بقلم : حسن اللامي
جاءَ في القُرآنِ الكريمِ قولُهُ تعالى: { قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } وَهُوَ أمرٌ صَريحٌ بوجوبِ المودّةِ لقَرابَةِ النبيِّ الأكرمِ، وقَد بيَّنَ رسولُ اللهِ مَنْ هُمُ المعنيونَ؛ فَعَنِ ابنِ عَبّاسٍ قالَ: (لمّا نزلَتْ هذهِ الآيةُ، قالُوا: يا رسولَ اللهِ مَنْ قَرابَتُكَ هؤلاءِ الذينَ وَجَبَتْ مَوَدَّتهُم قالَ: (عليٌّ و فاطِمَةُ ووَلداها)، ومَعلومٌ بأنَّ موَدَّتَهُم مُستَمِرّةٌ حتى بعدَ مماتِهِم -سلامُ اللهِ عَليهِم- فإنَّ كُلَّ مُسلِمٍ -إلّا مَنْ شَذَّ- حريصاً على مَحبَّتِهِم وتَعميقِ عَلاقَتِهِ بِهِم، وَمِنْ مَظاهرِ تَعميقِ مَوَدَّتِهِم وترسيخِ الانتماءِ إليهِمْ هُوَ زيارَةُ مَشاهِدِهِم، وإحياءُ ذكرِهِم وسِيرَتِهِم العَطِرَةِ، لِما يَظهَرُ على ذلكَ مِنْ ثمراتٍ طَيّبَةٍ في بناءِ النفسِ وتطويرِ المجتمَعِ المؤمِنِ ، إنَّ قتلَ ابنِ بنتِ رسولِنا على يَدِ شِرارِ الخَلقِ وأراذِلِ النّاسِ فاجِعَةٌ ومُصيبَةٌ عَظيمَةٌ وَقَعَتْ على الأمّةِ الإسلاميةِ، أحزَنَتِ المؤمنينَ وأقرَحَتْ عُيونَهُم وقُلوبَهُم؛ فمنزِلَةُ الإمامِ الحُسينِ رَفِيعَةٌ عندَ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-ورسولِهِ الأكرَمِ فَهُوَ خامِسُ أصحابِ الكساءِ الطاهرينَ، وقالَ فيهِ جَدُّهُ رسولُ اللِه –صَلّى اللهُ عليهِ وآلهِ- «حُسينٌ مِنّي وأنا مِنْ حُسينٍ، أَحَبَّ اللهُ مَنْ أَحَبَّ حُسيناً، حُسينٌ سِبطٌ مِنَ الأسباطِ»؛ فَمَوَدَّتُهُ واجِبَةٌ، وزِيارَتُهُ مِنْ أوكَدِ المُستَحَبّاتِ، وخُصوصاً في ليلةِ عاشوراءَ ويومِهِ، لِما وردَ مِنَ الأخبارِ الشَّريفَةِ ما يؤكِّدُ ذلكَ ويحُثُّ المؤمنينَ على مُراعاتِهِ بالعِبادَةِ للهِ –عَزَّ وَجَلَّ- واستذكارِ المُصيبَةِ .
أربَعُ كراماتٍ لمَنْ زارَ الإمامَ الحُسينَ ليلةَ عاشوراءَ ويومَهُ: -
أولاً: يَلقى اللهُ يومَ القيامَةِ مُلَطّخاً بدَمِهِ كأنَّما قُتِلَ معَ الإمامِ الحُسينِ-عليهِ السَّلامُ- في جُملةِ الشُّهداءِ الذينَ قُتِلوا بينَ يَديهِ؛ عَنْ أبي عبدِ اللهِ -عَليهِ السَّلامُ- قالَ: (مَنْ باتَ عندَ قبرِ الحُسينِ -عليهِ السَّلامُ- ليلةَ عاشوراءَ، لَقِيَ اللهَ يومَ القيامَةِ مُلَطَّخاً بدمِهِ، وكأنَّما قُتِلَ معَهُ في عَرْصَةِ كربلاءَ)؛ وقالَ-عليهِ السَّلامُ-: (مَنْ زارَ قبرَ الحُسينِ -عليهِ السَّلامُ- ليومِ عاشوراءَ وباتَ عندَهُ كانَ كمَنْ استشهَدَ بينَ يَديهِ).
ثانياً: تَجِبُ لَهُ الجَنَّةُ، عَنْ أبي عبدِ اللهِ -عليهِ السَّلامُ- قالَ: (مَن زارَ الحُسينُ يومَ عاشوراءَ وجَبتْ لَهُ الجَنَّةُ).
ثالثاً: يُعدُّ مِن زُوّارِ اللهِ سُبحانَهُ كمَنْ زارَ اللهَ في عَرشِهِ، عَنْ أبي عبدِ اللهِ –عليهِ السَّلامُ-: (مَنْ زارَ قبرَ الحُسينِ بنِ عليٍّ عَليهِما السَّلامُ يومَ عاشوراءَ عارِفاً بحَقِّه كانَ كمَنْ زارَ اللهَ في عَرشِهِ). عَن جابرِ الجُعفيِّ قالَ: (دَخلتُ على جَعفرِ بنِ محمّدٍ الصّادِقِ -عَليهِما السَّلامُ- في يومِ عاشوراءَ فقالَ لي: هؤلاءِ زُوّارُ اللهِ وحَقٌّ على المَزُورِ أنْ يُكرِمَ الزّائرَ، مَنْ باتَ عندَ قبرِ الحُسينِ -عليهِ السَّلامُ- ليلةَ عاشوراءَ لَقِيَ اللهُ مُلَطَّخاً بدَمِهِ يومَ القيامَةِ كأنَّما قُتِلَ معَهُ في عَرْصَته).
رابعاً: كانَ كمَنْ يتَشَحَّطُ بدَمِهِ، أيْ كانَ كالشَّهيدِ يُصدِرُ صوتَ تَدَفُّقِ الدَّمِ ويَضطَرِبُ فيهِ، وفي الحديثِ عَنْ أهلِ البيتِ-عليهِمُ السَّلامُ-: (مَنْ زارَ قبرَ الحُسينِ -عليهِ السَّلامُ- يومَ عاشوراءَ كانَ كمَنْ تَشَحَّطَ بدَمِهِ بينَ يديهِ عَليهِ السَّلامُ-).