1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : الحياة الاسرية : مقبلون على الزواج :

موانع الزواج / التحججات

المؤلف:  الأستاذ مظاهري

المصدر:  الأخلاق البيتية

الجزء والصفحة:  ص53ــ60

2024-09-14

205

إن بحثنا يدور حول موانع الزواج في هذه الأيام، والتي تشبه إلى حد ما السدود الترابية التي تستعمل في جبهات القتال لعرقلة تحركات العدو.

إن الموانع التي نراها في دنيا اليوم هي صنيعة أيدينا، ولذا يجب أن نتحدث في هذا الموضع الحساس بشكل مكثف، ولا ندري بعد ذلك، هل نتمكن من رفع تلك الموانع من خلال حديث واحد، أم يستوجب هذا الأمر عدة أحاديث؟ لأن هذه المجالس يصعب التحدث بها في هكذا مواضيع.

وبالرغم من ذلك، فأنا على يقين بأن حديثنا هذا لن يكون بدون نتيجة مهما كانت هذه النتيجة، ومهما كانت تأثيراتها.

- التحججات

إن التحجج يعتبر أول وأهم مانع أو سدٍ في طريق الزواج، وهو ما نراه متفاقماً يوماً بعد يوم، التحجج من طرف الفتاة أو من طرف الفتى أو من طرف الآباء والأمهات قد يجر في بعض الأحيان إلى بلوغ الفتاة «30» سنة بدون زواج، وإلى بلوغ الفتى «40» سنة عازباً، وعندما يسأل ذلك الرجل عن عدم زواجه حتى بلغ ما بلغ من العمر، يجيب قائلا: لم أجد زوجة مناسبة لي! أو لم أجد زوجة جيدة! وكذا بالنسبة للفتيات العوانس.

إن القضية الأساس التي يجب أن نلتفت إليها جميعاً هي: لا معنى لعدم قبول الفتاة لأحد المتقدمين لها من الفتيان مع أنها مقتنعة 100% منه، ولا معنى لعدم زواج الفتى من فتاة تعجبه 100%.

إن الطبيعي في الأمر هو أن الإنسان العاقل إذا وجد نفسه يمكن ان ينسجم مع الطرف المقابل 50% أخلاقياً وذوقياً لا بأس به ان يُقدم على الزواج، وإذا زدنا في هذه النسبة إلى 70% فذلك خيرٌ على خير، وإن تلك الزوجة التي تتلائم 70% مع زوجها تعتبر زوجة جيدة جداً، وإن ذلك الزوج يعتبر هو الآخر جيداً جداً.

إن الحجج والتبجحات التي يستخدمها المتدينون شيء، وتلك التي يستخدمها غير المتدينين شيء آخر، فترى أحدهم يطالب الخاطب بدار مستقلة في الوقت الذي لا يمتلك المتقدم ذلك، وترى الآخر يريد فتاة جميلة 100% ولا نقص فيها بالمرة، ولا يوجد هكذا شيء، وبعضهم يبحث عن الأنساب العالية والرفيعة في الوقت الذي يكون هو من بين الأنساب الضحلة، وعندما يسعى لهذا الأمر حثيثاً تراه يحاول الانتقاء بشكل يبعث على الدهشة، حيث يلح في مسألة الأنساب الرفيعة أكثر من الطبيعي مما يوجب عدم زواجه.

وقد نرى في أحيان أخرى عدم رضا أم الفتى عن التقدم لخطبة فتاة تضع نظارة على عينيها، وقد ترفض أم إحدى الفتيات شاباً قصير القامة أو آخر لا يمتلك سيارة.

إن هذه المسائل في حقيقة الأمر تدخل كلها ضمن دائرة التحجج، ولا تمت بصلة إلى القضايا العقلية، أو القضايا التي يرتضيها العقلاء.

قد يكون في مجتمعاتنا هذه بعض الفتيات من اللاتي تقدم لهن أكثر من عشرين فتى، لكنهن رفضن القبول بسبب بعض المسائل الجزئية، أو التافهة؛ وقد نشاهد شاباً سعى للزواج حثيثاً لمدة «3» أو (4) سنوات لكنه لم يحظ بما يريد أو يرغب، بالرغم من أن له ابنة عم، وابنة خالة، وأن لجيرانه عدة فتيات بلغن سن الزواج، لكنه يشكل على كل تلك الفتيات، فهو يعيب على هذه جمالها، وعلى تلك طولها، وعلى أخرى أنفها وما إلى ذلك.

والجدير بالذكر أنه يتزوج في نهاية المطاف فتاة سيئة، أو دميمة بالرغم من معايبه الكثيرة التي كان يلقيها على هذه وتلك.

إن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) تحدث كثيراً عن مسألة تزويج البنات في حضور العامة والخاصة ليلفت أنظار المجتمع الإسلامي إلى خطورة بقاء البنات بدون زواج مبكر، وقد جاء عن الإمام الرضا علي بن موسى (عليه السلام) رواية تتعرض لهذا الأمر حيث قال:

«نزل جبرئيل على النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا محمد إن ربك يقرؤك السلام ويقول: إن الأبكار من النساء بمنزلة الثمر على الشجر، فإذا أينع الثمر فلا دواء له إلا اجتنائه، وإلا أفسدته الشمس، وغيرته الريح، وإن الأبكار إذا أدركن ما تدرك النساء فلا دواء لهن إلا البعول، وإلا لم يؤمن عليهن الفتنة، فصعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) المنبر فجمع الناس ثم أعلمهم ما أمر الله عز وجل به.. »(1).

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) بصدد تزويج الفتيان مبكراً:

«أيما شاب تزوج في حداثة سنه عج شيطانه: يا ويله! عصم مني دينه»(2).

لقد ضجّ بعضهم حينما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتحدث في مسألة تزويج البنات فقام ليسأل الرسول (صلى الله عليه وآله) قائلا: لمن نزوج فتياتنا؟ فقال (صلى الله عليه وآله): الأكفاء؟ فقال : ومن هو الكفأ يا رسول الله ؟ فقال (صلى الله عليه وآله):

«المؤمنون بعضهم أكفاء بعض»(3).

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):

«إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته يخطب فزوجوه، إن لا تفعلوه تكن فتتة في الأرض وفساد كبير»(4).

وجاء في مكارم الأخلاق:

«جاء رجل إلى الإمام الحسن بن علي (عليه السلام) يستشيره في تزويج ابنته! فقال: زوجها من رجل تقي، فإنه إن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها)(5).

كم هي جميلة هذه الرواية التي نقلت لنا عن الإمام الحسن بن علي «عليه السلام» والتي تتنكر لجميع أشكال الحجج والأعذار، ولا أعرف احداً لا يتحجج في هذا الزمان حينما تطلب منه يد ابنته، بالرغم من كثرة الروايات والأحاديث الذامة لمن لا يزوج ابنته من رجل تقي.

لقد حدثت في زمان الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) عدة وقائع من زواج عجيب، لكي لا يبقى هناك للمسلمين من حجة في ما يدعون، ومن جملتها: زواج (جويبر) وزواج (زيد) (والمقداد).

ولقد كانت تلك الحوادث والوقائع تتبنى تزويج فتيات جميلات، ذوات حسب ونسب، من رجال ليس لهم من الدنيا إلا تقواهم وذلك حتى يتمكن الرسول (صلى الله عليه وآله) من إحياء قانون الأخلاق والدين في المجتمع.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):

(إنما زوجت مولاي زيد بن حارثة زينب بنت جحش، زوجت المقداد ضباعة بنت الزبير لتعلموا أن أكرمكم عند الله أحسنكم إسلاماً)(6).

وقال أيضاً (صلى الله عليه وآله):

(أنكحت زيد بن حارثة زينب بنت جحش، وأنكحت المقداد ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب ليعلموا أن أشرف الشرف الإسلام»(7).

إن هكذا إنكاح وتزويج يُراد منه إفهام الناس بأن هذه الجميلة ذات الحسب والنسب والأخلاق الفاضلة لا يليق بها إلا الكفؤ، والكفؤ هو من تشرف بشرف الإسلام، وأحسن إسلامه، فمن اقتنع بنسبة 70% بإحدى الفتيات لا ينبغي له أن يتحجج بشتى الطرق كي يفلت من هكذا زواج، ولا ينبغي له أن يستخير أيضاً، فالاستخارة لها أوقاتها، وأوقاتها هي انعدام حالة التفكير، أو عندما لا تكون المشورة مؤثرة، أو عندما يقع الإنسان في إحدى حالات الإبهام أو الظلمة أو التشويش.

أما إذا كانت المسألة واضحة، وأن الذي جاء يخطب إليك ابنتك خلوق ومتدين ويتمكن من فتح بيت الزوجية، فلم الاستخارة؟ أو إذا رأيت فتاة خيرة متدينة، خلوقة، ملتزمة تتمكن من مداراة الزوج فعلام الاستخارة؟.

إن أصل الاستخارة في الإسلام يحمل معنى غير المعاني المعمول بها هذه الأيام، ولذا أطلب منكم أن تعملوا بها، طبق الموازين الإسلامية.

وطريقة الاستخارة هي:

إذا أردت تأدية عمل ما عليك بإقامة ركعتين لوجه الله تعالى، وأتبعها بعد ذلك بقول «أستخير الله برحمته» مائة مرة، ثم باشر في أداء العمل وسيكون ذلك العمل مباركا بإذن الله تعالى.

وهذا هو أصل الاستخارة في الإسلام.

إن الاستخارة التي أسندتها الروايات المتواترة الصحيحة والتي تحدث عنها صاحب الجواهر رضوان الله تعالى عليه هي: طلب الخير من الله تعالى حين الشروع بعمل ما بفتح كتابه المبارك، هذا بالإضافة إلى الحالات التي يعجز فيها التفكير عن العمل، أو بعبارة أخرى الحالات المبهمة، والتي لا تنفع معها المشورة؛ عند ذلك يمكن أن يستخير المرء الباري تعالى بفتح كتابه فإن كانت الآية تنذر بالسوء فلا بأس من ترك القيام بذلك العمل.

وخلاصة القول: إن المانع الأول في أغلب حالات الزواج هو التحجج الذي يبرز من بعض الفتيات أو من بعض الفتيان أو من آبائهم وأمهاتهم؛ لذا اطلب من الجميع أن يتكلوا على الله تبارك وتعالى بدلاً من الاتكال على تلك الحجج والأعذار الواهية التي ما أنزل الله بها من سلطان، وليعلم الجميع أن المتوكلين على الله لا يمكن أن يخافوا أو يحزنوا في مثل هذه المواقف :

{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: 62].

نقل لنا البعض حكاية عن المرحوم كاشف الغطاء رضوان الله تعالى عليه، وكما تعلمون أنه كان احد مراجع زمانه، حيث لم تشهد الحوزات العلمية رجلا عالماً، شجاعاً، فاضلا مثله، إلا ما ندر.

قال المرحوم كاشف الغطاء بعد انتهاء إحدى جلسات تدريسه مخاطباً طلابه: لي ابنة بلغت سن الرشد، وأروم تزويجها من رجل متدين خلوق، فإذا ما تقدم لها هكذا شخص زوجته إياها، فقام أحد الفضلاء من مكانه ليجلس مرة أخرى - عانياً بذلك أنه يتقدم لخطبتها -، وعندها قال له المرحوم كاشف الغطاء تعال إلى دارنا اليوم.

ذهب المرحوم كاشف الغطاء إلى منزله وتبعه ذلك الفاضل المتدين، وهو معروف لدى المرحوم بشكل كامل، إذ كان يتمتع بأخلاق فاضلة، وعلمية سامية. لكنه لم يكن يمتلك من الدنيا إلا رحمة ربه.

دخل ذلك الشاب الفاضل منزل المرحوم الشيخ كاشف الغطاء، وفي حضوره قال منادياً ابنته: وجدت لك زوجاً لا يملك من حطام الدنيا شيئاً، ولكنه عالم متدين، وفاضل خلوق، فهل ترضين به زوجاً لك، فأجابت: الأمر أمرك يا أبه.

عندها عقد الشيخ لابنته على ذلك الشاب الفاضل ليدخلا إحدى غرف منزله بعد أن تهيأت البنت لتلك الليلة، وقبل أذان الصباح قام المرحوم كاشف الغطاء لتأدية صلاة الليل، وقبل أن يشرع بصلاته طرق باب العروسين ليقول لهما: سخنت لكما بعض الماء (ولم يكن في ذلك الزمان حمام داخل المنزل) وما عليكما إلا الذهاب إلى الغرفة الفلانية لتغتسلا من أجل إقامة صلاة الليل، فذهب الزوجان ليغتسلا ويقيما بعد ذلك صلاة الليل، ولكن هل انتهى إيثار وتضحية كاشف الغطاء إلى هذا الحد؟

{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: 69].

لقد كان صهر الشيخ كاشف الغطاء هو: الشيخ محمد تقي مسجد شاهي وهو من كتاب حاشية على (المعالم) حيث ما زالت تلك الحاشية تعد من الأصول الحية، بالرغم من انقضاء (300) او (400) عاماً على كتابتها.

لقد تقدم هذا الصهر على كاشف الغطاء بعلمه، وكان جميع أولاده علماء ومجتهدين، ولم ينقطع العلم والاجتهاد عن منزله إلى يومنا هذا، حيث أضحى جميع أبناءه وأحفاده من المتدينين الملتزمين، ومن المعروفين في أصفهان بهذه الصبغة، حتى شاع صيته بين حكام زمانه فأبدوا له الاحترام والتواضع والتبجيل.

وخلاصة القول: كان ذلك العرس جميلاً وطيبا فشاع طيبه إلى باقي الأجيال، إنه العرس الذي أراده القرآن الكريم، إنه العرس الإسلامي الحقيقي.

لقد كان نهج الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) بهذا الشكل، وكان نهج الأئمة الأطهار من أهل بيته بهذه الكيفية، وكذا كان نهج التابعين لهم بإحسان.

كان العلامة المجلسي معروفاً بمقامه العلمي الرفيع، بالإضافة إلى إمكانياته المادية التي جعلته يتمكن من الصفويين ويجعل من دورهم بلاطا له، ولو لم يكن للعلامة المجلسي غير كتاب بحار الأنوار، لكفاه أن يقال فيه إنه من نوادر العلم التي قل نظيرها.

كان للعلامة المجلسي ابنة فاضلة ومجتهدة وذات جمال، ولم تكن تتجاوز حينئذ عشرين سنة، وكانت تعد من أسمى العوائل نسباً وحسباً، وبالرغم من كل ما تمتلك من صفات حميدة، زوجها المجلسي لأحد تلامذته، ممن لم يكونوا على مستوى رفيع من العلم، ولكنه كان على أرفع مستوى من الأخلاق والتدين والالتزام، إنه الملا صالح المازندراني غير المعروف بين اخوانه وأقرانه وزمانه.

لقد زوج العلامة المجلسي ابنته الفاضلة تلك إلى أخلاق هذا الرجل الصالح، وإلى دينه والتزامه، ويقال إن الملا صالح كان عليه ان يطالع في ليلة زفافه، لكنه تعثر في حل إحدى المسائل عندها تمكنت تلك الفتاة الشابة من حل مسألته بسهولة لأنها لم تكن فتاة عادية، بل كانت عالمة معلمة.

إذن، لماذا وافق العلامة على تزويجها من ذلك الرجل الذي كان أقل منها مستوى في العلم؟ لأنه لم يكن من المتذرعين بالحجج الواهية، وأنه كان من المؤمنين بحديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) :

«إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه وإن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير(8).

_________________________

(1) وسائل الشيعة / ج14، ص39.

(2) كز العمال / خ44441.

(3) وسائل الشيعة / ج 14 ، ص49.

(4) مكارم الاخلاق / ص204.

(5) مكارم الاخلاق / ص204.

(6) كنز العمال / خ313.

(7) بحار الأنوار / ج103، ص266.

(8) بحار الأنوار / ج103، ص373.