الأنانية بئر مظلم لا قعر لنهايته ، و سلوك عاقبته الندم ، ينفر الناس من الأناني بسبب أساليبه العدائية وما يثيره من مشاكل وجرح لمشاعر الأصدقاء قبل الغرباء ! ، ذكر في الكتاب العزيز نموذجان فيهما العبرة لمعتبر : قصة صاحب الجنتين في سورة الكهف، قال تعالى :
{واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا} ...الى آخر الآيات
حيث ظهرت أنانية صاحب الجنتين من خلال حواره مع صاحبه ، وكيف كان مغرورا ومتعاليا ينطق بكلمات الفخر و التباهي بما وهب الله له ، كافرا بولي النعم ، ومحقرا لصاحبه الذي هو أقل حظا منه.
والنموذج الآخر : قصة أصحاب الجنة في سورة القلم ، قال تعالى :
{ إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين}... الى آخر الآيات.
فظهرت الأنانية من خلال بخلهم بحق الفقراء والمساكين وإقصائهم من العطاء فبلغ طغيانهم الى تناسي قدرة الله ونفوذ أمره في ملكه سبحانه، فعزموا على الاستئثار بالحرث بدافع التملك وحب التفرد .
و ذكر الكتاب العزيز العاقبة المخزية والمأساوية لكلا النموذجين وكيف عض الأناني إصبع الندامة والحسرة ...
إذن عاقبة الأناني الندم؛ لأن الحياة قائمة على العطاء وتبادل الخير،
أما منطق أنا الرابح و الآخر خاسر ، وأنا وحدي في الساحة وغيري يجب أن يقصى ... هذا المنطق ستسحقه عجلة الإنسانية التي بنيت على التراحم والتعاون ، وسيطوف على أصحاب ذلك المنطق طائف الحق ليكسر حواجزهم التي أحاطوا بها ذواتهم المتورمة !
فحب التملك ، والمنافسة السلبية ، والاستحواذ ، و الانتقاص من الآخرين ، والتعالي بعدم تقبل المنافسين و المتفوقين ... ، كل ذلك يعد أرضية تفكير الشخص الأناني ...
ولكي لا تقع في بئر الهلاك هذا ، راع هذه التوصيات والتنبيهات :
تخلص من فكرة أنك الرقم واحد دائما ! فلا تنظر لنفسك على أن لها الأولوية والتقدم على الآخرين، احرص على أن تجعل نفسك متأخرا،
برهن للآخرين نفورك من الأنانية من خلال عدم استئثارك بشيء يمكن أن تشاركهم به، وعدم ركونك للتميز الشخصي في المواقف! ، بادر للعطاء ، واحرص على أن تجعل نفسك آخر من يستفيد.
استشعر التواضع حينما تهب وتعطي ، ولتبدو البشاشة على محياك ، فابتسم لمن تعطيه ، وطأطيء رأسك احتراما وأنت تقدم غيرك على نفسك ، فهذا الشعور سيمنحك قوة في التغلب على الأنانية.
لا تتردد بأن تشارك في أعمال الخير الجماعية خافيا اسمك ، وبدون ابراز لشخصيتك ، وتذكر أن الإخلاص عطر طيب ، ينشر سلوكك الحميد من حيث لا تشعر !
الموت زائر لا يعلم أحد بقدومه ! ، فتوقع حلوله في أي لحظة ، فاحذر الادخار والاكتناز فما أن يحل الموت حتى يذهب ما جمعته للورثة، فيكون الحساب عليك والمهنأ لغيرك !.
إقرأ كتاب الله العزيز وتدبر بما أعد الله تعالى فيه للمتصدقين والمضحين في سبيل الله من الأجر والثواب لكي يكون ذلك دواء لشح النفس وحافزا للبذل والعطاء.