شروط التوبة وأركانها
المؤلف:
الشيخ مصطفى قصير
المصدر:
الأخلاق الإسلاميّة
الجزء والصفحة:
ص82-84
2024-06-12
1624
شروط التوبة وأركانها
الأخلاق الإسلاميّة
الشيخ مصطفى قصير قدس سره
ص82-48
التوبة شعبة من الفضل الإلهيّ العظيم، وباب من أبواب الرحمة مفتوح على مصراعيه. والسعيد من عرف أهمّيّة هذا الباب فطرقه وولجه، كما أنّ التوبة من مُخزيات الشيطان الذي يسعى
إلى التغرير بالعباد وإضلالهم والإيقاع بهم، ليبعدهم عن رحمة الله، فإذا تاب العبد العاصي ذهبت أتعاب الشيطان وآماله أدراج الرياح، لكنّ للتوبة شروطاً، أهمّها:
1- تعجيلها والمبادرة إليها، خوفاً من تراكم الذنوب واسوداد القلب، وقبل أن يحيط به الرَين، فتتعسّر عليه العودة، مضافاً إلى أنّ الأجل قد يفاجئ العاصي، فعليه أن يبادر إلى التوبة.
قال تعالى: ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾[1].
2- من الشروط ما ورد في الرواية[2] عن أمير المؤمنين )عليه السلام( من أنّ التوبة تجمعها ستّة أشياء:
أولاً: الندم على الماضي من الذنوب.
ثانياً: إعادة للفرائض.
ثالثاً: ردّ المظالم واستحلال الخصوم.
رابعاً: العزم على ترك العود.
خامساً: أن يذيب نفسه في طاعة الله، كما ربّاها في معصيته.
سادساً: أن يذيقها مرارة الطاعات، كما أذاقها حلاوة المعاصي.
وهذا التوصيف ناظر إلى ما ورد عنه )عليه السلام( أيضاً، في قوله لرجل قال بحضرته: أستغفر الله، فقال له الإمام (عليه السلام): "ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، أَتَدْرِي مَا الِاسْتِغْفَارُ! الِاسْتِغْفَارُ دَرَجَةُ الْعِلِّيِّينَ، وهُوَ اسْمٌ وَاقِعٌ عَلَى سِتَّةِ مَعَانٍ، أَوَّلُهَا النَّدَمُ عَلَى مَا مَضَى، والثَّانِي الْعَزْمُ عَلَى تَرْكِ الْعَوْدِ إِلَيْه أَبَداً، والثَّالِثُ أَنْ تُؤَدِّيَ إِلَى الْمَخْلُوقِينَ حُقُوقَهُمْ، حَتَّى تَلْقَى اللَّه أَمْلَسَ لَيْسَ عَلَيْكَ تَبِعَةٌ، والرَّابِعُ أَنْ تَعْمِدَ إِلَى كُلِّ فَرِيضَةٍ عَلَيْكَ ضَيَّعْتَهَا، فَتُؤَدِّيَ حَقَّهَا، والْخَامِسُ أَنْ تَعْمِدَ إِلَى اللَّحْمِ الَّذِي نَبَتَ عَلَى السُّحْتِ، فَتُذِيبَه بِالأَحْزَانِ حَتَّى تُلْصِقَ الْجِلْدَ بِالْعَظْمِ، ويَنْشَأَ بَيْنَهُمَا لَحْمٌ جَدِيدٌ، والسَّادِسُ أَنْ تُذِيقَ الْجِسْمَ أَلَمَ الطَّاعَةِ، كَمَا أَذَقْتَه حَلَاوَةَ الْمَعْصِيَةِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَقُولُ أَسْتَغْفِرُ اللَّه"[3].
[1] سورة النساء، الآيتان 17-18.
[2] انظر: الطبرسيّ، الشيخ الفضل بن الحسن، جوامع الجامع، تحقيق ونشر: مؤسّسة النشر الإسلاميّ التابعة لجماعة المدرّسين، قم المقدّسة، 1421هـ.ق، ط1، ج3، ص594.
[3] الشريف الرضيّ، نهج البلاغة، مصدر سابق، ص549.
الاكثر قراءة في التوبة والمحاسبة ومجاهدة النفس
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة