
جغرافية التخطيط
جغرافية الفكر الجغرافي
جغرافية المخاطر
جغرافية الاسماء
جغرافية السلالات
الجغرافية الاقليمية
جغرافية الخرائط
الاتجاهات الحديثة في الجغرافية
نظام الاستشعار عن بعد
نظام المعلومات الجغرافية (GIS)
نظام تحديد المواقع العالمي(GPS)
الجغرافية التطبيقية
جغرافية البيئة والتلوث
جغرافية العالم الاسلامي
الاطالس
معلومات جغرافية عامة
مناهج البحث الجغرافي
نظرية انزلاق القارات
المؤلف:
د . سعد عجيل مبارك الدراجي
المصدر:
أساسيات علم شكل الارض الجيومورفولوجي
الجزء والصفحة:
ص 63 ـ 67
2025-03-27
99
لقد بنى ديلي Daly نظرية انزلاق القارات sliding continents على أساس قوى الجاذبية الأرضية التي تعمل على جذب قشرة الأرض فتتحرك الكتل القارية كما لو كانت تنزلق على سطح منحدر ، وهو بهذا لم يتعرض لقوى المد أو لقــوى أخرى يمكن ان تعمل على زحزحة القارات وينبغي هنا ان نشير إلى أن ديلي لم يعرض آراءه في صور حتمية قاطعة كما فعل غيره، إذ انه يرى بان وضع أراء وحلول نهائية للمشاكل الخاصة بظاهرات سطح الأرض أمر غير مفيد. ويرى ديلي ان اليابس في الأزمان القديمة كان يتكون من ثلاث كتل صلبة كانت تتمركز عموما حول القطبين وحول خط الاستواء وبين هذه النطاقات الثلاثة من الكتل الصلبة كانت تقع أحواض منخفضة تشغلها بحار داخلية. ففي النصف الشمالي من الكرة الأرضية كان يقع بحر تيئس الذي كان يفصل بين نطاق اليابس القطبي الشمالي ونطاق اليابس الاستوائي إما البحر الذي كان يفصل بين اليابس الاستوائي والأرض القطبية الجنوبية فلا يعرف عنه سوى القليل. ويعتقد ديلي ان الكتل القارية كانت تتركز إثناء تلك الأزمان الجيولوجية القديمة في نصف واحد من الكرة الأرضية أو أكثر بقليل فهو فترض ان المحيط الهادئ حينئذ كان يشغل منخفضا ضخما واسع الأرجاء، وهو يميز بصورة مجمل وعامة بين نصفين من الكرة الأرضية آنذاك نصف يابس ويسميه بانجايا Pangaea ونصف مائي يسميه بانثالاسا Panthalassa كان يشغله المحيط الهادئ. وتفترض هذه النظرية بأن القشرة الأرضية البدائية قد تكونت فوق باطن الأرض المنصهر وبسبب انخفاض حرارته وتقلصه التوت أجزاء من القشرة المتصلبة إلى أعلى وانخفضت أجزاء أخرى. فالنطاقات القارية القطبية والاستوائية تمثل في نظر ديلى ثنيات محدبة في شكل قباب إما المحيط الهادي والبحار الداخلية آنئذ فكانت تشغل الثنيات المقعرة أو الأحواض المنخفضة ويتبين من هذا ان الكتل القارية وقيعان البحار كانت تتكون جميعا من قشرة أرضية واحدة متماثلة. وبديهيان النصف اليابس كان أكثر ارتفاعا من النصف المائي ومن ثم نشأت (منحدرات) تجاه المحيط الهادئ وصوب البحار الداخلية وعلى الرغم من أن قشرة الأرض موصلة رديئة للحرارة إلا ان الحرارة الباطنية كانت تشع منها إلى الخارج باستمرار ولكن ببطء شديد، ولهذا فقد انكمش الباطن ليترك فراغا بينه وبين القشرة الخارجية فكان على القشرة ان تلائم نفسها مع الوضع الجديد، وهي في هذا لم تسقط فوق الباطن الأخذ في البرودة والتقلص لتتحطم ولكنها كانت تميل إلى التجعد تحت تأثير ثقل مياه المحيط من جهة، وتحت تأثير ضغط الرواسب المتراكمة من جهة أخرى، إذ ان التكوينات التي نحتتها عوامل التعرية من الكتل القارية قد اكتسحت ثم تراكمت في أحواض البحار الداخلية وفي منخفض المحيط الهادي. وتفترض النظرية ان قشرة الأرض قد أخذت تستلم لتلك الضغوط الناجمة عن ثقل الرواسب وثقل مياه المحيط فهبطت إلى أسفل أي اتجاه مركز الأرض وقد نتج عن هذا الهبوط ضغوط جانبية ساعدت في حمل الكتل القارية القبابية الشكل المجاورة للأحواض البحرية والمحيطية ونشأ عن ذلك ان خف ضغط تلك الكتل القارية عما يوجد تحتها من المواد البازلتية العظيمة الحرارة فترتب على هذا ان تمددت تلك المواد وكبر حجمها ومن ثم انخفضت كثافتها، فأخذت تندفع إليها مواد من المناطق المجاورة التي تعرضت للضغوط أكثر منها لتعيد إليها التوازن. وإذا حدث ذلك واستمر دائبا فان حجم المواد التي تقع أسفل الكتل القارية القبابية يتضخم ومن ثم يعمل على رفع تلك الكتل إلى أعلى بالنسبة للمناطق المحيطة بها ويحتمل ان تكون حركة الرفع في الأطراف أسرع نوعا ما مقارنة مع المناطق التي تقع في وسط القبة وعلى أي حال فان القبة القارية ما تزال تحتفظ بشكلها وعند أطرافها توجد رواسب الأحواض البحرية الداخلية التي نحتت واكتسحت من القبة ذاتها ويترتب على ازدياد ارتفاع القبة القارية ازدياد الضغوط على تلك الرواسب ويأتي الوقت الذي لا تستطيع فيه قشرة الأرض التي تقع أسفل الرواسب ان تقاوم الضغوط باتجاه الأسفل فتتعرض للانكسار والهبوط. وإذا حدث هذا فان قسما كبيرا من القاعدة الصلبة التي ترتكز عليها أطراف الكتلة القارية يختفي فتحدث حركات شد عنيفة في القبة القارية فتنكسر جوانبها إلى كتل ضخمة تنزلق بسبب ثقلها ببطء تجاه البحار الداخلية ويترتب على انزلاقها صوب البحار ان تنضغط الرواسب المتراكمة على قيعانها فتلتوي وبذلك تنشأ أولى المراحل في تكوين سلاسل الجبال، أما المرحلة الثانية فتتمثل في ان الأجزاء السفلى من التكوينات الرسوبية تتعرض للحرارة الشديدة نتيجة لانكسار وهبوط قاعدتها الصلبة فتتعرض إلى الانصهار وتتمدد ويكبر حجمها، فيترتب عليها حدوث ضغط على الرواسب التي تقع فوقها فتؤدي إلى رفعها إلى الأعلى، وبذلك تتم العملية الرئيسية الثانية في رفع وتكوين الجبال. ويرى ديلي ان الطبقات السفلى تتركب من مواد بازلتية شديدة الحرارة ومثل هذه المواد لا تقاوم انزلاق الكتل القارية إلا بقدر يسير وهو يرى أيضا ان تلك المواد تتميز بخاصية الانزلاق ولما كان ديلي يعتقد أن مواد الطبقات السفلى اقل بسبب شدة حرارتها من مواد القشرة الخارجية المتصلبة فقد يحدث حينما تتكسر القبة القارية ان تندفع كتل منها إلى الأسفل وتغوص في الطبقات السفلى وفي نفس الوقت نجد ان التكسر يسمح لمواد الطبقة السفلى من ان تشق لنفسها طريقا أسفل رواسب حوض البحر الداخلي وبالتالي تعطي الفرصة لعمليات انزلاق جديدة. ولما كانت كثافة مواد الرواسب المتراكمة في البحر الداخلي اقل كثافة كما يرى ديلي من مواد الطبقة السفلى فأنها لن تغوص أو تهبط فيها، ومن ثم ازداد انزلاق الكتل القارية كلما ازداد الضغط على تلك الرواسب البحرية كثافة فكلما وبالإضافة إلى تقلص باطن الكرة الأرضية وتأثيراته على قشرة الأرض، يرى ديلي ان تناقص سرعة دوران الأرض حول نفسها قد ساعد منذ البداية على تضرس سطح الأرض لكنه لم يحاول ان يتعرض لتفسير نشأة النطاقات القارية الثلاثة التي كانت تقع حول القطبين وحول خط الاستواء، كما انه لم يذكر شيئا عن كيفية نشأة البحرين الداخليين اللذين كانا يفصلان بينهما، وهو يعتبر مثل هذا التوزيع لليابس والماء من قبيل الافتراض والتخمين كما ان الدور الذي تلعبه عوامل التعرية في نحت الرواسب من القباب القارية واكتساحها وإلقائها في البحار الداخلية كما وصفه ديلي يحتاج أيضا إلى مزيد من الإيضاح والتفسير، وهنا نشير إلى التفسير الذي سبق ان اقترحه تشام برلين Chamberlin في نظرية الكويكبات ومؤداه ان عوامل التعرية تستطيع على المدى الطويل ان تتسبب في تراكم المواد القاعدية الثقيلة في الأحواض المنخفضة من قشرة الأرض وتترك المواد الجرانيتية الخفيفة للكتل القارية المرتفعة. وإذا صح وتأثرت هذه القارات القبابية بالطريقة التي وصفناها فانه ينشا عن ذلك حركات انزلاق عامة لأجزاء تلك القارات نحو المحيط الهادي، ونحو البحار الداخلية أيضا ولاشك ان نظرية ديلي بشكلها هذا تساعد في تفسير كثير من الظاهرات الرئيسية العامة لسطح الأرض فالتوزيع الحالي لنطاقات المرتفعات العظيمة يمكن تفسيره بالاستناد إليها مثال ذلك نطاق سلاسل مرتفعات الألـب والهمالايا الذي نشأ بناءً على هذه النظرية عن التواء رواسب بحر تيش بسبب الضغوط التي نجمت عن انزلاق أطراف القارة القطبية الشمالية وأطراف الكتلة القارية الاستوائية المقابلة لها، بينما قد تكونت المرتفعات التي تحيط بسواحل المحيط الهادي بسبب انزلاق كتل قارية صوب حوض ذلك المحيط والتواء الطبقات الرسوبية التي تراكمت فوق حوافه. ويمثل المحيط الهادي في رأي ديلي المنخفض الذي انزلقت صوبه كتل قارية فهو بشكله الحالي قد نشأ نتيجة للضغوط التي عاناها من انزلاق تلك الكتل إليه أما المحيطات الأخرى فقد نشأت نتيجة التكسر القارات القبابية وانزلاق أجزائها نحو البحار الداخلية تاركة فيما بينها أخاديد واسعة هي التي تشغلها المحيطات الحالية فالمحيط الأطلسي أخدود شاسع المساحة نشأ بسبب انزلاق كتلة الأمريكتين نحو منخفض المحيط الهادي، والمحيط الهندي يمثل الأخدود الذي نشأ عن انكسار قبة القارة التي كانت تكون نطاق اليابس القطبي الجنوبي أما المحيط المتجمد الشمالي فيشغل مكان الأخدود الذي نشأ عن انكسار القارة القطبية الشمالية وانزلاق احد جوانبها نحو بحر تيشس وانزلاق الجانب الآخر صوب حوض المحيط الهادي. ولا شك أن هذا التفسير لنشأة الأحواض المحيطية أفضل بكثير من التفسير الذي ارتاء جولي، إذ أنه يؤكد التناقض والاختلاف الكبير بين مختلف المحيطات وهو واضح أيضاً بالنسبة للمحيط الهادي الذي ينفرد وحده من بين المحيطات بظاهرة إحاطة سلاسل المرتفعات الالتوائية بسواحله، واستبعدت نظرية ديلي مسألة الهبوط الذي أشارت إليه نظرية المعابر القارية لتفسير نشأة المحيطات، فهي لا تفترض الهبوط إلا لأجزاء يسيرة من كتل القارات. ولم يحاول ديلي كما فعل فجر ان يصل بين سواحل المحيط الأطلسي الشرقية والغربية، إذ انه يعتقد ان التفسير الذي عرضه لنشأة المحيط الأطلسي يكفي لتوضيح التشابه بين الظاهرات الجيولوجية التي توجد على جانبيه. ويرى ديلي ان الحافة الغارقة التي تمتد على طول المحيط الأطلسي تمثل مكان انفصال العالم القديم عن العالم الجديد. وترتبط نشأة الأقواس الجزرية عند سواحل شرقي آسيا بعملية زحف أو انزلاق تلك القارة صوب المحيط الهادي. وأمام هذه الأقواس نجد منخفضات عميقة نشأت بسبب ضغط الأقواس الجزرية، وهبوط الأرض أمامها استجابة لتلك الضغوط وإذا صح القول بان الكتل اليابسة التي اقترحها ديلي بأنها كانت على شكل قبابي، فأن الاستناد إلى قوى الجاذبية كعامل يؤدي إلى تحريكها وانزلاقها ليبدو معقولاً، كما انه يبدو أكثر احتمالا من قوى المد التي اقترحها فجنر وجولي كعوامل ساهمت في زحزحة القارات.