x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

صلاة الليل

المؤلف:  الشيخ توفيق بو خضر

المصدر:  شواهد أخلاقية

الجزء والصفحة:  ص57ــ60

2023-12-04

490

صلاة الليل هو الوقت الذي تثبت فيه حبك لله، فأنه وقت الخلوة مع الحبيب ولذلك تعهد الله سبحانه وتعالى بأن من يقوم في جوف الليل يعطيه ما لا يعطي غيره. فقد ترك لذيذ النوم، والدنيا وما فيها لكي يخلو بالله، فيكسوه الله نوراً من نوره، ولأن صلاة الليل لا يمكن أن تدرك حقيقتها إلا بملاحظة الآثار.

نستعرض رواية عن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) حيث يقول: «ما اتخذ الله إبراهيم خليلاً إلاً لإطعام الطعام وصلاته في الليل والناس نيام»(1) فكم تعرض إبراهيم (عليه السلام) بابتلاءات عظيمة، لا يمكن أن يتحملها إنسان مهما كان حتى أمر بذبح أبنه إسماعيل (عليه السلام) فاستجاب لأمر الله وكاد أن يذبح ولده، فعبر الله عنه بقوله: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ} [الصافات: 106].

ولكن نلاحظ أن هذا البلاء لم يكن هو السبب في جعل إبراهيم خليل الله، بل إطعام الطعام وصلاة الليل والناس نيام. وكون الإنسان خليلا لله تعني الشيء العظيم الذي لا يمكن لنا أن نتصوره. فإذا كان كذلك فلا سبيل إلى السالك إلى الله والراغب في المكاشفة الحضورية لجمال الحق إلا أن يمتطي ظهر الليل ليصل إلى الملكوت. ولذلك نجد أن الله من حبه لمحمد (صلى الله عليه وآله) يرشده إلى قيام الليل وينهاه أن يجعل الليل كله نوم ورقاد، ويرشده إلى العظمة التي سوف يحصل عليها من خلال إحياء الليل: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79].

ولذلك كل التوفيقات التي يحصل عليها عباد الله لا تأتي إلا بعد قيام الليل والتهجد فيه، فأن له مقاماً محموداً وهذا ما ينقله المحقق الأردبيلي عن نفسه عندما سئل كيف وصلت إلى هذه المرتبة والمقام؟

يقول: بسبب أمر جرى لي، كنت مع زميلي في الغرفة، حيث اشترطت على صاحبي الذي معي في الغرفة إذا مرت علينا ظروف قاسية أريد منك أن لا تخبر أحداً بما يمر علينا لا نريد أن نشك فقرنا وفاقتنا واحتياجنا إلا إلى الله، فعلمه بالحال يغني عن السؤال، أبرمنا هذا الاتفاق إلا أن صاحبي أخل بالاتفاق، في يوم من الأيام من شدة الحاجة، سأله أحد الأثرياء فأخل بالاتفاق قال: نحن في حالة صعبة، أعطاه الثري كمية كبيرة من المال لنا فأصبح لدينا مال كثير، لما جاء بهذا المال قلت له: من أين لك المال؟ قال: من شدة الوضع لم استطع أن أصبر على الاتفاق المبرم بيني وبينك فشكوت حالي.

عندها قلت له: نفترق الآن ولن أرد عطاء الله، فالمال نصفه لي ونصفه لك، هذا لي بعد عطية من الله أقبله، والنصف الآخر لك لكن لابد أن نفترق، أنت في حالك وفي سبيلك وأنا في حالي وفي سبيلي؛ لأني لا أريد أن أشكو حاجتي إلا إلى الله.

وفي تلك الليلة نام المقدس الأردبيلي لما جاء وقت صلاة الليل لم أجلس إلا وأنا محتلم وذهبت إلى الحمام، لكي أغتسل ولكن الوقت متأخر فهو في منتصف الليل ولا يوجد حمام مفتوح، والحمامات لا تفتح إلا في الفجر أو قبيل الفجر بقليل، وهذه المشكلة جعلتني أفكر في كيفية قيام الليل والتهجد فيه، كلمت المسئول عن الحمام، أن يفتح لي الباب، فرفض الحمامي أن يفتح الباب، وقال لي: لا نفتح إلا عند الفجر.

ولما رأيت أن الصلاة ستفوتني قررت من أجل أن يستجيب لي أن أبذل له مالا، وكلما أغريته طمع أكثر حتى بذلت له كل المال الذي حصلت عليه عندها سمح لي بالدخول فاغتسلت ورجعت بعدها إلى غرفتي وصليت صلاة الليل، وما أن فرغت من صلاتي في تلك الليلة حتى تفضل الله تبارك وتعالى علي وفتح لي الأبواب المغلقة وجعل التوفيق رفيقا لي أين ما توجهت.

فمتى ما تأملنا نجد أن هذا التوفيق لا يتوفر إلا من خلال توفر صفات كثيرة فيه يحبها الله سبحانه وتعالى وكأن الآية انطبقت عليه، قال تعالى: {الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} [آل عمران: 17].

ولا يكفي أن يقوم السالك إلى الله في جوف الليل بل لابد أن يكون مخلصا متشوقا إليه: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 16، 17].

وفي رواية عن الصادق (عليه السلام) يقول: (لا تدع قيام الليل فإن المغبون من غبن عن قيام الليل»(2). وعن النبي (صلى الله عليه وآله): «إن العبد إذا تخلى بسيده خلى بالله تبارك وتعالى في جوف الليل المظلم وناجاه أثبت الله نوراً في قلبه».

فإذا كان الحال هكذا فان السالك لابد أن يرغب في لقاء الله، وينال منه كل ما يريد سواء لحوائج الدنيا، أو الآخرة. جعلنا الله وإياكم ممن ينال مقاما محمودا بحق محمد واله.

____________________________

(1) علل الشرائع 1: 34.

(2) معاني الأخبار: 342.