النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ سيد المرسلين وأفضلهم على الاطلاق
المؤلف:
آية الله السيد محسن الخرّازي
المصدر:
بداية المعارف الإلهية في شرح عقائد الإمامية
الجزء والصفحة:
ج1 ، ص 282 - 284
2025-09-13
226
أما أن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ سيد المرسلين وأفضلهم على الاطلاق فيكفيه رسالته العامة الدائمة إلى يوم القيامة ، فإنها لم تكن لأحد من الأنبياء ، وهكذا القرآن النازل إليه ، فإنه لم يشبهه كتاب من الكتب النازلة ، وصحيفة من الصحف النازلة ، ومن المعلوم أن الأمرين المذكورين يدلان على عظمة النبي وشأنيته لتلك الرسالة العظمى ، ولمعرفة القرآن الكريم الذي لا نهاية له ، كما ورد : «إنما يعرف القرآن من خوطب به» فهو عارف بحقائق لم يعرفها الأنبياء سابقا ، ومرسل إلى امة لا سابقة له في الماضين. هذا مضافا إلى تخلقه بالأخلاق الفاضلة والآداب والسنن ، وقد أشار المصنف بقوله : «وإنه لعلى خلق عظيم» إلى الآية الشريفة : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (1) الدالة على تخلقه بالخلق العظيم ، وقد أورد العلّامة الطباطبائي ـ قدس سره ـ في المجلد السادس من تفسير الميزان جملة من روايات سننه ، التي فيها مجامع أخلاقه التي تلوح إلى أدبه الإلهي الجميل ، مع كونها مؤيدة بالآيات الشريفة القرآنية ، وهذه الروايات الدالة على أخلاقه وسننه وآدابه تقرب مائة وثمانين (2) فراجعه وغيره من الجوامع ، وكيف كان يكفي في عظمة أخلاقه توصيف الله اياه بأنه عظيم ، مع أنه لم يوصف نبي بأن خلقه عظيم.
وهكذا الروايات الدالة على أن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ سيد المرسلين وأفضلهم كثيرة.
منها ما روي في عيون أخبار الرضا ـ عليه السلام ـ من المأمون ، سأل علي بن موسى الرضا ـ عليه السلام ـ أن يكتب له محض الإسلام على الايجاز والاختصار. فكتب ـ عليه السلام ـ له : «ومن جملته ، وأن محمدا عبده ورسوله وأمينه وصفيه وصفوته من خلقه ، وسيد المرسلين وخاتم النبيين ، وأفضل العالمين ، لا نبي بعده ، ولا تبديل لملته ، ولا تغيير لشريعته وأن جميع ما جاء به محمّد بن عبد الله هو الحق المبين» (3).
وأيضا الروايات الدالة على أن كل ما للأنبياء، فهو لنبينا محمّد ـ صلى الله عليه وآله ـ تدل على أفضليته منهم؛ لأن له ما لجميعهم وأزيد، ومن جملتها ما رواه في الكافي عن أبي بصير، عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ قال: «قال لي : يا أبا محمّد إن الله عزوجل لم يعط الأنبياء شيئا إلّا وقد أعطاه محمدا ـ صلى الله عليه وآله ـ ، قال : وقد أعطى محمدا جميع ما أعطى الأنبياء ، وعندنا الصحف التي قال الله عزوجل : صحف ابراهيم وموسى. قلت: جعلت فداك ، هي الالواح؟ قال : نعم» (4).
ومن جملتها أيضا: ما رواه في الكافي عن أبي الحسن الأول ـ عليه السلام ـ «قال: قلت له : جعلت فداك ، أخبرني عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ ورث النبيين كلهم؟ قال : نعم ، قلت : من لدن آدم حتى انتهى إلى نفسه؟ قال : ما بعث الله نبيا إلّا ومحمّد ـ صلى الله عليه وآله ـ أعلم منه. قال : قلت : إن عيسى بن مريم كان يحيي الموتى بإذن الله ، قال : صدقت ، وسليمان بن داود كان يفهم منطق الطير ، وكان رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ يقدر على هذه المنازل ، الحديث» (5).
وأيضا تدل على ذلك الروايات الدالة على تقدم خلقة روح النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ على غيره ، ومنها ما رواه في الكافي عن جابر بن يزيد قال : قال لي أبو جعفر ـ عليه السلام ـ : «يا جابر إن الله أول ما خلق ، خلق محمّدا ـ صلى الله عليه وآله ـ وعترته الهداة المهتدين فكانوا أشباح نور بين يدي الله ، الحديث» (6).
ومنها : ما رواه في الكافي عن أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ «إن بعض قريش قال لرسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : بأي شيء سبقت الأنبياء وأنت بعثت آخرهم وخاتمهم؟ قال : إني كنت أول من آمن بربي ، وأول من أجاب حين أخذ الله ميثاق النبيين وأشهدهم على أنفسهم ، ألست بربكم؟ قالوا : بلى ، فكنت أنا أول نبي قال بلى ، فسبقتهم بالاقرار بالله» (7).
إلى غير ذلك من الأدلة والشواهد الكثيرة ، وكيف كان ، فسيادة النبي على المرسلين وأفضليته منهم من المسلّمات لا مجال للتأمّل فيها ، فإذا كان أفضل من الأنبياء فهو أفضل من غيرهم بطريق أولى والأفضلية مقام يناسبه.
____________
(1) القلم : 4.
(2) الميزان : ج 6 ، ص 321 ـ 357.
(3) عيون اخبار الرضا : ج 2 ص 120 ـ 125.
(4) الاصول من الكافي : ج 1 ص 225.
(5) الاصول من الكافي : ج 1 ص 226.
(6) الاصول من الكافي : ج 1 ص 442.
(7) الاصول من الكافي : ج 1 ص 441.
الاكثر قراءة في النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة