فيديو

صور

مفتاح

اضاءات

منشور

القرآن الكريم
العقائد الإسلامية
الفقه واصوله
سيرة النبي وآله
علم الرجال
الأخلاق
الأسرة والمجتمع
اللغة العربية
الأدب العربي
التاريخ
الجغرافية
الإدارة و الإقتصاد
القانون
الزراعة
الكيمياء
الرياضيات
الفيزياء
الاحياء
الاعلام
اللغة الانكليزية

عَنِ النَّبيِّ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ):

"ليسَ مِنّا مَن خانَ مُسلِماً في أهلهِ ومالِهِ"

مَن مِنَّا لم يشعُرْ بعُمقِ الجُرحِ الذي جَعلَنا نتألَّمُ ونحزنُ ونذرِفُ الدموعَ في خلوتِنا حينَما نكتشِفُ أنَّ السببَ الخَفيَّ وراءَ ما نَمُرُّ بهِ مِن ضُرٍّ أو مشاكِلَ هوَ شخصٌ مُقرَّبٌ! قد وضعنا كاملَ ثقتِنا به، وأسنَدنا ظهورَنا بِكُلِّ اطمئنانٍ عليه، ولم يخطُرْ على بالِنا بأنَّ الطَّعنةَ المسمومَةَ ستأتينا مِنَ الخَلفِ ؟!

إنَّهُ الخائِنُ! ذلكَ الذي يبتَسِمُ وجهُهُ والحِقدُ يغلي في قَلبهِ، ذلكَ الذي نُطلِعُهُ على أسرارِنا وما نُخَطِّطُ لهُ ظَنّاً مِنّا بأَنّهُ الصديقُ الودودُ والسَّندُ والعَمَدُ، وإذا بهِ يُفشي الأسرارَ والخُطَطَ، ويدعَمُ المُخالِفينَ لنا ويُساهِمُ في إفشالِ مشاريعِنا وإثارةِ المشاكلِ مِن حولِنا !!!

الخيانةُ من أبشعِ الرذائلِ المُستَقبَحَةِ التي يُلازِمُ فاعِلَها العارُ، لأنَّها تترُكُ الضحيّةَ في انكسارٍ عظيمٍ، وإحباطٍ كبيرٍ، ويَشعُرُ المغدورُ كما لو أنَّهُ رُمِيَ مِن شاهِقٍ لا يدري متى يرتَطِمُ بوجهِ الأرضِ ليتَحَطَّمَ كيانُهُ!

فحينَما تَعُمُّ الخيانَةُ ستنعَدِمُ الثِقَةُ بينَ الأفرادِ وتتلوَّثُ بيئةُ العَلاقاتِ الاجتماعيةِ بوَباءِ سوءِ الظّنِّ، وتُشاعُ ثقَافَةُ الشَّكِّ والاتّهامِ فلا يَسكُنُ أحَدٌ الى أحَدٍ ...

للخيانةِ صُورٌ مُتنوّعةٌ قد تتداخلُ معَ بعضِ سجايا الخُبثِ والشرِّ كالغَدرِ والمَكرِ والخِداعِ والنِّفاقِ والخُذلانِ ..

إنَّ أقبَحَ صورِ الخيانةِ وأشدَّها هوَ تعدِّي الحدودِ الشرعيةِ وكسرُ الحاجزِ الأخلاقيِّ الذي يُحدِّدُ إطارَ العَلاقاتِ الاجتماعيةِ كالثقةِ والإخلاصِ والصدقِ والأمانةِ والوَفاءِ؛ فمؤلمٌ جداً أنْ يخونَ الصديقُ صديقَهُ في عِرضِهِ! فينالُ مِن أُسرَتِهِ ويُلوِّثُ شَرفَ صديقِهِ! فينصِبُ شباكهُ بخُبثٍ ومَكرٍ ليوقِعَ زوجةَ صديقِهِ -على سبيلِ المثالِ -في وَحلِ الخَطيئةِ عِبرَ مواقعِ التواصُلِ أو يستَغِلَ ثِقَةَ صديقِهِ حينَما يُدخِلُهُ الى منزلِهِ !!!

فلا يَصُدُّهُ دينٌ أو خُلُقٌ عَن تَصيُّدِ الفُرصِ لينالَ مِن عِرضِ صديقِهِ أو يَسرِقَ مِن أموالِهِ أو يُوقِعَ الضَرَرَ في أُسرَتِهِ أو منزِلِهِ او مُمتلكاتهِ ...

ومَهما كانتْ تلكَ الطعنةُ فإنَّ عُمقَها يَصِلُ الى سويداءِ القَلبِ وتضطَرِمُ نيرانُ الأسى في الفؤادِ فلا يُطفؤها شيءٌ أبدا، وستبقى آثارُ جِنايةِ الخَؤونِ تُلازمُ الضحيّةَ الى نهايةِ العُمرِ ...

ولستُ مُبالِغاً إذا قُلتُ أنَّ عودةَ العَلاقةِ معَ الخائنِ أمرٌ عسيرٌ على مَن تعرَّضَ للخيانةِ، بل هيَ شِبهُ مستحيلةٍ عندَ نقيِّ القَلبِ صاحبِ الأحاسيسِ المُرهَفةِ والطبعِ الكريمِ، فعزيزُ النَّفسِ يأنَفُ أنْ يضعَ كفَّهُ بيدِ الخائنِ مَهما حَلفَ لهُ مِن أَيمانٍ مُغلَّظَةٍ، وأظهرَ ندمَهُ وأعطى وعوداً ومواثيقاً؛ فجِسرُ الثِّقةِ قد انهارَ وروابطُ الأمانِ تقطَّعَتْ ونوافذُ التواصلِ أُغلِقَتْ ...

الخيانةُ صورةٌ بشِعَةٌ لا تفارقُ ذاكرةَ المغدورِ بهِ ...

لذا ينفي رسولُ اللهِ -صلَّى اللُه عليهِ وآلهِ -أنْ يكونَ الخائنُ مُنتَمِياً لدائرةِ المُسلمينَ؛ فالمُسلِمُ والمؤمِنُ مَن سَلِمَ الناسُ مِن يَدِهِ ولِسانِهِ، وَأتَمَنوُهُ على أعراضِهِم وأنفُسِهِم وأموالِهِم؛ فكيفَ بِمَن يَلقى النّاسَ بلسانَينِ ووَجهَينِ !؟