هل كان محمد بن عبد الله (صلى الله عليه واله ) نبياً قبل البعثة ...
المؤلف:
العلامة المحقق السيد عبد الله شبر
المصدر:
حق اليقين في معرفة أصول الدين
الجزء والصفحة:
ج 1، ص 178-179
10-08-2015
2175
قد وقع الخلاف في أنه صلّى اللّه عليه و
آله وسلّم قبل البعثة هل كان متعبدا بشريعة أم لا، فقيل نعم و قيل بالتوقف و
اختلف الأولون، فمنهم من قال كان متعبدا بشريعة نوح و قيل بشريعة إبراهيم و قيل
بشريعة موسى و قيل بشريعة عيسى وقيل بجميع الشرائع، والحق أنه صلّى اللّه عليه و
آله و سلّم لم يكن متعبدا بشريعة من قبله من الأنبياء و أنه صلّى اللّه عليه و
آله وسلّم كان نبيا حين تولده بل حين كان آدم بين الماء و الطين ثم صار بعد ذلك
رسولا و أمر بأن يدعو الناس بعد أربعين سنة و يدل على ذلك وجوه :
الأول: إنه لو عمل بشريعة غيره لكان رعية
له فيكون ذلك الغير أفضل منه و هو خلاف ضروري الدين.
الثاني: إن عمله بشريعة الغير إما ان يكون
عن وحي فيلزم نبوته و المطابقة بشرع غيره غير مناف لذلك، وإما أن يكون لا عن وحي
بل عن أخذ من علماء تلك الشريعة مع أن من معجزاته أنه لم يقرأ و لم يكتب و لم
يعاشر العلماء من أهل الكتاب و لم يرجع إلى عالم.
الثالث: إن أكثر علمائهم و جلهم في ذلك
الزمان كانوا فسقة فجرة فكيف يجوز أن يرجع أفضل الخلق إليهم مع أنه لو اتفق
لتواتر نقله.
الرابع: إنه ورد في الأخبار الكثيرة أن
الأرض لا تخلو من حجة للّه على خلقه ظاهرا أو مستورا، فلو لم يكن صلّى اللّه عليه
و آله و سلّم نبيا وجب عليه اتباع أوصياء الأنبياء قبله و لو فعل لتواتر نقله و
للزم كونه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مفضولا مع كونه أفضل بالضرورة.
الخامس: إنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم
كان إذا سئل عن شيء لا يجيب فيه قبل نزول الوحي و لو كان متعبدا بشرع غيره لتمسك
بكتب السابقين و شرائعهم.
السادس: ما استفاض نقله بين الخاصة و
العامة من قوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كنت نبيا و آدم بين الماء و الطين.
السابع: ما استفاض في الأخبار الصحيحة من أن
النبي صلّى اللّه عليه و آله وسلّم و الأئمة عليهم السّلام كانوا مؤيدين بروح
القدس و هو ملك يسددهم و يبين لهم المعالم ويحفظهم من الخطأ و النسيان من أول
عمرهم إلى آخره.
الثامن: ما نطق به القرآن المجيد و تواترت
به السنة و اتفقت عليه الأمة من أنه صلّى اللّه عليه و آله وسلّم أفضل من جميع
الأنبياء قبله، وأن كل كرامة و فضيلة أعطوها فقد أعطي صلّى اللّه عليه و آله و
سلّم أفضل منها، فكيف يجوز أن يكون عيسى في المهد نبيا و يؤتى الحكم يحيى صبيا و
سيد الأنبياء لم يكن نبيا إلى أربعين سنة، هذا كله مع استفاضة الأخبار بنطقه
بالحكمة و الصواب وأولاده الطاهرين من حين الصغر كما لا يخفى على المتتبع لآثارهم
و المتصفح لأحوالهم و أخبارهم، وما في بعض الآيات و الأخبار مما يدل على متابعته
صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من قبله كقوله تعالى: {فَبِهُدَاهُمُ
اقْتَدِهْ } [الأنعام: 90] فهو محمول على الموافقة في أصول الدين المتفق عليها في جميع الأديان
أو على الموافقة في تبليغ الرسالة و الصبر على المشاق و نحو ذلك.
الاكثر قراءة في النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة